بسم الله الرحمن الرحيم
77- من دروس القران التوعوية :-
الدوران حول الذات خلق ذميم !!
الدوران حول الذات مصطلح يعني اعجاب الشخص بنفسه وحبه لذاته؛ فتجده يحب ذكر نفسه ويمدحها ويحب من الاخرين حوله الاكثار من الثناء عليه ومدحه؛ فيصل الى درجة التكبر والتعالي على الاخرين واحتقارهم ؛ ويتوهم نفسه انه قطب مدار الكون والحياة ... وهذا لا يكون الا من نفس شحيحة تحسد الغير وتحسد نسبة الخير والفضل الى اهله؛ فتجده ان كان صاحب مكانة او سلطة ازال من حوله كل صناع الفضل؛ لانه لا يريد ان يكون هناك فضل يمدح به فاعل او يحتسب الا له ... فلذلك تجده غليظ الرد متشنج الحوار ولا يريد ممن حوله الا ان لا يروا الا ما يريهم ...!!!
والأنانية بالتعبير المعاصر هي حب الذات المذموم أوحب النفس المذموم وايثارها بالخير والمنافع ولو ادى ذلك لحرمان الغير ؛و هي الأثرة في تعبير علمائنا الاوائل .
إنَّ أكبر مشكلةٍ تعانيها البشريَّة تبدأ في عالم الفرد، عندما يغلّب الإنسان مصلحته على مصلحة الجماعة والمجتمع مهما كان الثَّمن ، وهذا هو تعريف الأنانيَّة الّذي يُشتق من الأنا .وعرفوا الأثرة : فقالوا:أن يختصّ الإنسان نفسه أو أتباعه بالمنافع من أموال ومصالح دنيويّة ويستأثر بذلك فيحجبه عمّن له فيه نصيب أو هو أولى به، وتجد الاهتمام بالانا قائم في نظام الراسمالية التي تهتم بالفرد وتنظر للجماعة من منطلق انتفاع الفرد المادي بالانتماء لها .. فلذلك نجدهم يتخلون عن ابنائهم عند سن الاعتماد على الذات في تحصيل المادة؛ وتنهار الاسر ؛ وربما ينسى افرادها العلاقة الدموية فيما بينهم ...
ان النفس التي تفقد التزكية والتربية بمفاهيم الايمان وافكاره مؤهلة لتصاب بهذا المرض الخطير عافانا الله واياكم...
ويكفي الانانية والاثرة مذمة انها من اخلاق ابليس الامام الاول لها:- {"أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ"(الأعراف/12)}.
ومن أئمة هذا الخلق الذميم فرعون :- { قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَىٰ وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ (29) غافر}. وتمادى حتى تأله فادعى الربوبية فقال :- {أَنَارَبُّكُمُ الْأَعْلَى"(النازعات/24)}. ثم بلغ به الطغيان ان يدعي الالوهية:- {وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَل لِّي صَرْحًا لَّعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَىٰ إِلَٰهِ مُوسَىٰ وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ (38) القصص} .
ومن رواد هذا الخلق الذميم قارون حيث قال عن استطاعته بما من الله عليه من علم ان يحول المعادن الى ذهب بالتلاعب في العدد الذري فقال:-
{إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي(القصص/78)}.
و كذلك النمروذ حيث قال: - {أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ(البقرة/258)}.
فنجد كل هؤلاء وامثالهم الذين يتصفون بالانانية واثرة النفس والذات يتحدثون عن أنفسهم على انهم اعلى من البشر؛بل يرون انفسهم قد تعالوا على صفتهم البشرية فتألهوا ؛ وهو أمر خطير أن ينصب الإنسان من نفسه إله فيعبد ذاته ويطيع ويتبع هوى نفسه؛ قال تعالي :{أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلا (الفرقان/ 43)}.
وقد شرع الاسلام لنا ان نزكي ونطهر انفسنا ونربيها باتباع احكامه واتخاذ مفاهيمه وقيمه منطلقا لبناء عقلياتنا ونفسياتنا؛ فنطهرها من الانانية والحسد والبخل و الأثرة و حرم كل خلق وصفة تطعن في المروءة ..
قال تعالى:-{وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ"(الحشر/9)}. وعن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه"(متفق عليه).
يتحدّث القرآن الكريم عن قضيّة نفسية هي من أهم وأخطر واعقد القضايا في حياتنا.. وهي أزمة الأنانية والأثرة وعبادة الذات..
يقول تعالى: {أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلا(الفرقان 43)}،
لقد جاء الاسلام دينا ونظاما لكل البشرية و الأمم، مجتازا حدود الزمان والمكان، ليكون حلا لكل الأمراض النفسية و الفكرية والسلوكية.
فهو قبل أن يحرم أو ينهي عن شيء وضع البديل عنه؛ وبين للمسلمين كيفية علاجه!! وإن الناظر في احكام وتشريعات ومفاهيم وقيم هذا الدين العظيم؛ ليعرف حق المعرفة أنه وجد للبشرية جمعاء دون استثناء ، ولا حياة كريمة لها بدونه . .
