بسم الله الرحمن الرحيم
وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ (4)المؤمنون
قال ابن كثير:وقوله : ( والذين هم للزكاة فاعلون ) : الأكثرون على أن المراد بالزكاة هاهنا زكاة الأموال ، مع أن هذه [ الآية ] مكية ، وإنما فرضت الزكاة بالمدينة في سنة اثنتين من الهجرة . والظاهر أن التي فرضت بالمدينة إنما هي ذات النصب والمقادير الخاصة ، وإلا فالظاهر أن أصل الزكاة كان واجبا بمكة ، كما قال تعالى في سورة الأنعام ، وهي مكية : ( وآتوا حقه يوم حصاده ) [ الأنعام : 141 ] .
وقد يحتمل أن يكون المراد بالزكاة هاهنا : زكاة النفس من الشرك والدنس ، كقوله : ( قد أفلح من زكاها . وقد خاب من دساها ) [ الشمس : 9 ، 10 ] ، وكقوله : ( وويل للمشركين . الذين لا يؤتون الزكاة ) [ فصلت : 6 ، 7 ] ، على أحد القولين في تفسيرها .
وقد يحتمل أن يكون كلا الأمرين مرادا ، وهو زكاة النفوس وزكاة الأموال; فإنه من جملة زكاة النفوس ، والمؤمن الكامل هو الذي يتعاطى هذا وهذا ، والله أعلم .
وقال السعدي:{ وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ } أي مؤدون لزكاة أموالهم، على اختلاف أجناس الأموال، مزكين لأنفسهم من أدناس الأخلاق ومساوئ الأعمال التي تزكو النفس بتركها وتجنبها، فأحسنوا في عبادة الخالق، في الخشوع في الصلاة، وأحسنوا إلى خلقه بأداء الزكاة.
وذهب الفيروز آبادي إلى أن المراد بـ (الزكاة) في الآية التزكية النفسية، قال: "أي: يفعلون ما يفعلون من العبادة ليزكيهم الله، أو ليزكوا أنفسهم، والمعنيان واحد. وليس قوله: {للزكاة} مفعولاً لقوله: {فاعلون}، بل (اللام) فيه للقصد وللعلة".
و عليه فان المستعرض لكتب التفسير يجد ان كلمة زكاة في القران الكريم التي تكررت حوالي كثيرا من المرات يتراوح معناها بين امور نفسية وخُلُقية وسلوكية وفكرية من جهة، وبين مادية من جهة اخرى ...
فلذلك وجدناها في العهد المكي تركز المعاني للفظ الزكاة على تطهير الجانب النفسي والاخلاقي والفكري والسلوكي، كقوله تعالى: " وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا قَدْ أَفْلَحَ مَن زكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا [سورة الشمس:1-10]. وكما جاء أيضاً في الذكر الحكيم " قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى" سورة الأعلى آية 15". فمادة (زكا) لغة تدل على الصلاح و النماء والزيادة والطهارة من دنس الكفر والشرك فكرا وسلوكا وخلقا،وبهذه المعاني جاء قوله تعالى:{فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا منه زكاة} (الكهف:81). وقوله جل جلاله: {وحنانا من لدنا وزكاة} (مريم:13). ومن ذلك قول الله سبحانه: {ومن تزكى فإنما يتزكى لنفسه} (فاطر:18)، ونحو هذا قوله عز وجل: {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون} (النور:30)،ونحوه ايضا قوله تعالى: {وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا هو أزكى لكم} (النور:28).
وبهذ المعنى كانت التزكية من مهام النبي صلى الله عليه وسلم لاتباعه ومن يتبعهم ويلحق بهم ، وقد جعل الله تعالى ذلك من فضله الذي امتنه على هذه الامة،وذلك كما في قوله عز وجل: { هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ (2) وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (3) ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (4)} (الجمعة).
