شاحنة الموت
31.08.2015
سمير الحجاوي
الشرق القطرية
الاحد 30/8/2015
لم يخطر على بال السوريين الهاربين من الموت، أنهم يفرون من الموت إلى الموت، يفرون من الموت تحت القنابل والصواريخ والبراميل المتفجرة، إلى الموت خنقا في شاحنة مغلقة على أحد طرق النمسا، التي كان يفترض أن تقود إلى "الفردوس الأوروبي" لكنه تحول لهم "فردوساً مفقوداً" لا وجود لهم بعد أن فارقت أرواحهم الطاهرة أجسادهم التي ذابت من شدة الحر في شاحنة الموت.
71 شخصا ماتوا في غفلة من الزمن والإنسانية بينهم 8 نساء و 4 أطفال بينهم رضيعة وثلاثة صبية تتراوح أعمارهم بين ثماني و10 سنوات، والباقون 59 رجلا، ماتوا على طريق سريع في النمسا، وهم لا يعلمون أن هذا الطريق سيكون سريعا إلى الدار الآخرة، وإلى مفارقة الدنيا بما فيها.
ما يجري بحق الشعب السوري، سبة في تاريخ العرب والإنسانية، تماما كما كان الحال مع الشعب الفلسطيني الذي ذاق الويلات من قبل، وكما يحدث مع العرب في ليبيا والصومال واليمن والعراق، فمن غير المعقول أن ينحر العرب من الوريد إلى الوريد، وأن يكون مصير السوريين تحديدا، إما الموت تحت البراميل المتفجرة أو الموت في الشاحنات على الطرق أو في قاع البحر الأبيض المتوسط، أو على الأسلاك الشائكة بين دول "الفرودوس الأوروبي المفقود".
أن يموت 71 إنسانا بهذه الطريقة البشعة جريمة معلقة برقبة كل من ساهم بتهجيرهم أو سكت على ذلك، وهؤلاء الموتى ليسوا وحدهم فقد سبقهم 300 ألف سوري قضى عليهم المجرم الإرهابي بشار الأسد وحليفه الشيعي الحاقد حزب الله اللبناني، والراعي الإيراني الذي يخوض في دماء السوريين حتى الركب، هؤلاء كلهم قتلة مجرمون إرهابيون، قتلوا السوريين في كل مدينة وقرية وكل زاوية وركن، وفي كل بيت، استباحوا الإنسانية والقيم والأخلاق والضمير، وقتلوا بحقد قل نظيره في التاريخ.
هؤلاء القتلة مسؤولون عن تهجير نصف الشعب السوري، وتحويلهم إلى لاجئين، في واحدة من أضخم الهجرات في التاريخ الحديث بعد الحرب العالمية الأولى، ولم يحدث أن تم تهجير نصف شعب في أي بلد في العالم، من أجل أقلية حاقدة إرهابية قاتلة.
موت 300 ألف سوري، وموت 71 سوريا خنقا في شاحنة الموت أو "علبة الموت" لم يحرك ضمير الغرب، الذي لا يشعر بالذنب، فكل ما يهمه وقف ما يسميها "موجات الهجرة غير الشرعية"، غير عابئ بموت الرجال والنساء والأطفال والرضع، فهذا الغرب لا يهمه إلا أن يموت هؤلاء السوريون بعيدا عن أراضيه، ولكنهم لا يهتمون بوقف القاتل وردعه، فهذا الأمر ليس على أجندتهم وليس من أولوياتهم.
يموت السوريون في الشاحنات وتبتلعهم أمواج مياه البحر، ليتحول المتوسط إلى مقبرة للهاربين من جحيم الأسد، دون أن يتحرك العرب، إلا من حركة بعض الجمعيات الخيرية هنا وهناك، وهي جمعيات إنسانية تتعامل مع آثار "الإرهاب الأسدي"، وهي تقوم بجهود مقدرة ومشكورة، لكن المجزرة والإبادة الجماعية بحق الشعب السوري تحتاج إلى تحرك دول وليس جمعيات، فالشعب السوري لم يبخل يوما على أحد من العرب، وكان أرضه دائما ملاذا للهاربين من جحيم الفقر والجوع والطغاة، ومن حقهم على كل العرب أن يتحركوا لنصرتهم ضد الطاغية الأسود بشار الأسد وحليفه حزب الله وراعيه الإيراني.
