بسم الله الرحمن الرحيم
سنة الاصطفاء والاستبدال
من الامور المهمة التي يجب ان يدركها الانسان المؤمن، ان لله تعالى في خلقه سنن ونواميس، يسير بحسبها الخلق بمقتضى الحكمة والمشيئة، يدركها من فتح الله بصائرهم، ويغفل عنها ويعمى من لا بصيرة له من الخلق.
ومن هذه السنن الجارية في الخلق سنة الاصطفاء والاختيار، ويقابلها سنة الاستبدال.
والفهم المجزوء يوقع في الوهم ومن ثم الضلال ، فقد ادرك اقوام ٌ من البشر وجود سنتي الاصطفاء والاستبدال فتوهموا بدعة البداء في معتقدهم بحق ذي الجلال و الاكرام سبحانه وتعالى عما يصفون علوا كبيرا.
وسنة الاصطفاء تعني الاختيار للقيام بدور في الوجود، قال تعالى :-((وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ) [القصص: 68].)
فهو -سبحانه- يختار من خلقه ما يشاء ومن يشاء لما يريد من الوظائف والأعمال، والتكاليف والمقامات، ولا يملك أحد أن يقترح عليه شخصاً، ولا حادثاً ولا قولاً ولا فعلا ولا جنسا (مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ)، لا في شأن أنفسهم ولا في شأن غيرهم اذا وقع وحق الاصطفاء او الاستبدال، والاختيار هو الانتقاء والاصطفاء، وهو سنة من سنن الله تعالى في خلقه. فيصطفي ما يشاء ويختار ما يريد، ولايُسال عما يفعل وخلقه يُسئلون، قال الله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ) [آل عمران: 33]، وقال الله تعالى: (اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ) [الحج: 75]. وقال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [البقرة: 132]
وقال سبحانه :-((قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ) [النمل: 59] ) فليس كل احد مؤهل لحمل رسالته وامانته بين العالمين، وانما لها بشر مخصوصين اصطفاهم واختارهم وانتدبهم لمهامها سبحانه (( اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ) [الأنعام: 124].) قال ابن القيم -رحمه الله-: “إن الله -سبحانه- اختار من كلِّ جنسٍ من أجناس المخلوقات أطيبَه، واختصَّه لنفسه، وارتضاه دون غيره، فإنه تعالى طيبٌ لا يحبُّ إلا كل طيب، ولا يقبل من العمل والكلام والصدقة إلا الطيب، فالطيبُ من كل شيء هو مختَاره تعالى“.
وإذا تأملنا في القرآن الكريم لوجدنا أن الاختيار قد ورد فيه صريحًا وضمنًا، فقد بين الله تعالى في كتابه الكريم أن سياسة الاختيار هي سنة الله في اختيار أنبيائه وعباده الصالحين، قال تعالى في حق بني إسرائيل: (وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ) [الدخان: 32]، وقال تعالى في حق عباده المؤمنين: (قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ) [النمل: 59]، ومعنى الاصطفاء: الاختيار.
و قد اصطفى الله من البشر من يبلغ رسالة الخالق إلى خلقه، قال تعالى: (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ) [فاطر: 32]، وفي هذا الاصطفاء رفعة لشأن من اصطفاهم وعلو لقدرهم . طالما انهم لا يزالون قائمين بمهمة انتدابهم واختيارهم بالمهمة التي اصطفاهم لها تعالى..
وقال تعالى مخاطبا نبيه موسى -عليه السلام-: (وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى) [طه: 13]، كما بين الله تعالى في كتابه الكريم أن سياسة الاختيار للأفضلية هي منهج الأنبياء عند اختيارهم لأصحابهم المقربين، قال تعالى: (وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِمِيقَاتِنَا) [الأعراف: 155].
