الحلقة الرابعة عشرة من سلسلة ربط العبادة والعقيدة
في معاني افعال واقوال الصلاة:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته احبائي في الله وبعد:
كان الحديث في الحلقة الماضية حول المعاني التي يستحضرها الذهن من الركوع، وما يعكسه على نفس العابد من معان ، واثره على سلوك العابد من لزوم طاعة الله تعالى، وعدم الخضوع لطاعة غيره، لان الركوع لله يعني الانفلات من طاعة الاغيار، والدخول فقط في طاعة الرحمن، الذي لايقبل شريكا يتخذ معه من دونه، فلا ييشرك معه احدا، لابطاعة ولا بولاء ولا باتباع وانتماء، لان الخلق جميعا ملكه، بيده فنائهم كما بيده وجودهم، وكما انه لايطاع مخلوق بمعصيته، كذلك لا يطاع حتى في طاعته الا باذنه وامره، وبما امر وكيفما امر واذن، بالتزام ما شرع طاعة له من الطائع والمطاع، تعبدا واذعانا، فلا يستعبد الناس للناس وقد ولدتهم امهاتهم احرارا، كلهم لادم وادم من تراب، فتساووا في انسانيتهم وبشريتهم وعبوديتهم، لافرق بين حاكم ومحكوم، طالما ان الجمع عباد الله اخوانا، وكل يحقق عبوديته لربه منهم من خلال موقعه ومقامه الذي اقامه الله فيه، باخوة وتآلف وتحاب منبعه الاجتماع على طاعة الله والاخوة فيه، وىالتعاون على عمل البر بدافع التقوى.
فاذا ركعت معظما مسبحا منزها ، ورفعت حامدا شاكرا لمستحق وجوب الحمد، فتخر مكبرا ساجدا للماجد، متذللا مسبحا بعلوه الذي يعني لك دنو كل غيره، مكررا سبحان ربي الاعلى، هويت اهوى القرب والتقرب اليك،..فاسجد واقترب.. فلذلك كان العبد اقرب ما يكون من ربه وهو ساجد، فاسجد واقترب ، وبين يديك ربي استوى راسي وقدماي.. فلا شموخ لي ولا عز الا بتوفيقك لي لطاعتك بمنهجك الذي ارتضيت ربي، واستعبدتني به، و تبتل اليه تبتيلا وناجيه وانت بالقرب بحاجتك ، فانه القريب المجيب، واعطه شكواك فانه يجيب المضطر اذا دعاه، وانت موقن بالاجابة من اكرم الاكرمين الذي يحب عبده اللحوح غليه بالطلب والسؤال، ثم ترفع بالتكبير مكبرا معظما لامر ربك، عن كل امر ولذاته العظيمة عن كل ذات، مستغفرا لك ولوالديك ولاخوانك المؤمنين، وهم اهلك اهل الله، و اعوانك على طاعته وتنفيذ امره، وتكبر مرة اخرى لتكرر لذة القرب، وتاخذ فرصة اخرى للتسبيح والمناجاة، فاذا فرغت فارفع بالتكبير والتعظيم مذكرا نفسك ان لا تعود للصغار، بعد ان نلت القرب مع الاكبر من كل الكبار، وكل طاعة لغيره وكل مخالفة لمنهجه وهديه لا تجلب لجانيها الا الصغار، فاحرص على هذا القرب والوصال، عمر الله اعماركم بطاعته وفعل الصالحات والاتصاف بخير الخصال، واكتفي اليوم لاترككم مع لذة الوصال، وعسى ان يتجدد لنا بكم اللقاء وقد كتبنا الله واياكم من السعداء ونطمع منكم بتذكرنا بصالح الدعاء والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عدل سابقا من قبل محمد بن يوسف الزيادي في 2017-10-31, 11:41 am عدل 1 مرات