مجتمع لا ثقافي هو مجتمع مأزوم!!
نبيل عودة
ما دام العرب لا يقرأون ..لا خوف على إسرائيل وإذا بدأوا يقرأون، فلن يفهموا ... لذلك لا خوف ايضا على اسرائيل– الحديث منسوب الى موشيه ديان. صحيفة هآرتس نسبته الى بن غويون والتفاصيل: باجتماع امني عبَّر احد الجنرالات عن خوفه من العرب. طمأنه بن غوريون: العرب لا يقرأون لذلك لا خوف على اسرائيل. قال الجنرال: سيتعلمون القراءة. رد بن غوريون: وإذا بدأوا يقرأون فلن يفهموا ما يقرأون، لذلك لا خوف على إسرائيل!!
*******
المشهد الثقافي العربي مليء بحالات التكلس التي تمنع تدفق "الدماء الثقافية" ويجعل ثقافتنا تعاني من التوقف والانقطاع عن التواصل مع جمهورها المفترض
لا يمكن فصل هذه الظاهرة عن فساد الانظمة وعن غياب المساحة الحرة الضرورية لجعل المشهد الثقافي مؤثراً على مجمل المشاهد السياسية والاجتماعية والتربوية .
حتى في ثقافة بعيدة عن تسلط انظمة الفساد ، مثل الثقافة العربية في اسرائيل ، نجد انها لم تقع بعيداً عن شجرتها الام ، والأجواء السائدة في ثقافتنا لا تختلف عن الاجواء المرضية للثقافة العربية. ما تطلبه الانظمة من مثقفيها لا يختلف عما تطلبه القيادات العربية المحلية من "مثقفيها" . او عن الخانة المخصصة لهم ... وكأنهم لاعبون يؤدون دوراً ما في سيرك ، من ظواهر هذه الحالة ظهور فئة المثقفين "الوصاة" المحسوبين على القيادات الحزبية .. دون ان يواجهوا بحقيقتهم ، انهم اهانة للثقافة والمثقفين وانهم مجرد مهرجين في المشهد الثقافي ومنافقين لأصحاب السطوة والـمتزعمين !!
امام هذه الحالة نرى ان ثقافتنا اصبحت منقسمة على ذاتها ، بين "ثقافة رسمية" تدافع عما يسمى زورا " المصلحة العامة " وثقافة متمردة على هذه الوصاية ... تواجه ليس الرفض الثقافي الرسمي من الاوصياء والمتثاقفين وإنما القمع الرسمي ايضا ... او القمع الحزبي !!
صحيح انه في حالة ثقافتنا العربية في اسرائيل ، الحالة مختلفة بعض الشيء ... لكن تأثيرات الحالة العربية العامة تمتد وتشكل عائقاً على الفكر الثقافي عندنا ايضا ً .
هذه الوصاية كثيراً ما تبرز تحت عباءة الرقابة على الفكر والإبداع الذي تمارسه الانظمة بتعاون كامل مع عناصر دينية متزمتة تشكل التيار الديني الرسمي للنظام .
في السنة الاخيرة منع توزيع عدد من الكتب في دول عربية مختلفة وتعرض عدد من الكتاب الى التهديدات والضغوطات الفظة.
هذه الحالة تعبر عن واقع سياسي مريض... حقاً نحن بعيدين عن انظمة القمع السياسي والثقافي . كم تبدو الاحاديث عن الاصلاح الديمقراطي مقطوعة من جذورها . حين تقرن بالفساد العربي ... وأنا ادعي ان الفساد العربي له امتداده المحلي ايضاً ... وهذا يبرز بقوة في توقف تدفق الدماء في جسد ثقافتنا ، في تحول الثقافة الى الشيء الزائد غير الاساسي في ممارستنا السياسية وفي واقعنا الاجتماعي ... وعملية الفصل بين السياسي والثقافي والاجتماعي والثقافي اكتملت !!
ان الفصل بين الثقافي والسياسي يقود الى التعثر والانكفاء ... تعثر ثقافي وانكفاء سياسي . الفصل بين الاجتماعي والثقافي يقود الى الخواء الفكري والتفكك الاجتماعي وشيوع السلبيات في حياتنا وممارساتنا اليومية والعامة .
