61- من دروس القران التوعوية :
الحذر من مؤسسات الضرار حتى لو لبست لباسا شرعيا !!
الاسلام عقيدة عقلية ترتقي بالانسان عن السذاجة و منعطفات الغفلة والبلاهة والسطحية؛ التي تجعل ممن يتصف بها يقبل الامورعلى ظواهرها ويتقبلها بعواهنها ..بل اول ما تطلب العقيدة الايمانية من المؤمن ان يرتقي بعقله عن التقليد والتبعية التي تجعل منه امعة لا يتخذ موقفا الا من خلال منظور اباءه واجداده الغابرين!! والتي غالبا لا حجة لاتباعها سوى انها موروث ويرفضون كل محدث يخالفه حيث انه لم يكن في سنة الاولين .. والايات والادلة القرانية في هذا المجال كثيرة نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر؛ قوله تعالى: - { إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ (190) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَٰذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (191) ال عمران}..وانظر قوله تعالى:- {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلا يَهْتَدُونَ (170)البقرة} ..
وفي المقابل نجده تعالى يبين انه انزل للناس كتابا فيه بصائر للناس :- { {قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يُوحَى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي هَذَا بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [الأعراف:203]؛ و البصائر جمع بصيرة، وهي فعيلة بمعنى فَاعلة، والبصيرة مأخوذةٌ من البصر، وهو العين، فكأن صاحب البصائر قد بلغ من المعرفة العقلية، والنظر الفكري، والحكمة الثاقبة حداً يصل إلى درجة المشاهد المحسوس .. ثم نجده في موضع اخر يطلب من اصحاب الديانات الباطلة المحرفة بالاهواء والظن والاماني بان الجنة لهم؛ ان يأتوا بالبرهان على قولهم ان كانوا صادقين؛ ومن ثم يدحض وهمهم الذي ولدته امانيهم فمالت له اهواء انفسهم؛وذلك ببيان حقيقة اهل النجاة والخلاص { وَقَالُوا لَن يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَن كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَىٰ ۗ تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ ۗ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (111) بَلَىٰ مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِندَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (112)البقرة}..
وهنا نود ان نشير الى ان القران العظيم والوحي الكريم قد تولى كشف ومؤامرات ودسائس المنافقين اولياء الكافرين زمن نزول الوحي على النبي صلى الله عليه واله وسلم؛ ومن ذلك قصة مسجد الضرار؛؛ بناء المسجد امر عظيم في شريعتنا؛؛ لان المسجد كان له دور دار القيادة في المجتمع؛ وهذا الاصل فيه ان يكون مصدر اشعاع لنور الله؛؛لا مصدر اضرار بالاسلام والمسلمين ومركز ارصاد وتجسس وتفريق وخدمة للكفر وافكاره ومفاهيمه؛ {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِّمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِن قَبْلُ ۚ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَىٰ ۖ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (107) لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا ۚ لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَىٰ مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ ۚ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُوا ۚ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ (108) أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىٰ تَقْوَىٰ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىٰ شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (109) لَا يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَّا أَن تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (110)التوبة}..وقصته معروفة مفصلة في كتب السيرة والتفاسير؛فقد كان الوحي يتولى كشف الخفايا والاسرار والمؤامرات للنبي عليه واله الصلاة والسلام ، حيث لازمه الوحي منذ البعثة الى الممات وهو يوجهه ويسدده فترك امته على المحجة البيضاء الناصعة .. ولكنه حثنا على التفكر والتدبر لابصار عواقب الامور ومؤداها؛ وقياس كل ما يعرض لنا بالكتاب والسنة ؛ كي لا نضل بعده ابدا ؛ وامرنا ان نتثبت من كل امر يعرض لنا من الاخبار؛ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ}[الحجرات: 6]. واكد لنا ان الأخبار التي نتلقاها بأسماعنا وننقلها بألسنتنا أمانة ومسؤولية، يجب التثبُّت والتبيُّن من صحتها أو كذبها حين التلقِّي أو النقل واتخاذ المواقف تجاهها؛ فقد قال تعالى في محكَم التنزيل: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا}[الإسراء: 36]..فهذه حواس يجب استعمالها بالوجه الصحيح المولد للعلم والقطع واليقين لنقتفيه !!
وقد طلب منا التنبه لمن يدعي الاسلام !! وامتحانه والتأكد انه ليس له غاية الا وجه الله؛ فاذا كان الامر بامتحان النساء فهو في حق الرجال اولى؛ فليتنبه الى هذا الامر كل من يعنيه الامر من المسلمين؛ خاصة الذين يطيرون فرحا باعلان البرفسور او الدكتور او العالم الفلاني اسلامه!! والمصيبة ان البعض يبدأ باخذ مفاهيم دينه واحكامه وافكاره عنهم دون تمحيص وتحقيق !!
ان مؤسسة مسجد الضرار وكهنوتها استمرت في التاريخ الاسلامي وعملت عملها في تفريق كلمة المسلمين؛ وخدمت الكفار في بسط نفوذهم وسيطرتهم على البلاد والعباد؛ وما زالت تتكرر اليوم في العالم بأسره ؛ وفي عالمنا الاسلامي على وجه الخصوص؛ على شكل هيئات او دعوات او مدارس وكليات وجامعات او حتى حركات تلبس عباءة الاسلام وتتظاهر بخدمته في حين انها تعمل على هدم حصون الاسلام من الداخل بمعاول تبدوا وكأنها شرعية وبأيدي ابنائنا وبناتنا ..نعم انهم يلبسون عباءة الشرع وجلبابه ويختمرون بخماره ويعتمون بعمائمه !! وظيفتهم الارصاد للاعداء والتفريق واثارة الشك والريبة والحيرة والتردّد؛ والتي تشكل أفضل الفرص للعدو لكي يمرّر مخططاته بهدوء وهو في مأمن من ان تُجهَض مؤامراته حتى اللحظة الأخيرة، وسرعان ما سيجد الحيارى والمترددون الأحداث قد تسارعت والأمور قد تقلبت ولا يعلمون لِمَ؟ وكيف؟ وفيم كانوا يتفرقون؟! خاصة اذا وصلوا لمرحلة أُكلتُ يوم أُكل الثور الابيض ... فدعاة الفرقة والتنازع في الامر هم من مؤسسات الضرار التي يجب ان تحاربها الامة وتهدم بنيانها وتحرقه ..
اللهم اعزنا بالاسلام ورايته ولواءه والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...