غير معقول ما يجري بحق الأمة العربية التي تنحر من الوريد إلى الوريد، في مصر التي يتحالف زعيمها الانقلابي عبد الفتاح السيسي مع القاتل بشار الأسد والقاتل الآخر في ليبيا خليفة حفتر، فالعرب يهربون من العالم العربي والوطن العربي وأرض العرب إلى أي مكان يجدون فيه الحد الأدنى من الأمان، وبعضهم مثل قطاع غزة، يوضعون في علبة اسمها "القطاع" ويحاصرهم الإسرائيليون والمصريون من أتباع السيسي، أكبر معتقل بشري على الأرض، أما الشعب الصومالي العربي فقد نسيه العرب منذ زمن بعيد، ولا تتذكره إلا الطائرات الأمريكية بدون طيار التي تعيث فيه قتلا وإرهابا.
العرب هربوا من أرضهم العربية وماتوا في الشاحنات وعلى الطرق وفي البحر وبرصاص عسكر الحدود، والعرب رفعوا عدد اللاجئين الهاربين إلى أوروبا إلى 300 ألف هذا العام بعد أن كانوا 219 ألفا العام الماضي كما تقول الأمم المتحدة.
العرب أمة تنتحر .. فموت 71 سوريا في شاحنة وموت 300 ألف ببراميل الأسد المتفجرة، كلمة السر والعنوان غير المرئي لموت العرب، وربما كان نزار قباني أصدق الأمة حدسا وشعورا عندما كتبت قبل أعوام طويلة قصيدته الشهيرة "متى يعلنون وفاة العرب" .. وها نحن نعلن ذلك يا نزار
31.08.2015
سمير الحجاوي
الشرق القطرية
الاحد 30/8/2015
لم يخطر على بال السوريين الهاربين من الموت، أنهم يفرون من الموت إلى الموت، يفرون من الموت تحت القنابل والصواريخ والبراميل المتفجرة، إلى الموت خنقا في شاحنة مغلقة على أحد طرق النمسا، التي كان يفترض أن تقود إلى "الفردوس الأوروبي" لكنه تحول لهم "فردوساً مفقوداً" لا وجود لهم بعد أن فارقت أرواحهم الطاهرة أجسادهم التي ذابت من شدة الحر في شاحنة الموت.
71 شخصا ماتوا في غفلة من الزمن والإنسانية بينهم 8 نساء و 4 أطفال بينهم رضيعة وثلاثة صبية تتراوح أعمارهم بين ثماني و10 سنوات، والباقون 59 رجلا، ماتوا على طريق سريع في النمسا، وهم لا يعلمون أن هذا الطريق سيكون سريعا إلى الدار الآخرة، وإلى مفارقة الدنيا بما فيها.
ما يجري بحق الشعب السوري، سبة في تاريخ العرب والإنسانية، تماما كما كان الحال مع الشعب الفلسطيني الذي ذاق الويلات من قبل، وكما يحدث مع العرب في ليبيا والصومال واليمن والعراق، فمن غير المعقول أن ينحر العرب من الوريد إلى الوريد، وأن يكون مصير السوريين تحديدا، إما الموت تحت البراميل المتفجرة أو الموت في الشاحنات على الطرق أو في قاع البحر الأبيض المتوسط، أو على الأسلاك الشائكة بين دول "الفرودوس الأوروبي المفقود".
