بسم الله الرحمن الرحيم
76- من دروس القران التوعوية :
حُسن الجوار :-
حرص الاسلام على متانة المجتمع المسلم وتماسكه وترابطه حرصا عظيما ؛ فحرم كل ما من شأنه تفكيك المجتمع وتفريقه ؛ واوجب ما يوحد بنيه و يجعلهم كالجسد الواحد في توادهم وتراحمهم ؛ اذا اشتكى منه عضو تداعى اليه سائر الاعضاء بالسهر والحمى ... فأقام الاسلام سياسته الداخلية على توحيد صفوف الامة بمختلف اعراقها وفئاتها وحتى اديانها...و وثيقة المدينة التي وقعها النبي -صلى الله عليه و اله وسلم-خير شاهد يُقتدى و يُتبع و يُحتذى .. فالقيادة الناجحة هي القيادة التي توحد الامة بكل اطيافها واعراقها؛ ولا تفرق بين ابناءها وطوائفها كمنهج الفرعونية البغيضة كما اخبرنا الله تعالى عن فرعون و سياسته الداخلية فقال تعالى :- {إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ ۚ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (4)القصص}... فكان من عظم ايات الله ان يحطم ملكه وجبروته وطاغوته وينهي افساده في الارض على يد ربيب قصره .. سيدنا موسى على نبينا و عليه افضل الصلاة وازكى التسليم..!!
فالسياسة الداخلية ان تبنى نظام الحكم فيها تقسيم المجتمع وجعله درجات وطوائف تختلف وظائفهم وبالتالي حقوقهم انما هذا من اول اسباب الانهيار وانتشار الفساد و زرع الأحساد والاأحقاد بين ابناء الامة ...
والأمة الواحدة قد تتنوع اعراقها ومذاهبها وطوائفها وحتى قد يختلف دينها؛ فالحاكم يجب ان يكون للجميع لانه بنظام حكمه ينتظم مسير الجميع في حياة الامة والمجتمع .. فلذلك قال الله تعالى مقرا اختلاف الاعراق والتوجهات بين ابناء الامة :- {﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾} ~[الحجرات: 13] ؛ فلاحظ هنا الرابط الذي ربط به سبحانه بين الخلائق؛حيث ردهم للاصل الاول الذي خلقوا منه؛ فجعل ذلك وشيجة قربى بين البشر يتقاربون بها مهما اختلفت وتباعدت اعراقهم وتوجهاتهم المذهبية والدينية ؛ فمرد البشرية والانسانية جمعاء انهم ابناء رجل واحد !! وما التباعد في السلالات والاعراق الا غايته التفاعل والتعارف..!! فالإسلام يقوم على جملة مرتكزات ترتقي بالفرد وتسمو بالمجتمع، ومن أهم تلك المرتكزات: القواعد الأخلاقية السلوكية و القِيَم المفاهيمية العملية الفاضلة؛ التي تجعل من الأمة أسرة واحدة مترابطة، كما اشارت الاية الكريمة سابقة الذكر...
ولكي تسلم العلاقات الاجتماعية ينبغي أن تقوم على الأسس التي دعا إليها القرآن الكريم؛ فمنها الالتقاء على رأس الامر وهو عبادة الله تعالى وتقواه وتوحيده ؛ ومنها الاحسان للوالدين بغض النظر عن دينهما؛ومنها الاحسان لذوي القربى من اهل رابطة النسب والمصاهرة؛ ومنها الاحسان لضعيف الحال والحيلة كاليتيم وملك اليمين وابن السبيل ؛ وذكرهم هنا لانه غالبا ما يكونون ضعفاء او مستضعفين؛ فهم بحاجة لرعاية جماعة المجتمع والامة دولة وافرادا وجماعات؛ومنها الاحسان للجار بين الافراد والاسر في المجتمع ؛ وحسن الجوار بين ابناء المجتمع وتجمعات جماعات الامة؛ بمختلف مكاناتهم واحوالهم وطوائفهم؛ وذم سبحانه الخيلاء والفخر المتولد عن التكبر على الاخرين والتجبر بهم؛ وجعل صاحب صفتها مبغوضا عند الله تعالى؛ حيث رسم الله تعالى هذه السياسة وقعد لها في القران الكريم فقال:- {﴿وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا (٣٦﴾} [النساء: 36]. ومن الأحاديث النبوية التي حذرت من التعامل مع الناس على أسس عنصرية وتقييمهم من خلال ذلك قوله صلى الله عليه واله وسلم: «لَيَنْتَهِيّنَ أَقْوَامٌ يَفْتَخِرُونَ بِآبَائِهِمْ الّذينَ مَاتُوا إِنّمَا هُمْ فَحْمُ جَهَنّمَ، أَوْ لَيَكُونُنّ أَهْوَنَ عَلَى اللّهِ مِنَ الْجُعَلِ الّذِي يُدَهْدِهُ الْخرءَ بِأَنْفِهِ، إِنّ اللّهَ قد أَذْهَبَ عَنْكُمْ عُبّيّةَ الْجَاهِلِيّةِ وَفَخْرَهَا بالآباء، إِنّمَا هُوَ مُؤْمِنٌ تَقيّ وَفَاجِرٌ شَقيّ، النّاسُ كُلّهُمْ بَنُو آدَمَ، وآدَمُ خُلِقَ مِنَ تُرَابِ» (أخرجه الترمذي وحسنه) ..
