صحيح أن الطفلة دون السادسة من العمر وهى في هذه السن غير مكلفة بارتداء الحجاب لكن ما أبقاني على استفزازي ما جاء في عرض الشيخ للموضع.. فهو يقول:
أحرص -وتحرص أكثر مني زوجتي- على قراءة أطفالي القرآن وحفظه، وبما أن طفلتي الكبرى في مرحلة التمهيدي، وهي ذات السنوات الست إلا بضعة أشهر، ستشترك في مسابقة للقرآن، فوجئت برسالة مع الطفلة قبل يوم المسابقة بعدة أيام، تقول:
على الطفلة الحضور في الساعة كذا، مرتدية العباءة والحجاب!! يقول: وطبعا لا يوجد لدى طفلتي لا عباءة ولا حجاب، وبحثت في ملابس البنت، وفي ملابس أمها عن حجاب يناسبها فلم يجد..
يقول: وطبعا هذا البحث نتج عن إلغائي لعقلي وفهمي لديني في هذه اللحظة، ثم فكرت برهة وقلت لزوجتي: فلتذهب بدون عباءة وحجاب، وليكن ما يكون، إن هذا الأمر ليس دينا أتعبد به، وليس فقها صحيحا ألتزم به
ويقول: هل أضع الحجاب على رأس ابنتي وأغرس فيها دون أن أدري العلمانية التي تنادي بفصل الدين عن الحياة، وأغرس فيها أن الحجاب موضعه فقط عندما تذهب لتلاوة القرآن، بينما في الروضة التي تتلقى فيها تعليمها لا مانع من خلعه، وعدم ارتدائه أساسا؟!
ويقول: ثم رحت أبحث فيما درست وقرأت في الشرع الإسلامي الحنيف، فلم أجد رأيا واحدا يحكم على طفلة في السادسة من عمرها أن شعرها عورة، ولا أنها ينبغي عليها ارتداء حجاب أصلا في هذه السن، ولا هي في سن تقترب فيه من البلوغ حتى تتمرن على ارتداء الحجاب، وإن كان الأفضل أن نشرح لمن تقترب من سن البلوغ لماذا العفة؟ ولماذا الحجاب؟ حتى يصل الأمر إلى قناعة شخصية داخلية، لا إلى قرار يفرض، وأن نغرس ذلك بالتربية القوية؛ حتى يكون فعلا مأجورا على أدائه.
ويقول: ثم ما الحكمة الدينية والتربوية في أن أحرم الطفلة من أن تعيش طفولتها بما فيها من براءة؟! وقد كنت طفلا مثلها وحكم علي وعلى معظم الأطفال الذين يحفظون القرآن صغارا بأن يكبروا قبل سنهم، ويعاملوا معاملة الكبار، والسبب في ذلك: أنهم حفظة لكتاب الله.. وكأن حفظ القرآن كان عقابا لا تكريما، دون أن يدري المجتمع للأسف، فأنت حافظ للقرآن وسنك لم يتعد الرابعة عشرة من الآن ممنوع اللعب.. ممنوع الضحك.. ممنوع كذا وكذا.
ويقول: يحفظ الولد القرآن، أو يتفوق في دراسته فتفاجأ بأن المكافأة التي نكافئه بها: عمرة إلى بيت الله الحرام، وهذا أمر جميل جدا ورائع، إن كان باختيار الطفل ذاته، ولكن ما المانع أن يكون تكريم الطفل حافظ القرآن برحلة سياحية يجمع فيها بين المشاعر المقدسة، وتراث الإنسانية الرحب الذي يتعلم منه
نشر مقالته فتلقفها المؤيدين لمنطق الشيخ الأزهري.. فوجهت للجميع كلمتي على النحو التالي:
السادة الأفاضل كاتب الموضوع والمعلقين.. سلام الله عليكم وبركاته.. أكيد الحجاب فرض على المرأة البالغة وليس على الطفلة.. وطبعا جميعكم تعرفون أن لكل مقام مقال.. والشيء المناسب في الحال المناسب، ولا مانع من أن ترتدي الطفلة الحجاب وهى ذاهبة في مناسبة دينية حتى تتعلم قدسية القرآن من ناحية وارتباطه بالحشمة من ناحية، وحتى تكون مثلها مثل بقية زميلاتها في هذه الحال ولا تشعر باختلاف أو حرج.. وليس كما تظن أنه يفصم شخصيتها بجملتك (وأغرس فيها أن الحجاب موضعه فقط عندما تذهب لتلاوة القرآن) أمال متى موضعه إن لم يكن عندما تذهب لقراءة القرآن!!.. وسيادتكم ترى كيف لو أخذوا طفلة للتمثيل كيف ستلبس ملابس الدور وتضع مكياج الكبار، وتتكلم بلغة الدور، وكيف إذا أخذوها إلى البحر ألبسوها المايوه.. هم طلبوا من الطفلة أن تأتي بعباءة وحجاب تحية للقرآن واحتراما لخصوصيته، وافهاما للطفلة الوقار في حضرة كلام الله "القرآن" رغم أنها لاتزال غير مكلفة، وهناك شيء أخر روحاني في هذا الحجاب، وأنت لم تجد لها حجابا مناسبا وأرسلتها من غيره، وهم مشكورون لم يتوقفوا عند هذه النقطة ويحرموا ابنتك من المسابقة لتفهمهم للأمر، وكان يجب أن ينتهي الموضع إلى هذا الحد لا أن تكتب مقالا توقظ به الفتنة، وأنت تفهم الجميع أن هذا المطلب في غير محله، وغير جائز شرعا، ولكنه يا أخي جائز حياء وعرفا.. ثم ما معنى هذه العبارة (هل أضع الحجاب على رأس ابنتي وأغرس فيها دون أن أدري العلمانية التي تنادي بفصل الدين عن الحياة) كيف تلبس ابنتك الحجاب وتغرس فيها العلمانية، وما دامت العلمانية هى هدفك لماذا تورطها في حفظ القرآن؟! وكيف دون أن تدري؟! وقد وجهتها الوجة التي تريدها لها وتدريها!! يا رجل لا تخلط الأمور، ولا تحملها أكثر من حجمها، ولا تستعرض قناعاتك التي قد تلتبس على البعض في التفسير فتجد من يقول: "هؤلاء يضيعون الأمة بفتواهم الفاسدة"، فعرضت السادة الأفاضل الذين أرادوا لابنتك الحشمة ولم يعترضوا على مجيئها دون حجاب لتهمة بشعة وهى أن فتاواهم فاسدة وافسادهم في الأرض (يضيعون الأمة).. أو من يتعجب ويصاب بالدهشة من بشاعة الطلب فيقول (طفلة بريئة تلبس الحجاب!!) وهو اتهام للحجاب بسلب براءة الأطفال.. فلنتق الله جميعا يا اخواني في أقوالنا.. فقد يلقي الرجل بالكلمة لا يلقي لها بالا تهوي به في النار أو كما قال.. وقانا وإياكم شر حصاد ألسنتنا.. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.