بقلم الكاتبة السورية مها سلامه.........
#العراق_في_عيوني..
#العراق_في_عيوني..
كنتُ طفلةً تُجيدُ فنّ الأستماعِ لكلماتِ رجالِ ذاكَ الزّمن الجميل، وكم كانت كلماتهم جميلةً .. صادقةً، و حازمة..
كانوا يقولون: بردى يزين دمشق، والقاهرة بنيلها تتغاوى، وبغداد بالرافدين تنعم...
استوقفتني الكلمة، وأعتقدتُ أنّ الرافدين نهر كبردى والنيل والعاصي.
سألت، وكم كنت أسأل .. حتى يضيق الأهل ذرعاً من تلك الطفلة..
أجابني والدي رحمه الله: الرافدين دجلة والفرات.
تصورتُ أن بغداد تغرق بالماء (هكذا هو خيال الطفل)، نحن نشرب ونكتفي من بردى .. هنيئاً لهم نهرين .. ياالله!!
بالمدارس درسنا تاريخ الوطن العربي..
خيالي كان يسافر من مقعدي ليرى الحدائق المعلقة، والأبنية التي تروي حضاراتٍ تعاقبت على بلدٍ له جذورٌ وتاريخٌ عريق، ونخيل باسق..
شاهدتُ بخيالي معارك وقتل، ورمي كتبٍ بالنهر، فيها علمٌ ومعلومات تكفي أمةً بأكملها.
وجدت شعباً ينتصرُ بكل مرّة، ويعود ليقف ويبني ..
قرأت عن النفط ... النفط و الثروات الباطنية التي تُحي عالماً بأكمله..
كبرتُ وبدأت أذني تعشقُ ما كان يسمعه والدي لفنّانين عراقيين، ناظم الغزالي ... الللّلللللله كم حلمت برؤية ليلى المريضة بالعراق، ورؤية الطبيب المداويا..
عندما عاد والدي من زيارة بغدادَ، أحضر منها مَنّ السّما، والأصيل لاينسى لقمة من قلب، فكيف بي بعدما علمت قصة المنّ والسّلوى، وكيف ينتج من مطر السماء حصراً للعراق، الذي كرّمه الله به، وانواع التّمور الشّهيّة....
بدأت بمرحلة الشباب وسماع الشعر .. الجواهري أخذني بأشعاره لصوت العراق الشجيّ، وكم رسمت كلماته عراقنا بريشة عاشقٍ لثرى العراق، وحنينه له..
وسمعت عن بلقيسهم التي هامَ بها نزارنا..
فجأة بدأ شباب من العراق يتوافدون إلى دمشقَ، هرباً من حروبٍ وضيق، عرفت بهم الشباب والشابات المثقفين، والرافضين لأي تفرقةٍ بين سنيٍّ وشيعي .. بين إيزيديٍ ومسيحي .. شبابٌ منفتح فنان .. فرقة العاشقين، كم غنينا معها .. والفنان الرائع الجميل رعد خلف، العراقي السوري الأصيل المحبّ لسوريا حدّ الثمالة..
الآن أسمع أخبار ذاك البلد العريق .. أحزن لِمَ بلد النفط يعاني ... لمَ الأخوة يتخاصمون .. وبلد الرافدين يشرب مياه معدنية .. بلد النفط، البلد الثّري .. بلد المقامات والمكرمات، يدٌ تلعب به، وسياسات تتنازعه، ماهذا التناقض؟
بلد نينوى والسّيّاب والبيّاتي والمتنبي، ونازك الملائكه .. بلد الرّقي والأصوات الشجية الحزينة .. أنا لم أزر العراق، لكني أراه بقلبي موجوعاً يعاني .. متألماً على أعلى نسبة هجرةٍ لشبابه، منهم العالِم ومنهم الحكيم يجمعهم شوقاً لعراقهم الجميل...
هل يأتي يوماً نسمع به أن كل بلاد العرب أوطاني، ويحق لنا رؤيتها والتعرف عليها عن قرب، دون يدٍ خارجية تعيث فساداً بها، تنفيذاً لمخططات عدوانية قذرة ... وهل نعود لنردد يوماً بلاد العرب أوطاني من الشام لبغدان؟....
