تقبلوا هديتي لكم هذا الصباح وهي :-
عُنـوانُ الحِـكَم
للشاعر
أبي الفتح عليِّ بنِ محمدِ بنِ الحسين البُستيّ
(ت 400 هـ)
زِيـادَةُ المرءِ فِي دُنيـاهُ نُقْصـانُ .. وَرِبْحُهُ غيرَ مَحْضِ الْخَيْرِ خُسْـرانُ
وكلُّ وِجدانِ حَـظٍّ لا ثَباتَ لـه .. فإنَّ معنـاهُ في التحقيـقِ فُقـدانُ
يا عامـرًا لِخَرابِ الدارِ مُجْتَهِـدًا .. باللهِ هلْ لِخـرابِ العُمرِ عُمـرانُ
ويَا حريصًا على الأموالِ تَجمعُها .. أُنْسِيتَ أنَّ سُـرورَ المـالِ أحْـزانُ
زَعِ الفُؤادَ عنِ الدنيـا وزينَتِهـا .. فصَفْوُهـا كَدَرٌ والوَصْلُ هُجْـرانُ
وأرْعِ سمعَـكَ أمثـالا أفصِّلُهـا .. كمـا يُفَصَّلُ ياقـوتٌ ومَرجـانُ
أحْسِنْ إلى الناسِ تَسْتَعْبِدْ قُلوبَهُـمُ .. فطالَمـا اسْتعبَدَ الإنسانَ إحْسـانُ
يا خادمَ الجسمِ كمْ تَشقَى بِخِدْمَتِهِ .. أتَطلُبُ الرِّبْـحَ فيما فيه خُسـرانُ
أقْبِلْ على النفسِ واسْتكمِلْ فَضائِلَها .. فَأَنْتَ بالنفسِ لا بالجسمِ إنسـانُ
وإنْ أسـاءَ مُسِيءٌ فَلْيَكُنْ لكَ فـي .. عُروضِ زَلَّتِـهِ صَفْـحٌ وغُفـرانُ
وكُـنْ على الدهرِ مِعوانًا لِذِي أَمَلٍ .. يرجو نَداكَ فإنَّ الْحُـرَّ مِعْـوانُ
واشْدُدْ يَدَيْكَ بِحبـلِ اللهِ مُعْتَصِمًـا .. فإنَّـه الرُّكْنُ إنْ خانَتْكَ أرْكـانُ
مَنْ يتَّـقِ اللهَ يُحْمَـدْ في عواقبِـهِ .. ويَكْفِـهِ شَرَّ مَنْ عَزُّوا ومَنْ هانُوا
مَنِ اسْتعـانَ بِغَيْرِ اللهِ في طلـبٍ .. فـإنَّ ناصِـرَه عَجْـزٌ وخِـذلانُ
مَن كان للخيـرِ مَنَّاعًا فليس لـه .. على الحقيقـةِ إخـوانٌ وأخْـدانُ
مَن جادَ بالمالِ مـالَ الناسُ قاطبـةً .. إلَيْـهِ والمـالُ للإنسـانِ فَتَّـانُ
مَن سالَمَ الناسَ يَسْلَمْ مِنْ غَوائلِهم .. وعـاشَ وهو قَريرُ العَيْنِ جَـذلانُ
مَن كان للعقلِ سلطانٌ عليه غَـدَا .. وما على نفسِـهِ للحِرصِ سُلطـانُ
مَن مَدَّ طَرْفًا لِفَرْطِ الجهلِ نحو هوًى .. أغْضَى على الْحَقِّ يومًا وهْوَ خَزْيانُ
مَن عاشَرَ الناسَ لاقَى منهمُ نَصَبًـا .. لأنَّ سُوسَهـمُ بَغْـيٌ وعُـدوانُ