والجار -موضوع حديثنا - ثلاثة أنواع: 1-جار مسلم وذو قُربى، 2-وجار مسلم وليس له قربى، 3-وجار كافر، وهو اما ان تكون له صلة قربى فلا يُمنع قرابته المؤمن من بره { لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (الممتحنة} ؛ واما ان يكون كافر ليس له صلة قربى ؛فالجار الكافر له حق واحد؛ وهو البر باحسان الجوار، والجار المسلم له حق الإسلام والجوار، والقريب له حق الجوار والإسلام والقرابة، فخير الأصحاب عند الله خيرهم وابرهم لصاحبه، وخير الجيران عند الله خيرهم وابرهم لجاره بجميع أنواعه..
والجار من الجوار وهو الذي يلاصق أو يقرب مسكنه من مسكنك؛ وكذلك الجوار من توفير الامن والحماية والاطمئنان للعيش بسلام من الغدر والخيانة؛و الجارُ الشَّريك في العَقَار أَو التِّجارة. و الجارُ المُجيرُ.و المستجير. والمُجار. كما في المعجم الوسيط، وَالْجَارُ هُوَ النَّزِيلُ بِقُرْبِ مَنْزِلِكِ، وَيُطْلَقُ عَلَى النَّزِيلِ بَيْنَ الْقَبِيلَةِ فِي جِوَارِهَا، والمعنى الاصطلاحي للجوار هو: الملاصقة في السكن؛و الاستجارة طلب الجوار بطلب الحماية واللجوء؛ وجمع جار جيران وفي معاني الجار تستشعر معنى القرب والمودة ؛ وعن حد الجوار فقد جاء عن علي رضي الله عنه: «من سمع النداء فهو جار»، وقيل: «من صلى معك صلاة الصبح في المسجد فهو جار»، وعن عائشة رضي الله عنها: «حد الجوار أربعون دارًا من كل جانب»...وحدد العلماء دائرة الجيرة إلى مدى أربعين دارًا من كل جهة من أمام، وخلف ويمين وشمال، ومن كان هذه حاله فله من الحقوق وعليه من الواجبات ما يجعل الجوار نعمة وراحة؛ وبهذا الفهم والتحديد يُصبح اهل الامصار كلهم جيران !!...
والجوار قد يكون في السكن وقد يكون في السوق المزارع والعمل ؛ وحتى على مقاعد الدراسة والمركبات في السفر .. لقد عظَّم الإسلام حق الجار، وظل جبريل عليه السلام يوصي النبي ﷺ بالجار حتى ظنَّ أن الشرع سيأتي بتوريث الجار: «مازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سَيُورِّثه».
وحض النبي ﷺ على الإحسان إلى الجار وإكرامه: «ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره». وعند مسلم: «فليحسن إلى جاره». بل وصل الأمر إلى درجة جعل فيها الشرع محبة الخير للجيران من الإيمان، قال ﷺ: «والذي نفسي بيده لا يؤمن عبد حتى يحب لجاره ما يحب لنفسه». والذي يحسن إلى جاره هو خير الناس عند الله: «خير الأصحاب عند الله خيرهم لصاحبه، وخير الجيران عند الله خيرهم لجاره».
اللهم اجعلنا واياكم من اهل الاحسان الذين يستمعون القول فيتبعون احسنه؛ والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته..
