حديث الظل - علي  عرفات  Hitskin_logo Hitskin.com

هذه مُجرَّد مُعاينة لتصميم تم اختياره من موقع Hitskin.com
تنصيب التصميم في منتداكالرجوع الى صفحة بيانات التصميم

نبيل - القدس
الا ان مجرد القراءة والمتعة الفكرية لن يكون له اي تاثير في من يتابع هذه المواضيع الا اذا تم التفكر والتدبر بها وفهم واقعها بدقة

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

نبيل - القدس
الا ان مجرد القراءة والمتعة الفكرية لن يكون له اي تاثير في من يتابع هذه المواضيع الا اذا تم التفكر والتدبر بها وفهم واقعها بدقة
نبيل - القدس
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

المواضيع الأخيرة
» 73-من دروس القران التوعوية - التوكل والتواكل
حديث الظل - علي  عرفات  I_icon_minitime2024-11-08, 10:09 pm من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» 17- من ذاكرة الايام - من مواقف شهامة الرجال
حديث الظل - علي  عرفات  I_icon_minitime2024-11-07, 8:33 am من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» 72- من دروس القران التوعوية- المال ...
حديث الظل - علي  عرفات  I_icon_minitime2024-11-07, 6:55 am من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» 71-من دروس القران التوعوية-معالجات الاسلام للفقر والعوز
حديث الظل - علي  عرفات  I_icon_minitime2024-11-06, 8:20 pm من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» 70- من دروس القران التوعوية -العمل لكسب الرزق والمعاش
حديث الظل - علي  عرفات  I_icon_minitime2024-11-05, 7:44 pm من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» 69- من دروس القران التوعوية-حرب الاسلام على الفقر واسبابه
حديث الظل - علي  عرفات  I_icon_minitime2024-11-05, 8:17 am من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» 68-من دروس القران التوعوية -الاسلام وحده المحقق للعبودية والاستخلاف
حديث الظل - علي  عرفات  I_icon_minitime2024-11-05, 1:35 am من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» 33-حديث الاثنين في مباحث الايمان والعقيدة - مفهوم التزكية
حديث الظل - علي  عرفات  I_icon_minitime2024-11-04, 12:43 am من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» 67- من دروس القران التوعية- الالتقاء على كلمة سواء
حديث الظل - علي  عرفات  I_icon_minitime2024-11-02, 8:30 pm من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» 66- من دروس القران التوعوية -تحقيق العدل في اوساط البشرية مهمة جمعية
حديث الظل - علي  عرفات  I_icon_minitime2024-11-02, 11:32 am من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» حديث الجمعة -الى متى ننتظر ؟؟!!
حديث الظل - علي  عرفات  I_icon_minitime2024-11-01, 1:08 am من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» الطائفة الناجية!!!
حديث الظل - علي  عرفات  I_icon_minitime2024-11-01, 1:01 am من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» 65- من دروس القران التوعوية - كُونُوا رَبَّانِيِّينَ !!
حديث الظل - علي  عرفات  I_icon_minitime2024-10-31, 12:46 pm من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» 64- من دروس القران التوعوية - وقاية النفس من الشح
حديث الظل - علي  عرفات  I_icon_minitime2024-10-30, 2:59 am من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» شركات تصميم تطبيقات الجوال في مصر – تك سوفت للحلول الذكية
حديث الظل - علي  عرفات  I_icon_minitime2024-10-29, 11:10 am من طرف سها ياسر

