كتاب مفتوح لاخواننا في حزب التحرير = زهرة اللوتس المقدسية

أحيك أختي زهرة وأنقل لك تحية من الأخ محمد القدس
لقد كان نقاشك ممتعا يدل على العفوية والشخصية المسؤولة
غير المتنطعة ..

وأود هنا أن أعلق على مسألة الإلتفاف حول الحزب التي
أشرت اليها >>
إن حزب التحرير لا يعتني بالكم بقدر ما يعتني بالكيف ، ولا
يعتني بعدد الذين يلتفون حوله بقدر ما يعتني بقول كلمة الحق
فلو تعارض التفاف الناس حول الحزب مع قوله كلمة الحق فحتما
سيقدم كلمة الحق حتى لو انفض عنه الناس أجمعون ، لأنه بقوله
الحق يكون مع الله ، ومن كان الله معه فهو الكاسب والفائز حتى
لو خسر جميع الناس ..

أسعد الله أوقاتك أختي زهرة :
ربما لم تدققي بالفكرة التي أردت ايصالها اليك ، ولكن لا
ضير من ضرب بعض الامثلة للتوضيح >>
في الحقيقة ما اردت أن أبينه أن الحزب يريد أن يقود من
يتبعه من ابناء الأمة قيادة واعية بغض النظر عن كثرة عددهم
أو قلته ، إذ العبرة ليست بالكثرة ، بل بالسير في طريق الصواب
والحق والثبات عليه مهما كان أتباعه قليلون .
والحق لا ينتصر بالكثرة بل بتوفيق من الله ، فالمسلمون في السابق
حققوا إنتصارات عظيمة رغم قلة عددهم ، والمعارك التي خاضها
المسلمون وانتصروا فيها كانت أعداد جيوش الكفار أضعاف أضعاف
عدد المسلمين ، الا في معركة واحدة كان المسلمون كثيرون وانهزموا
وفروا من ساحة القتال ، وهي معركة حنين ، حيث خرج المسلمون
يتبخترون وقد أعجبتهم كثرتهم فلم تغن عنهم من الله شيئا ،
وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ
الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ
فالكثرة لم تكن يوم سببا في تحقيق النصر بل بالعكس ، فالرسول
عليه افضل الصلاة والتسليم قال " يُوشِكُ الأمم أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمْ
, كَمَا تَدَاعَى اَلْأَكَلَةُ إِلَى قَصْعَتِهَا فَقَالَ قَائِلٌ: مِنْ قِلَّةٍ نَحْنُ يَوْمَئِذٍ
قَالَ: بَلْ أَنْتُمْ كَثِيرٌ, وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ اَلسَّيْلِ, وَلَيَنْزِعَنَّ اَللَّهُ مِنْ
صُدُورِ عَدُوِّكُمْ اَلْمَهَابَةَ مِنْكُمْ, وَلَيَقْذِفَنَّ اَللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ اَلْوَهْنَ، فَقَالَ
قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اَللَّهِ، وَمَا اَلْوَهْنُ؟ قَالَ: حُبُّ اَلدُّنْيَا وَكَرَاهِيَةُ اَلْمَوْتِ " ..
وعندما قلت أن الحزب لا يعتني بالكم بقدر ما يعتني بالكيف
انما قصدت بأن الحزب لا يريد أن يجمع الناس حوله جمعا مشاعريا
عاطفيا ، بل يريد أن يقود الناس قيادة فكرية واعية ، يحتضنوا بها
الدعوة ويتخذوها قضية مصيرية يضحوا بالغالي والنفيس
في سبيلها ، وهذا الأمر لا يتأتي بمجرد حشد الناس حول الحزب
ولكن بالدراسة والتثقيف المركز في حلقات الحزب حتى يخرج
شخصيات اسلامية قادرة على مواجهة العالم بأسره ، ومؤهلة
لقيادة البشرية جمعاء حال قيام دولة الاسلام ..

وأما مسألة أن تجعل الناس يلتفون حولك لمجرد الحشد والجمع
والكثرة فمسألة في غاية البساطة ، إذ يكفي بأن تخطب بالناس
خطبة رنانة طنانة تدغدغ مشاعرهم وتثير فيهم العصبيات
والقبليات والوطنيات والقوميات فتجد الناس سرعان ما يستجيبوا
لهذه الدعوات ويتجمعوا حولك ، ولكن تجمعهم هذا مؤقت محكوم
بالأجواء المشاعرية المؤقتة ما يلبث أن يتلاشى ويضمحل بإيجاد
أجواء مغايرة تثير في الناس مشاعر مغايرة .
واذا أردنا أن نحكم على الحزب من خلال عدد أتباعه ، ونقارن
بينه وبين غيره من الحركات الوطنية أو حتى بينه وبين الحشود
الغفيرة التي تلتف حول نانسي عجرم أو هيفاء وهبي فحتما سترجح
كفة هؤلاء على كفة حزب التحرير ..

وأما قولك أختي زهرة :
هنا في بلادنا الحزب يعاني من عدم المؤييدين له
لان هناك خلل
ليس بالضرورة أن نحكم على الحزب بوجود خلل فيه لقلة عدد
المؤيدين له هنا في فلسطين ، لماذا لا نقول مثلا بأن المجتمع
الفلسطيني متحجر أمام دعوة الحزب نتيجة سوسة الوطنية التي
نخرت في دماغه ؟!!
إن قوة الحزب في بلاد وضعفه في بلاد اخرى يعود الى أهل
تلك البلاد واستجابتهم للدعوة أو صدهم عنها ،
فالرسول عليه الصلاة والسلام دعا الناس في مكة ثلاثة عشرة
عام ولم يؤمن به الا بضع وثمانون رجل وامرأة ، وحين أرسل
الصحابي مصعب ابن عمير الى المدينة يدعوهم الى الاسلام
لم يمضي عام واحد حتى دخل جل اهل المدينة في الاسلام ، فأين
الخلل هنا ؟!! الرسول (ص) دعا ثلاثة عشرة عام ولم يتبعه
الى عدد قليل ممن آمن به ، ومصعب ابن عمير دعا الناس
في المدينة عام واحد وآمن به جل أهل المدينة ، فهل الخلل
في دعوة الرسول (ص) أو في طريقة دعوته أم بالمجتمع المكي
الذي تحجر أمام دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم ؟!!
حاشا وكلا أن يكون الخلل في الدعوة ، بل في الإنسان الذي
أعرض عنها واتبع هواه ..