تتعدد اوجه سيرة بوني وكلايد واحد جوانبها هو الفضول الذي لاحق قصة الحب والعلاقة العاطفية التي ربطت بينهما وكيف التقيا ومتى وأين ؟ ولهذا تتعدد الروايات في تاريخ ومكان ذلك اللقاء ومكانه اذ ان هنالك من يؤكد انهما التقيا في منزل صديق مشترك لهما وسرعان ما انضم الصديق وزوجته إليهما ليكونا عصابة من اربعة اشخاص مختصة بالسطو المسلح والقتل وهنالك من يروي قصة مخالفة وهي انهما التقيا في داخل السجن ومن هناك توطدت علاقتهما.
والقصة جديرة بالمطالعة والإطلاع على خفاياها وأسرارها ... وهي من القصص التي هزت الولايات المتحدة في الثلاثينيات وهي بلا شك قصة الثنائي «بوني وكلايد» ، وهي واحدة من اكثر القصص اثارة للرأي العام في تلك الحقبة ، فقد كان هذا الثنائي مقترنا بتحولات كبيرة في المجتمع الأمريكي اولها كونهما كانا شاهدين على الإنهيار الإقتصادي فيما عرف بالكساد العظيم والذي ترتب عنه مزيدا من الفقر والتردي في كل قطاعات الحياة والجانب الثاني انهما كانا سببا مباشرا وراء احداث تغيير جذري في التشريعات الجنائية الأمريكية وانتقال البعض من الجرائم وخاصة السطو المسلح الى مرتبة الجرائم التي تمس الإتحاد الفيدرالي للولايات المتحدة كما انهما كانا سببا مباشرا في ولادة مكتب التحقيقات الفيدرالي المعروف في زمننا ب «F.B.I ».
وبوني وكلايد هما زوجان أمريكيان اشتهرا في الثلاثينيات بجرائمهما، التي روعت جنوب الغرب الأمريكي، وكانت عصاباتهما مسؤولة عن مقتل تسعة على الأقل من ضباط شرطة ومدنيين، وكان الحب بينهما من أول وهلة، فعندما التقيا قررت كلايد الانضمام إلي عصابة بوني، وحين قتلا في إحدي مطاردات الشرطة لهم، أوصيا بدفنهما معا لكن أسرة بوني رفضت.
عفوا في بعض الأحيان يعجب الناس بالمجرمين والخارجين عن القانون ويتعاطفون معهم ، فروبن هود ، وعروة بن الورد ، لم يكونا سوى لصين وقاطعي طريق ، لكن الناس أحبوا سيرتهما لأنهما كانا يسرقان من الأغنياء ليغدقا على الفقراء . والدون كورليوني في فيلم «العراب» كان زعيم عصابة خطيرا، لكن الناس أحبوه الى درجة أن بعض الجمل التي قالها في الفيلم أصبحت من مأثور الكلام ! .... وبوني وكلايد كانا قاتلين تلطخت أيديهما بدماء الكثيرين ، لكنهما في النهاية تحولا إلى أسطورة عاشت في وجدان الكثير من الناس وذاكرتهم.
كلايد بارو ولد عام 1909 بالقرب من دالاس، وهو الخامس من بين سبعة أبناء . دفعه فقر عائلته المدقع الى السرقة في سن مبكرة . أغلب الأمريكان كانوا فقراء في تلك الفترة التي شهدت الكساد الكبير . وفي عام 1930 تم القبض على كلايد متلبسا بالسرقة فأرسل إلى سجن ايستهايم سيئ الصيت .
كلايد كان شابا يافعا وسيما ، فتعرض الى التحرش الجنسي من قبل بقية السجناء ، وهناك في السجن اقترف أول جريمة قتل حينما ضرب إلى حد الموت أحد مغتصبيه .
شيء ما إنكسر في نفس كلايد ولم يعد قابلا للإصلاح ، تقول شقيقته ماريا : «شيء ما بشع حدث له بالتأكيد هناك ، لأنه لم يعد نفس الشخص حينما خرج من السجن « .
أصبح هم كلايد الوحيد والمحور الذي تدور عليه حياته هو أن ينتقم من النظام ، أراد أن يعاقب من تسببوا في سجنه واغتصابه ، فانطلق يقتل ويسرق بلا رحمة أو هوادة ، لا لغاية السرقة بحد ذاتها ، لكن ثأرا من رجال الأمن الذين أصبحوا بطبيعة الحال أغلب ضحاياه .
أما بوني باركر فقد ولدت عام 1910 في تكساس، قد مات والدها وهي طفلة فعاشت مع أمها في ضواحي دالاس ، كانت متميزة جدا في المدرسة ، نالت جوائز في الإملاء والقواعد والخطابة ، وكانت تقرض الشعر . لكنها للأسف تركت المدرسة بعد أن تزوجت أحد زملائها وهي في سن السادسة عشرة. ولم يكن زواجا ناجحا ، إذ إنفصل الزوجان الشابان عام 1929 ، لكنهما لم يتطلقا رسميا أبدا، وحين ماتت بوني بعد سنوات كان خاتم الزواج مازال في أصبعها .
