رحلة في مياه إسرائيلية آسنة !
د. عادل محمد عايش الأسطل
قال الرئيس الفلسطيني"محمود عباس" إن القيادة الفلسطينية ستذهب إلى الأمم المتحدة مرة أخرى، بهدف تقديم شكوى ضد إسرائيل للمؤسسات الدولية، إذا لم تحصل من الجانب الإسرائيلي على تعهدات جادة وواضحة، باستعداده من خلالها على العودة إلى مائدة المفاوضات، الذي يرفض حتى الآن الاعتراف بالشرعية الدولية، ويرفض وقف نشاطاته الاستيطانية.
وحتى هذا التاريخ، حيث الجمود السياسي، وانسداد الأفق التفاوضي بين الجانبين، لا توجد إشارات من الجانب الإسرائيلي بأنه يقبل بذلك، وبناءً عليه، فقد قررت القيادة الفلسطينية إرسال رسالة تمهيدية غير تهديدية أو تحذيرية، أو شروطاً مسبقة، بإرسال وفد من كبار الشخصيات السياسية الفلسطينية محملاً برسالة واضحة، إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتانياهو"، بالرغم من خشية رفض الأخير مقابلتهم، في إشارة واضحة، لزيادة التصلب الإسرائيلي، لاسيما في ضوء حكم اليمين الإسرائيلي الأشد تطرفاً. وافترسه كل الوقت الذي تنشغل فيه الدول العربية بربيعها الطويل، ومشكلاتها الخريفية، بالرغم من توارد أنباء، تقول بأنه رغم الشعور الحاصل، بالجمود السياسي وتوقف المفاوضات بالمطلق، فإن هناك ما يدور وراء الكواليس، من تواصل تلك اللقاءات الفلسطينية الإسرائيلية، والاتصالات بين رام الله والقدس لم تنقطع، وهما - أي الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي- في اتصال هاتفي من وقت لآخر، ففي الأسبوع الماضي عقد اجتماع "سري" في القدس بين رئيس فريق التفاوض الفلسطينيين د.صائب "عريقات" و"إسحق مولخو". أحد مساعدي "نتانياهو" وهو ذاته مهندس اللقاءات الاستكشافية الخمس السابقة، التي احتضنتها المملكة الأردنية برعاية الملك "عبدالله الثاني" والتي تم عقد آخرها يوم 25 يناير/ كانون الثاني الفائت، أي قبل يوم من تاريخ انتهاء الصلاحية التي خصصتها القيادة الفلسطينية لأجراء المفاوضات تحت رعاية اللجنة الرباعية والعاهل الأردني "عبدالله الثاني". وكانت محل ترحيب أمريكي بالضرورة، وخاصةً لدى الرئيس "باراك أوباما" الذي وصف حينها الجهود الأردنية لاستضافة المحادثات المباشرة بين إسرائيل والفلسطينيين، بأنها تقدم مساهمة حقيقية للسلام".
وكما يبدو كان ذلك التواصل، تنفيذاً لتطلعات العاهل الأردني، الذي كان أعلن حينها، بعدم انتهاء تلك الجولات، "لجدواها" وإن كانت توصف نتائجها بالبطيئة.
وكانت تضمنت الرسالة الفلسطينية، طلب استيضاحات فيما إذا كان "نتانياهو" مهتماً بالعودة للمفاوضات، والتوصل إلى حل، لاسيما في ضوء الممارسات الإسرائيلية، على صعيد السياسات القائمة والأمنية المتغطرسة والاستيطانية الشرسة، ومحاولتها السماح إلى تآكل الصلاحيات والاختصاصات الممنوحة للسلطة الفلسطينية حسب الاتفاقات السابقة، وتراجعها عن معظم الالتزامات باتجاه العملية السلمية، التي كانت تعهدت بها، ورفض الدعوات الأممية والقرارات الدولية، بمبررات ودعاوى، هي من حيث المضمون، لا قيمة لها. بحيث لم يعد أمام السلطة أي خيار آخر. ولكن على أمل الموافقة الإسرائيلية، على ما تم تكراره مراراً من قبل الرئيس "عباس" بشأن مطالبه المشروعة، بأن تعترف إسرائيل بدولة فلسطينية في حدود عام 1967، ووقف بناء المستوطنات، على الأراضي الفلسطينية، لتمهيد الطريق أمام الفلسطينيين للعودة إلى المفاوضات المباشرة.
