بسم الرحمن الرحيم
46- من دروس القران التوعوية:-
التحذير القراني من التبعية لغير الله تعالى :
قال الله تعالى : {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ ۖ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِّلَّهِ ۗ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ (165)البقرة} ...
جاء عند الامام الطبري في تفسيره :- (" الأنداد " في هذا الموضع، إنما هم سادتهم الذين كانوا يطيعونهم في معصية الله تعالى ذكره.).
وروى ايضا عن عن السدي: " ومنَ الناس من يَتخذ من دُون الله أندادًا يحبونهم كحب الله " قال، الأنداد من الرجال، يطيعونهم كما يطيعون الله، إذا أمروهم أطاعوهم وعَصَوا الله.)...
ويُؤيد هذا الفهم ان الله تعالى اعقب هذه الاية بقوله :- {إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ (166) وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا ۗ كَذَٰلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ ۖ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ (167)البقرة}...
الناس في هذه الدنيا أتباع ومتبوعون، والأتباع: هم غالب وعامة الناس، والمتبوعون: هم قادة الكفر والضلال والانحراف والإلحاد والمعصية؛ ففي الدنيا يؤيد بعضهم بعضاً، ويدعو بعضهم بعضاً إلى الانحراف والضلال والغواية، ويقولون لهم في الدنيا: اتبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم، ويزينون لهم طريق الفسق والفجور والمعصية والإثم والعدوان، حتى إذا كان الموقف الأكيد الصادق يوم القيامة بين يدي الله عز وجل، يتبرأ المتبوعون من التابعين، فيتمنى التابعون أن يعودوا إلى الحياة الدنيا مرة أخرى ليتبرءوا من أولئك كما تبرءوا منهم في ذلك الموقف، والله عز وجل يقطع أسباب العودة ويقول لهم: {وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْ النَّارِ} [البقرة:١٦٧]، أي: لا الأتباع ولا المتبوعون.
يقول الله: (وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا)، أي: فعلوا المعصية والكفر والشرك والعدوان، (إذ يرونَ العذاب)، أي: عذاب النار وهم على حافة جهنم، نسأل الله العافية! (أن القوة لله جميعاً)، ليس هناك ما يخلصهم إلا رحمة الله عز وجل، (وأن الله شديد العذاب)، أي: لا يستطيع المتبوعون أن يتحملوا هذا العذاب الشديد عن التابعين كما كانوا يزعمون ذلك في الحياة الدنيا.
قال الله: (إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا)، وفي قراءة بالعكس: (إذا تَبرأ الذين اتَبَعُوا من الذين اتُبعوا)، وكلا القراءتين تدل على أن العداوة قد قامت بين الصديق وصديقه، والخل وخليله على معصية الله، على الإثم والعدوان؛ بدأت العداوة وخرجت الآن، (إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنْ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوْا الْعَذَابَ) أي: رأى التابع والمتبوع العذاب، (وتقطعت بهم الأسباب)، أي: ليس هناك وسيلة للخلاص، (وقال الذين اتبعوا)، أي: المساكين الذين ما استعملوا قوتهم العقلية ولا المعايير والمقاييس الحقيقية، وإنما كانوا في ذيل القافلة، ما دام هؤلاء مسئولون فهم يسيرون وراءهم دعاة الضلال يقودونهم إلى جهنم وهم يركضون وراءهم، دعاة الضلال يزينون لهم الخبيث وهم يركضون وراءهم، لماذا؟ لأن دعاة الضلال قد استغلوا كل وسائل الإعلام العالمي، فصاروا يخادعون الناس، فمرة يتكلمون على الإسلام بأنه تخلف ورجعية، ومرة يتكلمون عن الحجاب بأنه تقوقع وانحراف وتخلف، ومرة يتكلمون عن الحدود بأنها وحشية لا تصلح لهذا الزمان ومرة ومرة إلخ، حتى انخدع الناس بهذا السراب، فصاروا يسيرون معهم ويقدمونهم، ثم في ذلك اليوم يندمون على ما فعلوا في الحياة الدنيا.
