رواية
«هكذا كانت الوحدة».. امرأة تواجه الجحيم
نهلة أبو العز
نعيش كثيراً دون أن نكتشف ما نريد، الصدفة وحدها قد تقودنا لاكتشاف المخبوء في صدورنا. في رواية «هكذا كانت الوحدة» للكاتب الأسباني خوان خوسيه مياس عبر مجموعة أحاسيس متناقضة، اكتشفت البطلة حقيقتها.
قادنا الكاتب في روايته (التى صدرت طبعتها العربية عن هيئة الكتاب) نحو الغوص في أنفسنا دون تكلف. فإن تفاصيل البحث عن الذات واحدة رغم اختلاف الأشخاص. البطلة إيلنا تمس من قريب حالة كل شخص اختار أن يعيش جحيمه الخاص دون أدنى محاولة للفرار. ربما لم تكن تعرف أنه الجحيم ولكنها بعيون مراقب كلفته لمراقبة زوجها الخائن عرفت نفسها، وصف المراقب لها ولتجاعيد وجهها, وهو يكتب التقارير دون أن يعرف من تكون، جعلها تُعيد النظر في الأعماق لتغير حياتها وتأخذ القرار المؤجل.
عادة يرتبط المُبدع بأبطال العمل, ولكن في رواية مياس كان الكاتب مايسترو يشير فقط بعصاه من بعيد فتخرج المُعزوفة الموسيقية منظمة وهادئة.
انزيكي زوج إيلنا كان الشخص الأكثر وضوحاً في الرواية: فهو لا يُخفى الكثير، ولا يختلف عن الرجال في مثل ظروفه. ولكنه كان الطرف المُحرك الذي جعل إيلنا تصل لنفسها بعد غُربة طويلة.
الغريب أنها اكتشفت بعد وفاة والدتها أنها الوريث الوحيد لها في الغموض والبحث الدائم عن الذات، لذا كان الخلاف بينهما واضحاً وصريحاً في حياتها.وعبر قراءة مذكرات الأم وتقارير الزوج وجدت الطريق.
تتميز الرواية بسرد سهل ممتنع يفقدك القدرة على التوقف دون استكمالها. ويقترب خوان مياس من مناطق شديدة الحساسية في حياة المرأة، فيغزل بخيط من حرير ثوباً رائعاً من أحداث يومية عادية.
هكذا كانت الوحدة.. وهكذا بالضبط تكون.. إننا دائماً ما نحتاج لأن نكون نحن..لأن نترك فراغاتنا المملة الغبية الحمقاء ودوائرنا التي لا تفضي إلى شيء يخصنا ونبني ما يشبهنا وننتمي إليه. بغير ذلك نعيش مغيبين في مخدر الصمت والضياع وعدم القبول من الآخرين. لقد غيرت إيلنا وحدتها بنفسها, فماذا أنت فاعل بوحدتك وجحيمك؟