إنّ معظم مشاكل الإنسان سواء كانت نفسية أوسياسية أو اقتصادية او إجتماعية، وحالات الصراع والخلافات في المجتمع والأُسر والعشائر والقبيلة تعود إلى الأنانية وعبادة الذات، المولدة والصانعة للعقلية التسلطية؛ ومنظار الاستعلاء و التكبر و النظرة الفوقية.. مما سيؤدي الى عزلته عن مجتمعه وتوقعه على نفسه ...
والأثرة (الأنانية) نقيصة إنسانية مذمومة ومرفوضة، وقد ورد في ذم الأثرة الكثير من الآيات القرآنية، فقال الله تبارك وتعالى: ﴿فَأَمَّا مَنْ طَغَى * وَآَثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى﴾، [سورة النازعات الآيات: 37 - 39]، وقال أيضا: (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى * بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * وَالْآَخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى * إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى * صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى﴾،[سورة الأعلى].
إنّ حب الذات غريزة مركوزة في أعماق نفس الإنسان، وهذا الحب والإعتناء أمر مباح عندما يكون التعبير عنه صحِّياً وسلميّاً. ووفق ما شرع الله تعالى وحكم؛ فإنّ ثقافة القرآن تُربِّي الإنسان المسلم على التوازن بين حُبّ الذات وحبّ الخير للآخرين.. إنها تسعى لتحرير الإنسان من الأنانية البغيضة والاثرة المقيتة، وربط هذا التوازن بالإيمان؛ حيث إنّ الرسول صلى الله عليه واله وسلم يُعبِّر عن ذلك بقوله: "لا يؤمن أحدكم حتى يُحِبَّ لأخيه ما يُحبُّ لنفسه"، وقوله: "خيرُ الناس مَن نفع الناس". بل وان القرآن ليدعو ، ويُثقِّف اتباعه على الإيثار، وهو تقديم الغير على النفس.. نجد هذه الدعوة في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (الحشر/ 9). وفي قوله تعالى :- {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُورًا}(الإنسان/ 8-9)...ومن هنا نجد الحاجة الماسة لتزكية النفس بتربيتها براقي المفاهيم وعالي القيم المؤهلة للانسان ليكون مستخلفا في الارض يحمل رسالة ربه فهما وعملا وسلوكا للعالمين ؛ وقد عالجنا هذا الموضوع القيم في حديثنا يوم الاثنين الماضي في الحلقة - 34- من حديث الاثنين في مباحث الايمان والعقيدة ؛ حيث بينا انه من ثمرات هذه العقيدة العظيمة التي قام عليها هذا الدين العظيم ...
77- من دروس القران التوعوية :-
الدوران حول الذات خلق ذميم !!
الدوران حول الذات مصطلح يعني اعجاب الشخص بنفسه وحبه لذاته؛ فتجده يحب ذكر نفسه ويمدحها ويحب من الاخرين حوله الاكثار من الثناء عليه ومدحه؛ فيصل الى درجة التكبر والتعالي على الاخرين واحتقارهم ؛ ويتوهم نفسه انه قطب مدار الكون والحياة ... وهذا لا يكون الا من نفس شحيحة تحسد الغير وتحسد نسبة الخير والفضل الى اهله؛ فتجده ان كان صاحب مكانة او سلطة ازال من حوله كل صناع الفضل؛ لانه لا يريد ان يكون هناك فضل يمدح به فاعل او يحتسب الا له ... فلذلك تجده غليظ الرد متشنج الحوار ولا يريد ممن حوله الا ان لا يروا الا ما يريهم ...!!!
والأنانية بالتعبير المعاصر هي حب الذات المذموم أوحب النفس المذموم وايثارها بالخير والمنافع ولو ادى ذلك لحرمان الغير ؛و هي الأثرة في تعبير علمائنا الاوائل .
إنَّ أكبر مشكلةٍ تعانيها البشريَّة تبدأ في عالم الفرد، عندما يغلّب الإنسان مصلحته على مصلحة الجماعة والمجتمع مهما كان الثَّمن ، وهذا هو تعريف الأنانيَّة الّذي يُشتق من الأنا .وعرفوا الأثرة : فقالوا:أن يختصّ الإنسان نفسه أو أتباعه بالمنافع من أموال ومصالح دنيويّة ويستأثر بذلك فيحجبه عمّن له فيه نصيب أو هو أولى به، وتجد الاهتمام بالانا قائم في نظام الراسمالية التي تهتم بالفرد وتنظر للجماعة من منطلق انتفاع الفرد المادي بالانتماء لها .. فلذلك نجدهم يتخلون عن ابنائهم عند سن الاعتماد على الذات في تحصيل المادة؛ وتنهار الاسر ؛ وربما ينسى افرادها العلاقة الدموية فيما بينهم ...
ان النفس التي تفقد التزكية والتربية بمفاهيم الايمان وافكاره مؤهلة لتصاب بهذا المرض الخطير عافانا الله واياكم...
ويكفي الانانية والاثرة مذمة انها من اخلاق ابليس الامام الاول لها:- {"أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ"(الأعراف/12)}.