ومَنْ يُفَتِّشْ عنِ الإخـوانِ يَقْلِهِـمُ .. فَجُلُّ إخوانِ هـذا العَصْرِ خَـوَّانُ
مَنِ استشارَ صروفَ الدهرِ قام له .. على حقيقـةِ طبعِ الدهـرِ بُرهـانُ
مَنْ يزرعِ الشَّـرَّ يَحْصدْ في عواقِبِـهِ .. نَدامـةً ولِحَصْـدِ الزرعِ إِبَّـانُ
مَنِ استنـامَ إلى الأشرارِ نامَ وفـي .. قَميصِـهِ مِنهُـمُ صِـلٌّ وثُعبـانُ
كُنْ رَيِّقَ البِشْرِ إنَّ الْحُـرَّ هِمَّتُـهُ .. صَحيفَـةٌ وعليها البِشْـرُ عُنـوانُ
ورافِقِ الرِّفْـقَ في كلِّ الأمورِ فَلَمْ .. يَنْدَمْ رفيـقٌ ولَمْ يَذْمُمْـهُ إنسـانُ
ولا يَغُرَّنْكَ حَظٌّ جَـرَّهُ خَـرَقٌ .. فالْخَرْقُ هَـدْمٌ وَرِفْقُ الْمَـرْءِ بُنْيـانُ
أحْسِنْ إذا كانَ إمْكـانٌ ومَقْدِرَةٌ .. فَلَنْ يدومَ على الإحسـانِ إمكـانُ
فالروضُ يَزدانُ بالأنـوارِ فاغِمَـةً .. والْحُرُّ بالعـدلِ والإحسـانِ يَزدانُ
صُنْ حُرَّ وجهِكَ لا تَهْتِكْ غِلالَتَهُ .. فَكـلُّ حُـرٍّ لِحُرِّ الوجـهِ صَـوَّانُ
فإنْ لقيتَ عـدوًّا فَالْقَـهُ أبـدًا .. والوجهُ بالبِشْرِ والإشـراقِ غَضَّـانُ
دَعِ التكاسُلَ في الْخيراتِ تَطلُبُهـا .. فليس يَسْعَدُ بالْخيـراتِ كَسـلانُ
لا ظِـلَّ للمـرءِ يَعْرَى مِنْ تُقًى ونُهًـى .. وإنْ أظَلَّتْـهُ أوراقٌ وأفْنـانُ
والنـاسُ أعوانُ مَنْ وَالَتْـهُ دَوْلَتُـهُ .. وَهُـمْ عليه إذا عادَتْـهُ أعْـوانُ
سَحْبـانُ مِنْ غيرِ مالٍ باقِلٌ حَصِرٌ .. وباقِـلٌ في ثَـراءِ المـالِ سَحْبـانُ
لا تُـودِعِ السِّرَّ وَشَّاءً يَبـوحُ بـه .. فما رَعَى غَنَمًا في الدَّوِّ سَرحـانُ
لا تَحْسَبِ الناسَ طبْعًا واحِدًا فَلَهُمْ .. غَرائِزٌ لَسْـتَ تُحْصِيهِـنَّ ألْـوانُ
مـا كُلُّ مـاءٍكصـدَّاءٍ لِـوَارِدِهِ .. نَعَـمْ وَلا كُلُّ نَبْتٍ فهْوَ سعـدانُ
لا تَخْدِشَنَّ بِمَطْـلٍ وجْهَ عارِفَـةٍ .. فالْبِـرُّ يَخدِشُـهُ مَطْـلٌ ولِيَّـانُ
لا تَسْتَشِـرْ غيرَ نَدْبٍ حازِمٍ يَقِظٍ .. قدِ اسْتـوَى فيه إسْـرارٌ وإعْـلانُ
فلِلتَّدابِيـرِ فُرسـانٌ إذا رَكِبـوا .. فيهـا أبَرُّوا كما لِلْحَرْبِ فُرْسـانُ