» 32-حديث الاثنين في مباحث الايمان والعقيدة - العقيدة العملية
حديث الظل - علي  عرفات  I_icon_minitime2024-10-29, 1:04 am من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» 63- من دروس القران التوعوية- العدل والعدالة في القران
حديث الظل - علي  عرفات  I_icon_minitime2024-10-28, 8:03 am من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» 62-من دروس القران التوعوية :الشورى
حديث الظل - علي  عرفات  I_icon_minitime2024-10-27, 6:04 am من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» 61- من دروس القران التوعوية-الحذر من مؤسسات الضرار حتى لو لبست لباس شرعي
حديث الظل - علي  عرفات  I_icon_minitime2024-10-25, 9:51 pm من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» 60- من دروس القران التوعوية - اسباب النفاق
حديث الظل - علي  عرفات  I_icon_minitime2024-10-25, 5:18 pm من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» 59- من دروس القران التوعوية -العداء المستحكم في النفوس !!
حديث الظل - علي  عرفات  I_icon_minitime2024-10-24, 7:17 am من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» 58- من دروس القران التوعوية - التكاليف الشرعية جاءت ضمن قدرات الانسان
حديث الظل - علي  عرفات  I_icon_minitime2024-10-23, 8:08 am من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» 57- من دروس القران التوعوية - ادب الدعاة
حديث الظل - علي  عرفات  I_icon_minitime2024-10-22, 6:10 am من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» شركة تصميم تطبيقات في مصر – تك سوفت للحلول الذكية
حديث الظل - علي  عرفات  I_icon_minitime2024-10-21, 10:03 am من طرف سها ياسر

» 56- من دروس القران التوعوية - البينة !!!
حديث الظل - علي  عرفات  I_icon_minitime2024-10-21, 4:01 am من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» 31- حديث الاثنين في مباحث الايمان والعقيدة
حديث الظل - علي  عرفات  I_icon_minitime2024-10-20, 11:58 pm من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» 55- من دروس القران التوعوية- انا سنلقي عليك قولا ثقيلا
حديث الظل - علي  عرفات  I_icon_minitime2024-10-20, 9:54 pm من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» 54- من دروس القران التوعوية :-التحذير من الوهن
حديث الظل - علي  عرفات  I_icon_minitime2024-10-19, 1:15 am من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» خواطر مع دماء الشهداء
حديث الظل - علي  عرفات  I_icon_minitime2024-10-18, 11:32 pm من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» تعليق على حادثة عملية البحر الميت اليوم
حديث الظل - علي  عرفات  I_icon_minitime2024-10-18, 11:30 pm من طرف محمد بن يوسف الزيادي

عداد للزوار جديد
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 215 عُضو متصل حالياً :: 1 أعضاء, 0 عُضو مُختفي و 214 زائر :: 2 عناكب الفهرسة في محركات البحث

محمد بن يوسف الزيادي

[ مُعاينة اللائحة بأكملها ]


أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 752 بتاريخ 2024-09-20, 4:22 am
تصويت
أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
نبيل القدس ابو اسماعيل - 38802
حديث الظل - علي  عرفات  I_vote_rcapحديث الظل - علي  عرفات  I_voting_barحديث الظل - علي  عرفات  I_vote_lcap 
زهرة اللوتس المقدسية - 15399
حديث الظل - علي  عرفات  I_vote_rcapحديث الظل - علي  عرفات  I_voting_barحديث الظل - علي  عرفات  I_vote_lcap 
معتصم - 12434
حديث الظل - علي  عرفات  I_vote_rcapحديث الظل - علي  عرفات  I_voting_barحديث الظل - علي  عرفات  I_vote_lcap 
محمد بن يوسف الزيادي - 4323
حديث الظل - علي  عرفات  I_vote_rcapحديث الظل - علي  عرفات  I_voting_barحديث الظل - علي  عرفات  I_vote_lcap 
sa3idiman - 3588
حديث الظل - علي  عرفات  I_vote_rcapحديث الظل - علي  عرفات  I_voting_barحديث الظل - علي  عرفات  I_vote_lcap 
لينا محمود - 2667
حديث الظل - علي  عرفات  I_vote_rcapحديث الظل - علي  عرفات  I_voting_barحديث الظل - علي  عرفات  I_vote_lcap 
هيام الاعور - 2145
حديث الظل - علي  عرفات  I_vote_rcapحديث الظل - علي  عرفات  I_voting_barحديث الظل - علي  عرفات  I_vote_lcap 
بسام السيوري - 1763
حديث الظل - علي  عرفات  I_vote_rcapحديث الظل - علي  عرفات  I_voting_barحديث الظل - علي  عرفات  I_vote_lcap 
محمد القدس - 1219
حديث الظل - علي  عرفات  I_vote_rcapحديث الظل - علي  عرفات  I_voting_barحديث الظل - علي  عرفات  I_vote_lcap 
العرين - 1193
حديث الظل - علي  عرفات  I_vote_rcapحديث الظل - علي  عرفات  I_voting_barحديث الظل - علي  عرفات  I_vote_lcap 