ومن أئمة هذا الخلق الذميم فرعون :- { قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَىٰ وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ (29) غافر}. وتمادى حتى تأله فادعى الربوبية فقال :- {أَنَارَبُّكُمُ الْأَعْلَى"(النازعات/24)}. ثم بلغ به الطغيان ان يدعي الالوهية:- {وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَل لِّي صَرْحًا لَّعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَىٰ إِلَٰهِ مُوسَىٰ وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ (38) القصص} .
ومن رواد هذا الخلق الذميم قارون حيث قال عن استطاعته بما من الله عليه من علم ان يحول المعادن الى ذهب بالتلاعب في العدد الذري فقال:-
{إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي(القصص/78)}.
و كذلك النمروذ حيث قال: - {أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ(البقرة/258)}.
فنجد كل هؤلاء وامثالهم الذين يتصفون بالانانية واثرة النفس والذات يتحدثون عن أنفسهم على انهم اعلى من البشر؛بل يرون انفسهم قد تعالوا على صفتهم البشرية فتألهوا ؛ وهو أمر خطير أن ينصب الإنسان من نفسه إله فيعبد ذاته ويطيع ويتبع هوى نفسه؛ قال تعالي :{أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلا (الفرقان/ 43)}.
وقد شرع الاسلام لنا ان نزكي ونطهر انفسنا ونربيها باتباع احكامه واتخاذ مفاهيمه وقيمه منطلقا لبناء عقلياتنا ونفسياتنا؛ فنطهرها من الانانية والحسد والبخل و الأثرة و حرم كل خلق وصفة تطعن في المروءة ..
قال تعالى:-{وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ"(الحشر/9)}. وعن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه"(متفق عليه).
يتحدّث القرآن الكريم عن قضيّة نفسية هي من أهم وأخطر واعقد القضايا في حياتنا.. وهي أزمة الأنانية والأثرة وعبادة الذات..
يقول تعالى: {أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلا(الفرقان 43)}،
لقد جاء الاسلام دينا ونظاما لكل البشرية و الأمم، مجتازا حدود الزمان والمكان، ليكون حلا لكل الأمراض النفسية و الفكرية والسلوكية.
فهو قبل أن يحرم أو ينهي عن شيء وضع البديل عنه؛ وبين للمسلمين كيفية علاجه!! وإن الناظر في احكام وتشريعات ومفاهيم وقيم هذا الدين العظيم؛ ليعرف حق المعرفة أنه وجد للبشرية جمعاء دون استثناء ، ولا حياة كريمة لها بدونه . .
إنّ معظم مشاكل الإنسان سواء كانت نفسية أوسياسية أو اقتصادية او إجتماعية، وحالات الصراع والخلافات في المجتمع والأُسر والعشائر والقبيلة تعود إلى الأنانية وعبادة الذات، المولدة والصانعة للعقلية التسلطية؛ ومنظار الاستعلاء و التكبر و النظرة الفوقية.. مما سيؤدي الى عزلته عن مجتمعه وتوقعه على نفسه ...
والأثرة (الأنانية) نقيصة إنسانية مذمومة ومرفوضة، وقد ورد في ذم الأثرة الكثير من الآيات القرآنية، فقال الله تبارك وتعالى: ﴿فَأَمَّا مَنْ طَغَى * وَآَثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى﴾، [سورة النازعات الآيات: 37 - 39]، وقال أيضا: (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى * بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * وَالْآَخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى * إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى * صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى﴾،[سورة الأعلى].
إنّ حب الذات غريزة مركوزة في أعماق نفس الإنسان، وهذا الحب والإعتناء أمر مباح عندما يكون التعبير عنه صحِّياً وسلميّاً. ووفق ما شرع الله تعالى وحكم؛ فإنّ ثقافة القرآن تُربِّي الإنسان المسلم على التوازن بين حُبّ الذات وحبّ الخير للآخرين.. إنها تسعى لتحرير الإنسان من الأنانية البغيضة والاثرة المقيتة، وربط هذا التوازن بالإيمان؛ حيث إنّ الرسول صلى الله عليه واله وسلم يُعبِّر عن ذلك بقوله: "لا يؤمن أحدكم حتى يُحِبَّ لأخيه ما يُحبُّ لنفسه"، وقوله: "خيرُ الناس مَن نفع الناس". بل وان القرآن ليدعو ، ويُثقِّف اتباعه على الإيثار، وهو تقديم الغير على النفس.. نجد هذه الدعوة في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (الحشر/ 9). وفي قوله تعالى :- {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُورًا}(الإنسان/ 8-9)...ومن هنا نجد الحاجة الماسة لتزكية النفس بتربيتها براقي المفاهيم وعالي القيم المؤهلة للانسان ليكون مستخلفا في الارض يحمل رسالة ربه فهما وعملا وسلوكا للعالمين ؛ وقد عالجنا هذا الموضوع القيم في حديثنا يوم الاثنين الماضي في الحلقة - 34- من حديث الاثنين في مباحث الايمان والعقيدة ؛ حيث بينا انه من ثمرات هذه العقيدة العظيمة التي قام عليها هذا الدين العظيم ...