فهذا مشهد من مشاهد القيامة يصوره لنا القران الكريم و كأننا نشاهده الآن أمام أعيننا، وكأننا نرى أمماً عظيمة تشبه السراب في كثرته وقلة أهميته تتبع أمماً أخرى كانت معها أدلة كاذبة، وكانت معها أقوام منحرفة؛ فيسير هؤلاء وراء أولئك، حتى إذا كان يوم القيامة، وظهرت المعايير الحقيقية والموازين الحقة؛ حينها يتبرأ الذين اتُبعوا من الذين اتبَعوا، اي المتبوعون يتبرأون ممن كانوا لهم تبعا يسيرون خلقهم دون وعي وعقل وفكر؛ويسبحون في بحر الضلال والفساد والطغيان؛ عميان البصر والبصيرة؛ فاذا رأوا الحقيقة وان في ذلك الموقف لا يغني احد عن احد شيئا؛ساعتها يتمنى التابعون أن يعودوا إلى الدنيا ولو لحظة واحدة من أجل أن يتبرءوا من المتبوعين، ومن أجل أن يسيروا في فلك وخط المؤمنين الصالحين المصلحين؛ ويتمنوا لو انهم استجابوا لهم، بل ويطلبون الرجعة والعودة للدنيا ليتبرأوا من هؤلاء السادة الذين اطاعوهم واتبعوهم على الضلال والفساد والطغيان؛ولكنهم لا يستطيعون ذلك في ذلك اليوم؛ لأن الله عز وجل حكم على من وصل إلى الحياة الآخرة ألا يعود الى الدنيا مرة أخرى؛فانتهى امر الدنيا وقُضي الامر ، ولذلك يقطع الله تعالى أمل هؤلاء القوم ويقول: (وما هم بخارجين من النار)، فيقطع آمالهم، ويثبت خلود هؤلاء الاتباع وأولئك المتبوعين في النار.
نعم انه موقف محزن جدا؛ لقوم لم يرحموا خلق الله قاضلوهم ولآخرين اتبعوا المضلين بلا عقل ولا وعي ولا دليل مقنع ولا برهان حق... فقصروا وقعدوا حيث يجب ان يُقدموا ؛ واقدموا وتجرؤا حيث يجب ان يُحجموا !! فاتبعوا كبراءهم سواءً كان ذلك الاتباع كان في التضليل الفكري والعقدي؛ ام المذهبي والطائفي؛ ام السياسي و التيارات المختلفة التي تنأى بالانسان عن نهج ربه؛ معطلا نعمة العقل التي وهبها الله له ليستنير بنور ما اوحى سبحانه من هدى للبشرية؛ ليخرجها من عبادة العباد الى عبادة رب العباد !!
روى مسلم عبد الله بن عمرو بن العاص يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:" إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من الناس ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يترك عالما اتخذ الناس رءوسا جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا "
اللهم اجرنا من عذابك يوم تبعث عبادك ولا تجعلنا في هذه صما وعميانا ..
اللهم واجعلنا ممن قلت فيهم :- {وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا (73) الفرقان}...
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
46- من دروس القران التوعوية:-
التحذير القراني من التبعية لغير الله تعالى :
قال الله تعالى : {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ ۖ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِّلَّهِ ۗ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ (165)البقرة} ...
جاء عند الامام الطبري في تفسيره :- (" الأنداد " في هذا الموضع، إنما هم سادتهم الذين كانوا يطيعونهم في معصية الله تعالى ذكره.).
وروى ايضا عن عن السدي: " ومنَ الناس من يَتخذ من دُون الله أندادًا يحبونهم كحب الله " قال، الأنداد من الرجال، يطيعونهم كما يطيعون الله، إذا أمروهم أطاعوهم وعَصَوا الله.)...
ويُؤيد هذا الفهم ان الله تعالى اعقب هذه الاية بقوله :- {إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ (166) وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا ۗ كَذَٰلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ ۖ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ (167)البقرة}...
الناس في هذه الدنيا أتباع ومتبوعون، والأتباع: هم غالب وعامة الناس، والمتبوعون: هم قادة الكفر والضلال والانحراف والإلحاد والمعصية؛ ففي الدنيا يؤيد بعضهم بعضاً، ويدعو بعضهم بعضاً إلى الانحراف والضلال والغواية، ويقولون لهم في الدنيا: اتبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم، ويزينون لهم طريق الفسق والفجور والمعصية والإثم والعدوان، حتى إذا كان الموقف الأكيد الصادق يوم القيامة بين يدي الله عز وجل، يتبرأ المتبوعون من التابعين، فيتمنى التابعون أن يعودوا إلى الحياة الدنيا مرة أخرى ليتبرءوا من أولئك كما تبرءوا منهم في ذلك الموقف، والله عز وجل يقطع أسباب العودة ويقول لهم: {وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْ النَّارِ} [البقرة:١٦٧]، أي: لا الأتباع ولا المتبوعون.
يقول الله: (وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا)، أي: فعلوا المعصية والكفر والشرك والعدوان، (إذ يرونَ العذاب)، أي: عذاب النار وهم على حافة جهنم، نسأل الله العافية! (أن القوة لله جميعاً)، ليس هناك ما يخلصهم إلا رحمة الله عز وجل، (وأن الله شديد العذاب)، أي: لا يستطيع المتبوعون أن يتحملوا هذا العذاب الشديد عن التابعين كما كانوا يزعمون ذلك في الحياة الدنيا.