هذه هي الحالة المرضية لثقافتنا ولسياستنا ولمجتمعنا ، حيث تتحول السياسة الى لعبة صراع بين مجموعة من الديكة لإبراز قوة مناقيرهم ، وألوان ريشهم وتوهمهم انهم الاوصياء الذين لا تسير الامور بدونهم . بكلمات اخرى يمارسون عملية النفي للرأي المختلف ، للعقل الآخر، يرون بكل مبادرة اجتماعية، سياسية أو ثقافية ، تجاوزاً لمكانتهم ... وخطراً يهدد امتيازاتهم .
ان العداء المتأصل بين القيادات السياسية من جهة والثقافية من جهة أخرى، هو ابرز تعبير عن الضرورة في التغيير والإصلاح الاجتماعي والسياسي، في هذه الحالة الحل يكون بإحداث انتفاضة ثقافية تنهي الابتذال والوهن، تنهي الطغيان السلطوي والفساد السياسي. هذه المعادلة تصلح لواقعنا السياسي والثقافي ايضاً رغم اختلاف الكثير من المعايير .
مجتمع مأزوم وأدب مأزوم
الواقع الثقافي هو المعيار الصحيح للواقع الاجتماعي .المجتمع المأزوم لا ينتج إلا الأدب المأزوم. هذا لا يعني ان حركة الابداع تتوقف انما يزاد التسيب الثقافي ، يسود الفقر الثقافي، يطغى على الساحة الادبية انتاج فج .
لا يتوهم احد ان الدرجات العلمية التي تسبق بعض الاسماء تضيف أي تميز. التجربة الثقافية في العقد الاخير على الاقل تشير الى اتجاه معاكس تماماً. بعض اصحاب الالقاب هم اكثر مروجي ثقافة الفقر و ثقافة الهبوط والتذلل ... ثقافة التسول والميوعة ،ثقافة الكتابة في فراغ ... ربما لأن بعضهم " اكتشف " ميوله الأدبية بعد التقاعد وضمان أمن المعاش ، أو بعد ان بات متأكدا ان خطر التعبير عن وطنيته لم يعد يواجه بغضب السلطة!!
في الثقافة العربية داخل اسرائيل هناك عوامل عمقت الواقع الادبي المأزوم، هذا انعاكس للأزمة السياسية، الاجتماعية والفكرية الخانقة التي يواجهها مجتمعنا العربي داخل اسرائيل ، تتميز بغياب الثقافة الكامل عن الاجندة المطروحة على ساحة العمل السياسي والفكري .. بمعنى ان الفصل بين الثقافي والسياسي ، بين الثقافي والفكر التاريخي ، بين الثقافي والفكر الديني لها تفسير وحيد، اننا اصبحنا مجتمعاً لا ثقافياً، لا يقرأ، لا يناقش، لا يفكر ، لا يبدع، يعيش على الوجبات الجاهزة، مجتمع انتفى فيه العقل لصالح النقل، ودعاة التنوير يتهموا بالالحاد والعقوق.
ان اهم مجلة ثقافيه عرفها العرب في اسرائيل ، لعبت دوراً هاماً في بناء صرح الثقافة العربية للجماهير العربية داخل اسرائيل وصانت شخصيتهم الوطنية ولغتهم وأقامت التواصل بينهم وبين الثقافة العربية في العالم العربي ( وأعني مجلة "الجديد "التي اصدرها الشيوعيون في اوائل الخمسينات ) غابت تماماً ... دون ان تثير اي ردود فعل لدى جمهور المثقفين...
هل من المستهجن الوضع لذي انحدرنا إليه هل من الغريب ان بعض "الجبناء" الذين لم نسمع اصواتهم حين كان للكلمة ثمن ندفعه من حرياتنا وحقنا بالعمل ، أصبحوا في شيخوختهم وطنيين وشعراء وكتاب تافهين ونقاد وأدباء ينصبون الملوك والامراء للشعر والنثر العربي في اسرائيل ... ويجعلون من الثرثرات قمم في الابداع الادبي، في الوقت الذي أصبحت الأعمال الجيدة مثل العملة النادرة!!
