الحلقة السادسة عشرة من سلسلة ( ربط العبادات بالسلوك و العقيدة)
إكمال الحديث في معاني الصلاة:
احبائي في الله: في الحلقه الماضية استكملنا الحديث في معاني السجود، ومن ثم معاني التحيات، و ما ينعكس منها على نفسك و مشاعرك، و يتفكر بها عقلك، و حديثنا اليوم في معاني الصلاة الابراهيمية :
فتقول : ((اللهم صل على محمد و على ال محمد كما صليت على ابراهيم و ال ابراهيم و بارك على محمد و ال محمد كما باركت على ابراهيم و ال ابراهيم في العالمين انك حميد مجيد ))
ولنا هنا ملاحظه تشد عقولنا و فكرنا، وهي افتتاح الصلاة بدعاء التوجه – دعاء ابراهيم عليه السلام _ وختتامها بالصلاة عليه مقرونه بالصلاة على نبينا عليهما افضل الصلاة و التسليم، و هذا الربط يذكرنا بملة ابراهيم التي تحدثنا عنها سابقا في هذه السلسلة و اوضحنا معالمها و اكررها اختصارا:-
1- التوجه لله مسلما حنيفا (اي مستسلما منقادا مستقيما بمنهجه فكرا و سلوكا )
2- اعلان الولاء لله باتياع الاسلام و موالات اهله
3- البراء من الشرك و الكفر و الضلاله و اهله وان كانوا ذو قرابة ( فرابطة الملة تقوم على اخوة العقيدة و الايمان و تنهي كل الروابط الاخرى اذا عارضتها ولم تخضع لها .فالولاء لله والموالاة فيه وله.
4- الاستقامه في الحياة على منهج الله من المحيا الى الممات بأمر الله و كيفما امر بلا تحريف و لا تزييف و لا تبديل.
5- ان من ملة ابراهيم عليه السلام تحطيم الاصنام (حجرية كانت ام بشريه )وعدم الخضوع لسلطانها ولا سلطان اتباعها وان ادى ذلك للهجرة في الارض اذا حل بها الظلم و الجور لاقامة كيان يُعبد فيه الله وحدة ولا يشرك به غيره .
6- وان من ملة ابراهيم جمع الناس على كلمة التوحيد ليعبدو ربا واحدا و ينهوا كل مربوب سواه، فلذلك امره الله تعالى ان يبني البيت العتيق، و وجدنا اذانه بالحج في الناس، ليجمع المؤمنين من مشارق الارض و مغاربها، و من كل فج عميق ليقصدوا البيت العتيق الذي رفع قواعده، لتهوي اليه افئدة الموحدين المخلصين الذين لا يرون ربا الا رب البيت العتيق، مجتمعين في اعظم مهرجان عرفته البشرية عبر التاريخ، ليعودو منه بالنور و الاستنارة لدعوة التوحيد التي تخاطب جنس البشر كافة .
وهذه الملة هي التي أُمر نبينا صل الله عيه و سلم بأتباعها وانتهاجها، و ذلك يعني الكيفيه و الطريقة التي ينفذ بها العقيدة وافكارها في واقع الحياة .
ولما كان الدين عند الله واحد بعث به جميع الانبياء و الرسل، ولما كان ابراهيم عليه سلام الله قد انحصرت النبوة و الرسالة في ذريته، و ختمت بسليل نسله النبي الرسول الكريم محمد صل الله عليه و سلم، ربط ديننا الحنيف بين اخر ابناء النبوة و بين جدهم الاعلى ابراهيم عيه السلام، حيث اعظم الاديان اتباعا كانت رسلهم و انبيائهم من ذرية ابراهيم عليه السلام و ختموا بذرية ابراهيم عليه السلام...