فان توقف من اصطفاهم الله عن القيام بما انتدبوا اليه من مهمة فهنا تجري سنة الاستبدال مكان سنة الاصطفاء، ويتم الاستبدال للمصطفين فيتحولوا الى معاقبين، فما اهون الخلق على الله ان عصوا امره وعتوا في الارض مفسدين ، وجاء في صحيح الجامع انه صلى الله عليه وسلم قال : «إن لله تعالى أقوامًا يختصهم بالنعم لمنافع العباد، ويقرهم فيها ما بذلوها، فإذا منعوها نزعها منهم فحولها إلى غيرهم»
وهذا ما حصل مع بني اسرائيل الذين اصطفاهم الله من قبل على علم على العالمين، فاستبدلهم بامة العرب يوم فسقوا واصبحوا في الارض مفسدين، ليستلموا زمام الامر و ليقودوا امة الاسلام ويقودوا الامم والشعوب للهداية والنور كما قال -سبحانه-: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا) [البقرة: 143].
وهددهم وتوعدهم بالاستبدال ان تقاعسوا عن امره فقال (إِلَّا تَنفِرُواْ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْـًٔا ۗ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَىْءٍۢ قَدِيرٌ(39التوبة).وقال تعالى : ( إن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم ) [ محمد : 38 ] .وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [المائدة:54].
وقد حصل استبدال العرب بالعجم يوم فسد العرب وافسدوا راشدية الحكم و تهاونوا في امر الله وخلافة النبوة الشريفة، واستبدل العجم يوم غفلوا عن المحجة البيضاء واتخذوا الامر مكسبا، بمن محى رسوم الاسلام وسلط عليهم عدوهم من اقطار الارض، فصارت جبرية لا يملك المحكوم من امره شيء ولا يملك الحاكم من حكمه الا السير فيما رُسم له، ولن نكون كما كنا الا اذا عدنا انصارا لله على الحق ثابتين، ولنصرة دينه مستعدين، وللبذل في سبيله فاعلين .ونسال الله تعالى الثبات على الحق والاستقامة على امره، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته....
سنة الاصطفاء والاستبدال
من الامور المهمة التي يجب ان يدركها الانسان المؤمن، ان لله تعالى في خلقه سنن ونواميس، يسير بحسبها الخلق بمقتضى الحكمة والمشيئة، يدركها من فتح الله بصائرهم، ويغفل عنها ويعمى من لا بصيرة له من الخلق.
ومن هذه السنن الجارية في الخلق سنة الاصطفاء والاختيار، ويقابلها سنة الاستبدال.
والفهم المجزوء يوقع في الوهم ومن ثم الضلال ، فقد ادرك اقوام ٌ من البشر وجود سنتي الاصطفاء والاستبدال فتوهموا بدعة البداء في معتقدهم بحق ذي الجلال و الاكرام سبحانه وتعالى عما يصفون علوا كبيرا.
وسنة الاصطفاء تعني الاختيار للقيام بدور في الوجود، قال تعالى :-((وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ) [القصص: 68].)
فهو -سبحانه- يختار من خلقه ما يشاء ومن يشاء لما يريد من الوظائف والأعمال، والتكاليف والمقامات، ولا يملك أحد أن يقترح عليه شخصاً، ولا حادثاً ولا قولاً ولا فعلا ولا جنسا (مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ)، لا في شأن أنفسهم ولا في شأن غيرهم اذا وقع وحق الاصطفاء او الاستبدال، والاختيار هو الانتقاء والاصطفاء، وهو سنة من سنن الله تعالى في خلقه. فيصطفي ما يشاء ويختار ما يريد، ولايُسال عما يفعل وخلقه يُسئلون، قال الله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ) [آل عمران: 33]، وقال الله تعالى: (اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ) [الحج: 75]. وقال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [البقرة: 132]
وقال سبحانه :-((قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ) [النمل: 59] ) فليس كل احد مؤهل لحمل رسالته وامانته بين العالمين، وانما لها بشر مخصوصين اصطفاهم واختارهم وانتدبهم لمهامها سبحانه (( اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ) [الأنعام: 124].) قال ابن القيم -رحمه الله-: “إن الله -سبحانه- اختار من كلِّ جنسٍ من أجناس المخلوقات أطيبَه، واختصَّه لنفسه، وارتضاه دون غيره، فإنه تعالى طيبٌ لا يحبُّ إلا كل طيب، ولا يقبل من العمل والكلام والصدقة إلا الطيب، فالطيبُ من كل شيء هو مختَاره تعالى“.