خاصةً وأن هذه الرسالة كانت قُرنت مع لقاء تمهيدي، بين كبير المفاوضين الفلسطينيين د. صائب عريقات، ومولخو. وكانت ذكرت بعض المصادر الإسرائيلية، أن هذه الخطوة من جانب الرئيس "عباس"، جاءت بعد تخليه عن خطته، لتهديد إسرائيل، باللجوء إلى خيار تفكيك السلطة الفلسطينية، احتجاجاً على الجمود الحاصل في المفاوضات السياسية، بعد ضغوط الدبلوماسية الأمريكية، لا سيما من الرئيس أوباما، التي كانت قد حدثت خلال الأسبوعين الفائتين. من خلال حثه الرئيس "عباس" إلى حشد الجهود لوضع حد للتوترات الحالية وتجنب الاستفزازات، لأجل المضي قدماً، في التمهيد لمواصلة مشروع حل الدولتين، بعد أن تمت موافقة الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، بشأن الشروع نحو تحقيقه. تزامنت تلك الضغوطات مع دخول السلطة الفلسطينية، في أزمة اقتصادية لا تطاق، وذلك بسبب التخفيضات على نطاق واسع، للمبلغ الذي تحصل عليه من الحكومات الأجنبية، والجهات المانحة، وهي أزمة حرجة، تتطلب أكثر من 500 مليون دولار إضافية لتغطية ميزانية العام المقبل، وهو مبلغ فلكي، لتشكيل حكومة أكثر فقراً، واقتصادها يعتمد بشكل حصري عموما،ً على المساعدات والمعونات الخارجية، حيث تعتبر إسرائيل هذه المسألة، من المعوقات الرئيسية التي تحول دون التفكير الإسرائيلي، باتجاه الطموحات الفلسطينية، نحو الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وإن كان من قِبل الدول الأخرى.
ولعل "نتانياهو" نهاية المطاف، ليس بوسعه تجاهل أو رفض النظر في الرسالة الفلسطينية، حول الأمور التي من شأنها عودة الطرفين إلى المفاوضات المباشرة، نظراً لأنها تعتبر من روح السياسة الأمريكية، ومن بابٍ آخر بِنَفَس الرغبات الأردنية، ويمكن إضافة ميل القمة العربية الأخيرة نحو تلك التوجهات، ولكن الأهم، فإن من غير المفاجئ بأن "نتانياهو" ومجموع أعضاء حكومته سيتبعون فنونهم "السيميّة" المختلفة، في كيفية الرد عليها، من حيث الأسلوب والصياغة الفضفاضة كما هي العادة، ولا ننسَ بأن لديه – نتانياهو- ما يكفي لعرقلة هذه التوجهات – وهو يستطيع - والتي منها، تكرار شرطه الخبيث، الذي كان على أثره نسف مفاوضات عمان، وهو "الاعتراف بالدولة اليهودية"، والذي من شأنه، تمكينه من إلقاء اللوم على الجانب الفلسطيني، من جانب الدول الصديقة لإسرائيل، وتلك التي تدور في الفلك الأمريكي على الأقل. كذلك وفي حال عدم الاستجابة الفعلية لرئيس الوزراء الإسرائيلي" نتانياهو" على الرسالة الفلسطينية، فإننا لا نستبعد بأي حال عند لجوء الرئيس الفلسطيني إلى المجتمع الدولي بشأن اتخاذ موقف إيجابي تجاه الطلبات الفلسطينية، فإن الحكومة الإسرائيلية العتيدة، ستلجأ إلى تنفيذ تهديداتها العقابية المختلفة تجاه السلطة الفلسطينية، بهدف الإضرار بمجموع الشعب الفلسطيني، قبل الإضرار بالسلطة الفلسطينية ذاتها، والتي من المحتمل جداً أن يكون للإدارة الأمريكية ضلع في ذلك، بناءً على المسار التاريخي للكونغرس الأمريكي. عموماً وحتى هذا الوقت، وفي ضوء المعطيات القائمة، يمكن تحديد صورة واضحة للغلاف العام، المخيم على كلا الجانبين "المرسل والمستقبل" حيث يمكن ملاحظة طبقات مغبرّة وحالات أخرى أكثر التباساً، الأمر الذي يجعل من مسألة النظر في تنفيذ المصالحة الوطنية، وإعادة اللحمة، أن تكون في مقدمة الأمور، من أجل تنظيم البيت الفلسطيني، وترتيب الأوراق التي عصفت بها الأهواء من كل جانب، على رؤى وأهداف وطموحات واحدة، إضافةً إلى السعي لتعرية اللجنة الرباعية، التي تعتمد محاباة إسرائيل سراً وعلانية، لاسيما وهي بصدد اجتماعها في واشنطن الأسبوع المقبل، لبحث الجمود في عملية السلام. القاهرة
الثلاثاء 3/4/2012
د. عادل محمد عايش الأسطل
قال الرئيس الفلسطيني"محمود عباس" إن القيادة الفلسطينية ستذهب إلى الأمم المتحدة مرة أخرى، بهدف تقديم شكوى ضد إسرائيل للمؤسسات الدولية، إذا لم تحصل من الجانب الإسرائيلي على تعهدات جادة وواضحة، باستعداده من خلالها على العودة إلى مائدة المفاوضات، الذي يرفض حتى الآن الاعتراف بالشرعية الدولية، ويرفض وقف نشاطاته الاستيطانية.