أما المفهوم المادي لكلمة زكاة فجاء تفصيله في العهد المدني من خلال الأحاديث والسنة المطهرة، واوجبه القرآن الكريم على وجه الاجمال،مسميا لها زكاة وصدقة وانفاق ، كقوله جل ثناؤه: {خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها} (التوبة:103) ونلاحظ هنا الربط بين المعنى المادي والمعنى المعنوي حيث يطهر الانفاقُ للمال وبذل الطعام، النفسَ من ادران البخل والجشع والطمع . و من ادلة ايجابها قوله تعالى: {وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة} (البقرة:43)
وبين تعالى فضلها في قوله سبحانه: {وما آتيتم من زكاة تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون} (الروم:39).
وحذر سبحانه من منعها وبين انه من اخلاق وافعال المشركين والكافرين كما في قوله عز وجل: {وويل للمشركين * الذين لا يؤتون الزكاة وهم بالآخرة هم كافرون} (فصلت:6-7). فلذلك قاتل ابو بكر الصديق خليفة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مانعيها معتبرا لهم مرتدين يوم عطلوا ادائها، باجماع الصحابة كلهم رضي الله عنهم والذين لا يجتمعون على ضلالة ...
وقد فصل القران الكريم الجهات التي تنفق فيها اموال الزكاة فحصرها في قوله سبحانه إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ ۖ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (60)التوبة .
وقد حدد النبي صلوات ربي عليه الزكاة وفصلها وبين مقاديرها في المكيل والموزون والعملة فقال كما ورد في الصحيحين قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ صَدَقَةٌ، وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ صَدَقَةٌ، وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ".
ومن شاء التفصيل والاستزادة فليراجع كتب الفقه ...
وتذكروا اخواني المؤمنين ان من ابواب مصارف الزكاة الملحة اليوم اهلنا في غزة وفلسطين حيث هناك الانفاق في سبيل الله ....
اللهم اجعلنا من مؤتي الزكاة وفاعليها وزكي نفوسنا فانت خير من زكاها ، اللهم وانصر المجاهدين في سبيلك واظهرهم اللهم على من عاداهم من اهل الكفر والشرك والنفاق ...
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ (4)المؤمنون
قال ابن كثير:وقوله : ( والذين هم للزكاة فاعلون ) : الأكثرون على أن المراد بالزكاة هاهنا زكاة الأموال ، مع أن هذه [ الآية ] مكية ، وإنما فرضت الزكاة بالمدينة في سنة اثنتين من الهجرة . والظاهر أن التي فرضت بالمدينة إنما هي ذات النصب والمقادير الخاصة ، وإلا فالظاهر أن أصل الزكاة كان واجبا بمكة ، كما قال تعالى في سورة الأنعام ، وهي مكية : ( وآتوا حقه يوم حصاده ) [ الأنعام : 141 ] .
وقد يحتمل أن يكون المراد بالزكاة هاهنا : زكاة النفس من الشرك والدنس ، كقوله : ( قد أفلح من زكاها . وقد خاب من دساها ) [ الشمس : 9 ، 10 ] ، وكقوله : ( وويل للمشركين . الذين لا يؤتون الزكاة ) [ فصلت : 6 ، 7 ] ، على أحد القولين في تفسيرها .
وقد يحتمل أن يكون كلا الأمرين مرادا ، وهو زكاة النفوس وزكاة الأموال; فإنه من جملة زكاة النفوس ، والمؤمن الكامل هو الذي يتعاطى هذا وهذا ، والله أعلم .
وقال السعدي:{ وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ } أي مؤدون لزكاة أموالهم، على اختلاف أجناس الأموال، مزكين لأنفسهم من أدناس الأخلاق ومساوئ الأعمال التي تزكو النفس بتركها وتجنبها، فأحسنوا في عبادة الخالق، في الخشوع في الصلاة، وأحسنوا إلى خلقه بأداء الزكاة.
وذهب الفيروز آبادي إلى أن المراد بـ (الزكاة) في الآية التزكية النفسية، قال: "أي: يفعلون ما يفعلون من العبادة ليزكيهم الله، أو ليزكوا أنفسهم، والمعنيان واحد. وليس قوله: {للزكاة} مفعولاً لقوله: {فاعلون}، بل (اللام) فيه للقصد وللعلة".
