تونس - مُسْتعمرة أمريكية؟ كان نظام الحكم في تونس ولا يزال مُواليًا لسياسات الإمبريالية الأمريكية في الوطن العربي وفي العالم، فقد أيّد بورقيبة اجتياح "المارينز" لبنان سنة 1958، وأيد العدوان الأمريكي على أراضي وشعب فيتنام ولاوس وكمبوديا، دون أي تحفّظ، ولم يتغير الموقف، سوى في شكله، بسبب المناهضة الشعبية للإمبريالية الأمريكية التي اعتدت على كافة الشعوب العربية، وتتبنّى الكيان الصهيوني، وتدعمه عسكريا وماليا وسياسيًّا...
أما خلال العُقُود الأخيرة، وبعد احتلال العراق وأفغانستان، بدأت الولايات المتحدة منذ أواخر فترة رئاسة جورج بوش الإبن، تطبيق البرنامج العسكري المعروف باسم "أفريكوم" أو القيادة العسكرية الأمريكية لإفريقيا (كُنتُ نَشَرْتُ آنذاك بحثًا مُطوّلاً عن الموضوع)، وبعد اعتراض جنوب إفريقيا ونيجيريا والجزائر على إقامة قواعد تقليدية، أصبحت أمريكا تنفذ عشرات التدريبات سنويا، وأشرفت (من 18 إلى 28 شباط/فبراير 2019) على بتدريب عسكري في موريتانيا وبركينا فاسو بمشاركة تمانية دول إفريقية أخرى، بما فيها الجزائر...
في تونس، ارتفعت دَرَجَة العمالة والتّبَعِية تجاه صندوق النقد الدولي، وتجاه الولايات المتحدة، منذ استحواذ الدين السياسي (الإخوان المسلمون) على السّلْطة، بعد امتطاء نضالات الفُقراء والمُضْطَهَدِين (أواخر 2010 وبداية 2011)، وراجت أخبار، منذ سنة 2017، عن وجود بضعة قواعد "فنية" أمريكية (تنصت وتجسس) وفرق عسكرية صغيرة، وقواعد طائرات آلية (دْرُونز)، في جنوب تونس وعلى طول حدودها مع الجزائر...
بعد انهيار رأس النظام في بداية سنة 2014، لم تُخْفِ السلطات التونسية "الجديدة" وجود جنود أمريكيين في تونس، لكنها أخْفَتْ سبب وُجودهم، وادّعت منذ ثماني سنوات إنه يقتصر على تدريب الجيش التونسي، وعلى تقديم الدّعم، وكأن الولايات المتحدة منظمة خيرية، تُساعد الدول الصغيرة، مثل تونس، على بناء جيش قادر عن الدفاع على حدود البلاد !!! وكتبت صحف أمريكية (نيويورك تايمز وواشنطن بوست ومجلة "نشيونال إنترست"، وغيرها) بين 2012 و 2019، أخبارًا عن الضغط الأمريكي لزيادة ميزانية "الأمن" في تونس (التسليح، والتجهيزات)، وأعلن رئيس الحكومة (يوسف الشاهد، موظف سابق في سفارة أمريكا بتونس) سنة 2018، ارتفاع الإنفاق على وزارتيْ الداخلية والدفاع، إلى نحو 15% من ميزانية الدولة، "من أجل محاربة الإرهاب"، وبالمقابل انخفضت ميزانيات وزارة الصحة إلى أدنى حد ممكن، ووزارات التعليم، ووزارة الشؤون الإجتماعية، في بلد ما فتئ يشهد ارتفاعات مخيفة لنسب الفقر والبطالة وانهيار العُملة وارتفاع الأسعار... كما نشرت الصحف الأمريكية أخبارًا عن مشاركة جنود أميركيين في عمليات عسكرية في تونس، وعن وجود مكثّف لجنود أمريكيين تابعين لبرنامج "أفريكوم"، وعن قاعدة عسكرية أمريكية في بنزرت، كما في جنوب تونس، قريبًا من حدود ليبيا والجزائر، ونشرت صحيفة "تاسك برْبُورْزْ"، الأمريكية سنة 2018 (وهي مختصة في الشؤون الأمنية والعسكرية)، حديثًا