جورج سارتون والحضارة الإسلامية
بكري معتوق عساس
[جورج سارتون والحضارة الإسلامية]
جورج سارتون أحد المستشرقين الذين أخلصوا الحب للعرب ولغتهم، وبيّنوا فضل علمائهم على العالم القديم في تجرُّد وإنصاف، وهو أمريكي من أصل بلجيكي، يُعدُّ من أوائل العلماء الذين كان لهم السبق في دراسة تاريخ العلوم. وُلد في 13 اغسطس 1884م، حصل على البكالوريوس من جامعة جينت ببلجيكا عام 1906م، وبعدها بعامين حصل على الميدالية الذهبية عن بحث قدمه في علم الكيمياء. وفي عام 1911م حصل على درجة الدكتوراة في الرياضيات من الجامعة نفسها. هاجر إلى أمريكا بسبب الحرب العالمية الأولى، وعمل باحثًا مساعدًا في مؤسسة كارنجي للسلام، إضافة لعمله محاضرًا في جامعة هارفارد. وفي كتابه: (المدخل إلى تاريخ العلوم)
Anintroduction to the history of science الذي يقع في خمسة مجلدات، خص الحضارة الإسلامية بجزءٍ كبير منه. وصفه الدكتور إبراهيم مدكور في تقديمه للكتاب نفسه بأنّه «عالم موسوعة، تراه أحيانًا كيميائيًّا متخصصًا وأخرى طبيبًا متبحرًا ثم ينتقل إلى الرياضة والفلك فيبسط نظرياتها بل جاوزها إلى العلوم الإنسانية والاجتماعية، باحثًا في ذلك كله ومحاولاً ربطها بالتكنولوجيا وبالتطبيقات العلمية التي لجأ إليها الإنسان منذ فجر التاريخ».
ومن أجل التعمق في دراسة تاريخ العلوم عند المسلمين، اضطر سارتون إلى تعلُّم اللغة العربية. وفي كتابه أخذ يُبيِّن التطور العلمي من عصور الفراعنة ثم الإغريق فالدولة البيزنطية انتهاءً بالحضارة الإسلامية. وقد وجد أن العلماء المسلمين في تلك العصور لم يكونوا متخصصين في فرعٍ واحد أو علمٍ واحد من العلوم فقط، وإنما كان الواحد منهم موسوعة يتحدَّث في معظم ما انتهى إليه العلم في كثير من التخصصات، حتى إن بعض العلماء المسلمين كان الواحد منهم يترك أكثر من مائتي كتاب في مختلف العلوم. وقد قسم سارتون عصور التاريخ وفق أبرز أسماء العلماء وأصحاب الفضل على الحضارة الإنسانية في عصرهم: فالنصف الثاني من القرن الثامن الميلادي سماه عصر «جابر ابن حيان»، تلاه عصر «الخوارزمي»، ثم الرازي مرورًا بالمسعودي والخيام، وانتهاءً بعصر «ابن رشد»، وبهذا العمل أظهر سارتون دور الحضارة الإسلامية في تلك العصور مما حدا به أنْ أطلق عليها (عصور العالم الإسلامي). وردَّ في كتابه هذا على من قلَّلَ من دور العرب والمسلمين وحصر دورهم في نقل العلوم فقط دون أن يُضيفوا إليها شيئًا، وذكر أنَّ العرب والمسلمين هم أعظم معلمي العالم فقد زادوا على العلوم التي أخذوها وأوصلوها إلى درجة كبيرة من حيث النمو والارتقاء. وظل سارتون شعلة وهَّاجة في سماء العلم إلى وفاته عام 1956م. وتكريمًا له ولإنجازاته، أنشأ «مجتمع تاريخ العلم» وسامًا باسم جورج سارتون، وهي الجائزة الأكثر رفعة تمنح سنويًّا لعالم بارز من مؤرخي العلم ينتخب من قبل المجتمع العلمي الدولي.
