السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حديث الصباح اسعد الله صباحكم بكل خير وبركة واحسان وبر ونصر من الله وفتح قريب
تأخر النصر وابطاء النصرة :-
كان المسلمون الاوائل حين يُبطيء النصر عليهم او يتاخر ، راجعوا حساباتهم مع انفسهم ، وقيموا اعمالهم وتفقدوا انفسهم وما غفلوا عنه او تكاسلوا في اداءه من حقوق الله تعالى، وذلك ليقينهم بان النصر هبة الله تعالى يهبها لعباده الذين يقاتلون في سبيله مخلصين له الدين، مستقيمة انفسهم واعمالهم وافكارهم وفق معتقدهم وشرع ربهم ، واستسلامهم وانقيادهم لامر ربهم، ويبذلون ما في وسعهم لطاعته سبحانه وعدم المخالفة عن امره، وقد روي لنا انهم كانوا يتفقدون حتى السنن والنوافل في اعمالهم حال ابطاء النصر وتخلفه عنهم.
ومع أن الله -تعالى- تكفل بالنصر للمؤمنين في مثل قوله -تعالى-: (وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ) [الروم:47]، إلا أنه -سبحانه- شاء أن يتم ذلك عن طريق المؤمنين أنفسهم: (وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْض) [محمد:4]، ولا ينصرهم الله تعالى ويُنجز لهم وعده حتى يحققوا شروط النصر وشروط استحقاقهم له، فوعد الله المؤكدُ الوثيق، المتحقق الذي لا يتخلف، هو أن ينصر مَن ينصره: (وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ) [الحج:40].وقال سبحانه :- يا ايها الذين امنوا ان تنصروا الله ينصركم ويثبت اقدامكم_7محمد
فمَن هم هؤلاء الذين ينصرون الله فيستحقون تثبيت ونصر الله القوي العزيز الذي لا يُهزم من يتولاه؟
إنهم أولئك (الّذينَ إنْ مكَنّاهُم في الأرضِ أقاموا الصَّلاةَ وآتَوُا الزَّكاةَ وأمرُوا بالمعروفِ ونَهَوْا عنِ المنكرِ وللهِ عاقِبةُ الاُمورِ) [الحج:41].
(الّذينَ إنْ مكَنّاهُم في الأرضِ)، بتحقيقنا لهم النصر، وثبتنا لهم الأمر من غير منازع ينازعهم، ولا معارضةٍ تزعجهم وتثنيهم عن امر ربهم، (أَقَامُوا الصَّلَاةَ) فأدوها في أوقاتها وحدودها وأركانها وشروطها، في الجمعة والجماعات، ووثقوا صلتهم بمولاهم طائعين خاضعين لأمره مجتنبين نهيه تعالى ،فقامت الصلاة في كل حركاتهم وسكناتهم وكافة معاملاتهم وامورهم… فاقامة الصلاة تقتضي اقامة الدين كله في الحياة ،وهذا هو الفرق بين اداء الصلاة وهو فعلها في وقتها وبين اقامتها في امر الحياة كله... (وَآتَوْا الزَّكَاةَ) الواجبة عليهم خصوصاً، وعلى رعيتهم عموماً، وانتصروا على شح النفس، وتطهروا من الحرص والبخل، وغالبوا وغلبوا وسوسة الشيطان . والمال يزكوا وينموا بالزكاة وباتيانه من حله، ويفسد بالربا ويمحقه الله وينزع بركته ،ولا تستقر به حياة... (وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ)، فدعوا إلى كل خير وصلاح، ووجهوا إليه، وحملوا عليه الناس، (وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ) بمقاومة كل شرّ، والتصدي لكل فساد، فواجب الامة ان لا تُبقي على منكر وهي قادرة على تغييره، ولا تقعد عن معروف وهي قادرة على تحقيقه.
هؤلاء هم الذين ينصرون الله، بنصرهم دينه الذي ارتضاه للناس، معتزين بالله وحده دون سواه، وهؤلاء هم الذين يعدهم الله بالنصر على وجه التحقيق واليقين. ويستحقونه يقينا، لان نصر الله لهم هو ذاته نصر لدينه واظهار له. فهو إذاً نصرٌ مشروط بتكاليف وأعباء، له اسباب وسنن ونواميس، وله ثمن وله شروط ، فلا يُعطى لأحدٍ جزافاً أو محاباة، (وللهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ) يصرفها كيف يشاء، فيبدل الهزيمة نصراً ان شاء ، والنصر هزيمةً عندما تُهمل التكاليف، و عندما يُنحّى شرع الله عن حياة الناس . او تزل الاقدام وتزيغ بالناس الاهواء ..
ونسال الله تعالى ان يهيئنا لنصره نصرته وان يستخدمنا ولا يستبدلنا وان يعز امتنا بنصره وتثبيته وتأييده
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عدل سابقا من قبل محمد بن يوسف الزيادي في 2024-05-21, 12:17 am عدل 1 مرات