لا اريد ان يفهم من كلامي ان كل الابداع الادبي للعرب داخل اسرائيل مأزوم وفاشل ، هناك ابداعات أدبية جيدة ومتوسطة نثراً وشعراً ونقداً ولكن السائد بنسبة شبه مطلقة هي النصوص هي نصوص لا شيء فيها من الابداع أو الذوق الادبي البسيط، من ناحية أخرى النقد السائد بأكثريته يفتقر لمركب نقدي جاد ، او ثقافي ذوقي عام، وأجزم ان هناك قطيعة بين النقد وبين النص المنقود.
ربما اكثر التعابير ملائمة للواقع الادبي والاجتماعي المأزوم وصفه بحالة المراهقة. هذه الحالة يمكن ملاحظتها في مستويين، الاول مستوى التفكير والدوافع التي تقف وراء الكتابة النقدية أو ألإبداعية (انا اعتبر ان النقد كتابة ابداعية ايضاً ، وعملية التفريق بينهما هنا من ضرورات شرح الواقع الثقافي المأزوم ) المستوى الثاني ، على المستوى الشخصي ، هذا الامر لم اتوقعه ... حتى وقع بين يدي ديوان شعر لناقد وشاعر من اياهم ففوجئت ان المراهقة ، كمرحلة في حياة كل انسان ، تتواصل ثقافيا ايضا.
بالطبع هناك تداخل بين المستويين ... ينتج عنه العجب العجاب في ثقافتنا المسكينة.. والويل لنبيل عودة ، على " وقاحته " واقتحامه للممالك الخاصة التي اقامها البؤساء ثقافياً ، للأسف اجد نفسي احمل السلم بالعرض ، مواقفي حقاً تحظى بشعبية لدى الكثير من المثقفين الحقيقيين.. لكني مستاء جداً من انكفائهم واكتفائهم بالدعم المعنوي وكأن الثقافية العربية داخل اسرائيل لا تخصهم وليذهب الصالح بعزا الطالح.
اريد ان ارى حركة ثقافية نشطة وغير متهادنة مع التهريج والفقر الثقافي ، ليس لإعادة قيمة الابداع لحياتنا انما لدفع مجتمعنا نحو افاق انسانية جديدة ، نحو تفكير عقلاني فكري سياسي واجتماعي، نحو التخلص بؤر الانطواء والانعزال القومي والطائفي والثقافي.
nabiloudeh@gmail.com
نبيل عودة
ما دام العرب لا يقرأون ..لا خوف على إسرائيل وإذا بدأوا يقرأون، فلن يفهموا ... لذلك لا خوف ايضا على اسرائيل– الحديث منسوب الى موشيه ديان. صحيفة هآرتس نسبته الى بن غويون والتفاصيل: باجتماع امني عبَّر احد الجنرالات عن خوفه من العرب. طمأنه بن غوريون: العرب لا يقرأون لذلك لا خوف على اسرائيل. قال الجنرال: سيتعلمون القراءة. رد بن غوريون: وإذا بدأوا يقرأون فلن يفهموا ما يقرأون، لذلك لا خوف على إسرائيل!!
*******
المشهد الثقافي العربي مليء بحالات التكلس التي تمنع تدفق "الدماء الثقافية" ويجعل ثقافتنا تعاني من التوقف والانقطاع عن التواصل مع جمهورها المفترض
لا يمكن فصل هذه الظاهرة عن فساد الانظمة وعن غياب المساحة الحرة الضرورية لجعل المشهد الثقافي مؤثراً على مجمل المشاهد السياسية والاجتماعية والتربوية .
حتى في ثقافة بعيدة عن تسلط انظمة الفساد ، مثل الثقافة العربية في اسرائيل ، نجد انها لم تقع بعيداً عن شجرتها الام ، والأجواء السائدة في ثقافتنا لا تختلف عن الاجواء المرضية للثقافة العربية. ما تطلبه الانظمة من مثقفيها لا يختلف عما تطلبه القيادات العربية المحلية من "مثقفيها" . او عن الخانة المخصصة لهم ... وكأنهم لاعبون يؤدون دوراً ما في سيرك ، من ظواهر هذه الحالة ظهور فئة المثقفين "الوصاة" المحسوبين على القيادات الحزبية .. دون ان يواجهوا بحقيقتهم ، انهم اهانة للثقافة والمثقفين وانهم مجرد مهرجين في المشهد الثقافي ومنافقين لأصحاب السطوة والـمتزعمين !!
