الرد على من يردون صحاح الاحاديث حول خلق المراة من ضلع اعوج:-
يقول الله تعالى:يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً [النساء:1]. وفي هذه الآية وغيرها تنصيص على أن أصل البشرية من آدم، وأن حواء خلقت منه، وجاءت الأحاديث الصحيحة لتبين وتفسر وتحدد من أي مكان خلقت حواء من آدم، فجاء في صحيح البخاري من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: استوصوا بالنساء فإن المرأة خلقت من ضلع وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه فإن ذهبت تقيمه كسرته وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء. زاد ابن إسحاق (بتخريجه) اليسرى من قبل أن يدخل الجنة وجعل مكانه لحم.
وكون حواء خلقت من آدم من غير توليد كخلق الأولاد من الآباء لا يلزم منه أن تكون ابنته ولا أخته، كما نص على ذلك علماء التفسير، ولهذا سماها القرآن زوجة:وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا [النساء:1]. وكلمة زوج لغة تطلق بمعنى الصنف بشكل عام كقوله تعالى في سورة الحج اية 5:-..وانبتت من كل زوج بهيج .. اي صنف وهو ما نطلق عليه اليوم في علم الاجناس فصيلة او نوع او جنس لان كل جنس من الاجناس او نوع فيه قرينه وشبهه من ذكر او انثى او كما في بعض الامور فردة يمين وفردة شمال كالنعال والجوارب مثلا...فيتلازمان في الوجود ولا يكتمل فائدة وجودهما الا باقترانهما فكان الذكر والانثى من ضرورات الخلق والايجاد في كافة الاصناف لتتم عملية التكاثر التي بها يستمر وجود الاجناس .وقد جعل الله خلق آدم من غير أب ولا أم، وخلق حواء من جسد رجل ومن غير أم، وخلق عيسى من جسد امرأة من غير أب، وخلق بقية البشر بعد ذلك من ذكر وأنثى، آيات تدل على عظم الخالق سبحانه. وهي اشبه ما تكون تقريبا للصورة في عصرنا الحاضر بعمليات الاستنساخ.. (إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آَدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) [آل عمران: 59].
وأما قول القائل: إن خلق حواء من ضلع أعوج يتعارض مع الأحاديث التي تكرم المرأة! فالحقيقة أنه لا تنافي بين الأمرين، والدليل على ذلك أن الله تعالى كرم الإنسان وفضله على سائر المخلوقات قال تعالى:وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَم [الإسراء:70]. وقال تعالى:لَقَدْ خَلَقْنَا الْأِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ [التين:4]. ومع ذلك فهو مخلوق من ماء مهين وأخرج من مجرى البول مرتين وقد كان أصل خلقه من الطين. وبهذا يتبين لنا أنه لا تعارض بين أصل مادة الخلق والتكريم للمخلوق المصير من تلك المادة كتصيير الله تعالى للطين بشرا سويا .
ثم إن استنتاج البعض من كون حواء خلقت من ضلع آدم فساد زواجه منها، وما ينبني على ذلك من كون وجود كل البشرية من نكاح فاسد، هو استنتاج غير صحيح وسقيم لا يستقيم، فلا يلزم من كونها خلقت من ضلعه أن يكون أباً لها أو أخاً ، ثم انها خلقت لغاية ان تكون زوجا له، واما للبشرية كما انه اب للبشر، فمنذا الذي يعدل او يعقب على حكم الله تعالى؟؟؟ - ثم علينا أن نعلم وندرك أن شريعة آدم التي كان ينتهجها تبيح من أنواع النكاح ما لا تبيحه شريعتنا..لأن الله تعالى يقول:لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً [المائدة :48].
وعليه وكون شرعنا يحرم نكاح المحارم لا يلزم منه أن يكون شرع آدم يحرمه . واختلاف الشرائع تبع لحكمة ربانية يعلمها الله تعالى وبمقتضاها شرع لكل امة من السابقين ما كان يناسب حالهم واوضاعهم وطبيعة حياتهم وقدراتهم ...
ولا ارى التجرؤ على رد الاحاديث الصحيحة له مسوغ، كما يحصل من البعض الذين اتبعوا هوى انفسهم المريضة وزيغ عقولهم العاجزة، ولا تناقض بين احادها ونصوص القطعي دلالة وثبوتا من القران الكريم ، بل هي مفسرة للقطعي المجمل الذي اشار لما فصلته وبينته تلك الصحاح، وارجوا من الجميع الوقوف والتامل في قوله تعالى:-( وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا [النساء:1]. فكونه خلقه منها اي من بعضها ، ففسرت الاحاديث هذا البعض بالضلع..والله اعلم.
نسال الله ان يفقهنا ويعلمنا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
عدل سابقا من قبل محمد بن يوسف الزيادي في 2022-11-13, 4:01 pm عدل 1 مرات