وإذا تأملنا في القرآن الكريم لوجدنا أن الاختيار قد ورد فيه صريحًا وضمنًا، فقد بين الله تعالى في كتابه الكريم أن سياسة الاختيار هي سنة الله في اختيار أنبيائه وعباده الصالحين، قال تعالى في حق بني إسرائيل: (وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ) [الدخان: 32]، وقال تعالى في حق عباده المؤمنين: (قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ) [النمل: 59]، ومعنى الاصطفاء: الاختيار.
و قد اصطفى الله من البشر من يبلغ رسالة الخالق إلى خلقه، قال تعالى: (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ) [فاطر: 32]، وفي هذا الاصطفاء رفعة لشأن من اصطفاهم وعلو لقدرهم . طالما انهم لا يزالون قائمين بمهمة انتدابهم واختيارهم بالمهمة التي اصطفاهم لها تعالى..
وقال تعالى مخاطبا نبيه موسى -عليه السلام-: (وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى) [طه: 13]، كما بين الله تعالى في كتابه الكريم أن سياسة الاختيار للأفضلية هي منهج الأنبياء عند اختيارهم لأصحابهم المقربين، قال تعالى: (وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِمِيقَاتِنَا) [الأعراف: 155].
فان توقف من اصطفاهم الله عن القيام بما انتدبوا اليه من مهمة فهنا تجري سنة الاستبدال مكان سنة الاصطفاء، ويتم الاستبدال للمصطفين فيتحولوا الى معاقبين، فما اهون الخلق على الله ان عصوا امره وعتوا في الارض مفسدين ، وجاء في صحيح الجامع انه صلى الله عليه وسلم قال : «إن لله تعالى أقوامًا يختصهم بالنعم لمنافع العباد، ويقرهم فيها ما بذلوها، فإذا منعوها نزعها منهم فحولها إلى غيرهم»
وهذا ما حصل مع بني اسرائيل الذين اصطفاهم الله من قبل على علم على العالمين، فاستبدلهم بامة العرب يوم فسقوا واصبحوا في الارض مفسدين، ليستلموا زمام الامر و ليقودوا امة الاسلام ويقودوا الامم والشعوب للهداية والنور كما قال -سبحانه-: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا) [البقرة: 143].
وهددهم وتوعدهم بالاستبدال ان تقاعسوا عن امره فقال (إِلَّا تَنفِرُواْ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْـًٔا ۗ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَىْءٍۢ قَدِيرٌ(39التوبة).وقال تعالى : ( إن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم ) [ محمد : 38 ] .وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [المائدة:54].
وقد حصل استبدال العرب بالعجم يوم فسد العرب وافسدوا راشدية الحكم و تهاونوا في امر الله وخلافة النبوة الشريفة، واستبدل العجم يوم غفلوا عن المحجة البيضاء واتخذوا الامر مكسبا، بمن محى رسوم الاسلام وسلط عليهم عدوهم من اقطار الارض، فصارت جبرية لا يملك المحكوم من امره شيء ولا يملك الحاكم من حكمه الا السير فيما رُسم له، ولن نكون كما كنا الا اذا عدنا انصارا لله على الحق ثابتين، ولنصرة دينه مستعدين، وللبذل في سبيله فاعلين .ونسال الله تعالى الثبات على الحق والاستقامة على امره، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته....