الأربعاء 01 مارس / آذار 2017
قالت لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بسوريا والتابعة للأمم المتحدة، في تقرير لها، إن نظام بشار الأسد استخدم مادة الكلور لاستعادة مدينة حلب العام الماضي.
واعتبرت أن الحملة الجوية لنظام الأسد وروسيا على مدينة حلب والتي "استهدفت المستشفيات وموكب المساعدات الإنسانية بشكل متعمد، ترقى لجريمة حرب".
وتتألف هذه اللجنة من باولو سيرجيو بينيرو (رئيسا)، وكارن أبو زيد، وكارلا ديل بونتي، وجرى تكليفها من قبل مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، يوم 25 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، بالتحقيق وتسجيل جميع الانتهاكات للقانون الدولي في سوريا منذ بداية الثورة في مارس/ آذار 2011.
واعتمدت اللجنة في إعداد تقريرها الصادر اليوم الأربعاء، على 291 مقابلة مع سكان من حلب، وصور للأقمار الصناعية، وأخرى فوتوغرافية، وفيديوهات وتقارير طبية، لتوثيق الضربات الجوية للنظام وروسيا اليومية ضد الأحياء الشرقية، التي كانت خاضعة لسيطرة المعارضة، في حلب، و"استمرت شهوراً، ودمرت البنية التحتية؛ ما نتج عنه نتائج كارثية للمدنيين".
وخلص التقرير إلى أن "التكتيكات الوحشية التي استخدمتها الأطراف المشاركة في الصراع بسوريا لحسم معركة حلب (لصالح نظام بشار الأسد) بين يوليو (تموز) وديسمبر (كانون أول) 2016 نتج عنها معاناة غير مسبوقة للرجال والنساء والأطفال السوريين، كما ترقى لتكون جريمة حرب".
وأوضح أن قوات النظام والميليشيات الموالية لها "استخدمت تكتيكات لفرض الاستسلام تُذكّرنا بالقرون الوسطى، إذ منعت المدنيين من الحصول على المواد الغذائية والمستلزمات الأساسية، بينما تواصلت الضربات الجوية لشهور، واستهدفت المستشفيات والعيادات، وقتلت وشوّهت مدنيين، وحولت أحياء حلب الشرقية إلى ركام".
وشدد على أنه بعدما تمكنت قوات النظام من السيطرة فعلياً على أحياء حلب الشرقية، نهاية نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، لم يتبق أي مستشفى أو مقر طبي يعمل بشكل طبيعي.
بالمقابل، أفاد التقرير بأن المجموعات المسلحة قصفت الأحياء الغربية لحلب (الخاضعة لسيطرة نظام الأسد) بشكل عشوائي وأسلحة بدائية، مما تسبب بوقوع ضحايا مدنيين، حيث تمت هجمات عديدة بدون وجود أي هدف عسكري واضح، ولم تستهدف سوى إرهاب السكان المدنيين".
قصف قافلة المساعدات
وأكدت اللجنة الدولية على أن "طيران الأسد قام، وفي واحدة من أكثر الهجمات رعباً والتي وثقتها اللجنة، باستهداف قافلة مساعدات إنسانية تابعة للأمم المتحدة والهلال الأحمر السوري في أورم الكبرى بريف حلب، ما دمر 17 حافلة تنقل المساعدات وقتل 14 من عمال الإغاثة، وأدى إلى وقف كل أعمال الإغاثة في سوريا، مما ضاعف من معاناة المدنيين التي لا توصف".
ومراراً، نفى نظام الأسد مسؤوليته عن قصف تلك القافلة، واتهم المعارضة في المقابل بشن ذلك الهجوم.
ووفق التقرير فإن "القصف المستمر، والذي دمّر المدارس وملاجئ الأيتام والأسواق والبيوت، جعل حياة المدنيين مستحيلة وعجّل في الاستسلام"، مضيفاً أن "طائرات النظام استخدمت الكلور، وهو مادة كيمائية محرّمة حسب القانون الدولي، ضد السكان المدنيين في أحياء حلب الشرقية؛ مما تسبب بمعاناة نفسية وجسدية للمئات من المدنيين".
مليشيات النظام الأجنبية
كما أفادت اللجنة الدولية بأنه "عندما بات واضحاً أن قوات النظام ستكمل السيطرة على حلب، ارتكب جميع الأطراف انتهاكات واسعة وقاسية. في مناطق قامت المجموعات المسلحة بإطلاق النار على المدنيين، لمنعهم من المغادرة واستخدامهم فعليا كدروع بشرية. فيما قامت قوات الأسد، والمؤلفة بالأساس من ميليشيات أجنبية، بإعدام مقاتلين خارج إطار المعارك وكذلك عائلات لمقاتلين وأشخاص مؤيدين لهم. ويبقى مصير العديد الذين تم اعتقالهم (لدى قوات النظام) غير معروف".
وشدد التقرير على أن "اتفاقية إخلاء أحياء حلب الشرقية أجبرت الآلاف من المدنيين، ولأسباب غير مرتبطة بالضرورة العسكرية، وبدون احترام لرغبتهم، على الانتقال إلى أحياء حلب الغربية، الواقعة تحت سيطرة النظام، وتم كذلك نقل آخرين إلى (محافظة) إدلب حيث يعيشون مجدداً تحت القصف. وكما كان الحال في المعضمية بريف دمشق وداريا (بريف دمشق)، فإن هذه الاتفاقية تؤكد التوجه المؤسف بين أطراف النزاع إلى استخدام السكان المدنيين كورقة مساومة لتحقيق أهداف سياسية".
وبحسب كارين أبو زيد، أحد أعضاء اللجنة الدولية، فإن "بعض هذه الاتفاقيات ترقى إلى أن تكون تهجيراً قسرياً"، مشددة على "ضرورة توقف جميع الأطراف عن مثل تلك الاتفاقيات، وأن توفر الظروف الآمنة لعودة أولئك الراغبين بالعودة إلى منازلهم في أحياء حلب الشرقية".
ويأتي هذا التقرير غداة استخدام روسيا، الداعم الرئيس لنظام الأسد، والصين "الفيتو" (حق النقض) في مجلس الأمن الدولي، ما أجهض مشروع قرار يقترح فرض عقوبات على مسؤولين في نظام الأسد لضلوعهم في شن هجمات باستخدام أسلحة كيمائية محرمة دوليا.