سؤال حول حجبة السنة !!!!
السؤال :- هل من دليل قراني على ان سنة النبي وحي يجب ان يتبع؟؟
الجواب: الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد:-
لقد سئمنا من هذا السؤال وامثاله وهذه الاسطوانة التي يتلهى بها المتلهون العابثون بدين الله تعالى ، فالسؤال عن هذا الامر تماما كالسؤال عن وجود الشمس والقمر، ومن طلب الادلة على المدرك المحسوس فلا شك ان عقله ممسوس ، ومع ذلك نقول هاكم الادلة من القران الكريم على حجية السنة وبيان انها وحي يجب ان يستمع ويطاع ويتبع :-
ونقصد هنا بالسنة كل قول للنبي صلى الله عليه وسلم او بيان تضمن الامر او النهي و كل فعل او اقرار له على فعل الغير، افاد حكما شرعيا اباحة او ندبا او حلا او حرمة او وجوب ، للادلة التالية من الكتاب الحكيم :-
1- في حجية السنة القولية يقول الله تعالى: "وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى" (النجم: 4،3) فالنبي صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن هوى نفسه ولا هوى غيره ، لقوله تعالى :-(وَلَن تَرْضَىٰ عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ۗ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَىٰ ۗ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ۙ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (120البقرة)، بل هو وحي بنص القرآن الكريم، وليس له صلى الله عليه وسلم ان يتبع هوى نفسه التي هي ارقى واكرم النفوس البشرية ولا هوى غيره ، وكل غيره من البشر بلا شك دونه صلى الله عليه واله وسلم. قال الله تعالى : وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ ۖ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ ۚ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا ۚ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَٰكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ ۖ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ۚ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (48) وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ ۖ فَإِن تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ ۗ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ (49) أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ ۚ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ (50)المائدة .
فحكم صلى الله عليه وسلم بما اراه الله وعلمه بين افراد رعيته لايخشى لومة لائم ولا عتب عاتب ، فكانت سنته القولية والعملية هي المبينة والكاشفة للوحي الغير متلو في كتاب الاعجاز - القران المجيد - .
2- وفي السنة العملية او السلوكية الفعلية قال تعالى: - (قُل لَّا أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ ۖ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَىٰ إِلَيَّ ۚ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَىٰ وَالْبَصِيرُ ۚ أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ ) (50الانعام)، وهذا نصّ واضح وصريح من الله عز وجل في القرآن الكريم أن النبي صلى الله عليه واله وسلم متبع للوحي الرباني في كل افعاله وتصرفاته وسلوكه ولا يتبع الا ما اوحي اليه به حصرا، ولا يخرج عنه قيد انملة .
3- اما السنة التقريرية سواءً اقر الفاعل على فعله بمدحه للفعل او اقره بالسكوت عنه وعدم انكاره عليه، فمن المعلوم ان النبي سلام الله عليه لا يسكت عن منكر و لا يرضاه ولايرضى لامته الا مشروعا من القول والعمل ، قال الله عز وجل: "لقد منّ الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكّيهم ويعلّمهم الكتاب والحكمة" (آل عمران: 164) ، فنلاحظ ان مهمة الرسول صلى الله عليه واله وسلم تلاوة الايات والتلاوة تعني القراءة مع الاتباع ومن ثم التزكية وهي تطهير النفس والفكر والقلب ونمائها بطاهر القول والعمل وطيب المشاعر والاحاسيس ومن ثم مهمة التعليم بالوحيين وحي الكتاب الموحى به ووحي الحكمة اي السنة التي الهمها الله نبيه صلى الله عليه واله وسلم، وحول هذه الآية قال الإمام الشافعي رحمه الله في كتابه (الرسالة): - "فذكَر الله تعالى الكتاب وهو القرآن، وذكر الحكمة، فسمعتُ مَن أرضى من أهل العلم بالقرآن يقول: الحكمة: سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم".
قال ابن حجر رحمة الله في فتح الباري : وقد اتفقوا على أن تقرير النبي صلى الله عليه وسلم لما يفعل بحضرته أو يقال أو يطلع عليه بغير إنكار دال على الجواز ؛ لأن العصمة تنفي عنه ما يحتمل في حق غيره ، مما يترتب على الإنكار ، فلا يقر على باطل.
