إنتحارٌ بصمت)
قصة قصيرة من نسج الخيال
بقلم الكاتبة العراقية
نور ضياء الهاشمي السامرائي
(إنتحارٌ بصمت)
سوفَ أروي وأبتدء الكلام،
أنا الشمس آلهةُ العشق وآلهةُ الأمل للإنسان من هنا أنطلاقة البشر نحو المصير ..
الشمس تحكي:
إنتحار...وأيُّ نوعٍ من الإنتحارِ؟
ألَماً وظلماً للروحِ...ثم إحتقار..
إنتحار
وكيف أبتدء معكما الحوار؟
أنتَ يا أيها المهند...
وأنتِ يا أيتها العصماء
لمَ...وأنا أحدثكما وأنتما لا تسمعاني؟
لمَ...وأنا شمس عمركما؟...
فلما تقتلاني؟؟
لمَ...؟؟؟
لمَ أخترتَ الهروبَ يا أيها المهند؟
ولمَ رضيتي بختيارهُ يا أيتها العصماء؟
فما الذي دفعكِ للموت؟
وما هو دافعكِ للقبولِ ؟ أهو الكبرياء؟
وهل يوجد بين الحبيبين لفظ الكبرياء؟
وبسبب مَنْ وقعتما إتفاقيةِ هذا الوداع؟..
أبسبب غيرتكَ الجنونية يا أيها المهند؟
أم بسبب غيرتكِ الحمقاء يا أيتها الحكيمة العصماء؟
وأنتما تعلمان جيداً أنَّ سيفَ العشقِ سيفٌ عظيمٌ لا يرضى بالإنكسارِ
ودمع العشقِ لنْ يكفَ يوماً عن الانهدارِ..
ومن قال لكما أنَّ الهجرَ للحبيبِ هو قوةً وأنتصار؟
أنتَ يا مهند يامن أخترتَ الوداعَ بإرادتكَ..
فمن أينَ اليوم ترتجي الأمل؟
وأنتِ يا أيتها العصماء..ذاتُ الكبرياءِ.. أخترتي العناد..
وأستهوتكِ دوافع الغيرةِ الحمقاء....
حطمتهُ...وحطمتي جدارَ الأملِ بينكما
أ أنتِ راضيةٌ عن فعلكِ يا أيتها الغبراء؟
قتلتنيّ أنا آلهة العشق بينكما
وقتلتي شمسَ العمر..بغيرتكِ القاتلةِ وكبريائكِ العتي ونفسكِ العابقةِ الخيلاء..
وكسرتي سيفهُ...
سيفُ حبيبكِ وفارس أحلامكِ ...
وقطعتي أوراقَ الشجرةِ ألتي أسميتها وارفة الظلِ ألتي كانت تظلل عليك وتهَون المشاق...
بسببِ هذا العناد الأزلي الموروث وأصبح حالكِ الموت..
نعم هذا هو حالكِ اليوم..
نعم إنتحري إنتحاركما الأتفاقي
الإنتحارُ الصامت
فقد أصبحتي عبرةً ...وليعرف الواشين والكاذبين والأغبياء ..
وأنتَ يا أيها المهند البطل؟
يامن تدعي التضحيةَ لأجل أن تشرق شمسها من جديد..
ماذا فعلت؟
قتلتَ روحاً أنثوية ، كُسِرتْ في دواخل جرح كبريائها..
في لحظةٍ تعاليت عليها بسبب كذبِ النساءِ
وأقوال الواشين الذين يحرقهم جمالها..
ألا تسأل ذاتكَ ؟...من أحبت العصماء؟
ألا تسأل ذاتك؟...من أحبت تلكَ الأنثى الحسناء...
وأنت تقتلها بتعابير الغيرةِ
وتسقي نفسك ونفسها العناء..
وها أنتما تتصوران إنكما بالهجرِ سوف تستفيقانِ من حلمٍ أسمهُ العشق..
لا بل سوفَ تشتعلانِ بنيرانهِ... مازال هذا قراركما..
وتباتانِ على أملِ الموتِ ولا تموتانِ بل العشقِ يذلكما
لانه شيءُ كتبهُ القدرُ لكما
أنظرا كيف أستشهدتما روحياً
هذه شهادةً لعشقكما الطاهر
الذي أذللتماه
الذي لمْ يستطعْ الشيطان التمكنَ منهُ بزرع الدنسِ والخطى القذرة بينكما.
فسيطرَ ذلكَ الملعون منَ الوسوسةِ على أفكاركما
ولكن!!!! لا وألفُ لا...
لنْ أرضى وأنا الشمس آلهةُ العشقِ والأملِ
فالغروب هو من صُنعي ، أصطنعتهُ زيفاً للرؤيا
فأنا لنْ أتوارى يوماً ولنْ أتلاشى
الغروب الذي انا أسطنعتهُ زيفاً للرؤيا فلا توهمان نفسكما بهِ....
ولكن أنا الشمس ألتي لنْ تموت يوماً...
فلقد أصطنعتُ هذا الزيف كي أصل حكمتي للناسِ ..ليس إلا
كي أُعلمَ الظالمين الرحمة..
وكي أرسم أمل النوِر بعد الظلمةِ...