امام هذه الحالة نرى ان ثقافتنا اصبحت منقسمة على ذاتها ، بين "ثقافة رسمية" تدافع عما يسمى زورا " المصلحة العامة " وثقافة متمردة على هذه الوصاية ... تواجه ليس الرفض الثقافي الرسمي من الاوصياء والمتثاقفين وإنما القمع الرسمي ايضا ... او القمع الحزبي !!
صحيح انه في حالة ثقافتنا العربية في اسرائيل ، الحالة مختلفة بعض الشيء ... لكن تأثيرات الحالة العربية العامة تمتد وتشكل عائقاً على الفكر الثقافي عندنا ايضا ً .
هذه الوصاية كثيراً ما تبرز تحت عباءة الرقابة على الفكر والإبداع الذي تمارسه الانظمة بتعاون كامل مع عناصر دينية متزمتة تشكل التيار الديني الرسمي للنظام .
في السنة الاخيرة منع توزيع عدد من الكتب في دول عربية مختلفة وتعرض عدد من الكتاب الى التهديدات والضغوطات الفظة.
هذه الحالة تعبر عن واقع سياسي مريض... حقاً نحن بعيدين عن انظمة القمع السياسي والثقافي . كم تبدو الاحاديث عن الاصلاح الديمقراطي مقطوعة من جذورها . حين تقرن بالفساد العربي ... وأنا ادعي ان الفساد العربي له امتداده المحلي ايضاً ... وهذا يبرز بقوة في توقف تدفق الدماء في جسد ثقافتنا ، في تحول الثقافة الى الشيء الزائد غير الاساسي في ممارستنا السياسية وفي واقعنا الاجتماعي ... وعملية الفصل بين السياسي والثقافي والاجتماعي والثقافي اكتملت !!
ان الفصل بين الثقافي والسياسي يقود الى التعثر والانكفاء ... تعثر ثقافي وانكفاء سياسي . الفصل بين الاجتماعي والثقافي يقود الى الخواء الفكري والتفكك الاجتماعي وشيوع السلبيات في حياتنا وممارساتنا اليومية والعامة .
هذه هي الحالة المرضية لثقافتنا ولسياستنا ولمجتمعنا ، حيث تتحول السياسة الى لعبة صراع بين مجموعة من الديكة لإبراز قوة مناقيرهم ، وألوان ريشهم وتوهمهم انهم الاوصياء الذين لا تسير الامور بدونهم . بكلمات اخرى يمارسون عملية النفي للرأي المختلف ، للعقل الآخر، يرون بكل مبادرة اجتماعية، سياسية أو ثقافية ، تجاوزاً لمكانتهم ... وخطراً يهدد امتيازاتهم .
ان العداء المتأصل بين القيادات السياسية من جهة والثقافية من جهة أخرى، هو ابرز تعبير عن الضرورة في التغيير والإصلاح الاجتماعي والسياسي، في هذه الحالة الحل يكون بإحداث انتفاضة ثقافية تنهي الابتذال والوهن، تنهي الطغيان السلطوي والفساد السياسي. هذه المعادلة تصلح لواقعنا السياسي والثقافي ايضاً رغم اختلاف الكثير من المعايير .
مجتمع مأزوم وأدب مأزوم
الواقع الثقافي هو المعيار الصحيح للواقع الاجتماعي .المجتمع المأزوم لا ينتج إلا الأدب المأزوم. هذا لا يعني ان حركة الابداع تتوقف انما يزاد التسيب الثقافي ، يسود الفقر الثقافي، يطغى على الساحة الادبية انتاج فج .
لا يتوهم احد ان الدرجات العلمية التي تسبق بعض الاسماء تضيف أي تميز. التجربة الثقافية في العقد الاخير على الاقل تشير الى اتجاه معاكس تماماً. بعض اصحاب الالقاب هم اكثر مروجي ثقافة الفقر و ثقافة الهبوط والتذلل ... ثقافة التسول والميوعة ،ثقافة الكتابة في فراغ ... ربما لأن بعضهم " اكتشف " ميوله الأدبية بعد التقاعد وضمان أمن المعاش ، أو بعد ان بات متأكدا ان خطر التعبير عن وطنيته لم يعد يواجه بغضب السلطة!!
