الهجرة النبوية وواقعنا الحالي :
بسم الله الرحمن الرحيم
عند قراءة سيرة النبي صلى الله عليه وسلم نلاحظ أنه قد بدأ الدعوة الى الاسلام في مكة حيث دعا المقربين ، ثم عمل تكتلا سريا استمر ثلاث سنوات ، وبعدها بدأت مرحلة الجهر بالدعوة ، بعد أن ثبتت العقيدة الاسلامية في قلوب الصحابة الذين كانوا من أوائل من أسلموا .
(( وهكذا كان حال حزب التحرير ، النواة الأولى والتكتل ثم الانطلاق ))
بدأ التعذيب واشتد .... وكذا صار مع حملة الدعوة .
عمل الرسول الكريم في مكة على الصراع الفكري والكفاح السياسي مما أساء هذا حال قريش ، فعرضوا عليه المنصب والمال والجاه ولكن ... بقيت القوة والمنعة بيد الكفار ، ولم يكن الحكم المطلق للرسول ، فكان جواب الرسول صلى الله عليه وسلم على هذا العرض أن قال : لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر ما تركته أو أهلك دونه .
وهذا دليل على أنه جعل الاسلام وحمله بين الناس هو قضية مصيرية بالنسبة له ، اما أن ينتشر أو يهلك دونه ..
(( وهكذا نحن في حزب التحرير نضع الاسلام مقابل حياتنا دون تنازل ))
كانت هجرتا المسلمين الى الحبشة باذن من الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم لمن لا يستطع اظهار دينه بسبب التعذيب .
وهنا نلاحظ أن السبب هو العذاب للمستضعفين ، وبقاء الرسول صلى الله عليه وسلم كان من أجل اكمال ما بدأه من تغيير أفكار ودعوة الى الاسلام وجعله قضيته ، لم يفر من الأذى .
وحوصر وأوذي واتهم ولوحق واستهزيء به ،،، صار يعرض نفسه على القبائل على أن يأووه الى قومهم حتى يبلغ كلام الله ورسالته ، وتكون لهم الجنة ..ولم يجبه أحد ،، بعضهم وافق بشروط ، وبعضهم استنكر عليه الأمر ...
وكان طلب النصرة هذا من أصحاب القوة والمنعة ،، وجميعنا يعلم قصته مع الطائف ..
حتى من الله عليه بالبشرى في أن وجد النصرة في أهل المدينة حين وفد للحج نفر استمعوا له وأعجبهم قوله فقالوا له (( انا تركنا قومنا بينهم من العداوة والشر ما بينهم، فعسى أن يجمعهم الله بك ، فان يجمعهم الله عليك فلا رجلا أعز منك ))
وعادوا للمدينة وحدثوا قومهم فأعجبهم الحديث .وعادوا في السنة الحادية عشر من البعثة الى الرسول صلى الله عليه وسلم وكانوا اثنا عشر رجلا بايعوه على الاسلام .. وذهب معهم مصعب بن عمير رضي الله عنه وأرضاه يعلمهم الاسلام حتى فشى في كل المدينة ،، فعادوا للمرة الثالثة الى مكة مبايعين ....
بايعوه على الحماية والنصرة (( بايعوه على أن يمنعوه مما يمنعون منه نساءهم وأبناءهم ،، وعلى حرب الأحمر والأسود من الناس ))
وبايعوه على الحكم (( بايعوه على السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره وأثرة عليهم وأن لا ينازعوا الأمر أهله وأن يقولوا الحق أينما كانوا ،، فان فعلوا ذلك فلهم الجنة ))
اذن طلب النصرة هو طلب حماية وطلب حكم ، ولم يجد ذلك الا عند أهل المدينة الذين شرفهم الله تعالى بأن يكونوا الأنصار للاسلام والمسلمين .
هذا هو طريق الرسول صلى الله عليه وسلم ،، والطريقة هي حكم شرعي يجب الالتزام بها في تأسيس الدولة والوصول للحكم ،، قال تعالى (( قل هذه سبيلي أدعو الى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني )) ونحن نعلم أن كل عمل قام به رسولنا الكريم هو حكم شرعي واجب التطبيق كما هو ،، (( وما ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى ))
وكانت الهجرة الى المدينة ..
لم تكن هربا من العذاب والا لكانت هجرته الى الحبشة كباقي صحابته .. كانت هجرة تنفيذا لحكم شرعي من الله تعالى ، هجرة من دار كفر لم تقبل بحكم الاسلام الى دار اسلام قبلت بحكمه ونصرته ( المدينة ) .... كانت هجرة من أجل بناء دولة خاطب بها ملوك الفرس والروم .. حكمها شرع الله كاملا دون تدرج ..
فمنذ وصوله للمدينة شرع في بناء مسجد يكون مكانا للصلاة والتشاور والتعليم والقضاء وادارة شؤون الناس .
وضع ميثاقا بين المسلمين واليهود تحت سلطان المسلمين وقوتهم ،، أما المسلمون من المهاجرين والأنصار فقد آخى بينهم ( هم أمة واحدة من دون الأمم ) ،، حل مشكلة البطالة حتى ازدهرت المدينة بالزراعة والتجارة والصناعة ... أرسل للملوك يدعوهم للاسلام ،، درب الناس على القتال وصناعة السلاح ..
وطلب من المهاجرين في الحبشة بالعودة الى المدينة ( دار الاسلام )
قال تعالى :
أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وأن الله على نصرهم لقدير
وقال :
وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم ،، وآخرين من دونهم ، لا تعلموهم الله يعلمهم .
..................
هذه الآيات نزلت في المدينة ،، فكيف سيعدون العدة ويقاتلوا قبل الهجرة وهم نفر قليل لا كيان ولا سلطان لهم ؟؟ فالجهاد مسؤولية دولة ،، وما دام الجهاد فرضا فعلينا ايجاد الدولة التي تسأل عن هذا الفرض ..
أما قبل الهجرة فما كان من رسولنا الا أن يقول .. صبرا .... آل ياسر .
فالهجرة كانت لبناء دولة العز والقوة والنور والعظمة ( كيان دولة كامل )
ــــــــــــــــــــــــــ
كان الرسول صلى الله عليه وسلم يطلب من الكفار الدخول في الاسلام
أما اليوم فنحن نطلب من المسلمين استئناف الحياة الاسلامية
أما الواقع فمتشابه بين الأمس واليوم ،، دار كفر ... وطريق ومنهج وسبيل نتبعه واضحا لنا فقد أكمل الله دينه ورضي لنا الاسلام حكما ومشرعا .
ــــــــــــــــــــــــــــــ
قال تعالى (( ان الذين توفتهم الملائكة ظالمي أنفسهم ، قالوا فيم كنتم ، قالوا كنا مستضعفين في الأرض ، قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها . فؤلئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا .....الا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا ،، فؤلئك عسى الله أن يعفو عنهم ، وكان الله عفوا غفورا . ))
هذه الآية تدل على فرضية الهجرة لمن لا يستطيع اظهار دينه ،، وربط أمر الهجرة بجهنم ....
وما دامت الهجرة فرض ،، فأين سنهاجر ؟؟ (( ما لا يتم الواجب الا به فهو واجب )) اذن علينا أن نعمل على ايجاد دار اسلام حتى نهاجر اليها .
ــــــــــــــــــــــــــ
وأخيرا أقول :
لا خلاص للثورات الا بالخلافة ....
ـــــــــــــــــــــــــــ
ونحن واثقون بوعد الله رغم ضعفنا ... وستعود الخلافة .. وستفتح روما وكل الأرض كما وعد الله تعالى .
............ بارك الله بكم .........