كنتُ طفلة وكان العراق في عيوني.
كبرتُ فأصبح العراق في قلبي.......
مها سلامه الديوب
كانوا يقولون: بردى يزين دمشق، والقاهرة بنيلها تتغاوى، وبغداد بالرافدين تنعم...
استوقفتني الكلمة، وأعتقدتُ أنّ الرافدين نهر كبردى والنيل والعاصي.
سألت، وكم كنت أسأل .. حتى يضيق الأهل ذرعاً من تلك الطفلة..
أجابني والدي رحمه الله: الرافدين دجلة والفرات.
تصورتُ أن بغداد تغرق بالماء (هكذا هو خيال الطفل)، نحن نشرب ونكتفي من بردى .. هنيئاً لهم نهرين .. ياالله!!
بالمدارس درسنا تاريخ الوطن العربي..
خيالي كان يسافر من مقعدي ليرى الحدائق المعلقة، والأبنية التي تروي حضاراتٍ تعاقبت على بلدٍ له جذورٌ وتاريخٌ عريق، ونخيل باسق..
شاهدتُ بخيالي معارك وقتل، ورمي كتبٍ بالنهر، فيها علمٌ ومعلومات تكفي أمةً بأكملها.
وجدت شعباً ينتصرُ بكل مرّة، ويعود ليقف ويبني ..
قرأت عن النفط ... النفط و الثروات الباطنية التي تُحي عالماً بأكمله..
كبرتُ وبدأت أذني تعشقُ ما كان يسمعه والدي لفنّانين عراقيين، ناظم الغزالي ... الللّلللللله كم حلمت برؤية ليلى المريضة بالعراق، ورؤية الطبيب المداويا..
عندما عاد والدي من زيارة بغدادَ، أحضر منها مَنّ السّما، والأصيل لاينسى لقمة من قلب، فكيف بي بعدما علمت قصة المنّ والسّلوى، وكيف ينتج من مطر السماء حصراً للعراق، الذي كرّمه الله به، وانواع التّمور الشّهيّة....
بدأت بمرحلة الشباب وسماع الشعر .. الجواهري أخذني بأشعاره لصوت العراق الشجيّ، وكم رسمت كلماته عراقنا بريشة عاشقٍ لثرى العراق، وحنينه له..
وسمعت عن بلقيسهم التي هامَ بها نزارنا..
فجأة بدأ شباب من العراق يتوافدون إلى دمشقَ، هرباً من حروبٍ وضيق، عرفت بهم الشباب والشابات المثقفين، والرافضين لأي تفرقةٍ بين سنيٍّ وشيعي .. بين إيزيديٍ ومسيحي .. شبابٌ منفتح فنان .. فرقة العاشقين، كم غنينا معها .. والفنان الرائع الجميل رعد خلف، العراقي السوري الأصيل المحبّ لسوريا حدّ الثمالة..
الآن أسمع أخبار ذاك البلد العريق .. أحزن لِمَ بلد النفط يعاني ... لمَ الأخوة يتخاصمون .. وبلد الرافدين يشرب مياه معدنية .. بلد النفط، البلد الثّري .. بلد المقامات والمكرمات، يدٌ تلعب به، وسياسات تتنازعه، ماهذا التناقض؟
بلد نينوى والسّيّاب والبيّاتي والمتنبي، ونازك الملائكه .. بلد الرّقي والأصوات الشجية الحزينة .. أنا لم أزر العراق، لكني أراه بقلبي موجوعاً يعاني .. متألماً على أعلى نسبة هجرةٍ لشبابه، منهم العالِم ومنهم الحكيم يجمعهم شوقاً لعراقهم الجميل...
هل يأتي يوماً نسمع به أن كل بلاد العرب أوطاني، ويحق لنا رؤيتها والتعرف عليها عن قرب، دون يدٍ خارجية تعيث فساداً بها، تنفيذاً لمخططات عدوانية قذرة ... وهل نعود لنردد يوماً بلاد العرب أوطاني من الشام لبغدان؟....
كنتُ طفلة وكان العراق في عيوني.
كبرتُ فأصبح العراق في قلبي.......
مها سلامه الديوب