قال ابن القيم - رحمه الله - عن الزلازل: (ولما كانت الرياح تجول فيها - يعني الأرض -، وتدخل في تجاويفها، وتحدث فيها الأبخرة، وتخفق الرياح، ويتعذّر عليها المنْفذ .. أذِن الله سبحانه لها في الأحيان بالتنفس فتحدث فيها الزلازل العظام، فيحدث من ذلك لعباده الخوف والخشية والإنابة والإقلاع عن معاصيه والتضرع إليه والندم، كما قال بعض السلف - وقد زُلزلت الأرض -: " إن ربكم يسْتعتبكم "، وقال عمر بن الخطاب - وقد زلزلت المدينة - فخطبهم ووعظهم وقال: " لئن عادت لا أساكنكم فيها ") انتهى (3).
تأمل قوله - رحمه الله -: (فيُحدث من ذلك لعباده الخوف، والخشية، والإنابة، والإقلاع عن معاصيه والتضرع إليه والندم)، وهل يوجد شيء من هذا في زماننا، أم هو الانشغال بـ (ريختر) ومقياسه، وكم هلك بالزلزال؟!، وما الذي دمَّره؟!، وانتهى الأمر!؛ وهذا من علامات الخذلان والْحِرْمان - نسأل الله السلامة والعافية -.
__________
(3) مفتاح دار السعادة، 1/ 221.
لقد جاء عن عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت: (إن المرأةَ إذا خلعت ثيابها في غير بيت زوجها هتكت ما بينها وبين الله عز وجل من حجاب، وإن تطيبت لغير زوجها كان عليها ناراً وشناراً، فإذا استحلوا الزنا وشربوا الخمور بعد هذا وضربوا المعازف غار الله في سمائه فقال للأرض: [تزلزلي بهم]، فإن تابوا ونَزَعوا وإلا هدمها عليهم ") (1)، فتأمل ذلك، ونسأل الله أن يلطف بنا وبالمسلمين، وأن لا يؤاخذنا بذنوبنا ولا بما فعل السفهاء مِنا.
وكذلك الكسوف فإنه يُحَدَّ وقته ومقداره في المواضع المختلفة في الأرض ومُدَّته بتفاصيل دقيقة، وكل ذلك انشغال بالقشور عن الحقيقة، وذلك أن المراد تخويف العباد ليعملوا ما أُمروا به عند وقوع هذه الآيات – كما تقدم بيانه - من التوبة والإقلاع عما يسخط الله، وما نرى هذه الآيات إلا سُلِبَت معناها، بل صارت تزيد الضالين ضلالاً، والمدبرين إعراضاً!.
__________
(1) أخرجه الحاكم في " مستدركه " برقم (8575)، ونعيم بن حماد في " الفتن " برقم (1729) من حديث أنس بن مالك، وقال الحاكم (هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه)، وسيأتي ذكره كاملاً إن شاء الله.
وعن محمد بن جُبير بن مُطْعِم عن أبيه - رضي الله عنه - قال: (سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في المغرب بالطور، فلما بَلَغ هذه الآية: {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ} (1) .. كاد قلبي أن يطير) (2).
قال ابن كثير - رحمه الله -: (أي وُجِدُوا من غير مُوجِد؟!، أم همُ الذين أوجدوا أنفسَهم؟! - أي لا هذا ولا هذا -؛ بل الله هو الذي خَلَقَهم وأنشأهم بعد أن لَمْ يكونوا شيئاً مذكوراً) انتهى (3).
ولو فهِم الطبائعيُّون الداروينيون القرديون هذه الآية كما فهِمها جُبيْر - رضي الله عنه - لَعَلموا يقيناً أن موادَّ العالَم مخلوقة ومُصرَّفة أيضاً، وأنه لاشيء يخلق نفْسه ويُكَوِّنها، ولا ريبَ أنه لوْ قيل لهم: " إن عِمارةً بَنَتْ نفْسها، وسيَّارةً كوَّنَتْ نفْسَها " لقالوا: " هذا مُحال بل لا بُدَّ من صانع ".
وإذا كان هذا يُعلم ببداهة العقل فكيف سَاغَ عزْل الملك المالك المدبِّر عن تصرُّفهِ في مُلكهِ؟!، حتى قريش لم تفعل هذا، ففي القرآن بيان تضرعهم في الشدائد، فأين حتى فِعل (قريش) في زماننا؟!.
__________
(1) سورة الطور، الآية: 35.
(2) رواه البخاري برقم (4573).
(3) تفسير ابن كثير، 4/ 244.
بهذا الكنزِ العظيم تعرف أن (الطبيعة) ليست مستقلة بذاتها
تأمل قوله - رحمه الله -: (فيُحدث من ذلك لعباده الخوف، والخشية، والإنابة، والإقلاع عن معاصيه والتضرع إليه والندم)، وهل يوجد شيء من هذا في زماننا، أم هو الانشغال بـ (ريختر) ومقياسه، وكم هلك بالزلزال؟!، وما الذي دمَّره؟!، وانتهى الأمر!؛ وهذا من علامات الخذلان والْحِرْمان - نسأل الله السلامة والعافية -.
__________
(3) مفتاح دار السعادة، 1/ 221.
لقد جاء عن عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت: (إن المرأةَ إذا خلعت ثيابها في غير بيت زوجها هتكت ما بينها وبين الله عز وجل من حجاب، وإن تطيبت لغير زوجها كان عليها ناراً وشناراً، فإذا استحلوا الزنا وشربوا الخمور بعد هذا وضربوا المعازف غار الله في سمائه فقال للأرض: [تزلزلي بهم]، فإن تابوا ونَزَعوا وإلا هدمها عليهم ") (1)، فتأمل ذلك، ونسأل الله أن يلطف بنا وبالمسلمين، وأن لا يؤاخذنا بذنوبنا ولا بما فعل السفهاء مِنا.
وكذلك الكسوف فإنه يُحَدَّ وقته ومقداره في المواضع المختلفة في الأرض ومُدَّته بتفاصيل دقيقة، وكل ذلك انشغال بالقشور عن الحقيقة، وذلك أن المراد تخويف العباد ليعملوا ما أُمروا به عند وقوع هذه الآيات – كما تقدم بيانه - من التوبة والإقلاع عما يسخط الله، وما نرى هذه الآيات إلا سُلِبَت معناها، بل صارت تزيد الضالين ضلالاً، والمدبرين إعراضاً!.
__________
(1) أخرجه الحاكم في " مستدركه " برقم (8575)، ونعيم بن حماد في " الفتن " برقم (1729) من حديث أنس بن مالك، وقال الحاكم (هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه)، وسيأتي ذكره كاملاً إن شاء الله.
وعن محمد بن جُبير بن مُطْعِم عن أبيه - رضي الله عنه - قال: (سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في المغرب بالطور، فلما بَلَغ هذه الآية: {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ} (1) .. كاد قلبي أن يطير) (2).
قال ابن كثير - رحمه الله -: (أي وُجِدُوا من غير مُوجِد؟!، أم همُ الذين أوجدوا أنفسَهم؟! - أي لا هذا ولا هذا -؛ بل الله هو الذي خَلَقَهم وأنشأهم بعد أن لَمْ يكونوا شيئاً مذكوراً) انتهى (3).
ولو فهِم الطبائعيُّون الداروينيون القرديون هذه الآية كما فهِمها جُبيْر - رضي الله عنه - لَعَلموا يقيناً أن موادَّ العالَم مخلوقة ومُصرَّفة أيضاً، وأنه لاشيء يخلق نفْسه ويُكَوِّنها، ولا ريبَ أنه لوْ قيل لهم: " إن عِمارةً بَنَتْ نفْسها، وسيَّارةً كوَّنَتْ نفْسَها " لقالوا: " هذا مُحال بل لا بُدَّ من صانع ".
وإذا كان هذا يُعلم ببداهة العقل فكيف سَاغَ عزْل الملك المالك المدبِّر عن تصرُّفهِ في مُلكهِ؟!، حتى قريش لم تفعل هذا، ففي القرآن بيان تضرعهم في الشدائد، فأين حتى فِعل (قريش) في زماننا؟!.
__________
(1) سورة الطور، الآية: 35.
(2) رواه البخاري برقم (4573).
(3) تفسير ابن كثير، 4/ 244.
بهذا الكنزِ العظيم تعرف أن (الطبيعة) ليست مستقلة بذاتها