بسم الله الرحمن الرحيم 36- من دروس القران التوعوية : التحذير من الغرور الْغُرُور في المعاجم والتعريفات اللغوية : الخداع . سواء أكان للنفس من النفس، أم للغير، و وكذلك كلما يؤدي إليه، و كل ما يوقع فيه . و الغُرورُ: الخِداعُ والباطِلُ، يُقال: غَرَّهُ، يَغُرُّهُ، غَرّاً وغُرُوراً وغِرَّةً، أيْ: خَدَعَهُ وأَطْعَمُهُ الباطِلَ. والمَغْرُورُ: المَخْدُوعُ. والغَرَرُ: الخَطَرُ والجَهْلُ. والغَرُورُ: كُلُّ ما خَدَعَ الإِنْسانَ مِن مَتاعِ الدُّنْيا كالمالِ والقُوَّةِ. وأصلُه: النُّقْصانُ، وقيل: مِن غَرِّ الثَّوْبِ، وهو أثَرُ كَسْرِهِ. ويأتي الغُرُورُ بِمعنى الغِشِّ والتَّلْبِيسِ، يُقال: غَرَّهُ في بَيْعٍ، أيْ: غَشَّهُ. ومِنْ مَعانِيه أيضًا: الإِخْفاءُ والتَّزْيِينُ. مفهوم الغرور:- الغرور هو كِبْرِيَاءٌ وتعالي تَحْتَ ضَغْطِ الشُّعوُرِ الْخَادِعِ بِالأَهَمِّيَّةِ وَالْمَكَانَةِ يؤدي الى إِعْجابُ الشخص بِنَفْسِهِ والعامل بعمله إِعْجاباً يَصِلُ إلى حَدِّ احْتِقارِ أو اسْتِصْغارِ الاخرين و كُلِّ ما يَصْدُرُ عنهم . وجاء الغرور في القرآن الكريم بمعني كل ما يغر الإنسان من زينة الدنيا وزخرفها و مال وجاه وشهوة وشيطان..{فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا )لقمان:٣٣}.. {وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ)آل عمران:١٨٥} .. {وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ ) لقمان:٣٣} .. فالمدقق يجد ان هناك ترابط وثيق بين معنى الغرور والوهم والكبر والعجب والخداع و المؤدي الى غش النفس بكل الوان الخداع و الغش .. -والخداع هو الترويج للاعتقاد بشيء غير حقيقي ولا مطابق لحقيقة الواقع، أو ما كان ظاهره خلاف باطنه . -والوهم هو: الظن الكاذب ، مثل إيهام حال السرور فيما الأمر بخلافه . – والكبر: استعظام الإنسان نفسه، واستحسان ما فيه من الفضائل، فيرى نفسه وحيد اقرانه وفريد زمانه ،والاستهانة بالناس، واستصغارهم، والترفع على من يجب التواضع له .. – والعجب: هو الزهو بالنفس، واستعظام الأعمال والمكانة والانجازات و الركون إليها، وإضافتها إلى النفس مع نسيان إضافتها إلى المُنعم سبحانه وتعالى. فانظر ما قاله الله تعالى عن قارون الذي أصابه الغرور بما آتاه الله، فأنكر الواهب بانتلاكه الموهوب، وتعلق بأوهام النفس ووسوستها فقال الله تعالى على لسانه مبينا كفرانه للمنعم ونكرانه : ﴿ قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَىٰ عِلْمٍ عِنْدِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ ﴾(القصص: ٧٨) .. وهذا شأن الإنسان بشكل عام؛ أنه في الخيرات والنعم يغفل عن المنعم وتوفيقه وهدايته، ويُسند النعم التي تحصلت له وخولها اياه ربه الى معرفته وذكاءه ؛ وعند الضيق والكربات يتوجه إلى الله تعالى مقرا بذنبه راجيًا عفوه كي يذهب عنه ما ألم به من بلاء ويكشف عنه السوء... قال الله تعالى:- ﴿ فَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَىٰ عِلْمٍ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴾(الزمر: ٤٩) ..فلذلك حذرنا الله عز وجل من اتباع خطوات الشيطان الغرور المغرور الذي اوقعه غروره في الطرد الابدي من رحمة الله تعالى فقال الله سبحانه و تعالى:- ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ . إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾(البقرة: ١٦٨ – ١٦٩).. وعن أَصْنَافُ الْمَغْرُورِينَ قال ابن قدامة المقدسي رحمه الله تعالى: (( يَقَعُ الاِغْتِرَارُ فِي الأَْغْلَبِ فِي حَقِّ أَرْبَعَةِ أَصْنَافٍ: الْعُلَمَاءُ، وَالْعُبَّادُ، وَالْمُتَصَوِّفَةُ، وَالأَْغْنِيَاءُ )).(مختصر منهاج القاصدين) .ثم شرح وفصل ما يحصل لكل صنف من هؤلاء من انخداع وغرور !!! وأُضيف اليهم اهل القوة والمنصب والمكانة ممن اقبلت عليهم الدنيا فاغتروا باقبالها ولم يحسبوا حسابا لادبارها وزوالها ... قال الله تعالى:- ﴿ اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ﴾(الحديد: ٢٠) .. وقال الله تعالى :﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ﴾(آل عمران: ١٨٥) ... فلنعلم جميعا – أيها الناس- أنما الحياة الدنيا لعب ولهو، تلعب بها الأبدان وتلهو بها القلوب، وزينة تتزينون بها، وتفاخر بينكم بمتاعها، وتكاثر بالعدد في الأموال والأولاد، مثلها كمثل مطر أعجب الزُّرَّاع نباته، ثم يهيج هذا النبات فييبس، فتراه مصفرًا بعد خضرته، ثم يكون فُتاتًا يابسًا متهشمًا، وفي الآخرة عذاب شديد للكفار ومغفرة من الله ورضوان لأهل الإيمان. وما الحياة الدنيا لمن عمل لها ناسيًا آخرته وحساب ربه إلا متاع الغرور يتمتع به في الدنيا ويخدعه فينسيه الاخرة واهوالها واحوالها !!!. قال الله تعالى : ﴿ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْوًا وَلَعِبًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَٰذَا وَمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ ﴾(الأعراف: ٥١) .. وختاما رحم الله امرأ عرف قدر نفسه فلزمه، وعرف حده فوقف عنده، وعرف حجم نفسه فحجمها؛ وعرف ما عنده له فقنع به ولم يطمع بحق غيره، ولم ينازع الحقوق أهلها، وحفظ المعروف فلا يغدر ولزم الصدق فلا يكذب وحفظ عهد الله فلا ينكثه؛ ونعوذ بالله من الغرور واسبابه والمغررين وخطوات الشياطين ونساله تعالى ان لا نتوهم في انفسنا ؛ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته |
عدل سابقا من قبل محمد بن يوسف الزيادي في 2024-10-03, 1:56 am عدل 1 مرات