نظام الحكم في الإسلام
صفة الدولة الإسلامية (دولة الخلافة) مطلب المسلمين الأعظم
نظام الحكم هو النظام الذي يُحكم به الناس، فهناك نظام الحكم الإسلامي "الخلافة" الذي يكون المشرّع الوحيد فيه هو الله سبحانه وتعالى، ويُستند فيه إلى الأدلة الشرعية الأربعة، القرآن وسنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم وإجماع الصحابة والقياس، ويكون الخليفة فيه هو القائم المكلف على تطبيق هذا التشريع من الله سبحانه وتعالى .
ويقابل نظام الحكم الإسلامي أنظمة حكم سياسية أخرى في العالم، كنظام الحكم الجمهوري "الديمقراطي"، ونظام الحكم الملكي أو الإمبراطوري، أو نظام الحكم الاتحادي .
أما نظام الحكم الجمهوري "الديمقراطي"، ففيه الحكم بالقوانين والأنظمة التي يختارها الإنسان نفسه، أي تختارها الشعوب بنفسها لتطبقها على نفسها، مع رفض أي تشريع آت من أي دين من الأديان أو حاكم من الحكام، أي تكون السيادة والحكم فيه للشعب كاملاً، فله حق وضع الدستور والقوانين وله الحق في إلغائها . وعلى هذا الأساس يتكون النظام الهيكلي للدولة، على رأسه رئيس الدولة بمسمى رئيس، والنواب، ومجلس النواب المنتخب من الشعب الذي يقوم بعملية التشريع والتصويت على القوانين والأنظمة المقترحة وإقرارها، وغير هؤلاء من أجهزة الدولة .
أما نظام الحكم الملكي فهو نظام يكون فيه الملك، الوارث للملك، أو المنقض عليه بسلطان من الشعب، كما كان عند بعض القياصرة والملوك من قبل، أو بسلطان من خارج البلاد، كما في الدول الكرتونية العربية، في هذا النظام يكون فيه هؤلاء هم الحكام والمشرعين في آن واحد، والمقررين لكل أنظمة حياة الناس الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وغيرها .
وبين هذه الصور وتلك صورٌ بين هذا وذاك، ولكنها كلها تصب في نفس الاتجاه، وهو الحكم بأحكام من صنع البشر، بخلاف نظام الحكم الإسلامي الذي أصله وفرعه وكل ما يتعلق به منزل من عند الله سبحانه وتعالى دون سواه .
وبالتالي فإننا لا نستطيع أن نسمي نظام الحكم نظام حكمٍ إسلاميّ إلا عندما يكون الإسلام بكل أصوله وفروعه التي وردت في القرآن والسنة موضع التطبيق، كما ورثناها عن سيدنا الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم، وأن يكون خاضعاً للهيكلة التنظيمية في الحكم التي تتوافق مع ضرورة تطبيقه كما جاء به سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وكما فهمه الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين وطبقوه، وكما جعل الله ورسوله الكريم لأحكامه العامة الباب مشرعاً للاجتهاد والبحث والتطوير .
وبالتفصيل فإن لنظام الحكم في الإسلام أربعة قواعد رئيسية، إن أختل أحدها لم تكن الدولة القائمة هي دولة الإسلام العظمى الموروثة : فالسيادة (أي التشريع) فيها وعلى رأسها يجب أن تكون لله سبحانه وتعالى وحده، ولا يكون شيء منها للشعب أو لملك أو لرئيس أو لغيره، كما بينا عاليه . والقاعدة الثانية : أن يكون السلطان فيها للأمة الإسلامية نفسها، ولا يكون السلطان فيها للأمم المتحدة أو مجلس الأمن أو لأمريكا وأوروبا أو لأحد أحلافهم، أو يستند على وجود القواعد الأجنبية أو الاستخبارات لأحد المحتلين أو المستعمرين في البلاد، للحفاظ على كرسي الحاكم، فذلك يتنافى تماماً مع إرادة المسلمين وحرية البلاد وإرادة حاكمها وإرادة شعبها، فلا تكون دولة إسلامية ولا يكون نظام الحكم فيها إسلامياً .
القاعدة الثالثة : تنصيب خليفة واحد من قِبل المسلمين واجب على كل المسلمين كافة وبلدانهم كافة، فيكون له السمع والطاعة، وعليه من الأمة المحاسبة من خلال أحزابها الإسلامية، أو من خلال علمائها ومفكريها، أو مؤسساتها الرسمية وغير الرسمية .
القاعدة الرابعة : سن الدستور وسائر القوانين هو حق من حقوق الخليفة، وذلك من خلال الأدلة الشرعية الأربعة التي ذكرناها آنفاً، وليس هو من خلال ما يفرضه الواقع أو فلسفة الحل الوسط، أو درء المفاسد، أو التدرج في تطبيق الأحكام الشرعية، فيكون تبني الأحكام الشرعية هو من حق الخليفة وفرض عليه .
بهذه القواعد الأربعة يكون نظام الحكم في الدولة نظام حكم إسلامي، وما عداه فهو باطل وكفر حتى ولو تشبّه به .
وعلى هذه القواعد الأربعة تتشكل أجهزة الدولة الإسلامية: من الخليفة، ومعاون التفويض ومعاون التنفيذ، ومجلس الأمة، والولاة، وأمير الجهاد، والقضاء، ومصالح الدولة .
ولكل جهاز من هذه الأجهزة أحكامه في الشرع، والأدلة التي يستند إليها، لا مجال هنا لذكرها، ولكن بالإمكان الإطلاع عليها في كتاب "نظام الحكم في الإسلام" ، وكتاب "أجهزة دولة الخلافة"، أو في كتاب "الدولة الإسلامية"، للشيخ تقي الدين النبهاني.
هذا هو نظام الحكم في الإسلام وهو الذي على أساسه يكون بناء الدولة الإسلامية بناء صحيحاً، وبنظام الحكم هذا تكون الدولة الإسلامية المرتقبة سياسياً وعالمياً دولة حقيقية، ذات سيادة معتبرة، وقادرة على أن تحمي المسلمين وتنهض بهم، وتعود بهم إلى قيادة العالم قيادة عادلة كريمة مطهرة، مكان دول العصابات الإجرامية القائمة في العالم اليوم، فتعيد إلى العالم توازنه وتنقذه من الفقر والجوع والمجاعات والحروب الكيدية المدمرة بين قبائله وشعوبه ودوله .
قال الله سبحانه وتعالى في سورة النساء59:يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاًوقال تعالى في سورة النساء 65:فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًاوفي حديث أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء، كلما هلك نبي خلفه نبي، وإنه لا نبي بعدي، وستكون بعدي خلفاء فتكثر، قالوا فما تأمرنا يا رسول الله ؟ قال: فوا ببيعة الأول فالأول، واعطوهم حقهم فإن الله سائلهم عما استرعاهم . رواه مسلم