55- من دروس القران التوعوية :-
وقفة مع آية:- ﴿ إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا ﴾ [المزمل: 5]
من وجوه الثقل التي عنتها الآية الكريمة في القرآن الكريم :-
1- ثقل تحمل المسؤولية عن هذا الدين بلاغا ودعوة وتطبيقا وعملا ...
2- ثقل العمل والالتزام بالتشريع، ومن ثم تكييف النفوس لقبوله وصيرورة مفاهيمه وقيمه وأحكامه طباعا تنطبع بها النفوس ويصطبغ بها المؤمنون.
3- ثقل التبعات المترتبة على حمله والدعوة إليه ومواجهة العالمين به. واتخاذ المواقف التي قد تكلف الانسان نفسه وحياته .. التي الاصل فيها ان تكون منذورة لله تعالى بارئها ..
4- ثقل التعبد به والتقرب إلى الله تعالى، حيث لا يقبل الله أن يُعبد أو يُتقرب إليه إلا بما شرع، وهذا يتطلب محاربة الأهواء والنفس ومنازعة الشهوات وكبح جماحها، وتكييفها حسب ما شرع الله وأراد.
5- ثقل تحقيق معاني التوحيد وما يقتضيه وما يُبذل لتحقيقه من جهد ومجاهدة وصبر ومصابرة ونفقة وتضحيات، وما يتبعه من تصحيح او غرس مفاهيم عقائديَّة و أحكام تشريعيَّة، من خلال رسالة ربانية عالمية جاءت لتوحيد اتجاه وتوجه عموم جنس بني الإنسان؛ لتحقيق العبودية الحقة للواحد الديان، وتخلص الجنس الإنساني من عبادة الأرباب المتفرقين، والطاغوت واستبداد الطغاة، فمن مقتضيات توحيد الإله الرب الواحد المعبود، أن تسعى لتوحيد البشرية لهذا التوجه العالمي والرسالة العالمية، التي بها فقط يتوحد جنس بني الإنسان، ويرتبطون برابطة الأخوة الإيمانية الطاهرة، التي تصهرهم جميعا في بوتقة واحدة، لا فضل لعربيهم على اعجميهم ولا لأبيضهم على أسودهم إلا بتقوى الله العظيم.
6- وكفى بالإشارة إلى ثقل هذا القول قولُه تعالى: ﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ﴾ [الأحزاب: 72]، وقولُه تعالى أيضًا:﴿ لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ﴾ [الحشر: 21].
7- و بين الله تعالى لنا أن هذا الثقل بالتكاليف المبثوثة نصوصها في آيات القرآن الكريم، ووحي سنة النبي، الذي لا ينطق عن الهوى سلام الله عليه، لا يهوِّنه ويخفِّف عن المؤمن وطأته وشدته، إلا الثبات على الحق واليقين:-
{واعبد ربك حتى يأتيك اليقين}[الحجر: 99]. ومداومة التواصي بالحق والتواصي بالصبر !!!
وبالاستعانة بطاعة الله تعالى على طاعة الله والثبات عليها، لقوله تعالى:- ﴿وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ ﴾ [البقرة: 45] . وكذلك الاستعانة بالله مع مداومة عبادته، ففي سورة الفاتحة أرشدنا سبحانه لقول (إياك نعبد وإياك نستعين)، وكما جاء في الحديث: (الدعاء هو العبادة )، فلا يُستهان به بتاتا لأنها ربط للعبد بربه تعالى يجعله دوما بالقرب من الرب الخالق العظيم وفي معيته، والاستمرار في السير على منهج الله تعالى وبالطريقة التي بينها وسلكها نبيه سلام الله عليه، فلا يحاد عنها لقوله تعالى:- ( وَاتَّبِعْ مَا يُوحَىٰ إِلَيْكَ وَاصْبِرْ حَتَّىٰ يَحْكُمَ اللَّهُ ۚ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ (109)يونس)، وقوله تعالى:- (قُلْ هَٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ ۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ۖ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (108)يوسف) .
ونسأل الله تعالى أن يؤهلنا وأجيال أبناء أمتنا لحمل هذا القول الثقيل بتكاليفه وتبعاته وثوابه وأجره، حتى يظهره الله تعالى رغم أنوف الكافرين والمشركين والمشككين و عبدة الشياطين ، وهذا وعد الله تعالى الذي لا يخلف وعده ، قال عز وجل:- ( يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (32) هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىٰ وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (33) التوبة).
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
عدل سابقا من قبل محمد بن يوسف الزيادي في 2024-10-20, 9:55 pm عدل 1 مرات