بوني وكلايد.. العشق الدموي..
بوني عادت لتعيش مع أمها بعد انفصالها وعملت كنادلة ، وعن طريق الصدفة قابلت كلايد في منزل إحدى الصديقات أول مرة، فأعجب الاثنان ببعضهما على الفور، وسرعان ما أصبحت بوني عشيقة كلايد وفردا رئيسيا في عصابته، ترافقهم وتشاركهم في سرقة البنوك والمتاجر ومحطات البنزين . ونالت بوني شهرة واسعة بعد أن نشرت الصحف بعض صورها وهي تضع سيجارا كوبيا في فمها وتمسك مسدسا بيدها ، فانطبعت هذه الصورة النمطية عنها ، كفتاة متمردة ، في أذهان الناس بالرغم من أن زملاءها في العصابة قالوا لاحقا بأنها لم تكن في حقيقة الأمر تدخن السيجار ولا قتلت أحدا بنفسها . لكن كلايد فعل ، قتل هو وزملاؤه الكثيرين ، معظمهم من الشرطة ، ونجح في اقتحام سجن ايستهام وتحرير بعض السجناء ، وهو أمر لم يفعله أحد قبله ولا بعده ... كل ذلك جعل السلطات تعلنه «عدوا للشعب» ، وتم وضع مكافأة مالية كبيرة مقابل رأسه ورأس بوني .
نهاية الأسطورة
في إحدى المرات إختطف كلايد رجلا ثم أطلق سراحه لاحقا من دون أن يؤذيه ، وأثناء وجوده مع العصابة في السيارة سألته بوني عن مهنته فأخبرها أنه حانوتي ، فضحكت بوني وقالت بأنه ربما سيعمل على جثتها يوما ما .
وفي عام 1934 تم قتل كلايد وبوني في كمين بينما كانا يقودان سيارتهما على طريق خارجي كئيب بالقرب من لويزيانا ، عشرات الرصاصات أفرغت في جثتيهما..
آلاف الناس اجتمعوا في جنازة العاشقين . البعض إقترح دفنهما معا كما أرادت بوني ، لكن عائلتها رفضت . ولا حاجة كي أخبرك عزيزي القارئ من تولى تجهيز ودفن جثة بوني وكلايد.... إنه نفس الحانوتي الذي توقعت بوني أن يقوم بدفنها ! .
بوني وكلايد أصبحا أسطورة من أساطير العشق والجريمة ، للأسف لا يمكننا الإحاطة بتفاصيل قصتهما في هذه العجالة ، لكن عشرات الروايات والأفلام والمسلسلات تحدثت عنهما عبر السنين .
إعداد محمد الماطري صميدة
والقصة جديرة بالمطالعة والإطلاع على خفاياها وأسرارها ... وهي من القصص التي هزت الولايات المتحدة في الثلاثينيات وهي بلا شك قصة الثنائي «بوني وكلايد» ، وهي واحدة من اكثر القصص اثارة للرأي العام في تلك الحقبة ، فقد كان هذا الثنائي مقترنا بتحولات كبيرة في المجتمع الأمريكي اولها كونهما كانا شاهدين على الإنهيار الإقتصادي فيما عرف بالكساد العظيم والذي ترتب عنه مزيدا من الفقر والتردي في كل قطاعات الحياة والجانب الثاني انهما كانا سببا مباشرا وراء احداث تغيير جذري في التشريعات الجنائية الأمريكية وانتقال البعض من الجرائم وخاصة السطو المسلح الى مرتبة الجرائم التي تمس الإتحاد الفيدرالي للولايات المتحدة كما انهما كانا سببا مباشرا في ولادة مكتب التحقيقات الفيدرالي المعروف في زمننا ب «F.B.I ».
وبوني وكلايد هما زوجان أمريكيان اشتهرا في الثلاثينيات بجرائمهما، التي روعت جنوب الغرب الأمريكي، وكانت عصاباتهما مسؤولة عن مقتل تسعة على الأقل من ضباط شرطة ومدنيين، وكان الحب بينهما من أول وهلة، فعندما التقيا قررت كلايد الانضمام إلي عصابة بوني، وحين قتلا في إحدي مطاردات الشرطة لهم، أوصيا بدفنهما معا لكن أسرة بوني رفضت.
عفوا في بعض الأحيان يعجب الناس بالمجرمين والخارجين عن القانون ويتعاطفون معهم ، فروبن هود ، وعروة بن الورد ، لم يكونا سوى لصين وقاطعي طريق ، لكن الناس أحبوا سيرتهما لأنهما كانا يسرقان من الأغنياء ليغدقا على الفقراء . والدون كورليوني في فيلم «العراب» كان زعيم عصابة خطيرا، لكن الناس أحبوه الى درجة أن بعض الجمل التي قالها في الفيلم أصبحت من مأثور الكلام ! .... وبوني وكلايد كانا قاتلين تلطخت أيديهما بدماء الكثيرين ، لكنهما في النهاية تحولا إلى أسطورة عاشت في وجدان الكثير من الناس وذاكرتهم.