فأنت في صلاتك بهذه الصلاة على الحفيد و الجد, و ال كل منهما انما تعبر تاريخا طويلا لرحلة التوحيد، و ما طرأ عليها من تحريف و تزييف و تزوير، لتحرص على الا تقع فيما وقع به السابقون من ضلال وانحراف، فضلوا و باءوا بغضب الله و العياذ بالله، و حيث ان النبوة ختمت ولا مجدد لها الا كتابك المكنون الذي لا ياتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه والذي قال فيه سبحانه ( انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون )، فذكر محفوظ تحفظ به انت ان التزمت ولا حافظ لك ان اسأت فهمة او زيفته وحرفته او انحرفت عنه.
و صلاة الله هي الرحمه، تطلبها منه لتحل على من يستحقها ولا مستحق لها الا هداة الخير اننبياء الله و أهليهم. واهل النبي كل متبع له بحق و صدق حيث قال سبحانه لنوح عليه السلام ( ان ا بنك ليس من اهلك )، و نهى ابراهيم عليه السلام ان يستغفر لابيه المشرك، و انزل على محمد عليه السلام (تبت يدى ابي لهب و تب) و يقول الحبيب صل الله عليه و سلم (انا جد كل تقي ) و يخاطب ابنته فاطمه رضي الله عنها (لا يأتني الناس بأعمال يوم القيامة و تأتيني بحسب و نسب و الله لا اغني عنك من الله شيئئا) او كما قال سلام الله عليه .
انك تطلب ان تحل صلاة الله عليهم وعلى الهم في العالمين اي من دون العالمين لان صلاة الله هي الرحمه الخاصه التي اختص بها الله المؤمنين من دون العالمين لقوله تعالى (وكان الله بالمؤمنين رؤوفا رحيما)ولقوله (...اولائك عليهم صلاوات من ربهم...) انك يا من اطلب منك الصلاة عليهم و اتباعهم حميد اي مستحق الحمد لذاتك و الحمد واجب لجلالك، ولا تفعل الا حميد الفعال يا من تتصف بحميد الصفات ،و مجيد بعظمتك و هيبتك و كبريائك و علو شأنك ،ثم ترتقي لتسمو بنفسك لتسلم على اخوتك الملائكة ذات اليمين و ذات الشمال، لتعلم نفسك انك بمثل هذه الطاعة سموت و ارتقيت و أُهلت للسلام على الملائكة اهل الملكوت الاعلى، اللهم طهرنا بطاعتك و عبادتك و لزوم امرك و عدم المخالفة لنهيك، كما خلقت اخواننا الملائكه مطهرين لا يعصون لك امرا، و بهذا خرجت من صلاتك بمثل هذه المعاني و الجو الروحاني، الذي ربط به نفسك بسمو الصعود وعبرت الماضي البعيد، لتمشي على الارض هونا واذا خاطبك الجاهلون قلت سلاما، اي قولا سديدا و بمثل هذه الصلاة تنتهي عن الفحشاء و المنكر و البغي، فعلا او قبولا، ولا تكن من اصحاب ويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون، و هم الذين اذا صلو الصلاة غفلو عن اثرها على سلوكهم فلم يستقم بما تستوجبه اقامة الصلاة في حياتهم و سلوكهم و اقوالهم، حيث فصلو السلوك و التفكير عن الصلة بالله واثرها قي الحياة.
كما ولا تكن من اصحاب سقر لواحة البشر الذين اذا سئلو عما اوصلهم سقر قالوا لم نك من المصلين، اي تركوا الصلاة و الصلة بالله فلم يطعموا مسكينا ولم يقوموا بخير لتكذيبهم بيوم الدين،، و قبلهم الساهون الذين لا يحضون على طعام المسكين فنزعوا في هذه الدنيا النزعة الفرديه القائمة على حب الذات والانانية، و النظر للوجود من خلال الانا صانعة الانانية القذرة مولدة البخل والشح ولم يكن فكرهم فكر (اياك نعبد و اياك ننستعين) فكر التوحد في جسد المؤمنين المؤثرين على انفسهم ولو كان بهم خصاصة، وختاما نسال الله تعالى لنا ولكم الهداية لكل خير وبر وقول وعمل والى لقاء اخر استودعكم الله الذي لا تضيع و دائعه و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
عدل سابقا من قبل محمد بن يوسف الزيادي في 2017-11-02, 11:56 am عدل 3 مرات