بسم الله الرحمن الرحيم
72- من دروس القران التوعوية :
المالُ لله؛ والانسانُ مُستََخلَفٌ فيه:-
هذه قاعدة عظيمة يقوم عليها النظام الاقتصادي في الاسلام ؛ سواء في حيازة الملكية ؛ او التصرف فيها .. وكما ان الله تعالى استخلف الانسان في الارض لعمارتها بهديه كذلك استخلفه تعالى في المال؛ الذي هو وحدة قياس اثمان السلع والخدمات ...قال الله تعالى:: (وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللهِ الَّذِي آتَاكُمْ)(النور:33)... وقال تعالى:{آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ ۖ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَأَنفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ (7)الحديد} ...
من عظمة الاسلام انه جعل المال الخاص مسؤولية الجماعة والمجتمع ؛ فالسفيه المُبَدِدُ للمال يُحجر عليه؛ اي يُمنعُ من التصرف في ماله الذي هو ملكه؛ ويُقام عليه وصي او ولي يُنفِقُ عليه من ماله بالمعروف وبالمقدار الواجب لمثله؛ {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَّعْرُوفًا ﴿٥) النساء} ؛ والمُلحِقُ الاذى بمال الغير لايجوز مقابلة ضرره بالضرار ؛ اي الاضرار بماله؛ بل يُغرم ما اتلف ...والمالُ انت مسؤل عنه سؤالين:- 1-كيف اكتسبته وحصلته؛ 2- كيف وفيم انفقته وصرفته..{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ ۚ وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ﴿٢٩) النساء} ...
وقد حرم الاسلام كنز المال واوجب تحريكه في المجتمع لتبقى عجلة الاقتصاد دائرة ؛ وفي ضوء هذا المعنى - ملكية المال لله والانسان مستخلف فيه- ينبغي فهم قوله تعالى: (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ)(التوبة:34)،
وتحقيقا لمراد الله تعالى في قوله: (كَيْ لاَ يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ)(الحشر:7)... فالموكل او المُستخلِفُ هو من يقرر كيفية الكسب وكيفية الصرف والانفاق ...
فلست حرا لتفعل بنفسك ما تشاء ؛ ولست حرا في التملك بلا قيود ولا حدود؛ ولست حرا في التصرف بمالك وممتلكاتك دون قيود وحدود؛ فأنت مقيد التصرف والكسب باحكام الحلال والحرام؛ {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ ﴿١٨٨) البقرة} ..
إن التشريع الإسلامي في مجال الأموال، يسمو بالإنسان من الفردية والانانية المقيتة القائمة على الاحتكار والاستغلال وتقديس الثروة والشح، إلى المشاركة في سد ثغرات المجتمع، من خلال إشاعة روح التعاون والتضامن والتكافل المفضي إلى تحقيق الكفاية للجميع والتوزيع العادل للثروات. مما يدر على الامة الخير والبركات :-
{مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ ۗ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ ۗ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴿٢٦١)البقرة}.
{وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَٰكِن كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (96)الاعراف}..
وجعل الله تعالى التقيد والالتزام بمقياس الحلال والحرام في المعاملات عامة والمالية خاصة عبادة من اعظم العبادات والقربات له ..قال تعالى:- {اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ ۖ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ ۗ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ (45)العنكبوت} .. فحقيقة الذكر يا قوم ليس مجرد لهج باللسان فقط؛ بل ثمرته وحقيقة الذاكر من ذكر الله عند المحارم فامتنع ..
عن خَوْلَةَ بِنْتِ عامِرٍ الأَنْصَارِيَّةِ، وَهِيَ امْرَأَةُ حمْزَةَ رضي اللَّهُ عنه وعنها، قَالَتْ: سمِعْتُ رسولَ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يَقُولُ: (إِنَّ رِجَالاً يَتَخَوَّضُونَ فِي مالِ اللَّهِ بِغَيْرِ حَقٍّ فَلهُمُ النَّارُ يَوْمَ الْقِيَامةِ) رواه البخاري.
وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " لا تزول قدما ابن آدم يوم القيامة حتى يسأل عن خمس : عن عمره فيما أفناه ، وعن شبابه فيما أبلاه ، وعن ماله من أين اكتسبه ، وفيما أنفقه ، وماذا عمل فيما علم ؟ " رواه الترمذي .
فالمال مال الله والخلق خلق الله ؛ ومن آتاه الله مالا فانما استخلفه فيه ليبتليه ويختبره فيه ؛ والامة يجب ان تستفيد من دورة المال في حياتها؛ فلا تبقى مشاكل اقتصادية؛ وتنقرض البطالة بتوفير فرص العمل بدورة المال قي الحياة..
وفي هذا المعنى قال الرسول صلى الله عليه واله وسلم: “إن الأشعريين إذا أرملوا في الغزو، أو قلَّ طعام عيالهم في المدينة، حملوا ما كان عندهم في ثوب واحد، ثم اقتسموا بينهم في إناء واحد بالسوية، فهم مني وأنا منهم” (رواه مسلم). ومع كل اسف هذا من الاحاديث التي غُيبت عن واقعنا وحياتنا ودعاتنا ودعواتنا !!!
ويقول الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه: “إني حريص على ألا أدع حاجة إلا سددتها ما اتسع بعضنا لبعض، فإذا عجزنا تأسينا في عيشنا حتى نستوي في الكفاف” ..
ان انتهاج مثل هذه القاعدة في المعاملات والعلاقات المالية انما يهذب النفس ويطهرها من الهلع والجشع والطمع ؛ ويولد سياسة اقتصادية مباركة تفيض على الامة بالخير وتحقق لهم رغد العيش والرخاء... فانظروا الى عمر بن عبد العزيز وقد آتت في زمن خلافته سياسة الاسلام الاقتصادية والمالية اُكلها؛ وقد كتب رحمه الله ورضي عنه إلى واليه عبدالحميد بن عبدالرحمن بن زيد بن الخطاب (والي الكوفة): - بالعـراق- أن: “أخـرج للناس أعطياتهم”، فكتب إليه عبد الحميد: “إني قد أخرجت للناس أعطياتهم، وقد بقى في بيت المال مال!” فكتب إليه أن: “انظر كل من ادّان في غير سفه ولا سرف فاقض عنه”، فكتب إليه واليه: “إني قد قضيت عنهم، وبقى في بيت مال المسلمين مال!” فكتب إليه أن: “انظر كل بكر ليس له مال، فشاء أن تزوجه وأصدق عنه”، فكتب إليه: “إني قد زوجت كل من وجدت، وقد بقى في بيت المال مال!” فكتب إليه عمـر أن: “انظر من كانت عليه جزية، فضعف عن أرضـه، فأسلفـه ما يقـوى بـه على عمـل أرضـه، فإنا لا نريدهـم لعـام ولا عامين”..
فوفرة المال بهذه الصورة وفيضانه حتى عن تلبة حاجات الرعية الكمالية ؛ لا يمكن ان يتحقق مرة اخرى الا بقيام نظام يتبنى احكام الاسلام وينفذ سياساته الاقتصادية والمالية ؛ بتنفيذ الإمة لمراد الله تعالى في المال كسبًا وإنفاقًا واستثمارًا.فيطعمهم ربهم من جوع ويؤمنهم من خوف؛ قال الله تعالى:- { مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ ۖ وَمَا عِندَ اللَّهِ بَاقٍ ۗ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (96) مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (97)النحل} ...
{قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ۖ فَإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُم مَّا حُمِّلْتُمْ ۖ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا ۚ وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (54) وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ۚ وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (55) وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (56) لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ ۚ وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ ۖ وَلَبِئْسَ الْمَصِيرُ (57)النور}....