ولِلأُمـورِ مَـواقيـتٌ مُقَـدَّرَةٌ .. وكُـلُّ أمْـرٍ لـه حَـدٌّ وميـزانُ
فلا تَكُـنْ عَجِـلاً بالأمْرِ تَطْلُبُهُ .. فَلَيْسَ يُحمَدُ قبل النُّضـجِ بُحـرانُ
كفىَ مِنَ العيش ما قَدْ سَدَّ مِنْ عَوَزٍ .. فَفِيـهِ لِلْحُـرِّ إنْ حَقَّقْتَ غُنْيـانُ
وذُو القناعـةِ راضٍ مِنْ مَعيشَتِـهِ .. وصاحِبُ الْحِرصِ إنْ أثْرَى فَغَضْبانُ
حَسْبُ الفَتى عَقْلُهُ خِـلاًّ يُعاشِـرُهُ .. إذا تحـامـاهُ إخـوانٌ وخِـلّانُ
هُمـا رَضيعَا لِبانٍ حِكمةٌ وتُقًـى .. وسَاكِنـا وَطَـنٍ مـالٌ وطُغْيـانُ
إذا نَبَـا بِكريـمٍ مَوْطِـنٌ فَلَـهُ .. وراءَه في بَسيـطِ الأرْضِ أوْطـانُ
يا ظالِمًا فَرِحًا بالعِـزِّ ساعَـدَهُ .. إنْ كُنْتَ في سِنَـةٍ فالدَّهْـرُ يَقظـانُ
ما اسْتَمْرأ الظَّلمَ لو أنصفتَ آكِلُهُ .. وهـل يَلذُّ مـذاقَ المـرءِ خُطْبـانُ
يا أيهـا العالِـمُ المَرْضِيُّ سيرَتُـهُ .. أبشِـرْ فأنتَ بغيـرِ المـاءِ ريَّـانُ
ويا أخا الجهلِ لو أصبحتَ في لُجَجٍ .. فأنت ما بينهـا لا شكَّ ظمـآنُ
لا تَحسبنَّ سُـرورًا دائمًـا أبـدًا .. مَن سَـرَّه زمنٌ ساءَتْـهُ أزمـانُ
إذا جَفَـاك خليـلٌ كنتَ تألَفُـهُ .. فاطلُبْ سِواهُ فكلُّ الناسِ إخـوانُ
وإنْ نَبَتْ بك أوطانٌ نشأتَ بِهـا .. فارْحَـلْ فكلُّ بـلادِ اللهِ أوطـانُ
يا رافلاً في الشَّبابِ الرَّحبِ مُنْتَشِيًا .. مِن كأسِهِ هل أصاب الرشدَ نشوانُ
لا تَغتـرِرْ بشبابٍ رائـقٍ نَضِـرٍ .. فكـم تقدَّم قبلَ الشِّيـبِ شُبَّـانُ
ويا أخا الشَّيبِ لو ناصَحتَ نفسَكَ لم .. يكن لِمثلِكَ في اللَّذَّاتِ إمعـانُ
هَبِ الشَّبيبةَ تُبدي عُذرَ صاحِبِهـا .. ما عُذرُ أشْيَبَ يَستَهْويـهِ شيطـانُ
كلُّ الذنوبِ فإن اللـهَ يغفرهـا .. إن شَيَّـعَ المـرءَ إخـلاصٌ وإيمـانُ
وكلُّ كَسـرٍ فإنَّ الدِّينَ يَجْبُـرُهُ .. وما لِكَسْرِ قَنـاةِ الدِّيـن جُبـرانُ
خُذها سَوائـرَ أمثـالٍ مُهذَّبـةً .. فيهـا لِمَنْ يَبتَغـي التِّبيـان تِبيـانُ
ما ضَـرَّ حَسَّانَها والطبعُ صائِغُها .. أنْ لم يَصُغْهـا قَريعُ الشِّعرِ حَسَّـانُ
القصيدة من اروع ما قيل على السنة شعراء الحكمة وابلغها
