دوستويفسكي ! دوستويفسكي !
قبل أن يدخل المحاضر الكبير ليلقي زبدة آرائه و تجاربه في الكتابة الروائية، كانت القاعة قد هيّئت بشكل يليق: قُسّم الحاضرون إلى قسمين، على اليمين يجلس الذين قرؤوا دوستويفسكي، و على اليسار الذين لم يقرؤوا دوستويفسكي.
النساء و الفتيات في اليمين متأنّقات، يضعن الساق على الساق، فوق رؤوسهن قبّعات من ريش و في أيديهن مروحات من حرير. كانت هناك فتاة شقراء تجلس في حجرها كلب " كانيش" أبيض كثيف الشعر. الرجال ببدلات سود و "كرافاتات" فراشة، يضعون " البيري" و يدخّنون السّيجار.
الذين على اليسار، عابسون، حزانى، يتدلّى من أكتافهم الشعور بالذنب.
طبعا فليس من قرأ دوستويفسكي كمن لم يقرأ دوستويفسكي !
بعض دور النشر الكبيرة كتبت لافتات ثبّتتها أعلى بناياتها: // لا نطبع لمن لم يقرأ دوستويفسكي.لا تحرجونا بالطلب كي لا نحرجكم بالرفض//
كنت يوما في مكتبة كبيرة و رأيت أحدهم يلتقي بصديق له يهمّ بشراء كتاب..
- يا إلهي هل ستقرأ لهذا الكاتب؟
- نعم. لم لا؟ تصفّحت الكتاب . يبدو رائعا و قيّما.هل هو ملحد؟
- لا.
- علماني؟
- لا.
- شاذ؟
- أبدا..سمعته في حوار يقول أنّه لم يقرأ دوستويفسكي.
و ينتفض الصديق كمن لدغته أفعى و يعيد الكتاب إلى مكانه على الرف.
قالت لي قريبتي الجميلة عاشقة الكتب أنّها رفضت رجلا غنيا تقدّم لطلب يدها لأنّه لم يقرأ دوستويفسكي. و شاهدت منذ يومين أطفالا يرمون رجلا في الشارع بالحجارة، و يصيحون: هاهاها.. مجنون. مسكين لم يقرأ دوستويفسكي! و أعرف كاتبة غامرت بكتابة رواية و قالت في حوار أنها لا تذكر أنّها قرأت دوستويفسكي، فنالت من التقريع، و تناولتها ألسنة النسوة في الجامعات و الأعراس و الحمامات الشعبية!
لا أقرأ نصا عن الكتابة إلّا و حضر فيه هذا الاسم العظيم: دوستويفسكي.
قلت لنفسي..أيتها القاصة الكبيرة ( في السن طبعا كما قال عني طارق لحمادي) أهرشي ذاكرتك القرائية، عودي إلى ماضيك، إلى مكتبتك و ابحثي فإذا وجدت أنك لم تقرئي دوستويفسكي/ ، فاحملي مؤلفاتك البائسة ، شكّلي بها هرما و أو قدي عليها نارا ثم دعي رياح جانفي تتكفّل بالنهاية.
و ..أوووف.. لحسن الحظ. فجأة تذكّرت. " الجريمة و العقاب". أهداني إياه أستاذي غباين عبد المنعم سنة 1979
بصراحة لا اذكر جملة واحدة من الكتاب و لا أدري هل استفدت منه أم لا، و لا أجده في مكتبتي لكي أصوّره./ لابد من الصورة /.
المهم، لقد نجوت ! و في المحاضرة القادمة سوف أجلس على اليمين قريبا من الشقراء صاحبة الــ" كانيش".
قبل أن يدخل المحاضر الكبير ليلقي زبدة آرائه و تجاربه في الكتابة الروائية، كانت القاعة قد هيّئت بشكل يليق: قُسّم الحاضرون إلى قسمين، على اليمين يجلس الذين قرؤوا دوستويفسكي، و على اليسار الذين لم يقرؤوا دوستويفسكي.
النساء و الفتيات في اليمين متأنّقات، يضعن الساق على الساق، فوق رؤوسهن قبّعات من ريش و في أيديهن مروحات من حرير. كانت هناك فتاة شقراء تجلس في حجرها كلب " كانيش" أبيض كثيف الشعر. الرجال ببدلات سود و "كرافاتات" فراشة، يضعون " البيري" و يدخّنون السّيجار.
الذين على اليسار، عابسون، حزانى، يتدلّى من أكتافهم الشعور بالذنب.
طبعا فليس من قرأ دوستويفسكي كمن لم يقرأ دوستويفسكي !
بعض دور النشر الكبيرة كتبت لافتات ثبّتتها أعلى بناياتها: // لا نطبع لمن لم يقرأ دوستويفسكي.لا تحرجونا بالطلب كي لا نحرجكم بالرفض//
كنت يوما في مكتبة كبيرة و رأيت أحدهم يلتقي بصديق له يهمّ بشراء كتاب..
- يا إلهي هل ستقرأ لهذا الكاتب؟
- نعم. لم لا؟ تصفّحت الكتاب . يبدو رائعا و قيّما.هل هو ملحد؟
- لا.
- علماني؟
- لا.
- شاذ؟
- أبدا..سمعته في حوار يقول أنّه لم يقرأ دوستويفسكي.
و ينتفض الصديق كمن لدغته أفعى و يعيد الكتاب إلى مكانه على الرف.
قالت لي قريبتي الجميلة عاشقة الكتب أنّها رفضت رجلا غنيا تقدّم لطلب يدها لأنّه لم يقرأ دوستويفسكي. و شاهدت منذ يومين أطفالا يرمون رجلا في الشارع بالحجارة، و يصيحون: هاهاها.. مجنون. مسكين لم يقرأ دوستويفسكي! و أعرف كاتبة غامرت بكتابة رواية و قالت في حوار أنها لا تذكر أنّها قرأت دوستويفسكي، فنالت من التقريع، و تناولتها ألسنة النسوة في الجامعات و الأعراس و الحمامات الشعبية!
لا أقرأ نصا عن الكتابة إلّا و حضر فيه هذا الاسم العظيم: دوستويفسكي.
قلت لنفسي..أيتها القاصة الكبيرة ( في السن طبعا كما قال عني طارق لحمادي) أهرشي ذاكرتك القرائية، عودي إلى ماضيك، إلى مكتبتك و ابحثي فإذا وجدت أنك لم تقرئي دوستويفسكي/ ، فاحملي مؤلفاتك البائسة ، شكّلي بها هرما و أو قدي عليها نارا ثم دعي رياح جانفي تتكفّل بالنهاية.
و ..أوووف.. لحسن الحظ. فجأة تذكّرت. " الجريمة و العقاب". أهداني إياه أستاذي غباين عبد المنعم سنة 1979
بصراحة لا اذكر جملة واحدة من الكتاب و لا أدري هل استفدت منه أم لا، و لا أجده في مكتبتي لكي أصوّره./ لابد من الصورة /.
المهم، لقد نجوت ! و في المحاضرة القادمة سوف أجلس على اليمين قريبا من الشقراء صاحبة الــ" كانيش".