نظرة الى آخر ماوصلت اليه الحالة في ليبيا
كانت مسألة السلاح المتواجد بين ايدي الثوار الليبيون اثناء الثورة محل قلق وخوف حقيقي وجدل عند الغرب , حتى كان التسارع من قبل الساسة بالمجلس الوطني باعطاء تطمينات ووعود للغرب ان السلاح سيجمع ولن يبق بيد الثوار بعد انتهاء الثورة واسقاط النظام !, وبعد سقوط النظام ارتفعت الاصوات القائلة بجمع السلاح وعدم تركه بين يد الثوار على أثروقوع عدة مناوشات بين بعض القبائل سقط خلالها قتلى من كلى الطرفيين فوجهت الاتهام الى السلاح ووجوده وليس الى المحرض للاقتتال والدافع وراء ذلك !! مما يترك الشكوك حول المستفيد من ذلك
و زاد من وتيرة امر جمع السلاح وسهل تبريره اكثر حادثة قتل السفير الامريكي في ليبيا .
فهل مايقوم به النظام الحاكم الجديد (المنتخب ) في ليبيا عمل صحيح وهو الامر الذي يخدم ليبيا مجتمعا وبلدا؟
وهل هو الامر الذي يؤدي الى الاستقرار ومن ثم النماء الاقتصادي ؟
وهل نزع السلاح من يد الثوار ضمان على عدم حصول قتال داخلي ؟
وأيضا ماهو الفارق في نزع السلاح الذي تقوم به الدولة الان والذي كانت تقوم به دول الاستعمار من قبل؟
وكيف يمكن حصول الاستقرار والنماء الاقتصادي وان تكون الحالة الامنية والطمانينة حاصلة مع بقاء السلاح بيد حملته؟
وللاجابة على هذه الاسئلة وغيرها مما يخطر في البال لابد لنا كمسلمين جعلنا مقياسنا للاعمال هو الحكم الشرعي ووجهة نظرنا هي الاسلام ان نحاكم مسألة حيازة السلاح للافراد في الدولة من هذه الزاوية
فهل هو جائز ان يحمله الناس وان يكونوا مسلحين ام هو امر غير جائز شرعا ؟!!
جوابه : يكون واجبًا في الحرب، لقول الله تعالى: {وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا} [النساء:102]، في غير الحرب مباحا ، وقد مات النبي صلى الله عليه وسلم وعنده درعه وسلاحه، وقال صلى الله عليه وسلم: ((من مر في أسواقنا وفي مساجدنا ومعه سلاح نبل فليمسك على نصالها أن يصيب أحدًا من المسلمين منها بشيء))، وعن عبد الله بن الهوزني -رحمه الله- قال: ((لَقِيتُ بلالا - مؤذِّنَ رسول الله صلى الله عليه وسلم -بحَلَبَ، فقلتُ: يا بلالُ، كيف كانت نفقة نبيِّ الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: ما كان له شيء، كنت أنا الذي أَلي ذاكَ منه، منذُ بعثه الله تعالى إلى أَن تَوفَّاه، وفيه: قال فخرجت، حتى أتيتُ منزلي، فجعلتُ سَيْفِي وجرابي ونعلي ومجَنِّي عند رأسي،... الحديث. أخرجه أبو داود، ولم يكن هناك حرب، وكان بين إخوانه المسلمين، ومن الرجوع الى الادلة السابقة وغيرها يكون الحكم الشرعي هو (حمل السلاح جائز وفي الحرب يكون واجبًا), واما استخدامه فهي مسألة غيرامتلاكه ولها احكامها المتعلقة بها .
اما التذرع بمسالة النماء الاقتصادي والاستقرار الامني فهي مسألة لاتتعلق بجواز اقتناء السلاح بل هي مسألة تتعلق بنشر الفكر الصحيح عن استخدامه وايجاد الوعي بين الناس من خلال بيان احكامه الشرعية متى يحل استخدامه وفي وجه من يرفع ومتى يكون حراما ولا يجوز استخدامه وهكذا , عدا ان مسائل الاقتصاد تبحث من خلال السياسة الاقتصادية وعلم الاقتصاد , ولا محل لذكر الناس ان كانوا يحملون سلاحا ام لا .
كذلك الحال بالنسبة للتخوف من حصول قتال داخلي وجعلها ذريعة لنزع السلاح من حامليه
هذه المسألة لم تكن بحال بعيدة عن الاسلام ومعالجاته فالاسلام بين الحقوق والواجبات على الناس عامة وبين دور الدولة في فض النزاع باحقاق العدل والانصاف بين الرعية سواء عند حصول مشكلة ما او دونما حصول اي مشكلة وهذا الامر كي تنجح الدولة في فرض الواجب على الناس وان تكون قادرة على فض النزاع بين االافراد يوجب عليها ان تقوي من جهاز حفظ الامن وتزوده بسلاح اقوى من السلاح الموجود بين الافراد وتثقفهم ثقافة عالية بالقدرة على التعامل مع المشاكل وطرق علاجها العلاج الصحيح والشرعي , وحتى يحصل هذا الامر وتصل الدولة الى حالة الاستقرار عليها ان تبذل وسعها في نشر الثقافة الصحيحة حول هذه المسالة وتربطها ربطا محكما بأصلها التي انبثقت عنها وهي العقيدة الاسلامية .