ولم أصطنعهُ لنقائكما أيها النبيلانِ
المهند:
أحببتكِ يا عصماء..
أحببتكِ لحدِ الفناءِ..
وأخترتُ قتلَ روحي
لكي تعيشي يا سيدةَ الطهرِ والنقاء..
قتلتني غيرتي..
وقتلني حسنكِ الذي أخذهُ الكبرياء..
فقتلتُ حبيبكِ وفارسكِ ..لأجل عيشكِ
ولم أقصد...أني أسقيكي يوماً البلاء...
حبيبتي العصماء...أنتِ الوحيدة في عيني...
أنتِ الخنساء....ولمْ أقصد خدشكِ بالقولِ..
وستبقين في عيني لحدِ الموت تلكَ العفراء..
فخذي عمري فداءً لكِ وبروازً لخطاكِ.. لينجلي البلاءِ..
العصماء:
أشهدُ أنكَ مني يا حبيبَ الروح...
فلقد عشقتكَ عشقَ الروحِ وفديتكَ بروحي وأعلنتُ بحبكَ أمام قومي الفداءِ..
لنْ أدعكَ تموت ولنْ أدعك تمضي من عمري سدىً ...يكفنا الذي فاتنا سابقاً من العمرِ ...من رحلةٍ مع أمواجِ ذلكً النهر البعيد..
كم أشتقتُ لكَ عندما كنت في عالم الارحامِ ...وكم رسمتُ خلالَ حياتي في الدنيا الأوهام...وكم أخلصتُ لتلكَ الأوهام...كنتَ أنتَ الوهم الذي أعيشهُ بأملِ الوجود واليوم وجدتكَ يا خليل الروحِ.
أعترفُ
نعم أعترف...بغيرتي الغبراء عليكَ وتصرفاتي البلهاء..
وكم حذرتك من غيرتنا التي تسيطرُ على عشقنا ونحن الأقوياء...
أحببتكَ يارجلاً...أحببتك لشهامتك...فلا ترسمْ نفسكَ في عيني اليوم من الضعفاءِ...
وما حالُ قلوبنا اليوم ألتي تشتكي من حالاتِ العطشِ الظمياءِ..
ومافعلنا...أذنبنا أننا عشقنا بعضنا بكل ذاك القدس والنقاء؟..
أنا وأنتَ كم نحن ظالمان..
أتعلم أن أبشعً أنواعِ القتلِ هو قتل الروحِ..
وها أنت قتلتني وقتلتَ نفسك..
وعينا العصماءِ ترتجيانِ.. لعينيكَ البريئتان..
أمن شهامتكَ أنكَ تترجاني بإعلان فراقك...أهو هذا الذي كانَ نحوك من ما تحمل نفسي فيكَ من رجاءٍ...
فمن غيري سوفَ يعشقكَ ومن فضلتها من النساءِ..
أنا ألتي لملمتكَ بعدَ ماكنتَ أشلاءً..
واليوم تزرعُ رماحكَ في فؤادي..
وتدعني أموت بسقيّ من سمكَ الذي يذوب معهُ البلاء..
أهواك...دون أنتهاء....أهواك بكل إباء...
الشمس:
تباً لكما...وما قلتما سوى قولٍ من عباراتِ التضحيةِ ..فهل جننتما أم أختلَ عقلكما... عودا لبعضٍ فأنكما غير قادرانِ بأن تفترقانِ إلى الأبدِ...
جعلتماني أسطورةً بينكما...وأنتما سيفانِ من غضبٍ تنغرسانِ في كبدي..
وفي نفس الوقت تشتاقانِ لبعضٍ كشوقِ الأمِ للولدِ.
وبأيِّ عرفٍ؟ العربيةُ تتركُ ولدها..
وأن تركتهُ فأيِّ عارٍ هذا ويسندُ إلى أيِّ مسندِ.
المهند:
لا أستطيعُ الوقوفَ والمواجهةِ ...لا أستطيع الإلتفات إلى شمسِ عمري...أني أموت بصمتٍ..
العصماء:
لنْ أدعكَ تموتُ يا فرقدي .. حتى لو كرهتني يوماً أو أخذوكَ النساء...سوف أَفيّ لعهدِ هواك..فلقد زرعتُ هواك في وسطِ فؤادي وَتَداً
الشمس:
أ سمعتها يا أيها المهند؟؟ . .فكم تهواك هذه الأنثى...فما معنى إنها زرعتْ هواك في فؤادها وَتَداً...
وهل تستطيع أشفاء الجرحِ أو إندمالهِ إذا أخرجتَ هذا الوتد!!!...
فتعقل...وتعقلي
ولا تحسبانِ أن الفراقَ قائمٌ..
فلقد قلتُ لكما الحكمةَ سابقاً..
أن سيفَ العشقٍ سيفُ عظيمُ لنْ يرضى بالانكسارِ..
ولا تحسبانِ إنكما بعد الفراقِ ألا تلاقيانِ..
فأنَ الله قادرُ أنْ يجمع الشتيتين بعدما يحسبانِ في الدهرِ أنْ لا تلاقيا...
بقلمي
نور ضياء الهاشمي السامرائي