76- من دروس القران التوعوية :
حُسن الجوار :-
حرص الاسلام على متانة المجتمع المسلم وتماسكه وترابطه حرصا عظيما ؛ فحرم كل ما من شأنه تفكيك المجتمع وتفريقه ؛ واوجب ما يوحد بنيه و يجعلهم كالجسد الواحد في توادهم وتراحمهم ؛ اذا اشتكى منه عضو تداعى اليه سائر الاعضاء بالسهر والحمى ... فأقام الاسلام سياسته الداخلية على توحيد صفوف الامة بمختلف اعراقها وفئاتها وحتى اديانها...و وثيقة المدينة التي وقعها النبي -صلى الله عليه و اله وسلم-خير شاهد يُقتدى و يُتبع و يُحتذى .. فالقيادة الناجحة هي القيادة التي توحد الامة بكل اطيافها واعراقها؛ ولا تفرق بين ابناءها وطوائفها كمنهج الفرعونية البغيضة كما اخبرنا الله تعالى عن فرعون و سياسته الداخلية فقال تعالى :- {إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ ۚ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (4)القصص}... فكان من عظم ايات الله ان يحطم ملكه وجبروته وطاغوته وينهي افساده في الارض على يد ربيب قصره .. سيدنا موسى على نبينا و عليه افضل الصلاة وازكى التسليم..!!
فالسياسة الداخلية ان تبنى نظام الحكم فيها تقسيم المجتمع وجعله درجات وطوائف تختلف وظائفهم وبالتالي حقوقهم انما هذا من اول اسباب الانهيار وانتشار الفساد و زرع الأحساد والاأحقاد بين ابناء الامة ...
والأمة الواحدة قد تتنوع اعراقها ومذاهبها وطوائفها وحتى قد يختلف دينها؛ فالحاكم يجب ان يكون للجميع لانه بنظام حكمه ينتظم مسير الجميع في حياة الامة والمجتمع .. فلذلك قال الله تعالى مقرا اختلاف الاعراق والتوجهات بين ابناء الامة :- {﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾} ~[الحجرات: 13] ؛ فلاحظ هنا الرابط الذي ربط به سبحانه بين الخلائق؛حيث ردهم للاصل الاول الذي خلقوا منه؛ فجعل ذلك وشيجة قربى بين البشر يتقاربون بها مهما اختلفت وتباعدت اعراقهم وتوجهاتهم المذهبية والدينية ؛ فمرد البشرية والانسانية جمعاء انهم ابناء رجل واحد !! وما التباعد في السلالات والاعراق الا غايته التفاعل والتعارف..!! فالإسلام يقوم على جملة مرتكزات ترتقي بالفرد وتسمو بالمجتمع، ومن أهم تلك المرتكزات: القواعد الأخلاقية السلوكية و القِيَم المفاهيمية العملية الفاضلة؛ التي تجعل من الأمة أسرة واحدة مترابطة، كما اشارت الاية الكريمة سابقة الذكر...
ولكي تسلم العلاقات الاجتماعية ينبغي أن تقوم على الأسس التي دعا إليها القرآن الكريم؛ فمنها الالتقاء على رأس الامر وهو عبادة الله تعالى وتقواه وتوحيده ؛ ومنها الاحسان للوالدين بغض النظر عن دينهما؛ومنها الاحسان لذوي القربى من اهل رابطة النسب والمصاهرة؛ ومنها الاحسان لضعيف الحال والحيلة كاليتيم وملك اليمين وابن السبيل ؛ وذكرهم هنا لانه غالبا ما يكونون ضعفاء او مستضعفين؛ فهم بحاجة لرعاية جماعة المجتمع والامة دولة وافرادا وجماعات؛ومنها الاحسان للجار بين الافراد والاسر في المجتمع ؛ وحسن الجوار بين ابناء المجتمع وتجمعات جماعات الامة؛ بمختلف مكاناتهم واحوالهم وطوائفهم؛ وذم سبحانه الخيلاء والفخر المتولد عن التكبر على الاخرين والتجبر بهم؛ وجعل صاحب صفتها مبغوضا عند الله تعالى؛ حيث رسم الله تعالى هذه السياسة وقعد لها في القران الكريم فقال:- {﴿وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا (٣٦﴾} [النساء: 36]. ومن الأحاديث النبوية التي حذرت من التعامل مع الناس على أسس عنصرية وتقييمهم من خلال ذلك قوله صلى الله عليه واله وسلم: «لَيَنْتَهِيّنَ أَقْوَامٌ يَفْتَخِرُونَ بِآبَائِهِمْ الّذينَ مَاتُوا إِنّمَا هُمْ فَحْمُ جَهَنّمَ، أَوْ لَيَكُونُنّ أَهْوَنَ عَلَى اللّهِ مِنَ الْجُعَلِ الّذِي يُدَهْدِهُ الْخرءَ بِأَنْفِهِ، إِنّ اللّهَ قد أَذْهَبَ عَنْكُمْ عُبّيّةَ الْجَاهِلِيّةِ وَفَخْرَهَا بالآباء، إِنّمَا هُوَ مُؤْمِنٌ تَقيّ وَفَاجِرٌ شَقيّ، النّاسُ كُلّهُمْ بَنُو آدَمَ، وآدَمُ خُلِقَ مِنَ تُرَابِ» (أخرجه الترمذي وحسنه) ..