عُنـوانُ الحِـكَم
للشاعر
أبي الفتح عليِّ بنِ محمدِ بنِ الحسين البُستيّ
(ت 400 هـ)
زِيـادَةُ المرءِ فِي دُنيـاهُ نُقْصـانُ .. وَرِبْحُهُ غيرَ مَحْضِ الْخَيْرِ خُسْـرانُ
وكلُّ وِجدانِ حَـظٍّ لا ثَباتَ لـه .. فإنَّ معنـاهُ في التحقيـقِ فُقـدانُ
يا عامـرًا لِخَرابِ الدارِ مُجْتَهِـدًا .. باللهِ هلْ لِخـرابِ العُمرِ عُمـرانُ
ويَا حريصًا على الأموالِ تَجمعُها .. أُنْسِيتَ أنَّ سُـرورَ المـالِ أحْـزانُ
زَعِ الفُؤادَ عنِ الدنيـا وزينَتِهـا .. فصَفْوُهـا كَدَرٌ والوَصْلُ هُجْـرانُ
وأرْعِ سمعَـكَ أمثـالا أفصِّلُهـا .. كمـا يُفَصَّلُ ياقـوتٌ ومَرجـانُ
أحْسِنْ إلى الناسِ تَسْتَعْبِدْ قُلوبَهُـمُ .. فطالَمـا اسْتعبَدَ الإنسانَ إحْسـانُ
يا خادمَ الجسمِ كمْ تَشقَى بِخِدْمَتِهِ .. أتَطلُبُ الرِّبْـحَ فيما فيه خُسـرانُ
أقْبِلْ على النفسِ واسْتكمِلْ فَضائِلَها .. فَأَنْتَ بالنفسِ لا بالجسمِ إنسـانُ
وإنْ أسـاءَ مُسِيءٌ فَلْيَكُنْ لكَ فـي .. عُروضِ زَلَّتِـهِ صَفْـحٌ وغُفـرانُ
وكُـنْ على الدهرِ مِعوانًا لِذِي أَمَلٍ .. يرجو نَداكَ فإنَّ الْحُـرَّ مِعْـوانُ
واشْدُدْ يَدَيْكَ بِحبـلِ اللهِ مُعْتَصِمًـا .. فإنَّـه الرُّكْنُ إنْ خانَتْكَ أرْكـانُ
مَنْ يتَّـقِ اللهَ يُحْمَـدْ في عواقبِـهِ .. ويَكْفِـهِ شَرَّ مَنْ عَزُّوا ومَنْ هانُوا
مَنِ اسْتعـانَ بِغَيْرِ اللهِ في طلـبٍ .. فـإنَّ ناصِـرَه عَجْـزٌ وخِـذلانُ
مَن كان للخيـرِ مَنَّاعًا فليس لـه .. على الحقيقـةِ إخـوانٌ وأخْـدانُ
مَن جادَ بالمالِ مـالَ الناسُ قاطبـةً .. إلَيْـهِ والمـالُ للإنسـانِ فَتَّـانُ
مَن سالَمَ الناسَ يَسْلَمْ مِنْ غَوائلِهم .. وعـاشَ وهو قَريرُ العَيْنِ جَـذلانُ
مَن كان للعقلِ سلطانٌ عليه غَـدَا .. وما على نفسِـهِ للحِرصِ سُلطـانُ
مَن مَدَّ طَرْفًا لِفَرْطِ الجهلِ نحو هوًى .. أغْضَى على الْحَقِّ يومًا وهْوَ خَزْيانُ
مَن عاشَرَ الناسَ لاقَى منهمُ نَصَبًـا .. لأنَّ سُوسَهـمُ بَغْـيٌ وعُـدوانُ
ومَنْ يُفَتِّشْ عنِ الإخـوانِ يَقْلِهِـمُ .. فَجُلُّ إخوانِ هـذا العَصْرِ خَـوَّانُ
مَنِ استشارَ صروفَ الدهرِ قام له .. على حقيقـةِ طبعِ الدهـرِ بُرهـانُ
مَنْ يزرعِ الشَّـرَّ يَحْصدْ في عواقِبِـهِ .. نَدامـةً ولِحَصْـدِ الزرعِ إِبَّـانُ
مَنِ استنـامَ إلى الأشرارِ نامَ وفـي .. قَميصِـهِ مِنهُـمُ صِـلٌّ وثُعبـانُ
كُنْ رَيِّقَ البِشْرِ إنَّ الْحُـرَّ هِمَّتُـهُ .. صَحيفَـةٌ وعليها البِشْـرُ عُنـوانُ
ورافِقِ الرِّفْـقَ في كلِّ الأمورِ فَلَمْ .. يَنْدَمْ رفيـقٌ ولَمْ يَذْمُمْـهُ إنسـانُ
ولا يَغُرَّنْكَ حَظٌّ جَـرَّهُ خَـرَقٌ .. فالْخَرْقُ هَـدْمٌ وَرِفْقُ الْمَـرْءِ بُنْيـانُ
أحْسِنْ إذا كانَ إمْكـانٌ ومَقْدِرَةٌ .. فَلَنْ يدومَ على الإحسـانِ إمكـانُ
فالروضُ يَزدانُ بالأنـوارِ فاغِمَـةً .. والْحُرُّ بالعـدلِ والإحسـانِ يَزدانُ
صُنْ حُرَّ وجهِكَ لا تَهْتِكْ غِلالَتَهُ .. فَكـلُّ حُـرٍّ لِحُرِّ الوجـهِ صَـوَّانُ
فإنْ لقيتَ عـدوًّا فَالْقَـهُ أبـدًا .. والوجهُ بالبِشْرِ والإشـراقِ غَضَّـانُ
دَعِ التكاسُلَ في الْخيراتِ تَطلُبُهـا .. فليس يَسْعَدُ بالْخيـراتِ كَسـلانُ
لا ظِـلَّ للمـرءِ يَعْرَى مِنْ تُقًى ونُهًـى .. وإنْ أظَلَّتْـهُ أوراقٌ وأفْنـانُ
والنـاسُ أعوانُ مَنْ وَالَتْـهُ دَوْلَتُـهُ .. وَهُـمْ عليه إذا عادَتْـهُ أعْـوانُ
سَحْبـانُ مِنْ غيرِ مالٍ باقِلٌ حَصِرٌ .. وباقِـلٌ في ثَـراءِ المـالِ سَحْبـانُ
لا تُـودِعِ السِّرَّ وَشَّاءً يَبـوحُ بـه .. فما رَعَى غَنَمًا في الدَّوِّ سَرحـانُ
لا تَحْسَبِ الناسَ طبْعًا واحِدًا فَلَهُمْ .. غَرائِزٌ لَسْـتَ تُحْصِيهِـنَّ ألْـوانُ
مـا كُلُّ مـاءٍكصـدَّاءٍ لِـوَارِدِهِ .. نَعَـمْ وَلا كُلُّ نَبْتٍ فهْوَ سعـدانُ
لا تَخْدِشَنَّ بِمَطْـلٍ وجْهَ عارِفَـةٍ .. فالْبِـرُّ يَخدِشُـهُ مَطْـلٌ ولِيَّـانُ
لا تَسْتَشِـرْ غيرَ نَدْبٍ حازِمٍ يَقِظٍ .. قدِ اسْتـوَى فيه إسْـرارٌ وإعْـلانُ
فلِلتَّدابِيـرِ فُرسـانٌ إذا رَكِبـوا .. فيهـا أبَرُّوا كما لِلْحَرْبِ فُرْسـانُ
ولِلأُمـورِ مَـواقيـتٌ مُقَـدَّرَةٌ .. وكُـلُّ أمْـرٍ لـه حَـدٌّ وميـزانُ
فلا تَكُـنْ عَجِـلاً بالأمْرِ تَطْلُبُهُ .. فَلَيْسَ يُحمَدُ قبل النُّضـجِ بُحـرانُ
كفىَ مِنَ العيش ما قَدْ سَدَّ مِنْ عَوَزٍ .. فَفِيـهِ لِلْحُـرِّ إنْ حَقَّقْتَ غُنْيـانُ
وذُو القناعـةِ راضٍ مِنْ مَعيشَتِـهِ .. وصاحِبُ الْحِرصِ إنْ أثْرَى فَغَضْبانُ
حَسْبُ الفَتى عَقْلُهُ خِـلاًّ يُعاشِـرُهُ .. إذا تحـامـاهُ إخـوانٌ وخِـلّانُ
هُمـا رَضيعَا لِبانٍ حِكمةٌ وتُقًـى .. وسَاكِنـا وَطَـنٍ مـالٌ وطُغْيـانُ
إذا نَبَـا بِكريـمٍ مَوْطِـنٌ فَلَـهُ .. وراءَه في بَسيـطِ الأرْضِ أوْطـانُ
يا ظالِمًا فَرِحًا بالعِـزِّ ساعَـدَهُ .. إنْ كُنْتَ في سِنَـةٍ فالدَّهْـرُ يَقظـانُ
ما اسْتَمْرأ الظَّلمَ لو أنصفتَ آكِلُهُ .. وهـل يَلذُّ مـذاقَ المـرءِ خُطْبـانُ
يا أيهـا العالِـمُ المَرْضِيُّ سيرَتُـهُ .. أبشِـرْ فأنتَ بغيـرِ المـاءِ ريَّـانُ
ويا أخا الجهلِ لو أصبحتَ في لُجَجٍ .. فأنت ما بينهـا لا شكَّ ظمـآنُ
لا تَحسبنَّ سُـرورًا دائمًـا أبـدًا .. مَن سَـرَّه زمنٌ ساءَتْـهُ أزمـانُ
إذا جَفَـاك خليـلٌ كنتَ تألَفُـهُ .. فاطلُبْ سِواهُ فكلُّ الناسِ إخـوانُ
وإنْ نَبَتْ بك أوطانٌ نشأتَ بِهـا .. فارْحَـلْ فكلُّ بـلادِ اللهِ أوطـانُ
يا رافلاً في الشَّبابِ الرَّحبِ مُنْتَشِيًا .. مِن كأسِهِ هل أصاب الرشدَ نشوانُ
لا تَغتـرِرْ بشبابٍ رائـقٍ نَضِـرٍ .. فكـم تقدَّم قبلَ الشِّيـبِ شُبَّـانُ
ويا أخا الشَّيبِ لو ناصَحتَ نفسَكَ لم .. يكن لِمثلِكَ في اللَّذَّاتِ إمعـانُ
هَبِ الشَّبيبةَ تُبدي عُذرَ صاحِبِهـا .. ما عُذرُ أشْيَبَ يَستَهْويـهِ شيطـانُ
كلُّ الذنوبِ فإن اللـهَ يغفرهـا .. إن شَيَّـعَ المـرءَ إخـلاصٌ وإيمـانُ
وكلُّ كَسـرٍ فإنَّ الدِّينَ يَجْبُـرُهُ .. وما لِكَسْرِ قَنـاةِ الدِّيـن جُبـرانُ
خُذها سَوائـرَ أمثـالٍ مُهذَّبـةً .. فيهـا لِمَنْ يَبتَغـي التِّبيـان تِبيـانُ
ما ضَـرَّ حَسَّانَها والطبعُ صائِغُها .. أنْ لم يَصُغْهـا قَريعُ الشِّعرِ حَسَّـانُ
القصيدة من اروع ما قيل على السنة شعراء الحكمة وابلغها