أن يموت 71 إنسانا بهذه الطريقة البشعة جريمة معلقة برقبة كل من ساهم بتهجيرهم أو سكت على ذلك، وهؤلاء الموتى ليسوا وحدهم فقد سبقهم 300 ألف سوري قضى عليهم المجرم الإرهابي بشار الأسد وحليفه الشيعي الحاقد حزب الله اللبناني، والراعي الإيراني الذي يخوض في دماء السوريين حتى الركب، هؤلاء كلهم قتلة مجرمون إرهابيون، قتلوا السوريين في كل مدينة وقرية وكل زاوية وركن، وفي كل بيت، استباحوا الإنسانية والقيم والأخلاق والضمير، وقتلوا بحقد قل نظيره في التاريخ.
هؤلاء القتلة مسؤولون عن تهجير نصف الشعب السوري، وتحويلهم إلى لاجئين، في واحدة من أضخم الهجرات في التاريخ الحديث بعد الحرب العالمية الأولى، ولم يحدث أن تم تهجير نصف شعب في أي بلد في العالم، من أجل أقلية حاقدة إرهابية قاتلة.
موت 300 ألف سوري، وموت 71 سوريا خنقا في شاحنة الموت أو "علبة الموت" لم يحرك ضمير الغرب، الذي لا يشعر بالذنب، فكل ما يهمه وقف ما يسميها "موجات الهجرة غير الشرعية"، غير عابئ بموت الرجال والنساء والأطفال والرضع، فهذا الغرب لا يهمه إلا أن يموت هؤلاء السوريون بعيدا عن أراضيه، ولكنهم لا يهتمون بوقف القاتل وردعه، فهذا الأمر ليس على أجندتهم وليس من أولوياتهم.
يموت السوريون في الشاحنات وتبتلعهم أمواج مياه البحر، ليتحول المتوسط إلى مقبرة للهاربين من جحيم الأسد، دون أن يتحرك العرب، إلا من حركة بعض الجمعيات الخيرية هنا وهناك، وهي جمعيات إنسانية تتعامل مع آثار "الإرهاب الأسدي"، وهي تقوم بجهود مقدرة ومشكورة، لكن المجزرة والإبادة الجماعية بحق الشعب السوري تحتاج إلى تحرك دول وليس جمعيات، فالشعب السوري لم يبخل يوما على أحد من العرب، وكان أرضه دائما ملاذا للهاربين من جحيم الفقر والجوع والطغاة، ومن حقهم على كل العرب أن يتحركوا لنصرتهم ضد الطاغية الأسود بشار الأسد وحليفه حزب الله وراعيه الإيراني.
غير معقول ما يجري بحق الأمة العربية التي تنحر من الوريد إلى الوريد، في مصر التي يتحالف زعيمها الانقلابي عبد الفتاح السيسي مع القاتل بشار الأسد والقاتل الآخر في ليبيا خليفة حفتر، فالعرب يهربون من العالم العربي والوطن العربي وأرض العرب إلى أي مكان يجدون فيه الحد الأدنى من الأمان، وبعضهم مثل قطاع غزة، يوضعون في علبة اسمها "القطاع" ويحاصرهم الإسرائيليون والمصريون من أتباع السيسي، أكبر معتقل بشري على الأرض، أما الشعب الصومالي العربي فقد نسيه العرب منذ زمن بعيد، ولا تتذكره إلا الطائرات الأمريكية بدون طيار التي تعيث فيه قتلا وإرهابا.
العرب هربوا من أرضهم العربية وماتوا في الشاحنات وعلى الطرق وفي البحر وبرصاص عسكر الحدود، والعرب رفعوا عدد اللاجئين الهاربين إلى أوروبا إلى 300 ألف هذا العام بعد أن كانوا 219 ألفا العام الماضي كما تقول الأمم المتحدة.
العرب أمة تنتحر .. فموت 71 سوريا في شاحنة وموت 300 ألف ببراميل الأسد المتفجرة، كلمة السر والعنوان غير المرئي لموت العرب، وربما كان نزار قباني أصدق الأمة حدسا وشعورا عندما كتبت قبل أعوام طويلة قصيدته الشهيرة "متى يعلنون وفاة العرب" .. وها نحن نعلن ذلك يا نزار