من السنن الربانية في الوجود :-
قال الله تعالى :
(وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ القُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ. فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ.) هود
(فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّةَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلًا. )فاطر ﴿ أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم كانوا أكثر منهم وأشد قوة وآثارا في الأرض فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون ﴾غافر. (لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا) النساء.(وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) الانفال. (سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا) الاحزاب. (وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا) الاسراء)
... من هذه الايات الكريمة ندرك ان لله تعالى سننا منظمة لا تتبدل ولا تتحول : «فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ» تأتي كلمة السنة في اللغة العربية -لغة القران الكريم- ويراد بها الطريقة والنهج، كما في قوله تعالى : "يَتَّبعون سُنَّة آبائهم" .. ولكن
السنة هنا بمعنى القانون الرتيب المكرر في عمومه، المختلف في تفصيلاته و تطبيقاته الميدانية، وهي كما في قوله تعالى:﴿ﻭ ﻟﹶﻦ ﺗ ﺠِﺪ ﻟِﺴ ﻨ ﺔِ ﺍﻟﻠﱠﻪِ ﺗ ﺒ ﺪِﻳﻠﹰﺎ﴾. ﺴﻭﺭﺓ ﺍﻷﺤﺯﺍﺏ. ﴿ ٦٢. ﴾ ، وكما في قوله تعالى: في سورة فاطر (اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ ۚ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ ۚ فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ ۚ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا ۖ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا (43) ، وبذا لا يصبح فرعون شخصاً تاريخياً فحسب، بل ظاهرة إنسانية مكررة
تخضع لقانونها الاجتماعي، فحين تنطبق الاوصاف على التابع والمتبوع تترتب سنن وقوانين الهلاك والعذاب والدمار الثابتة يتفاصيلها المختلفة كما قال الله سبحانه وتعالى عن الظاهرة الفرعونية التي يمثلها تاريخيا فرعون وقومه، وتتكرر لكل من تنطبق عليهم المواصفات : {فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ * فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ * فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفاً وَمَثَلاً لِلآخِرِينَ}. (الزخرف: 54- 56) ، كما ولا ينحصر الشرك في أصنام الحجر والتمر، بل يتعمم إلى الوثنية السياسية والعرقية والقبلية والقومية والوطنية والفكرية المصلحية والنفعية ،،،،،،،،،
ولاحظ ان الله نفى اهلاكه للقرى واهلها مصلحون، ولم يقل صالحون، لان الاصلاح وظيفة ينبغي ان يقوم بها الناس ويؤدونها.. وهي مهمة الدعوات والرسالات والنبوات ، التي ترثها الاجيال الصالحة المؤمنة ، فان تخلوا عنها ..فاتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة كما قال وحذر تعالى Sadوَاتَّقُوا فِتْنَةً لَّا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُمْ خَاصَّةً ۖ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (25 الانفال)...
وسنن الله وقوانينه في الهدم والبناء ثابتة لا تتبدل..تجري على الموجودات والامم بانتظام لايتخلف.
واخذ الله للقرى والامم تختلف انواعه وتفاصيله، فقد يكون بالزلازل والبراكين، او الغرق والرياح، او يذيقهم باس بعضهم بعضا، او بامراض الجسد، او بامراض النفوس والتفكك الاجتماعي.. فالله على كل شيء قدير فاحذروهSad قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ)( سورة الأنعام: 65 ) ، ومن سنن الله تعالى ايضا تمحيص المؤمنين وتمييزهم، ليختار منهم قادة الهدى والايمان، وحملة مشعل النور والتغيير والرحمة والهداية للعالمين، ويؤهلهم بالاختبارات لذلك: ﴿مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ﴾( سورة آل عمران: 179 ).
عن أبي بكر الصديق قال: يا أيها الناس إنكم تقرؤون هذه الآية {يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم} وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقابه“.(ابن حبان واحمد وابوداود وغيرهم) وفي رواية قال: “إنّ النّاس إذا رَأَوُا الْمُنْكَرَ لاَ يُغَيِّرُونَهُ، أَوْشَكَ أَنْ يَعُمَّهُمُ اللهُ بعقابه“.(احمد والترمذب وابن ماجة وغيرهم) وفي رواية أخرى: “إن أمّتي إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه يوشك أن يعمهم الله منه بعقابه“.(البزار) ..
وعن عدي بن عميرة أنّه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “إن الله لا يعذب العامة بعمل الخاصة، حتى يروا المنكر بين ظهرانيهم وهم قادرون على أن ينكروه فلا ينكروه، فإذا فعلوا ذلك عذب الخاصّة والعامّة“.(احمد وغيره) وفي رواية عن العرس بن عميرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الله لا يعذب العامة بعمل الخاصة حتى تعمل الخاصة بعمل تقدر العامة أن تغيره ولا تغيره فذاك حين يأذن الله في هلاك العامة والخاصة“.(الطبراني والهيثمي) .
ان الامة التي تريد النجاة من سنن العقاب والهلاك والعذاب، عليها ان تنقاد للصالحين المصلحين لاحداث التغيير والتخلص من الافساد والفساد واهله الفاسقين ، عن عبيد الله بن جرير عن أبيه أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما من قوم يعمل فيهم بالمعاصي هم أعزّ وأكثر ممن يعمله لم يغيروه إلا عمهم الله بعقاب». وفي رواية: «ما من قوم يعمل بين أظهرهم بالمعاصي هم أعزّ منهم وأمنع لم يغيروا إلا أصابهم الله منه بعقاب». (احمد وابن حبان وابن ماجة والبيهقي) وورد في رواية بلفظ: « عن جرير قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من رجل يكون في قوم يعمل فيهم بالمعاصي، يقدرون على أن يغيروا عليه، فلا يغيروا، إلا أصابهم الله بعذاب من قبل أن يموتوا».(ابوداود وابن حبان والطبراني) .
فقد أرشد النبي صلى الله عليه وسلم إلى أنّ تحقق الاستطاعة في بعض أعمال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، يكون بالجمع . قال الحافظ المناوي في شرح هذا الحديث: “لأن من لم يعمل إذا كانوا أكثر ممن يعمل كانوا قادرين على تغيير المنكر غالباً، فتركهم له رضاً بالمحرمات وعمومها، و إذا كثر الخبث عم العقاب الصالح والطالح”.(انظر فيض القدير شرح الجامع الصغير) .
اللهم استخدمنا ولا تستبدلنا واخترنا ولا تختر علينا و ارحمنا يا ارحم الراحمين وخذنا برحمتك التي وسعت كل شيء، ونعوذ بك من غضبك و بطشك وعذابك وارحم امة حبيبك المصطفى واظهرهم وانصرهم على من عاداهم وظلمهم ومكن لهم واستخلفهم في الارض وابدلهم خوفهم امنا انك على كل شيء قدير —
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته -
عدل سابقا من قبل محمد بن يوسف الزيادي في 2022-12-25, 8:43 am عدل 2 مرات