38- من دروس القران التوعوية :-
2- موقف القران الكريم من الروايات الاسرائيلية :-
كما اسلفنا في الحلقة السابقة فان المقصود بالاسرائيليات انما يُقصد به ما عند اهل الكتاب من نصارى ويهود مستندين فيها الى الانجيل والتوراة، وسميت بالاسرائيليات من باب التغليب؛حيث ان اكثر الروايات تلك كانت عن اليهود وقليل منها ما هو مروي عن النصارى ...
وهنا لابد من ادراك امر قد تشترك فيه الكتب السابقة مع القران الكريم لانها قبل تحريفها هي كتب الاهية نزل بها الوحي ..فالعقائد وأصول الفضائل والأخلاق والآداب ، والضرورات التي جاءت جميع الشرائع بحفظها ، هذه أمور مقررة في كل رسلة ارسل بها الانبياء والرسل لان الدين عند الله واحد وارسل به جميع انبياءه ورسله ، ولا تختلف مفاهيم العقيدة والايمان باختلاف الاماكن و الأزمان ، ولا باختلاف الرسالات قال سبحانه:{شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه }(الشورى 13) ، وقال سبحانه : {وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون }(الانبياء 25) .
وأما تفصيلات الشرائع العملية ، فهي تختلف من رسالة نبي لآخر ، ولذا قال سبحانه:{ لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا }(المائدة 48).
وقد قرر الله تعالى في القران الكريم لنا اتخاذ المقياس آيات القرآن وما جاء فيها في بيان حكمها و علاقتها بمن سبق، فتحدّدت بخاصية التصديق؛ و خاصية الهيمنة، وهي عبارة عن ميزان للأخذ والردّ، أو معيار أعلى للحكم والاحتكام؛ فما وافقَها قُبِلَ، وما خالفها رُدَّ. وان ما وافقها، فالاعتقاد والعمل بما ورد فيها لا بما وافقها، يقول تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ}[المائدة: 48]..فنحن نعمل ونصدق ونتبنى ما اثبته القران وطلبه عملا وتصديقا؛ لا ما جاءت به الاسرائيليات ..ولو وافقت كتابنا؛ فما وافق كتابنا نعتبره صدقا؛كون كتابنا حكم بصدقه؛ فمصداقيتها ليست طبيعة ذاتية فيها، وانما بحكم الكتاب المهيمن على الكتب السابقة !! والهيمنة من مقتضياتها المصادقة على الصدق وتكذيب الكذب وتصويب الوهم ورد الزور والباطل ؛ وهذا منهج القران في تعامله مع عقائد الاخرين ومريوياتهم من القصص .. والعجيب ان المرويات الاسرائيلية دخلت ضمن ما يُعرف بالتفسير بالمأثور مما يلبس على الناس ويوهم مصداقيتها وقبولها على علاتها وعجائبها وغرائبها دون تمحيصها وقياسها على المهيمن المصدق لما قبله من الصدق والمكذب الراد لما هو مهيمن عليه من الباطل!!!
فلذلك واجبنا ان لا نفرح بما يرويه مسلمة الاسرائيليين من قبل ولا ما يرويه اليوم بعض علماء الغرب لنؤيد به القران؛ بل القران هو ما يؤيد و يصدق او ينفي ويُكذب ..فهم اقوام بهت توارثوا الدجل والنفاق والكذب والدس والتحريف ولي الالسن بما يوهم ويلبس الامورعلى الناس؛وقد حذرنا الله تعالى من الطمع في ايمانهم دون التنبه لاحوالهم واقوالهم وبالتالي مروياتهم : {أَفَتَطْمَعُونَ أَن يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (75) وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَا بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ قَالُوا أَتُحَدِّثُونَهُم بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُم بِهِ عِندَ رَبِّكُمْ ۚ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (76)البقرة} ..وتدبروا هذه الايات التي تحدثنا عن خلفية القوم وخبث نفسياتهم وموروث عقلياتهم؛ فلا يؤمن لهم جانب :{مِّنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ ۚ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَٰكِن لَّعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا (46) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِّمَا مَعَكُم مِّن قَبْلِ أَن نَّطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَىٰ أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ ۚ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا (47) إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَىٰ إِثْمًا عَظِيمًا (48) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُم ۚ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا (49) انظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ ۖ وَكَفَىٰ بِهِ إِثْمًا مُّبِينًا (50) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَٰؤُلَاءِ أَهْدَىٰ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا (51)النساء}.
وكذلك انظر قوله تعالى في النصارى :- {وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَىٰ أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ۚ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (14) يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ ۚ قَدْ جَاءَكُم مِّنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ (15) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (16) لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ ۚ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ۗ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا ۚ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (17)المائدة}.. وهناك بلا شك نصوص قرآنية کثيرة تدل علی تحريف أهل الکتاب لکتبهم. فكيف يؤمنون على كتاب الله تعالى وتفسيره؟؟
وفي حلقة قادمة ان شاء الله تعالى سنناقش مواجهة الصحابة لروايات مسلمة يهود !!!
سلمنا الله واياكم وديننا ومعتقدنا وفهمنا من كل وهم وتلبيس والتباس وتقبلنا الله واياكم بقبول حسن .. والى ان نلتقي استودعكم الله تعالى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
عدل سابقا من قبل محمد بن يوسف الزيادي في 2024-10-05, 9:07 am عدل 1 مرات