الحلقة(13)من سلسلة ربط العبادات بالسلوك والعقيدة
اكملنا حديثنا في الحلقة السابقة عن معاني سورة الفاتحة، التي افتتح الله بها الكتاب الكريم، من حيث الجمع والترتيب، فكانت جامعة للقضايا الاساسية التي عالجها الكتاب وفصلها بين ثناياه، ونلاحظ انها عالجت اساسيات العقيدة، وعلاقة الخلق بخالقهم، وطبيعة الصلة التي يجب ان تبنى بين المخلوق والخالق،من عبادة واستعانة وطلب، وكذلك العلاقة بين المخلوق والمخلوق في امر الولاء والبراء، وطبيعة علاقة جماعة المؤمنين ببعضهم وبغيرهم.
فانت اخي الكريم وانت في صلاتك لابد لك من ان تذهن وتدرك ما تقول بين يدي ربك، وتتفكر فيما تتلوا من ايات الذكر والكتاب المبين، ومثل هذا التدبر يجعلك تعيش اجواء الصلاة ويمنع عنك الوسوسة والانشغال بغيرها من امور تفقدك الخشوع، والله تعالى يقول قد افلح المؤمنون.الذين هم في صلاتهم خاشعون) والخشوع التذلل والتفكر فيما يتلى، ومطلق الانصات بالخضوع والاصل في الاستماع للقران او في تلاوته التدبر، لقوله تعالى (افلا يتدبرون القران ام على فلوب اقفالها).. والتدبر دقة التفكر والتمعن للفهم، ولاتنس انك في صلاة وصلة
منعقدة مع الله تعالى، فلذلك انصحك اخي ان تكمل قراءتك في صلاتك وانت تتفكر و تحاول ان تعلم معاني ما تقول، لقوله تعالى(ياايها الذين امنوا لا تقربوا الصلاة وانتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون) وموضع الاستشهاد من النص =حتى تعلموا ما تقولون= ويعينك على ذلك ان تطلع على كتب التفسير المعتبرة.
وبعد ان تقرا بما تيسر لك من القران، متدبرا لمعانيها، تكبر ربك مذكرا نفسك ان انشغلت وحدثتك بغير مايلزم ان تنشغل به، من تدبر وتفكر وقطعت عليك خشوعك بوسوسة الشيطان، فاعلم وتذكر ان الله اكبر، فتنحني راكعا خاضعا متذللا حمدا وثناءا للمستحق للحمد والثناء ومن وجب له جميع انواع المحامد جل وعلا،لانه الحميد الواجب له الحمد والمستحق له بذاته سبحانه وتسبح وانت راكع بقولك سبحان ربي العظيم ثلاثا والتسبيح تنزيه، فنزه ربك عن كل ما لايليق بجلاله من شرك وغيره..وقد جاء في صحيح مسلم عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر من قول: سبحان الله وبحمده، أستغفر الله وأتوب إليه، قالت: فقلت يا رسول الله، أراك تكثر من قول: سبحان الله وبحمده، أستغفر الله وأتوب إليه؟ فقال: خبرني ربي أني سأرى علامة في أمتي، فإذا رأيتها أكثرت من قول: سبحان الله وبحمده، أستغفر الله وأتوب إليه، فقد رأيتها إذا جاء نصر الله والفتح، فتح مكة، ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا، فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا...
نعم ايها المؤمن وانت تنزه ربك العظيم الذي خضعت له معظما ،فانه لا ينحني من عظم ربه وركع له، ولايخضع لارادة غيره، ولا يُخضع نفسه الا لمشيئة ربه، ويرفض كل مشيئة لاتخضع لمشيئته سبحانه، ومن خضع واتبع منهجا او امرا ليس عليه امره سيحانه فما عرف الركوع لله، وما عرف التنزيه من اطاع مع الله غيره في معصيته تعالى.
وهل بالله عليك اخي نزه ربه من ترك حكم الله واحتكم الى شرائع الجبت والطاغوت؟؟ فالركوع طاعة بالحمد واعلان للخضوع والاذعان والاتباع لله فقط دون سواه، قلذلك ترفع منه قائلا سمع الله لمن حمده، اي ان الله وهو السميع العليم سمع حمدك الذي اقررت ا ن لا يكون الاله..
ولنا لقاء بعون الله قريب نكمل معاني هذه العبادات العظيمة التي فرعهاالبعض من روحها ومضامينها حتى اصبحت تؤدى حركات جوفاء وللاسف، خالية من المعاني والاثر، ومجرد اسقاط فريضة، لاعلاقة له لابعقل وفكر وتدبر ولا سلوك..هدانا الله واياكم لما يحب ويرضى، ولكم التحية واطيب المنى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عدل سابقا من قبل محمد بن يوسف الزيادي في 2017-10-29, 2:33 pm عدل 1 مرات