والنبي سلام الله وصلاته عليه لا يسمع بباطل او منكر او يراى من ذلك شيئا ويسكت عنه، لانه مأمور من ربه تعالى ان يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر من القول والفعل والخصال ، واسمع لربك ماذا يقول في سورة الاعراف :- (۞ وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَٰذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ ۚ قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ ۖ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ۚ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ (156) الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ۚ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ ۙ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (157) قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ ۖ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (158) وَمِن قَوْمِ مُوسَىٰ أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ (159)الاعراف.
4- والذي يعتبر وحيا من السنة عند فقهاء وعلماء الامة هو الحديث الصحيح الثابت الذي لا يُرد روايةً ولادرايةً، ... حيث قرر جميع الفقهاء اذا صح الحديث فهو مذهبي ، وكما قال ابن عباس فيما رواه عنه الطبري وقاله الامام مالك كما اشتهر عنه، مشيرا بيده وهو في درسه الى قبر النبي صلى الله عليه واله وسلم: “كلٌ يؤخذ من كلامه ويُرد عليه الا صاحب هذا القبر” وهي مقولة نعرفها جميعا ونؤمن بصحة معناها ولا نختلف عليها، اذ هي مستنبطة من قوله تعالى ” وما ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى”. فهو صلى الله عليه واله وسلم المعصوم ولا عصمة لاحد من بعده فردا، وهذا لا ينافي اجماع الصحابة رضوان الله عليهم ،لان العصمة في حقهم لاجماعهم على كشف حكم شرعي لا لارائهم وافهامهم كافراد ، وهذا مافهمته تلك المرأة حينما أخطأ سيدنا عمر رضي الله عنه في تحديد مهور النساء ، فردت عليه كلامه ،فما كان من الفاروق رضي الله عنه إلا ان يقر بخطئه على الملأ ويقول مقولته الخالدة ” أصابت امرأة وأخطأ عمر “ والقصة كما يذكرها الامام احمد:قال : ركب عمر بن الخطاب منبر رسول الله ثم قال : أيها الناس ، ما إكثاركم في صدق النساء وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وإنما الصدقات فيما بينهم أربعمائة درهم فما دون ذلك . ولو كان الإكثار في ذلك تقوى عند الله أو كرامة لم تسبقوهم إليها . فلا أعرفن ما زاد رجل في صداق امرأة على أربعمائة درهم قال : ثم نزل فاعترضته امرأة من قريش فقالت : يا أمير المؤمنين ، نهيت الناس أن يزيدوا النساء صداقهم على أربعمائة درهم ؟ قال : نعم . فقالت : أما سمعت ما أنزل الله في القرآن ؟ قال : وأي ذلك ؟ فقالت : أما سمعت الله يقول : ( وآتيتم إحداهن قنطارا [ فلا تأخذوا منه شيئا أتأخذونه بهتانا وإثما مبينا ] ) [ النساء : 20 ] قال : فقال : اللهم غفرا ، كل الناس أفقه من عمر . ثم رجع فركب المنبر فقال : إني كنت نهيتكم أن تزيدوا النساء في صداقهن على أربعمائة درهم ، فمن شاء أن يعطي من ماله ما أحب . قال أبو يعلى : وأظنه قال : فمن طابت نفسه فليفعل .
5- طبعا والشواهد في القران كثيرة جدا، وان الذكر المنزل على محمد صلى الله عليه واله وصحبه وسلم محفوظ ومتكفل بحفظه من الله تعالى، وهذا الذكر يشمل شقي الوحي، وهما الكتاب والسنة، وذلك لقوله تعالى: "إنّا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون" (الحجر: 9)،والدليل على حفظ السنة ان الله سخر لها اهل الحديث رحمهم الله، فجمعوا الصحيح والضعيف للامانة العلمية، وكل ما ينسب الى رسول الله صلى الله عليه واله وسلم، وما زالت الكتب تزخر بذلك، وجند الله لهذا الامر علماء الجرح والتعديل وعلماء الدراية والرواية الذين لا يخلوا منهم عصر من العصور بفضل الله وكرمه، فيكشفوا سقم السقيم فيردوه، ويكشفوا قوة القوي فيقبلوه ، فوضعوا لنا قواعد وضوابط تنخل المرويات تنخيلا، فتنقيها ولا تبقي للقبول الا ما صحت نسبته للنبي سلام الله وصلاته عليه ، وما مات نبينا سلام ربي وصلاته عليه الا وتركنا على المحجة البضاء لايزيغ عنها الا هالك
نسال الله دوام العفو والعافية والفقه في الدين .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عدل سابقا من قبل محمد بن يوسف الزيادي في 2022-11-10, 10:22 pm عدل 1 مرات