السبت: 08 ذو القعدة 1434هجري، الموافق لـ 14 سبتمبر 2013
من الخير أن تنظر للخير
معمر حبار
econo.pers@gmail.com
كانت تظهر على ملبسه وهيئته، ملامح الفقر والغبن. وحين حمله في سيارته، وتقاسما الحديث، ظهر له جليا، أنه توأم للفقر المدقع.
وبينما الحديث أخذ مجراه وتشعّب، مرّا على بناية من طوابق جميلة المنظر، واسعة المساحة، يبدو أنّ صاحبها، أنفق في سبيل تشييدها الكثير من العرق، والأموال، والزمن، سأله: لمن تكون هذه البناية؟. أجاب الفقير، بصوت منخفض: الله ورسوله أعلم. ثم طلب من مرافقه، أن يدعو للغني الذي لايعرفه أحد منهما، بالنجاح والتوفيق، والزيادة فيما وُفق فيه.
ثم آنسه بقوله: المال من الخير، والخيرأمر مطلوب مرغوب، فأكد مرافقه ذلك ، بقوله نعم عدة مرات.
ثم باغته بقوله: هل تعلم أنّك تتمتع بخير هذا الغني. فاندهش مرافقه: كيف ذلك؟. وكان في كل مرة يتحدث فيها لصاحب السيارة، إلا وأرفقها بألقاب تدل على سمو في الأخلاق، وعلو في التربية، رغم الفقر والحاجة.
قال له: ألست الآن تتمتع بالنظر إلى هذه البناية الجميلة. قال: بلى. قال: أيهما أفضل: النظر إلى هذا الجمال، أم النظر إلى قبيح تنفر منه النفوس. إذن خير هذا الغني، وصلك دون أن تطلبه. وبما أنه لم يخطر في باله، أن يسمع مثل هذا الكلام، صمت ردحا من الزمن، ثم أجاب وعلامات الدهشة تسبقة: نعم هو ذاك.
وبعد الافتراق، دعا ربه قائلا .. اللهم إنا نحمدك على نعمة الجلوس للفقراء، والنظر لنعمك التي أنعمت بها على الأغنياء. اللهم متّع هذا الفقير، بما متّعت به عبادك. واحفظ هذا الغني ، وقيّض له من يحفظه ويدعو له ولأهله وولده. واجعل دعاء الفقير للغني عونا، واجعل عون الغني للفقير سندا.
إن خير العباد، من وفّقه ربه، ليمتّع غيره بما أُنعم عليه من النعم. وأفضلهم من كان وفيا مع من تمتّع بفضله بالنعم.
من الخير أن تنظر للخير
معمر حبار
econo.pers@gmail.com
كانت تظهر على ملبسه وهيئته، ملامح الفقر والغبن. وحين حمله في سيارته، وتقاسما الحديث، ظهر له جليا، أنه توأم للفقر المدقع.
وبينما الحديث أخذ مجراه وتشعّب، مرّا على بناية من طوابق جميلة المنظر، واسعة المساحة، يبدو أنّ صاحبها، أنفق في سبيل تشييدها الكثير من العرق، والأموال، والزمن، سأله: لمن تكون هذه البناية؟. أجاب الفقير، بصوت منخفض: الله ورسوله أعلم. ثم طلب من مرافقه، أن يدعو للغني الذي لايعرفه أحد منهما، بالنجاح والتوفيق، والزيادة فيما وُفق فيه.
ثم آنسه بقوله: المال من الخير، والخيرأمر مطلوب مرغوب، فأكد مرافقه ذلك ، بقوله نعم عدة مرات.
ثم باغته بقوله: هل تعلم أنّك تتمتع بخير هذا الغني. فاندهش مرافقه: كيف ذلك؟. وكان في كل مرة يتحدث فيها لصاحب السيارة، إلا وأرفقها بألقاب تدل على سمو في الأخلاق، وعلو في التربية، رغم الفقر والحاجة.
قال له: ألست الآن تتمتع بالنظر إلى هذه البناية الجميلة. قال: بلى. قال: أيهما أفضل: النظر إلى هذا الجمال، أم النظر إلى قبيح تنفر منه النفوس. إذن خير هذا الغني، وصلك دون أن تطلبه. وبما أنه لم يخطر في باله، أن يسمع مثل هذا الكلام، صمت ردحا من الزمن، ثم أجاب وعلامات الدهشة تسبقة: نعم هو ذاك.
وبعد الافتراق، دعا ربه قائلا .. اللهم إنا نحمدك على نعمة الجلوس للفقراء، والنظر لنعمك التي أنعمت بها على الأغنياء. اللهم متّع هذا الفقير، بما متّعت به عبادك. واحفظ هذا الغني ، وقيّض له من يحفظه ويدعو له ولأهله وولده. واجعل دعاء الفقير للغني عونا، واجعل عون الغني للفقير سندا.
إن خير العباد، من وفّقه ربه، ليمتّع غيره بما أُنعم عليه من النعم. وأفضلهم من كان وفيا مع من تمتّع بفضله بالنعم.