بسم الله الرحمن الرحيم
(4)الحلقة الرابعة من سلسلة دروس ربط العبادات بالسلوك والمعتقد)4(:-
تحدثنا اعزائي فيما مضى عن معاني الطهارة في البدن والثوب والمكان كاول شرط من شروط الصلاة، فاذا فعلت ذلك، فتكون قد طهرت بدنك بالغسل والوضوء ، وسترت نفسك بطاهر الثياب، واخترت المكان الطاهر لتقف فيه، بين يدي ربك طالبا ومستشعرا للقرب من العظيم الذي لاعظمة لاحد سواه وامامه، (ولم يكن له كفوا احد)، اذا فعلت ذلك واستحضرت المعاني التي اختصرت لك واستشعرت عظمة الرب، وصغر امامك كل ما سواه، فتكون بذلك قد طهرت النفس من هواها وحجزتها عن مشتهاها واخضعتها لارادة مولاها، وتكون قد فرغت العقل من انشغاله بغير عظمة باريه وواهبه لك، لتعرفه به وقد مسحت عنه ومنه غبار افكار الجاهلية والضلال، وتكون ايضا قد طهرت قلبك من ادران الشرك وحب الاغيار، ونزعت من النفس الرغبات التافهة والميول الساقطة، التي تهبط بالانسان و تنحط به في عالم السفول و السافلين .
نعم بهذه النفسية الطاهرة المتطهرة، وبهذا العقل الصافي النظيف، وبهذه المشاعر والاحاسيس النقية، والقلب السليم التقي، تقبل على العظيم الجليل، معظما ومجلا له، ومبجلا بكل خشوع وانكسار وتواضع لامره، وبهذا الحال انت مؤهل الآن للوقوف بين يدي الرحمن ، طاهرا نقيا نظيفا.
ويشترط العلم بدخول الوقت لاداء الفريضة وخروج وقت الكراهة والنهي لاداء النافلة، لقوله تعالى (ان الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا). والوقت دائما يحدد للموعد او اللقاء المهم، الذي تحرص ان لايفوتك، وبفواته يلحق بك ضرر او يفوتك خير ومنافع وشرف عظيم، خاصة اذا كان اللقاء بالشوق مقرونا بالحب مع العظيم، وهو درس لنا في الحرص على الوقت والتحري عنه، ودقة المواعيد وعدم مضيعة الوقت، والاهتما بعنصر الزمان واستغلاله، لانه اعمارنا التي كتبت لنا، وعدت علينا بالانفاس، واي عمل لانجازه نحتاج لظرف المكان وظرف الزمان والفاعل والمكان والقدرة على الفعل، و لا بد من كونهما طاهرين، واذا حل الظرف الزماني بدخول الوقت، وحل الموغد المحدد، اعلنته بالاذان، معلما غيرك بدخول الوقت، دعوة للغير بان يشاركوك شرف اللقاء والتوجه لله، الذي آن اوان الاجتماع لطاعته، بمحبة وشوق يجمع الامة متاخين متحابين في بيوت اذن الله ان ترفع ليذكر فيها اسمه وحده ولايشرك معه احدا .
ويكبر المؤذن مناديا لكم معشر المسلمين، بقوله :الله أكبر مكررا لها للتنبيه والتاكيد، وكلمة الله لفظ جعل علما دالا على الخالق الذي اوجد كل موجود من العدم ثم دبر امر الموجود بما يلزمه للاستمرار في الوجود ذاتا او جنسا ونوعا، وهداه لما يصلح به وجوده، بما يناسب وجوده من سنن ونواميس ونظام، منها ماهو تدبير الزامي فرضه على جميع الخلائق، وهو المتعلق ببقاء وجودها كافراد او اجناس في مجموعة افراد الوجود، كسنة التكاثر، والتنفس، والتمثيل الغذائي في الاجساد الحية، وخص الانسان ينظام الاستخلاف في الارض، لعمارتها ببناء جنة العدل عليها، وخيره من دون الخلائق ولم يتركه سدى بل واعطاه بالوحي المنهج الذي لايضل به ولايشقى، ويحقق له السعادة وهناءة العيش ان استقام على الطريقة وبالوحي اهتدى.
هذا الاله الخالق المدبر هو اكبر يناديك المؤذن وينبهك ويذكرك. ونعم انه اكبر مما اهمك واكبرمما يشغلك واكبر مما في تصورك، وكونه اكبر فذاك يعني ان كل ما دونه اصغر فاترك فورا الاصغر وتوجه الى الاكبر وهذا ما افاده التكبير للعظيم فتتعلم من تلبية النداء كيف تلبي امر الله وتقدمه على غيره ومهما كان الغير فانه اصغر امام الله اكبر، ولهذا كرر التكبير وكرر النداء به خمس مرات غطت اوقات ذروة الانشغال.
وارى في هذا القدر كفاية لمن اراد الدراية وبكم يطيب اللقاء في مساء يوم قادم لاكمال الغاية ولكم مني اطيب التحيةوالسلام احبائي في الله فتابعونا يرحمكم الله ان شاء الله.
عدل سابقا من قبل محمد بن يوسف الزيادي في 2017-10-22, 2:42 pm عدل 1 مرات