وحتى هذا التاريخ، حيث الجمود السياسي، وانسداد الأفق التفاوضي بين الجانبين، لا توجد إشارات من الجانب الإسرائيلي بأنه يقبل بذلك، وبناءً عليه، فقد قررت القيادة الفلسطينية إرسال رسالة تمهيدية غير تهديدية أو تحذيرية، أو شروطاً مسبقة، بإرسال وفد من كبار الشخصيات السياسية الفلسطينية محملاً برسالة واضحة، إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتانياهو"، بالرغم من خشية رفض الأخير مقابلتهم، في إشارة واضحة، لزيادة التصلب الإسرائيلي، لاسيما في ضوء حكم اليمين الإسرائيلي الأشد تطرفاً. وافترسه كل الوقت الذي تنشغل فيه الدول العربية بربيعها الطويل، ومشكلاتها الخريفية، بالرغم من توارد أنباء، تقول بأنه رغم الشعور الحاصل، بالجمود السياسي وتوقف المفاوضات بالمطلق، فإن هناك ما يدور وراء الكواليس، من تواصل تلك اللقاءات الفلسطينية الإسرائيلية، والاتصالات بين رام الله والقدس لم تنقطع، وهما - أي الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي- في اتصال هاتفي من وقت لآخر، ففي الأسبوع الماضي عقد اجتماع "سري" في القدس بين رئيس فريق التفاوض الفلسطينيين د.صائب "عريقات" و"إسحق مولخو". أحد مساعدي "نتانياهو" وهو ذاته مهندس اللقاءات الاستكشافية الخمس السابقة، التي احتضنتها المملكة الأردنية برعاية الملك "عبدالله الثاني" والتي تم عقد آخرها يوم 25 يناير/ كانون الثاني الفائت، أي قبل يوم من تاريخ انتهاء الصلاحية التي خصصتها القيادة الفلسطينية لأجراء المفاوضات تحت رعاية اللجنة الرباعية والعاهل الأردني "عبدالله الثاني". وكانت محل ترحيب أمريكي بالضرورة، وخاصةً لدى الرئيس "باراك أوباما" الذي وصف حينها الجهود الأردنية لاستضافة المحادثات المباشرة بين إسرائيل والفلسطينيين، بأنها تقدم مساهمة حقيقية للسلام".
وكما يبدو كان ذلك التواصل، تنفيذاً لتطلعات العاهل الأردني، الذي كان أعلن حينها، بعدم انتهاء تلك الجولات، "لجدواها" وإن كانت توصف نتائجها بالبطيئة.
وكانت تضمنت الرسالة الفلسطينية، طلب استيضاحات فيما إذا كان "نتانياهو" مهتماً بالعودة للمفاوضات، والتوصل إلى حل، لاسيما في ضوء الممارسات الإسرائيلية، على صعيد السياسات القائمة والأمنية المتغطرسة والاستيطانية الشرسة، ومحاولتها السماح إلى تآكل الصلاحيات والاختصاصات الممنوحة للسلطة الفلسطينية حسب الاتفاقات السابقة، وتراجعها عن معظم الالتزامات باتجاه العملية السلمية، التي كانت تعهدت بها، ورفض الدعوات الأممية والقرارات الدولية، بمبررات ودعاوى، هي من حيث المضمون، لا قيمة لها. بحيث لم يعد أمام السلطة أي خيار آخر. ولكن على أمل الموافقة الإسرائيلية، على ما تم تكراره مراراً من قبل الرئيس "عباس" بشأن مطالبه المشروعة، بأن تعترف إسرائيل بدولة فلسطينية في حدود عام 1967، ووقف بناء المستوطنات، على الأراضي الفلسطينية، لتمهيد الطريق أمام الفلسطينيين للعودة إلى المفاوضات المباشرة.