اللهم اجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون احسنه والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
72- من دروس القران التوعوية :
المالُ لله؛ والانسانُ مُستََخلَفٌ فيه:-
هذه قاعدة عظيمة يقوم عليها النظام الاقتصادي في الاسلام ؛ سواء في حيازة الملكية ؛ او التصرف فيها .. وكما ان الله تعالى استخلف الانسان في الارض لعمارتها بهديه كذلك استخلفه تعالى في المال؛ الذي هو وحدة قياس اثمان السلع والخدمات ...قال الله تعالى:: (وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللهِ الَّذِي آتَاكُمْ)(النور:33)... وقال تعالى:{آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ ۖ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَأَنفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ (7)الحديد} ...
من عظمة الاسلام انه جعل المال الخاص مسؤولية الجماعة والمجتمع ؛ فالسفيه المُبَدِدُ للمال يُحجر عليه؛ اي يُمنعُ من التصرف في ماله الذي هو ملكه؛ ويُقام عليه وصي او ولي يُنفِقُ عليه من ماله بالمعروف وبالمقدار الواجب لمثله؛ {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَّعْرُوفًا ﴿٥) النساء} ؛ والمُلحِقُ الاذى بمال الغير لايجوز مقابلة ضرره بالضرار ؛ اي الاضرار بماله؛ بل يُغرم ما اتلف ...والمالُ انت مسؤل عنه سؤالين:- 1-كيف اكتسبته وحصلته؛ 2- كيف وفيم انفقته وصرفته..{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ ۚ وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ﴿٢٩) النساء} ...
وقد حرم الاسلام كنز المال واوجب تحريكه في المجتمع لتبقى عجلة الاقتصاد دائرة ؛ وفي ضوء هذا المعنى - ملكية المال لله والانسان مستخلف فيه- ينبغي فهم قوله تعالى: (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ)(التوبة:34)،
وتحقيقا لمراد الله تعالى في قوله: (كَيْ لاَ يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ)(الحشر:7)... فالموكل او المُستخلِفُ هو من يقرر كيفية الكسب وكيفية الصرف والانفاق ...
فلست حرا لتفعل بنفسك ما تشاء ؛ ولست حرا في التملك بلا قيود ولا حدود؛ ولست حرا في التصرف بمالك وممتلكاتك دون قيود وحدود؛ فأنت مقيد التصرف والكسب باحكام الحلال والحرام؛ {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ ﴿١٨٨) البقرة} ..
إن التشريع الإسلامي في مجال الأموال، يسمو بالإنسان من الفردية والانانية المقيتة القائمة على الاحتكار والاستغلال وتقديس الثروة والشح، إلى المشاركة في سد ثغرات المجتمع، من خلال إشاعة روح التعاون والتضامن والتكافل المفضي إلى تحقيق الكفاية للجميع والتوزيع العادل للثروات. مما يدر على الامة الخير والبركات :-
{مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ ۗ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ ۗ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴿٢٦١)البقرة}.
{وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَٰكِن كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (96)الاعراف}..
وجعل الله تعالى التقيد والالتزام بمقياس الحلال والحرام في المعاملات عامة والمالية خاصة عبادة من اعظم العبادات والقربات له ..قال تعالى:- {اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ ۖ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ ۗ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ (45)العنكبوت} .. فحقيقة الذكر يا قوم ليس مجرد لهج باللسان فقط؛ بل ثمرته وحقيقة الذاكر من ذكر الله عند المحارم فامتنع ..
عن خَوْلَةَ بِنْتِ عامِرٍ الأَنْصَارِيَّةِ، وَهِيَ امْرَأَةُ حمْزَةَ رضي اللَّهُ عنه وعنها، قَالَتْ: سمِعْتُ رسولَ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يَقُولُ: (إِنَّ رِجَالاً يَتَخَوَّضُونَ فِي مالِ اللَّهِ بِغَيْرِ حَقٍّ فَلهُمُ النَّارُ يَوْمَ الْقِيَامةِ) رواه البخاري.
وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " لا تزول قدما ابن آدم يوم القيامة حتى يسأل عن خمس : عن عمره فيما أفناه ، وعن شبابه فيما أبلاه ، وعن ماله من أين اكتسبه ، وفيما أنفقه ، وماذا عمل فيما علم ؟ " رواه الترمذي .
فالمال مال الله والخلق خلق الله ؛ ومن آتاه الله مالا فانما استخلفه فيه ليبتليه ويختبره فيه ؛ والامة يجب ان تستفيد من دورة المال في حياتها؛ فلا تبقى مشاكل اقتصادية؛ وتنقرض البطالة بتوفير فرص العمل بدورة المال قي الحياة..
وفي هذا المعنى قال الرسول صلى الله عليه واله وسلم: “إن الأشعريين إذا أرملوا في الغزو، أو قلَّ طعام عيالهم في المدينة، حملوا ما كان عندهم في ثوب واحد، ثم اقتسموا بينهم في إناء واحد بالسوية، فهم مني وأنا منهم” (رواه مسلم). ومع كل اسف هذا من الاحاديث التي غُيبت عن واقعنا وحياتنا ودعاتنا ودعواتنا !!!
ويقول الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه: “إني حريص على ألا أدع حاجة إلا سددتها ما اتسع بعضنا لبعض، فإذا عجزنا تأسينا في عيشنا حتى نستوي في الكفاف” ..
ان انتهاج مثل هذه القاعدة في المعاملات والعلاقات المالية انما يهذب النفس ويطهرها من الهلع والجشع والطمع ؛ ويولد سياسة اقتصادية مباركة تفيض على الامة بالخير وتحقق لهم رغد العيش والرخاء... فانظروا الى عمر بن عبد العزيز وقد آتت في زمن خلافته سياسة الاسلام الاقتصادية والمالية اُكلها؛ وقد كتب رحمه الله ورضي عنه إلى واليه عبدالحميد بن عبدالرحمن بن زيد بن الخطاب (والي الكوفة): - بالعـراق- أن: “أخـرج للناس أعطياتهم”، فكتب إليه عبد الحميد: “إني قد أخرجت للناس أعطياتهم، وقد بقى في بيت المال مال!” فكتب إليه أن: “انظر كل من ادّان في غير سفه ولا سرف فاقض عنه”، فكتب إليه واليه: “إني قد قضيت عنهم، وبقى في بيت مال المسلمين مال!” فكتب إليه أن: “انظر كل بكر ليس له مال، فشاء أن تزوجه وأصدق عنه”، فكتب إليه: “إني قد زوجت كل من وجدت، وقد بقى في بيت المال مال!” فكتب إليه عمـر أن: “انظر من كانت عليه جزية، فضعف عن أرضـه، فأسلفـه ما يقـوى بـه على عمـل أرضـه، فإنا لا نريدهـم لعـام ولا عامين”..
فوفرة المال بهذه الصورة وفيضانه حتى عن تلبة حاجات الرعية الكمالية ؛ لا يمكن ان يتحقق مرة اخرى الا بقيام نظام يتبنى احكام الاسلام وينفذ سياساته الاقتصادية والمالية ؛ بتنفيذ الإمة لمراد الله تعالى في المال كسبًا وإنفاقًا واستثمارًا.فيطعمهم ربهم من جوع ويؤمنهم من خوف؛ قال الله تعالى:- { مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ ۖ وَمَا عِندَ اللَّهِ بَاقٍ ۗ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (96) مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (97)النحل} ...
{قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ۖ فَإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُم مَّا حُمِّلْتُمْ ۖ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا ۚ وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (54) وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ۚ وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (55) وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (56) لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ ۚ وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ ۖ وَلَبِئْسَ الْمَصِيرُ (57)النور}....
اللهم اجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون احسنه والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...