والجار -موضوع حديثنا - ثلاثة أنواع: 1-جار مسلم وذو قُربى، 2-وجار مسلم وليس له قربى، 3-وجار كافر، وهو اما ان تكون له صلة قربى فلا يُمنع قرابته المؤمن من بره { لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (الممتحنة} ؛ واما ان يكون كافر ليس له صلة قربى ؛فالجار الكافر له حق واحد؛ وهو البر باحسان الجوار، والجار المسلم له حق الإسلام والجوار، والقريب له حق الجوار والإسلام والقرابة، فخير الأصحاب عند الله خيرهم وابرهم لصاحبه، وخير الجيران عند الله خيرهم وابرهم لجاره بجميع أنواعه..
والجار من الجوار وهو الذي يلاصق أو يقرب مسكنه من مسكنك؛ وكذلك الجوار من توفير الامن والحماية والاطمئنان للعيش بسلام من الغدر والخيانة؛و الجارُ الشَّريك في العَقَار أَو التِّجارة. و الجارُ المُجيرُ.و المستجير. والمُجار. كما في المعجم الوسيط، وَالْجَارُ هُوَ النَّزِيلُ بِقُرْبِ مَنْزِلِكِ، وَيُطْلَقُ عَلَى النَّزِيلِ بَيْنَ الْقَبِيلَةِ فِي جِوَارِهَا، والمعنى الاصطلاحي للجوار هو: الملاصقة في السكن؛و الاستجارة طلب الجوار بطلب الحماية واللجوء؛ وجمع جار جيران وفي معاني الجار تستشعر معنى القرب والمودة ؛ وعن حد الجوار فقد جاء عن علي رضي الله عنه: «من سمع النداء فهو جار»، وقيل: «من صلى معك صلاة الصبح في المسجد فهو جار»، وعن عائشة رضي الله عنها: «حد الجوار أربعون دارًا من كل جانب»...وحدد العلماء دائرة الجيرة إلى مدى أربعين دارًا من كل جهة من أمام، وخلف ويمين وشمال، ومن كان هذه حاله فله من الحقوق وعليه من الواجبات ما يجعل الجوار نعمة وراحة؛ وبهذا الفهم والتحديد يُصبح اهل الامصار كلهم جيران !!...
والجوار قد يكون في السكن وقد يكون في السوق المزارع والعمل ؛ وحتى على مقاعد الدراسة والمركبات في السفر .. لقد عظَّم الإسلام حق الجار، وظل جبريل عليه السلام يوصي النبي ﷺ بالجار حتى ظنَّ أن الشرع سيأتي بتوريث الجار: «مازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سَيُورِّثه».
وحض النبي ﷺ على الإحسان إلى الجار وإكرامه: «ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره». وعند مسلم: «فليحسن إلى جاره». بل وصل الأمر إلى درجة جعل فيها الشرع محبة الخير للجيران من الإيمان، قال ﷺ: «والذي نفسي بيده لا يؤمن عبد حتى يحب لجاره ما يحب لنفسه». والذي يحسن إلى جاره هو خير الناس عند الله: «خير الأصحاب عند الله خيرهم لصاحبه، وخير الجيران عند الله خيرهم لجاره».
اللهم اجعلنا واياكم من اهل الاحسان الذين يستمعون القول فيتبعون احسنه؛ والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته..