صمت النواقيس
تململت قليلا تحت اغطيتي ، عقدت يدي بين فخذي و اتخذت وضع الجنين . كان الصبح يتسلل من بين النوافذ و الأبواب و رائحة القهوة و الخبز الساخن تدغدغني . سمعت امي تهمس لأبي قي دلال أنها تنتظره على القهوة قبل أن ينهض الشياطين الصغار، يحلو لهما أن يطلقا هذه الصفة علينا مزاحا و مداعبة . تقول امي أنها في اجازة منا عندما ننام و تخفت الجلبة حولها. كنت أسمع همسهما أحيانا حالما نغيب في ظلمة الغرف.
بعد همس و ضحكات كخفق الفراش، سمعت خطوات امي تقترب من غرفتي و أعدت التململ مرة أخيرة قبل أن يلفح برد الصباح ساقي و كامل جسمي، تثاقلت قليلا، أفرك عينين مليئتين بالنعاس و أبعد عني هواجس يومي!
اليوم يوم الأربعاء، ؛ يوم عطلة مدرسية أسبوعية ، تطوف بنا أمي، أخي و انا، و كأنها سائقة سيارة أجرة ، تصاحب كل منا إلى المسبح و ملعب كرة القدم و الكنيسة ...
هناك التقيت رفاقا كثر و لكننا قليلا ما نتحدث، يخيم صمت رهيب على العيون و الأفواه من أول الحصة إلى آخرها. كان الأب راؤول ببدلته البيضاء يضفي على المكان هيبة و جلالا لا نجرؤ معه على الحراك. .. قبل أن نغادر كان ينادينا إلى الخلوة للتخفيف من ذنوبنا التي نقترف بين الحصة والأخرى و ذنوبنا كانت كثيرة. ..وكان الأب راؤول بارعا في كشفها.
هذا الأسبوع سيكون دوري في طلب الشفاعة ، سيأخذني خلف الحجاب و سادفع ثمن الشفاعة ، لكنني لا افهم سرالأب في اهتزازه العنيف و هو يامرني بفك اقفاله الواحد تلو الآخر. . يربت على كتفي في النهاية و يهون علي زلاتي و يقول إنها فعل الطفولة و لا ضرر علي. لكنه في آخر مرة بدا أكثر صرامة وغالى في شروط الشفاعة، طلب مني أشياء غريبة! لأول مرة يومها يغيب على أذني صوت النواقيس .
اطرقت و أنا أشرب حليب الصباح ، تباطات وتكاسلت . و رغم ذلك حرصت أمي على أن لا اتغيب عن الحصة. عندما وصنا كان الما حادا يمزق بطني و اطرافي تفور حرارة. .. قلت لأمي أنني لا أريد أن أدخل خلوة الأب راؤول!