كلايد بارو ولد عام 1909 بالقرب من دالاس، وهو الخامس من بين سبعة أبناء . دفعه فقر عائلته المدقع الى السرقة في سن مبكرة . أغلب الأمريكان كانوا فقراء في تلك الفترة التي شهدت الكساد الكبير . وفي عام 1930 تم القبض على كلايد متلبسا بالسرقة فأرسل إلى سجن ايستهايم سيئ الصيت .
كلايد كان شابا يافعا وسيما ، فتعرض الى التحرش الجنسي من قبل بقية السجناء ، وهناك في السجن اقترف أول جريمة قتل حينما ضرب إلى حد الموت أحد مغتصبيه .
شيء ما إنكسر في نفس كلايد ولم يعد قابلا للإصلاح ، تقول شقيقته ماريا : «شيء ما بشع حدث له بالتأكيد هناك ، لأنه لم يعد نفس الشخص حينما خرج من السجن « .
أصبح هم كلايد الوحيد والمحور الذي تدور عليه حياته هو أن ينتقم من النظام ، أراد أن يعاقب من تسببوا في سجنه واغتصابه ، فانطلق يقتل ويسرق بلا رحمة أو هوادة ، لا لغاية السرقة بحد ذاتها ، لكن ثأرا من رجال الأمن الذين أصبحوا بطبيعة الحال أغلب ضحاياه .
أما بوني باركر فقد ولدت عام 1910 في تكساس، قد مات والدها وهي طفلة فعاشت مع أمها في ضواحي دالاس ، كانت متميزة جدا في المدرسة ، نالت جوائز في الإملاء والقواعد والخطابة ، وكانت تقرض الشعر . لكنها للأسف تركت المدرسة بعد أن تزوجت أحد زملائها وهي في سن السادسة عشرة. ولم يكن زواجا ناجحا ، إذ إنفصل الزوجان الشابان عام 1929 ، لكنهما لم يتطلقا رسميا أبدا، وحين ماتت بوني بعد سنوات كان خاتم الزواج مازال في أصبعها .
بوني وكلايد.. العشق الدموي..
بوني عادت لتعيش مع أمها بعد انفصالها وعملت كنادلة ، وعن طريق الصدفة قابلت كلايد في منزل إحدى الصديقات أول مرة، فأعجب الاثنان ببعضهما على الفور، وسرعان ما أصبحت بوني عشيقة كلايد وفردا رئيسيا في عصابته، ترافقهم وتشاركهم في سرقة البنوك والمتاجر ومحطات البنزين . ونالت بوني شهرة واسعة بعد أن نشرت الصحف بعض صورها وهي تضع سيجارا كوبيا في فمها وتمسك مسدسا بيدها ، فانطبعت هذه الصورة النمطية عنها ، كفتاة متمردة ، في أذهان الناس بالرغم من أن زملاءها في العصابة قالوا لاحقا بأنها لم تكن في حقيقة الأمر تدخن السيجار ولا قتلت أحدا بنفسها . لكن كلايد فعل ، قتل هو وزملاؤه الكثيرين ، معظمهم من الشرطة ، ونجح في اقتحام سجن ايستهام وتحرير بعض السجناء ، وهو أمر لم يفعله أحد قبله ولا بعده ... كل ذلك جعل السلطات تعلنه «عدوا للشعب» ، وتم وضع مكافأة مالية كبيرة مقابل رأسه ورأس بوني .
نهاية الأسطورة
في إحدى المرات إختطف كلايد رجلا ثم أطلق سراحه لاحقا من دون أن يؤذيه ، وأثناء وجوده مع العصابة في السيارة سألته بوني عن مهنته فأخبرها أنه حانوتي ، فضحكت بوني وقالت بأنه ربما سيعمل على جثتها يوما ما .
وفي عام 1934 تم قتل كلايد وبوني في كمين بينما كانا يقودان سيارتهما على طريق خارجي كئيب بالقرب من لويزيانا ، عشرات الرصاصات أفرغت في جثتيهما..
آلاف الناس اجتمعوا في جنازة العاشقين . البعض إقترح دفنهما معا كما أرادت بوني ، لكن عائلتها رفضت . ولا حاجة كي أخبرك عزيزي القارئ من تولى تجهيز ودفن جثة بوني وكلايد.... إنه نفس الحانوتي الذي توقعت بوني أن يقوم بدفنها ! .
بوني وكلايد أصبحا أسطورة من أساطير العشق والجريمة ، للأسف لا يمكننا الإحاطة بتفاصيل قصتهما في هذه العجالة ، لكن عشرات الروايات والأفلام والمسلسلات تحدثت عنهما عبر السنين .
إعداد محمد الماطري صميدة