مع ناطق باسم "أفريكوم"، أعلن خلاله "توسيم إثنين من قوات المارينز، إثْرَ مشاركتهما في معركة ضد مقاتلي تنظيم القاعدة في جبال منطقة القصرين"، في شباط/فبراير 2017، وقدّرت صحيفة "نيويورك تايمز" (03/03/2019 ) عدد المُدَرِّبين من الضباط الأمريكيين في تونس بما لا يقل عن 150، ومعهم معدّات متطورة، وظائرات مروحية، وأجهزة اتصالات وغيرها من العتاد الحربي "الدّفاعي"، كما توجد بتونس مجموعة من القوات الأمريكية "الخاصّة" (وهي تابعة لقوات المارينز)، وأظهرت وثائق مناقشات لجان مجلس النواب الأمريكي (الكونغرس)، تصريحات قائد القيادة العسكرية الأمريكية في أفريقيا (أفريكوم) "توماس جي والدهواسر"، عن التعاون الكبير مع الجيش التونسي، أحد أهم شركاء الجيش الأمريكي في مكافحة الإرهاب في المنطقة، وفق تعبيره، ولم يُكذب "كمال العكروت" (مسؤول أمني كبير في تونس) الخبر، بل دَعّمه بالإشادة بالتعاون المكثف مع الولايات المتحدة، وأظْهرت ميزانية سنة 2017، تقديم الولايات المتحدة مبلغًا يعادل 119 مليون دولار، لدعم الجيش التونسي (أي قَرْض، وتمويل شراء معدات أمريكية)، إضافة إلى سترات واقية ومناظير ليلية ومعدّات لكشف المتفجّرات، مما أثار رد فعل حكومة الجزائر، التي تعمل على تعاون جيوش المنطقة لمكافحة الإرهاب، وإبقاء التعاون مع الجيوش الأجنبية، في نطاق محدود، وترفض الجزائر إقامة "قواعد عسكرية أجنبية دائمة"، في المغرب العربي وفي المنطقة المُحيطة بالصحراء الكُبْرى...
أوْضَحَت بعض وسائل الإعلام الأمريكية إن الجيش الأمريكي يُنفّذ عددًا من المهام السّرِّيّة في توني، لا يقع الإعلان عنها، بسبب حساسية الشعب التونسي (وباقي الشعوب العربية وشعوب العالم) ضد التدخل العسكري الأجنبي، وخصوصًا ضد أي تواجد عسكري أمريكي، لأن أمريكا داعم أساسي للكيان الصّهيوني... هذا ما ظَهَر، وما خَفِيَ أعظَم... عن موقع "نيويورك تايمز" (بتصرف وإضافات) 03/03/2019
أما خلال العُقُود الأخيرة، وبعد احتلال العراق وأفغانستان، بدأت الولايات المتحدة منذ أواخر فترة رئاسة جورج بوش الإبن، تطبيق البرنامج العسكري المعروف باسم "أفريكوم" أو القيادة العسكرية الأمريكية لإفريقيا (كُنتُ نَشَرْتُ آنذاك بحثًا مُطوّلاً عن الموضوع)، وبعد اعتراض جنوب إفريقيا ونيجيريا والجزائر على إقامة قواعد تقليدية، أصبحت أمريكا تنفذ عشرات التدريبات سنويا، وأشرفت (من 18 إلى 28 شباط/فبراير 2019) على بتدريب عسكري في موريتانيا وبركينا فاسو بمشاركة تمانية دول إفريقية أخرى، بما فيها الجزائر...
في تونس، ارتفعت دَرَجَة العمالة والتّبَعِية تجاه صندوق النقد الدولي، وتجاه الولايات المتحدة، منذ استحواذ الدين السياسي (الإخوان المسلمون) على السّلْطة، بعد امتطاء نضالات الفُقراء والمُضْطَهَدِين (أواخر 2010 وبداية 2011)، وراجت أخبار، منذ سنة 2017، عن وجود بضعة قواعد "فنية" أمريكية (تنصت وتجسس) وفرق عسكرية صغيرة، وقواعد طائرات آلية (دْرُونز)، في جنوب تونس وعلى طول حدودها مع الجزائر...