والناحية السياسية التي علينا لفت الانتباه لها في بحث هذه المسالة وهي قيام الاستعمار اينما حل بإضعاف الدول التي يستعمرها حيث يقوم بنزع السلاح من عامة الناس ويبقيه بين يدي فئة قليلة تقوم على حماية مصالح المستعمر , فيتسنى له ضرب كل من يفكر بزعزعة امن المستعمر ومصالحه , وذلك لانه مستعمر قادم لنهب الخيرات والثروات واذلال الشعوب !!
فهل النظام الحاكم الجديد يعتبر نفسه مستعمرا او اداة للاستعمار حتى يقوم على اضعاف قوة الناس الدفاعية عن ممتلكاتهم واموالهم واعراضهم ؟!!!
ان لم يكن النظام يرى نفسه مستعمرا جديدا , فليطمئن اذا ولا يخاف من امتلاك الناس لسلاح يحميهم لان المفترض به انه قائم على اساس توزيع خيرات البلاد وثرواتها ورعاية شوؤن الناس وليس وسيطا لنقلها للخارج وهو الامر الذي يكون الاساس في نشوب القتال بين الافراد وبين القبائل
وبين الدول التي تفكر بطريقة الاستعمار , أي البحث عن سرقة مقدرات الغير والاعتداء على ممتلكات الاخرين .
وهنا كان الحري بالنظام الليبي الجديد ان يبقى على قوة افراده بل ويعزز من ذلك
فبلاده حباها الله بوافر النعم يجعل ذلك منها محط اطماع الكافر المستعمر , فيبني جيشا قويا لصدهم وزيادة عليه اهله مسلحون ستجعل الامر اكثر صعوبة على المستعمر ان يفكر بغزوها او سرقة مقدراتها او عدم الوفاء بالتزاماته تجاهها .
والسؤال الاخير الذي يربط النماء الاقتصادي والاستقرار بالسلاح الذي بين يدي الناس يجوابه لايحتاج كثير عناء بل يكفي الرجوع الى الوراء قليلا فحملة السلاح الان لم يكونوا يحملونه عندما ثاروا ضد النظام السابق ( الذي طالبوا به هو النماء الاقتصادي بالاضافة الى احترام مكانة الناس وتقدير آرائهم ) ومع ذلك أي مع خلو ايديهم من السلاح لم تكن الحالة الاقتصادية مثالية ولم يكن النماء الاقتصادي مشاهد حتى على مستوى البنية التحتية , فربط المسألتين ببعضهم هو من اجل طمانة المستثمر الاجنبي ( المستعمر ) لسان حالها يقول : ان الساحة ستكون خالية لك ولن يقلق اعمالك شيء وان حصل واعترض احد على نهبك للخيرات لن تكون وسيلته لذلك سوى بضع كلمات او صيحات او وقفات احتجاجية لن تتجاوز باحسن حالاتها الى الوصول لاعلان اضراب عن العمل يكون الفتات الذي ستلقيه لهم نتيجة لاضرابهم هي حجم خسارتك فقط !!
واخيرا حول استخدام ذريعة قتل السفير من اجل تحقيق غايه النظام (الجديد )من اضعاف أي جهة ممكن ان تعترض على سوء نظامه نقول كان الاجدر بالنظام ( الجديد ) ان يقف الى صف امته ودينه وينحاز لها بأن يكون المسارع الى طرد السفير كخطوة منه ردا على ما تعرضت له الامة من اساءة لمقدساتها فيكون بانحيازه نحو امته استحق الاحترام والتقدير واوجد الثقة بينه وبين حملة السلاح وغيرهم .
واخيرا فائدة نذكرها مماجاء بحديث عوف بن مالك الأشجعي، عن رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم-، قال:" خيارُ أئمتكم الذين تحبونَهُم ويحبونَكم، وتُصلون عليهم، ويُصلون عليكم، وشرارُ أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم، وتلعونونهم ويلعنونَكُم"، قالوا: قلنا يا رسولَ الله أفلا ننابذهم عند ذلك؟ قال:" لا؛ ما أقاموا فيكم الصلاة، لا ما أقاموا فيكم الصلاة [6]" مسلم.
ان لم يكن بوارد النظام الجديد ان يظلم الناس وياكل حقوقهم ويضيع بلادهم فمما يخشى ان كان بين يدي الناس سلاح او لا ,سلاح يرفعونه اذا مااحتاج الامر الشرعي لذلك ؟!!
وماهي الضمانه للناس بعد اضعافهم ان يحفظوا حقوقهم اذا ما ضيعها النظام ؟!!