و عليه فان المستعرض لكتب التفسير يجد ان كلمة زكاة في القران الكريم التي تكررت حوالي كثيرا من المرات يتراوح معناها بين امور نفسية وخُلُقية وسلوكية وفكرية من جهة، وبين مادية من جهة اخرى ...
فلذلك وجدناها في العهد المكي تركز المعاني للفظ الزكاة على تطهير الجانب النفسي والاخلاقي والفكري والسلوكي، كقوله تعالى: " وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا قَدْ أَفْلَحَ مَن زكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا [سورة الشمس:1-10]. وكما جاء أيضاً في الذكر الحكيم " قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى" سورة الأعلى آية 15". فمادة (زكا) لغة تدل على الصلاح و النماء والزيادة والطهارة من دنس الكفر والشرك فكرا وسلوكا وخلقا،وبهذه المعاني جاء قوله تعالى:{فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا منه زكاة} (الكهف:81). وقوله جل جلاله: {وحنانا من لدنا وزكاة} (مريم:13). ومن ذلك قول الله سبحانه: {ومن تزكى فإنما يتزكى لنفسه} (فاطر:18)، ونحو هذا قوله عز وجل: {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون} (النور:30)،ونحوه ايضا قوله تعالى: {وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا هو أزكى لكم} (النور:28).
وبهذ المعنى كانت التزكية من مهام النبي صلى الله عليه وسلم لاتباعه ومن يتبعهم ويلحق بهم ، وقد جعل الله تعالى ذلك من فضله الذي امتنه على هذه الامة،وذلك كما في قوله عز وجل: { هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ (2) وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (3) ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (4)} (الجمعة).
أما المفهوم المادي لكلمة زكاة فجاء تفصيله في العهد المدني من خلال الأحاديث والسنة المطهرة، واوجبه القرآن الكريم على وجه الاجمال،مسميا لها زكاة وصدقة وانفاق ، كقوله جل ثناؤه: {خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها} (التوبة:103) ونلاحظ هنا الربط بين المعنى المادي والمعنى المعنوي حيث يطهر الانفاقُ للمال وبذل الطعام، النفسَ من ادران البخل والجشع والطمع . و من ادلة ايجابها قوله تعالى: {وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة} (البقرة:43)
وبين تعالى فضلها في قوله سبحانه: {وما آتيتم من زكاة تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون} (الروم:39).
وحذر سبحانه من منعها وبين انه من اخلاق وافعال المشركين والكافرين كما في قوله عز وجل: {وويل للمشركين * الذين لا يؤتون الزكاة وهم بالآخرة هم كافرون} (فصلت:6-7). فلذلك قاتل ابو بكر الصديق خليفة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مانعيها معتبرا لهم مرتدين يوم عطلوا ادائها، باجماع الصحابة كلهم رضي الله عنهم والذين لا يجتمعون على ضلالة ...
وقد فصل القران الكريم الجهات التي تنفق فيها اموال الزكاة فحصرها في قوله سبحانه إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ ۖ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (60)التوبة .
وقد حدد النبي صلوات ربي عليه الزكاة وفصلها وبين مقاديرها في المكيل والموزون والعملة فقال كما ورد في الصحيحين قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ صَدَقَةٌ، وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ صَدَقَةٌ، وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ".
ومن شاء التفصيل والاستزادة فليراجع كتب الفقه ...
وتذكروا اخواني المؤمنين ان من ابواب مصارف الزكاة الملحة اليوم اهلنا في غزة وفلسطين حيث هناك الانفاق في سبيل الله ....
اللهم اجعلنا من مؤتي الزكاة وفاعليها وزكي نفوسنا فانت خير من زكاها ، اللهم وانصر المجاهدين في سبيلك واظهرهم اللهم على من عاداهم من اهل الكفر والشرك والنفاق ...
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.