قال الله: (إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا)، وفي قراءة بالعكس: (إذا تَبرأ الذين اتَبَعُوا من الذين اتُبعوا)، وكلا القراءتين تدل على أن العداوة قد قامت بين الصديق وصديقه، والخل وخليله على معصية الله، على الإثم والعدوان؛ بدأت العداوة وخرجت الآن، (إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنْ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوْا الْعَذَابَ) أي: رأى التابع والمتبوع العذاب، (وتقطعت بهم الأسباب)، أي: ليس هناك وسيلة للخلاص، (وقال الذين اتبعوا)، أي: المساكين الذين ما استعملوا قوتهم العقلية ولا المعايير والمقاييس الحقيقية، وإنما كانوا في ذيل القافلة، ما دام هؤلاء مسئولون فهم يسيرون وراءهم دعاة الضلال يقودونهم إلى جهنم وهم يركضون وراءهم، دعاة الضلال يزينون لهم الخبيث وهم يركضون وراءهم، لماذا؟ لأن دعاة الضلال قد استغلوا كل وسائل الإعلام العالمي، فصاروا يخادعون الناس، فمرة يتكلمون على الإسلام بأنه تخلف ورجعية، ومرة يتكلمون عن الحجاب بأنه تقوقع وانحراف وتخلف، ومرة يتكلمون عن الحدود بأنها وحشية لا تصلح لهذا الزمان ومرة ومرة إلخ، حتى انخدع الناس بهذا السراب، فصاروا يسيرون معهم ويقدمونهم، ثم في ذلك اليوم يندمون على ما فعلوا في الحياة الدنيا.
فهذا مشهد من مشاهد القيامة يصوره لنا القران الكريم و كأننا نشاهده الآن أمام أعيننا، وكأننا نرى أمماً عظيمة تشبه السراب في كثرته وقلة أهميته تتبع أمماً أخرى كانت معها أدلة كاذبة، وكانت معها أقوام منحرفة؛ فيسير هؤلاء وراء أولئك، حتى إذا كان يوم القيامة، وظهرت المعايير الحقيقية والموازين الحقة؛ حينها يتبرأ الذين اتُبعوا من الذين اتبَعوا، اي المتبوعون يتبرأون ممن كانوا لهم تبعا يسيرون خلقهم دون وعي وعقل وفكر؛ويسبحون في بحر الضلال والفساد والطغيان؛ عميان البصر والبصيرة؛ فاذا رأوا الحقيقة وان في ذلك الموقف لا يغني احد عن احد شيئا؛ساعتها يتمنى التابعون أن يعودوا إلى الدنيا ولو لحظة واحدة من أجل أن يتبرءوا من المتبوعين، ومن أجل أن يسيروا في فلك وخط المؤمنين الصالحين المصلحين؛ ويتمنوا لو انهم استجابوا لهم، بل ويطلبون الرجعة والعودة للدنيا ليتبرأوا من هؤلاء السادة الذين اطاعوهم واتبعوهم على الضلال والفساد والطغيان؛ولكنهم لا يستطيعون ذلك في ذلك اليوم؛ لأن الله عز وجل حكم على من وصل إلى الحياة الآخرة ألا يعود الى الدنيا مرة أخرى؛فانتهى امر الدنيا وقُضي الامر ، ولذلك يقطع الله تعالى أمل هؤلاء القوم ويقول: (وما هم بخارجين من النار)، فيقطع آمالهم، ويثبت خلود هؤلاء الاتباع وأولئك المتبوعين في النار.
نعم انه موقف محزن جدا؛ لقوم لم يرحموا خلق الله قاضلوهم ولآخرين اتبعوا المضلين بلا عقل ولا وعي ولا دليل مقنع ولا برهان حق... فقصروا وقعدوا حيث يجب ان يُقدموا ؛ واقدموا وتجرؤا حيث يجب ان يُحجموا !! فاتبعوا كبراءهم سواءً كان ذلك الاتباع كان في التضليل الفكري والعقدي؛ ام المذهبي والطائفي؛ ام السياسي و التيارات المختلفة التي تنأى بالانسان عن نهج ربه؛ معطلا نعمة العقل التي وهبها الله له ليستنير بنور ما اوحى سبحانه من هدى للبشرية؛ ليخرجها من عبادة العباد الى عبادة رب العباد !!
روى مسلم عبد الله بن عمرو بن العاص يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:" إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من الناس ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يترك عالما اتخذ الناس رءوسا جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا "
اللهم اجرنا من عذابك يوم تبعث عبادك ولا تجعلنا في هذه صما وعميانا ..
اللهم واجعلنا ممن قلت فيهم :- {وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا (73) الفرقان}...
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..