الأحد: 10 ربيع الأول 1435هجري، الموافق لـ 12 جانفي 2014
عبر وعظات عبر الطريق السيار
معمر حبار
econo.pers@gmail.com
إتّجه رفقة إبنه الأكبر إلى وهران، وخلال 420 كلم ذهابا وإيابا، وعبر الحديث الذي جمع الوالد والولد ، كانت هذه الأسطر..
محطة بنزين سيدي العروسي، هي النقطة الأولى قبل ولوج طريق السيار. ملء خزان السيارة بماتستحقه من بنزين، ثم أديا صلاة الفجر والصبح في مصلى صغير بالمحطة.
إن الصلاة هي البنزين الذي يحتاجه الإنسان في حلّه وترحاله. وكل سفر يحتاج لطاقة وزاد، والصلاة أفضل الطاقات، وأحسن الزاد وأدومها، لأن الصلاة في وقتها تعين المسافر.
لاحظ الابن أن اللافتات الدالة على الأماكن والمدن، بالنسبة لتلك المكتوبة باللغة العربية، صغيرة الحجم، صعبة القراءة. بينما تلك المكتوبة باللغة الفرنسية، كبيرة الحجم، تُقرأ من بعيد، وبسهولة ويسر.
وبقدر ماحزن الأب عن عدم لفت نظره هذه الملاحظة، رغم المرور عليها مرات عديدة، فرح كثيرا للإبن الذي استطاع أن يقف عليها ويشير إليها، وتمنى لو تُأخذ ملاحظته بعين الاعتبار.
أُعجِب الابن بسرعة السيارات الألمانية، وراح يمتدحها عبر الطريق، فقال الأب.. إن المنتوج الألماني أيّ كان، يدل على مستوى عالي من الدقة في العلم، والبحث الطويل، والصرامة في الجودة، والأخلاق العالية في إرضاء الزبون. فالصدق والوفاء والأمانة وعدم الخيانة ونبذ الغش، كلها عوامل ساعدت الألماني ليتميّز عن غيره بما صنعته اليد .. فنال الريادة، وتربّع على الصدارة، واعترف له المنافس قبل التابع. ومن أراد نتائجه، فليقف على مقدماته، وليأخذ منها مايؤهله للقمة والثبات.
المحطات المترامية عبر الطريق السيار، ساهمت بشكل كبير وواضح في توفير وسائل الراحة .. من أكل وشرب، وماتتطلبه السيارة من بنزين وقطع غيار، ومستلزمات أخرى. ولعلّ زيادة أعدادها، والتي هي الآن قيد التشييد والبناء، سيساهم في تحسين الخدمة أكثر. والمطلوب من المستعمل أن يحافظ على الوسيلة التي وُضعت تحت تصرفه، وكذلك يُطلب من القائم عليها، أن يُخلص في صيانتها، والمحافظة عليها، والسّهر على حسن تسييرها.
إن توفر الماء والمصليات عبر هذه المحطات، ساهم بشكل كبير في آداء الصلوات في وقتها، وبأحسن السبل وأيسرها، فلم يعد هناك داعيا لتأخير الصلاة، أو التهاون في شأنها.
عندما يعود المرء للثمانينات من القرن الماضي، حين كان طالبا بالجامعة، ويستحضر المشقة التي كانت ترافق المسافر في ذهابه وإيابه، وانقطاع الطريق عن أدنى وسائل الراحة والأمن وعدم توفرها، فيصل المكان، وقد أخذ منه الجهد كامل صحته، وربما ضيّع صلاته، وفرّط في بطنه، ثم يقارن بما هو متوفر اليوم من أسباب الراحة، فيحمد الله على الموجود، ويتطلّع في نفس الوقت، لما هو أفضل وأحسن.
قال الإبن، أثناء العودة من وهران: إن الرجوع يكون دائما سهلا. رد الأب قائلا: وكذلك الرجوع إلى الله تعالى.
حين يتخذ المرء الطريق السيار وسيلة، تُطوى أمامه المسافات والصعاب. فهذه المغرب الأقصى، تلوح من بعيد، خاصة عند مفترق الطرق الرابط بين وهران وتلمسان. ويكفي ساعات معدودات، وبأقل الجهد، ليلقى الجزائري جيرانه وأحبته في المغرب والمشرق، فينمو الطفل على حب الجار والأخ، لكن السياسة فعلت فعلتها.. ويبقى اللقاء يراود الوالد والولد.
إن من مهام الطريق السيار، أن يسير بالمرء داخل الوطن وخارجه، فيقرب البعيد، ويلم الشمل.