بكري معتوق عساس
[جورج سارتون والحضارة الإسلامية]
جورج سارتون أحد المستشرقين الذين أخلصوا الحب للعرب ولغتهم، وبيّنوا فضل علمائهم على العالم القديم في تجرُّد وإنصاف، وهو أمريكي من أصل بلجيكي، يُعدُّ من أوائل العلماء الذين كان لهم السبق في دراسة تاريخ العلوم. وُلد في 13 اغسطس 1884م، حصل على البكالوريوس من جامعة جينت ببلجيكا عام 1906م، وبعدها بعامين حصل على الميدالية الذهبية عن بحث قدمه في علم الكيمياء. وفي عام 1911م حصل على درجة الدكتوراة في الرياضيات من الجامعة نفسها. هاجر إلى أمريكا بسبب الحرب العالمية الأولى، وعمل باحثًا مساعدًا في مؤسسة كارنجي للسلام، إضافة لعمله محاضرًا في جامعة هارفارد. وفي كتابه: (المدخل إلى تاريخ العلوم)
Anintroduction to the history of science الذي يقع في خمسة مجلدات، خص الحضارة الإسلامية بجزءٍ كبير منه. وصفه الدكتور إبراهيم مدكور في تقديمه للكتاب نفسه بأنّه «عالم موسوعة، تراه أحيانًا كيميائيًّا متخصصًا وأخرى طبيبًا متبحرًا ثم ينتقل إلى الرياضة والفلك فيبسط نظرياتها بل جاوزها إلى العلوم الإنسانية والاجتماعية، باحثًا في ذلك كله ومحاولاً ربطها بالتكنولوجيا وبالتطبيقات العلمية التي لجأ إليها الإنسان منذ فجر التاريخ».
ومن أجل التعمق في دراسة تاريخ العلوم عند المسلمين، اضطر سارتون إلى تعلُّم اللغة العربية. وفي كتابه أخذ يُبيِّن التطور العلمي من عصور الفراعنة ثم الإغريق فالدولة البيزنطية انتهاءً بالحضارة الإسلامية. وقد وجد أن العلماء المسلمين في تلك العصور لم يكونوا متخصصين في فرعٍ واحد أو علمٍ واحد من العلوم فقط، وإنما كان الواحد منهم موسوعة يتحدَّث في معظم ما انتهى إليه العلم في كثير من التخصصات، حتى إن بعض العلماء المسلمين كان الواحد منهم يترك أكثر من مائتي كتاب في مختلف العلوم. وقد قسم سارتون عصور التاريخ وفق أبرز أسماء العلماء وأصحاب الفضل على الحضارة الإنسانية في عصرهم: فالنصف الثاني من القرن الثامن الميلادي سماه عصر «جابر ابن حيان»، تلاه عصر «الخوارزمي»، ثم الرازي مرورًا بالمسعودي والخيام، وانتهاءً بعصر «ابن رشد»، وبهذا العمل أظهر سارتون دور الحضارة الإسلامية في تلك العصور مما حدا به أنْ أطلق عليها (عصور العالم الإسلامي). وردَّ في كتابه هذا على من قلَّلَ من دور العرب والمسلمين وحصر دورهم في نقل العلوم فقط دون أن يُضيفوا إليها شيئًا، وذكر أنَّ العرب والمسلمين هم أعظم معلمي العالم فقد زادوا على العلوم التي أخذوها وأوصلوها إلى درجة كبيرة من حيث النمو والارتقاء. وظل سارتون شعلة وهَّاجة في سماء العلم إلى وفاته عام 1956م. وتكريمًا له ولإنجازاته، أنشأ «مجتمع تاريخ العلم» وسامًا باسم جورج سارتون، وهي الجائزة الأكثر رفعة تمنح سنويًّا لعالم بارز من مؤرخي العلم ينتخب من قبل المجتمع العلمي الدولي.