في الثقافة العربية داخل اسرائيل هناك عوامل عمقت الواقع الادبي المأزوم، هذا انعاكس للأزمة السياسية، الاجتماعية والفكرية الخانقة التي يواجهها مجتمعنا العربي داخل اسرائيل ، تتميز بغياب الثقافة الكامل عن الاجندة المطروحة على ساحة العمل السياسي والفكري .. بمعنى ان الفصل بين الثقافي والسياسي ، بين الثقافي والفكر التاريخي ، بين الثقافي والفكر الديني لها تفسير وحيد، اننا اصبحنا مجتمعاً لا ثقافياً، لا يقرأ، لا يناقش، لا يفكر ، لا يبدع، يعيش على الوجبات الجاهزة، مجتمع انتفى فيه العقل لصالح النقل، ودعاة التنوير يتهموا بالالحاد والعقوق.
ان اهم مجلة ثقافيه عرفها العرب في اسرائيل ، لعبت دوراً هاماً في بناء صرح الثقافة العربية للجماهير العربية داخل اسرائيل وصانت شخصيتهم الوطنية ولغتهم وأقامت التواصل بينهم وبين الثقافة العربية في العالم العربي ( وأعني مجلة "الجديد "التي اصدرها الشيوعيون في اوائل الخمسينات ) غابت تماماً ... دون ان تثير اي ردود فعل لدى جمهور المثقفين...
هل من المستهجن الوضع لذي انحدرنا إليه هل من الغريب ان بعض "الجبناء" الذين لم نسمع اصواتهم حين كان للكلمة ثمن ندفعه من حرياتنا وحقنا بالعمل ، أصبحوا في شيخوختهم وطنيين وشعراء وكتاب تافهين ونقاد وأدباء ينصبون الملوك والامراء للشعر والنثر العربي في اسرائيل ... ويجعلون من الثرثرات قمم في الابداع الادبي، في الوقت الذي أصبحت الأعمال الجيدة مثل العملة النادرة!!
لا اريد ان يفهم من كلامي ان كل الابداع الادبي للعرب داخل اسرائيل مأزوم وفاشل ، هناك ابداعات أدبية جيدة ومتوسطة نثراً وشعراً ونقداً ولكن السائد بنسبة شبه مطلقة هي النصوص هي نصوص لا شيء فيها من الابداع أو الذوق الادبي البسيط، من ناحية أخرى النقد السائد بأكثريته يفتقر لمركب نقدي جاد ، او ثقافي ذوقي عام، وأجزم ان هناك قطيعة بين النقد وبين النص المنقود.
ربما اكثر التعابير ملائمة للواقع الادبي والاجتماعي المأزوم وصفه بحالة المراهقة. هذه الحالة يمكن ملاحظتها في مستويين، الاول مستوى التفكير والدوافع التي تقف وراء الكتابة النقدية أو ألإبداعية (انا اعتبر ان النقد كتابة ابداعية ايضاً ، وعملية التفريق بينهما هنا من ضرورات شرح الواقع الثقافي المأزوم ) المستوى الثاني ، على المستوى الشخصي ، هذا الامر لم اتوقعه ... حتى وقع بين يدي ديوان شعر لناقد وشاعر من اياهم ففوجئت ان المراهقة ، كمرحلة في حياة كل انسان ، تتواصل ثقافيا ايضا.
بالطبع هناك تداخل بين المستويين ... ينتج عنه العجب العجاب في ثقافتنا المسكينة.. والويل لنبيل عودة ، على " وقاحته " واقتحامه للممالك الخاصة التي اقامها البؤساء ثقافياً ، للأسف اجد نفسي احمل السلم بالعرض ، مواقفي حقاً تحظى بشعبية لدى الكثير من المثقفين الحقيقيين.. لكني مستاء جداً من انكفائهم واكتفائهم بالدعم المعنوي وكأن الثقافية العربية داخل اسرائيل لا تخصهم وليذهب الصالح بعزا الطالح.
اريد ان ارى حركة ثقافية نشطة وغير متهادنة مع التهريج والفقر الثقافي ، ليس لإعادة قيمة الابداع لحياتنا انما لدفع مجتمعنا نحو افاق انسانية جديدة ، نحو تفكير عقلاني فكري سياسي واجتماعي، نحو التخلص بؤر الانطواء والانعزال القومي والطائفي والثقافي.
nabiloudeh@gmail.com