عبر وعظات عبر الطريق السيار
معمر حبار
econo.pers@gmail.com
إتّجه رفقة إبنه الأكبر إلى وهران، وخلال 420 كلم ذهابا وإيابا، وعبر الحديث الذي جمع الوالد والولد ، كانت هذه الأسطر..
محطة بنزين سيدي العروسي، هي النقطة الأولى قبل ولوج طريق السيار. ملء خزان السيارة بماتستحقه من بنزين، ثم أديا صلاة الفجر والصبح في مصلى صغير بالمحطة.
إن الصلاة هي البنزين الذي يحتاجه الإنسان في حلّه وترحاله. وكل سفر يحتاج لطاقة وزاد، والصلاة أفضل الطاقات، وأحسن الزاد وأدومها، لأن الصلاة في وقتها تعين المسافر.
لاحظ الابن أن اللافتات الدالة على الأماكن والمدن، بالنسبة لتلك المكتوبة باللغة العربية، صغيرة الحجم، صعبة القراءة. بينما تلك المكتوبة باللغة الفرنسية، كبيرة الحجم، تُقرأ من بعيد، وبسهولة ويسر.
وبقدر ماحزن الأب عن عدم لفت نظره هذه الملاحظة، رغم المرور عليها مرات عديدة، فرح كثيرا للإبن الذي استطاع أن يقف عليها ويشير إليها، وتمنى لو تُأخذ ملاحظته بعين الاعتبار.
أُعجِب الابن بسرعة السيارات الألمانية، وراح يمتدحها عبر الطريق، فقال الأب.. إن المنتوج الألماني أيّ كان، يدل على مستوى عالي من الدقة في العلم، والبحث الطويل، والصرامة في الجودة، والأخلاق العالية في إرضاء الزبون. فالصدق والوفاء والأمانة وعدم الخيانة ونبذ الغش، كلها عوامل ساعدت الألماني ليتميّز عن غيره بما صنعته اليد .. فنال الريادة، وتربّع على الصدارة، واعترف له المنافس قبل التابع. ومن أراد نتائجه، فليقف على مقدماته، وليأخذ منها مايؤهله للقمة والثبات.
المحطات المترامية عبر الطريق السيار، ساهمت بشكل كبير وواضح في توفير وسائل الراحة .. من أكل وشرب، وماتتطلبه السيارة من بنزين وقطع غيار، ومستلزمات أخرى. ولعلّ زيادة أعدادها، والتي هي الآن قيد التشييد والبناء، سيساهم في تحسين الخدمة أكثر. والمطلوب من المستعمل أن يحافظ على الوسيلة التي وُضعت تحت تصرفه، وكذلك يُطلب من القائم عليها، أن يُخلص في صيانتها، والمحافظة عليها، والسّهر على حسن تسييرها.
إن توفر الماء والمصليات عبر هذه المحطات، ساهم بشكل كبير في آداء الصلوات في وقتها، وبأحسن السبل وأيسرها، فلم يعد هناك داعيا لتأخير الصلاة، أو التهاون في شأنها.
عندما يعود المرء للثمانينات من القرن الماضي، حين كان طالبا بالجامعة، ويستحضر المشقة التي كانت ترافق المسافر في ذهابه وإيابه، وانقطاع الطريق عن أدنى وسائل الراحة والأمن وعدم توفرها، فيصل المكان، وقد أخذ منه الجهد كامل صحته، وربما ضيّع صلاته، وفرّط في بطنه، ثم يقارن بما هو متوفر اليوم من أسباب الراحة، فيحمد الله على الموجود، ويتطلّع في نفس الوقت، لما هو أفضل وأحسن.
قال الإبن، أثناء العودة من وهران: إن الرجوع يكون دائما سهلا. رد الأب قائلا: وكذلك الرجوع إلى الله تعالى.
حين يتخذ المرء الطريق السيار وسيلة، تُطوى أمامه المسافات والصعاب. فهذه المغرب الأقصى، تلوح من بعيد، خاصة عند مفترق الطرق الرابط بين وهران وتلمسان. ويكفي ساعات معدودات، وبأقل الجهد، ليلقى الجزائري جيرانه وأحبته في المغرب والمشرق، فينمو الطفل على حب الجار والأخ، لكن السياسة فعلت فعلتها.. ويبقى اللقاء يراود الوالد والولد.
إن من مهام الطريق السيار، أن يسير بالمرء داخل الوطن وخارجه، فيقرب البعيد، ويلم الشمل.