قل للطبيب تخطفته يد الردى **** ياشافي الأمراض من أرداكا
قصيدة رائعة للشاعر السوداني - إبراه
رحمه الله وجعلها في ميزان حسناته
بك أستجير ومن يجير سواكا *** فأجـر ضعيفـا يحتمـي بحمـاكا
إني ضعيف أستعين على قوى *** ذنبي ومعصيتـي ببعـض قواكـا
أذنبـت ياربـي وآذتنـي ذنـوب *** مالهـا مـن غافـر إلا كــا
دنياي غرتني وعفـوك غرنـي *** ماحيلتـي فـي هـذه أو ذا كـا
لو أن قلبي شك لم يك مؤمنا *** بكريم عفوك مـا غـوى وعصاكـا
يا مدرك الأبصار ، والأبصـار لا *** تـدري لـه ولكنـه إدراكـا
أتراك عين والعيون لها مدى *** مـا جاوزتـه ، ولا مـدى لمداكـا
إن لم تكن عيني تراك فإنني *** فـي كـل شـيء أستبيـن علاكـا
يامنبت الأزهار عاطرة الشذا *** هذا الشـذا الفـواح نفـح شذاكـا
يامرسـل الأطيـار تصـدح فـي الربـا *** صدحاتـهـا تسبيحة لعلآكا
يامجـري الأنهـار : ماجريانهـا *** إلا انفعالـة قطـرة لنـداكـا
رباه هأنذا خلصت من الهوى *** واستقبـل القلـب الخلـي هواكـا
وتركت أنسي بالحياة ولهوها *** ولقيت كـل الأنـس فـي نجواكـا
ونسيت حبي واعتزلت أحبتي *** ونسيت نفسي خـوف أن أنساكـا
ذقت الهوا مراً ولم أذق الهوى *** يـارب حلـواً قبـل أن أهواكـا
أنا كنت ياربي أسير غشاوة *** رانت علـى قلبـي فضـل سناكـا
واليوم ياربي مسحت غشاوتي *** وبدأت بالقلـب البصيـر أراكـا
ياغافر الذنـب العظيـم وقابـلا *** للتـوب: قلـب تائـب ناجاكـا
أترده وترد صـادق توبتـي *** حاشـاك ترفـض تائبـا حاشـاك
يارب جئتك نادمـاً أبكـي علـى *** مـا قدمتـه يـداي لا أتباكـى
أنا لست أخشى من لقاء جهنم *** وعذابها لكنني أخشاكا
أخشى من العرض الرهيب عليك يا *** ربي وأخشى منك إذ ألقاكـا
يارب عدت إلـى رحابـك تائبـاً *** مستسلمـا مستمسكـاً بعراكـا
مالي ومـا للأغنيـاء وأنـت يـا *** رب الغنـي ولا يحـد غناكـا
مالي وما للأقويـاء وأنـت يـا *** ربـي ورب النـاس ماأقواكـا
مالي وأبواب الملوك وأنت من *** خلق الملـوك وقسـم الأملاكـا
إني أويت لكل مأوى في الحياة *** فما رأيـت أعـز مـن مأواكـا
وتلمست نفسي السبيل إلى النجاة *** فلم تجد منجى سـوى منجاكـا
وبحثت عن سر السعادة جاهداً *** فوجدت هذاالسـر فـي تقواكـا
فليرض عني الناس أو فليسخطوا *** أنا لم أعد أسعى لغير رضاكـا
أدعـوك ياربـي لتغفـر حوبتـي *** وتعيننـي وتمدنـي بهـداكـا
فاقبل دعائي واستجب لرجاوتي *** ماخاب يوما من دعـا ورجاكـا
يارب هذا العصر ألحـد عندمـا *** سخـرت ياربـي لـه دنياكـا
علمتـه مـن علمـك النـوويَّ مـا *** علمتـه فـإذا بـه عاداكـا
ما كاد يطلق للعـلا صاروخـه *** حتـى أشـاح بوجهـه وقلاكـا
واغتر حتى ظن أن الكون فـي*** يمنـى بنـي الانسـان لا يمناكـأ
وما درى الانسان أن جميع ما *** وصلت إليه يـداه مـن نعماكـا؟
أو ما درى الانسان أنك لو أردت *** لظلت الـذرات فـي مخباكـا
لو شئت ياربي هوى صاروخه *** أو لو أردت لما أستطاع حراكـا
ياأيها الانسان مهـلا وائتئـذ *** واشكـر لربـك فضـل ماأولاكـا
واسجد لمولاك القدير فإنمـا *** مستحدثـات العلـم مـن مولاكـا
الله مازك دون سائـر خلقـه *** وبنعمـة العقـل البصيـر حباكـا
أفـإن هـداك بعلمـه لعجيبـة *** تـزور عنـه وينثنـي عطفاكـا
إن النـواة ولكترنـات التـي *** تجـري يراهـا الله حيـن يراكـا
ماكنت تقـوى أن تفتـت ذرة *** منهـن لـولا الله الـذي سواكـا
كل العجائب صنعة العقل الذي *** هـو صنعـة الله الـذي سواكـا