بعد انهيار رأس النظام في بداية سنة 2014، لم تُخْفِ السلطات التونسية "الجديدة" وجود جنود أمريكيين في تونس، لكنها أخْفَتْ سبب وُجودهم، وادّعت منذ ثماني سنوات إنه يقتصر على تدريب الجيش التونسي، وعلى تقديم الدّعم، وكأن الولايات المتحدة منظمة خيرية، تُساعد الدول الصغيرة، مثل تونس، على بناء جيش قادر عن الدفاع على حدود البلاد !!! وكتبت صحف أمريكية (نيويورك تايمز وواشنطن بوست ومجلة "نشيونال إنترست"، وغيرها) بين 2012 و 2019، أخبارًا عن الضغط الأمريكي لزيادة ميزانية "الأمن" في تونس (التسليح، والتجهيزات)، وأعلن رئيس الحكومة (يوسف الشاهد، موظف سابق في سفارة أمريكا بتونس) سنة 2018، ارتفاع الإنفاق على وزارتيْ الداخلية والدفاع، إلى نحو 15% من ميزانية الدولة، "من أجل محاربة الإرهاب"، وبالمقابل انخفضت ميزانيات وزارة الصحة إلى أدنى حد ممكن، ووزارات التعليم، ووزارة الشؤون الإجتماعية، في بلد ما فتئ يشهد ارتفاعات مخيفة لنسب الفقر والبطالة وانهيار العُملة وارتفاع الأسعار... كما نشرت الصحف الأمريكية أخبارًا عن مشاركة جنود أميركيين في عمليات عسكرية في تونس، وعن وجود مكثّف لجنود أمريكيين تابعين لبرنامج "أفريكوم"، وعن قاعدة عسكرية أمريكية في بنزرت، كما في جنوب تونس، قريبًا من حدود ليبيا والجزائر، ونشرت صحيفة "تاسك برْبُورْزْ"، الأمريكية سنة 2018 (وهي مختصة في الشؤون الأمنية والعسكرية)، حديثًا مع ناطق باسم "أفريكوم"، أعلن خلاله "توسيم إثنين من قوات المارينز، إثْرَ مشاركتهما في معركة ضد مقاتلي تنظيم القاعدة في جبال منطقة القصرين"، في شباط/فبراير 2017، وقدّرت صحيفة "نيويورك تايمز" (03/03/2019 ) عدد المُدَرِّبين من الضباط الأمريكيين في تونس بما لا يقل عن 150، ومعهم معدّات متطورة، وظائرات مروحية، وأجهزة اتصالات وغيرها من العتاد الحربي "الدّفاعي"، كما توجد بتونس مجموعة من القوات الأمريكية "الخاصّة" (وهي تابعة لقوات المارينز)، وأظهرت وثائق مناقشات لجان مجلس النواب الأمريكي (الكونغرس)، تصريحات قائد القيادة العسكرية الأمريكية في أفريقيا (أفريكوم) "توماس جي والدهواسر"، عن التعاون الكبير مع الجيش التونسي، أحد أهم شركاء الجيش الأمريكي في مكافحة الإرهاب في المنطقة، وفق تعبيره، ولم يُكذب "كمال العكروت" (مسؤول أمني كبير في تونس) الخبر، بل دَعّمه بالإشادة بالتعاون المكثف مع الولايات المتحدة، وأظْهرت ميزانية سنة 2017، تقديم الولايات المتحدة مبلغًا يعادل 119 مليون دولار، لدعم الجيش التونسي (أي قَرْض، وتمويل شراء معدات أمريكية)، إضافة إلى سترات واقية ومناظير ليلية ومعدّات لكشف المتفجّرات، مما أثار رد فعل حكومة الجزائر، التي تعمل على تعاون جيوش المنطقة لمكافحة الإرهاب، وإبقاء التعاون مع الجيوش الأجنبية، في نطاق محدود، وترفض الجزائر إقامة "قواعد عسكرية أجنبية دائمة"، في المغرب العربي وفي المنطقة المُحيطة بالصحراء الكُبْرى...
أوْضَحَت بعض وسائل الإعلام الأمريكية إن الجيش الأمريكي يُنفّذ عددًا من المهام السّرِّيّة في توني، لا يقع الإعلان عنها، بسبب حساسية الشعب التونسي (وباقي الشعوب العربية وشعوب العالم) ضد التدخل العسكري الأجنبي، وخصوصًا ضد أي تواجد عسكري أمريكي، لأن أمريكا داعم أساسي للكيان الصّهيوني... هذا ما ظَهَر، وما خَفِيَ أعظَم... عن موقع "نيويورك تايمز" (بتصرف وإضافات) 03/03/2019