خاصةً وأن هذه الرسالة كانت قُرنت مع لقاء تمهيدي، بين كبير المفاوضين الفلسطينيين د. صائب عريقات، ومولخو. وكانت ذكرت بعض المصادر الإسرائيلية، أن هذه الخطوة من جانب الرئيس "عباس"، جاءت بعد تخليه عن خطته، لتهديد إسرائيل، باللجوء إلى خيار تفكيك السلطة الفلسطينية، احتجاجاً على الجمود الحاصل في المفاوضات السياسية، بعد ضغوط الدبلوماسية الأمريكية، لا سيما من الرئيس أوباما، التي كانت قد حدثت خلال الأسبوعين الفائتين. من خلال حثه الرئيس "عباس" إلى حشد الجهود لوضع حد للتوترات الحالية وتجنب الاستفزازات، لأجل المضي قدماً، في التمهيد لمواصلة مشروع حل الدولتين، بعد أن تمت موافقة الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، بشأن الشروع نحو تحقيقه. تزامنت تلك الضغوطات مع دخول السلطة الفلسطينية، في أزمة اقتصادية لا تطاق، وذلك بسبب التخفيضات على نطاق واسع، للمبلغ الذي تحصل عليه من الحكومات الأجنبية، والجهات المانحة، وهي أزمة حرجة، تتطلب أكثر من 500 مليون دولار إضافية لتغطية ميزانية العام المقبل، وهو مبلغ فلكي، لتشكيل حكومة أكثر فقراً، واقتصادها يعتمد بشكل حصري عموما،ً على المساعدات والمعونات الخارجية، حيث تعتبر إسرائيل هذه المسألة، من المعوقات الرئيسية التي تحول دون التفكير الإسرائيلي، باتجاه الطموحات الفلسطينية، نحو الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وإن كان من قِبل الدول الأخرى.
ولعل "نتانياهو" نهاية المطاف، ليس بوسعه تجاهل أو رفض النظر في الرسالة الفلسطينية، حول الأمور التي من شأنها عودة الطرفين إلى المفاوضات المباشرة، نظراً لأنها تعتبر من روح السياسة الأمريكية، ومن بابٍ آخر بِنَفَس الرغبات الأردنية، ويمكن إضافة ميل القمة العربية الأخيرة نحو تلك التوجهات، ولكن الأهم، فإن من غير المفاجئ بأن "نتانياهو" ومجموع أعضاء حكومته سيتبعون فنونهم "السيميّة" المختلفة، في كيفية الرد عليها، من حيث الأسلوب والصياغة الفضفاضة كما هي العادة، ولا ننسَ بأن لديه – نتانياهو- ما يكفي لعرقلة هذه التوجهات – وهو يستطيع - والتي منها، تكرار شرطه الخبيث، الذي كان على أثره نسف مفاوضات عمان، وهو "الاعتراف بالدولة اليهودية"، والذي من شأنه، تمكينه من إلقاء اللوم على الجانب الفلسطيني، من جانب الدول الصديقة لإسرائيل، وتلك التي تدور في الفلك الأمريكي على الأقل. كذلك وفي حال عدم الاستجابة الفعلية لرئيس الوزراء الإسرائيلي" نتانياهو" على الرسالة الفلسطينية، فإننا لا نستبعد بأي حال عند لجوء الرئيس الفلسطيني إلى المجتمع الدولي بشأن اتخاذ موقف إيجابي تجاه الطلبات الفلسطينية، فإن الحكومة الإسرائيلية العتيدة، ستلجأ إلى تنفيذ تهديداتها العقابية المختلفة تجاه السلطة الفلسطينية، بهدف الإضرار بمجموع الشعب الفلسطيني، قبل الإضرار بالسلطة الفلسطينية ذاتها، والتي من المحتمل جداً أن يكون للإدارة الأمريكية ضلع في ذلك، بناءً على المسار التاريخي للكونغرس الأمريكي. عموماً وحتى هذا الوقت، وفي ضوء المعطيات القائمة، يمكن تحديد صورة واضحة للغلاف العام، المخيم على كلا الجانبين "المرسل والمستقبل" حيث يمكن ملاحظة طبقات مغبرّة وحالات أخرى أكثر التباساً، الأمر الذي يجعل من مسألة النظر في تنفيذ المصالحة الوطنية، وإعادة اللحمة، أن تكون في مقدمة الأمور، من أجل تنظيم البيت الفلسطيني، وترتيب الأوراق التي عصفت بها الأهواء من كل جانب، على رؤى وأهداف وطموحات واحدة، إضافةً إلى السعي لتعرية اللجنة الرباعية، التي تعتمد محاباة إسرائيل سراً وعلانية، لاسيما وهي بصدد اجتماعها في واشنطن الأسبوع المقبل، لبحث الجمود في عملية السلام. القاهرة
الثلاثاء 3/4/2012