والعقل ليس بمـدرك شيئـا اذا *** مالله لـم يكتـب لـه الإدراكـا
لله فـي الآفـاق آيـات لعـل *** أقلهـا هـو مـا إليـه هـداكـا
ولعل ما في النفس من آياته *** عجب عجـاب لـو تـرى عيناكـا
والكون مشحـون بأسـرار إذا *** حاولـت تفسيـراً لهـا أعياكـا
قل للطبيب تخطفته يد الردى *** ياشافي الأمراض مـن أرداكـا؟
قل للمريض نجا وعوفي بعد ما *** عجزت فنون الطب : من عافاكا؟
قل للصحيح يموت لا من علة *** مـن بالمنايـا ياصحيـح دهاكـا؟
قل للبصير وكان يحذر حفرة *** فهوى بها مـن ذا الـذي أهواكـا؟
بل سائل الأعمى خطا بين الزَّحام *** بلا اصطدام : من يقود خطاكا؟
قل للجنين يعيش معزولا بلا *** راع ومرعـى مالـذي يرعاكـا؟
قل للوليد بكى وأجهش بالبكاء *** لـدى الـولادة : مالـذي أبكاكـا؟
وإذا ترى الثعبان ينفث سمه *** فاسأله : من ذا بالسمـوم حشاكـا؟
وأسأله كيف تعيش ياثعبان أو *** تحيـا وهـذا السـم يمـلأ فاكـا؟
وأسأل بطون النحل كيف تقاطرت ***شهداً وقلللشهد مـن حلاَّكـا؟
بل سائل اللبن المصفى كان بيـن *** دم وفـرث مالـذي صفاكـا؟
وإذا رأيت الحي يخرج من حنايا *** ميـت فاسألـه: مـن أحياكـا؟
وإذا ترى ابن السودِ أبيضَ ناصعاً *** فاسأله : مِنْ أين البياضُ أتاكا؟
وإذا ترى ابن البيضِ أسودَ فاحماً *** فاسأله: منْ ذا بالسواد طلاكـا؟
قل للنبات يجف بعد تعهـد *** ورعايـة : مـن بالجفـاف رماكـا؟
وإذا رأيت النبت في الصحراء يربو *** وحده فاسأله : من أرباكـا؟
وإذا رأيت البدر يسري ناشرا *** أنواره فاسألـه : مـن أسراكـا؟
وأسأل شعاع الشمس يدنو وهي أبعد *** كلّ شـيء مالـذي أدناكـا؟
قل للمرير من الثمار من الذي *** بالمر مـن دون الثمـار غذاكـا؟
وإذا رأيت النخل مشقوق النوى *** فاسأله : من يانخل شق نواكـا؟
وإذا رأيت النار شب لهيبها *** فاسأل لهيب النـار: مـن أوراكـا؟
وإذا ترى الجبل الأشم منا طحاً *** قمم السحاب فسله من أرساكـا؟
وإذا رأيت النهر بالعذب الزلال *** جرى فسله؟من الذي أجراكـا؟
وإذا رأيت البحر بالملح الأجاج *** طغى فسله: من الـذي أطغاكـا؟
وإذا رأيت الليل يغشى داجيا *** فاسأله : من ياليـل حـاك دجاكـا؟
وإذا رأيت الصبح يُسفر ضاحياً *** فاسأله: من ياصبح صاغ ضحاكا؟
هذي عجائب طالما أخذت بها *** عينـاك وانفتحـت بهـا أذناكـا
والله في كل العجائب ماثـل *** إن لـم تكـن لتـراه فهـو يراكـا؟
يـا أيهـا الإنسـان مهـلا مالـذي *** بالله جـل جلالـه أغراكـا؟
حاذر إذا تغزو الفضاء فربمـا *** ثـآر الفضـاء لنفسـه فغزاكـا؟
اغز الفضـاء ولا تكـن مستعمـراً *** أو مستغـلا باغيـا سفاكـا
إياك ان ترقى بالاستعمار فـي *** حـرم السمـوات العـلا إياكـا
إن السموات العلا حـرم طهـور *** يحـرق المستعمـر الأفاكـا
اغز الفضاء ودع كواكبـه سوابـح *** إن فـي تعوبقهـن هلاكـا
إن الكواكب سوف يفسد أمرها *** وتسـيء عقباهـا إلـى عقباكـا
ولسوف تعلم أن في هذا قيـام *** الساعـة الكبـرى هنـا وهناكـا
أنا لا أثبط من جهود العلم أو *** أنا في طريقك أغـرس الأشواكـا
لكنني لـك ناصـح فالعلـم إن *** أخطـأت فـي تسخيـره أفناكـا
سخر نشاط العلم في حقل الرخاء *** يصغ من الذهب النضار ثراكا
سخـره يمـلأ بالسـلام وبالتعـاون *** عالمـاً متناحـراً سفـاكـا
وادفع به شر الحياة وسوءهـا *** وامسـح بنعمـى نـوره بؤساكـا
العلـم إحيـاء وإنشـاء وليـس *** العلـم تدمـيـراً ولا إهـلاكـا
فإذا أردت العلم منحرفاً فما *** أشقـى الحيـاة بـه ومـا اشقاكـا