احصائيات
هذا المنتدى يتوفر على 1031 عُضو.
آخر عُضو مُسجل هو Mohammed mghyem فمرحباً به.

أعضاؤنا قدموا 66414 مساهمة في هذا المنتدى في 20318 موضوع
عداد زوار المنتدى
free counterAmazingCounters.com


أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم, أنت لم تقم بتسجيل الدخول بعد! يشرفنا أن تقوم بالدخول أو التسجيل إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى

حديث الظل - علي عرفات

2 مشترك

اذهب الى الأسفل  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

aliarafat



حديث الظل





1
في السابع والعشرين من الشهر العاشر في السنة الثامنة بعد الألفين ..

كان الشتاء لايزال غضا ..

في السادسة تقريبا

قصفت عيون الليل بقايا أشعة النهار الملتفة على احدى الاستراحات المختبئة في شارع قليل المارة ..

حاصر دخان المدينة الضجر ..وعيوني كانت تلفظ آخر انفاسها فوق مقعد عذبه المارة حتى كاد يحتضر ..

نظرة وغفوة كانا يتقاسمان الدقائق المحاصرة فوق هذا المقعد ..والام الجسد قد بلغت مابلغت فصارت قيدا محكما يجبرني على البقاء أطول في رفقة الوحدة ..حقيبتي الممتلئة بأوراق تثبت حقوق الشركة عند بعض العملاء وبعض النقود هما ماكانا يشغلاني في هذه اللحظة ..نصف ساعة تقريبا قضيتها في هذا المكان ..


نفضت عن نفسي غبار السكون ..وانصرفت الى وجهتي حيث الميعاد في صيدلية في شارع قريب ..خطوات ميتة على طريق قد سئم الحياةوالاحياء ..ابواق السيارات لاتتوقف عن النباح بسبب او دون سبب ..

وأمطار الصخب لا تتوقف عن امداد الأرض بما يشبع جوعها المستعر منه..


" السلام عليكم "

كيف حالك يادكتور ..


كلمة من هنا وكلمة من هناك ..كلمات نسجت حديثنا المعتاد والمكرر ..أخذت بغيتي وانصرفت بعد التأكد من العدد ..ودعتُه

..وهو غير آبه بالقدوم او الوداع ..لم يلفت نظري في المكان الا هذا الوجه الذي يبدو عليه علامات الغضب والشر كان يحدق فيّ وانا اخرج من الصيدلية ...لكن ثمة سيارة مسرعة كادت ان تتسبب في كارثة في الشارع هي مامنعتني من استمرار التفكير في امر الرجل ..

وجهتُ نفسي الى موقف السيارات ..المحطة الأخيرة التي أرتادها اليوم .على بعد أمتار من الموقف انتظرت ..اشير الى السيارات وكانها الامنيات لا تعبأ بالاشارة ..دقائق مرت ولا جدوى من هذا ..من بعيد لاحظت نفس الوجه ..لكني صرفت عن نفسي شعور أني مراقب ..ربما الصدفة وحدها القته في طريقي والقتني في طريقه ..لكن شعور بالقلق يتسلل الى عقلي لااستطيع ان امنعه ..

أخيرا توقفت سيارة لم يحملني الى ركوبها الا الاحساس بانها فرصتي الأخيرة رغم ان الوقت لايزال مبكرا ..لا اعرف اين ذهبت السيارات ..القيت نفسي على مقعد بجوار زجاج السيارة ..وانطلقنا.. ..

على بعد كيلو متر تقريبا عرفت السبب ..حملة أمنية من رجال المرور ..دفعت السائقين للاختفاء ..ثمة هاجس دائم عند المصري انه مذنب حتى وان لم يكن أذنب ..احساس دائم بانه سيتم تغريمك اذنبت او لا ..لذا يفضلون الهروب من الغرامة الأكيدة ..

ثرثرة صفراء تحيطك دائما في المواصلات ..اخبار من هنا وهناك ..في السياسة عن الجيران ..في الطب وعن المواقف الطريفة في حياة البعض ..صداع يحمل صفة الكلام يحيطك من كل جانب ..

....2

على ضوء الكشاف داخل السيارة المزدحمة بكل شىء يمكنك ان تتقدم ولو سطور في كتاب تتابعه ..داخل الحقيبة ارسلتُ يدي لتبحث عن كتاب ل" باولو كويلهو " ذلك الشقي كم أخذ مساحة من حديثي معها ..لطالما أحبتْهُ ..أتذكر هذا الحديث الطويل عنه ..لم أكن أعرفه من قبل ..كانت دائما تحاصرني هذه الصغيرة بعقلها ...ذات مساء التقيت بها في نادي قريب من بيتي ..لكني لم أكن أعرف انه بوسع مساء واحد ان يمنحك عمرا كاملا ..كنت فظا معها في هذا اليوم ..فقد اسقطت كل مافي يدها من الشاي حين تعثرت على قميصي ..كم غضبت من هذا .فكنت بانتظار صديق لي وقد تأخر حتى ملكني الضجر وقد زادت هي الامر ضيقا ..كسا وجهها الخجل ..والحيرة قد رسمت كل ملامحه ..اعتذرَتْ كثيرا.. وانصرفت..لكني لم أنس هذا الوجه ..

بعد أسبوع تقريبا شاءت الأقدار ان نلتقي مجددا ..كانت برفقة صديقة لها ..ما ان راتني حتى ابتسمتْ ابتسامة خفيفة ..ثم التفتتْ نحو صديقتها ..
على مقعد قريب منهم جلستُ اقلب في اوراقي ..بعد قليل وجدتها تتجه نحوي ..جاءت تكرر أسفها عما حدث..لم أكن أسمع حديثها لكني كنت أراه ..كانت عذبة جدا ..قررتُ ان انتصر على هذا الصمت .دعوتها وصديقتها لتناول مشروب معي ..سعدتُ بموافقتها ..طويتُ الاوراق بسرعة واخفيتُها داخل الحقيبة ..وانتظرتُ قدومهما ..من هنا بدأتْ داخلي ..كشفتْ لي اشياء قليلة عنها ..منها انها تأتي في نفس الموعد كل أسبوع وهذا كان كافيا جدا حينها ..تعددت اللقاءات ..وصار الوقت في حضرتها أمنيتي الوحيدة ..فان جرحا في قلبي من تجربة قديمة كنت أغتسل منه بماء حديثها الناعم ..

" تَعَـلَّم من أحد ما مر من هناك ..فمهما رايت نفسك فريدا ,هناك دائما أحد ما حقق الحلم نفسه " ها هنا توقفت ..سطور قليلة وجاء المصير ..طلبت من السائق التوقف ..نجوت بأعجوبة من السقوط على وجهي ..دائما ينتظروك لتركب لكنهم بعد ان تدفع لهم أجرهم ودوا لو قذفوك من الشباك ..ليضعوا مكانك راكبا آخر ..
----

3 .....
في مقهى قريب من البيت ..لسوء حظي كان يجلس أحد الاصدقاء ..رآني وأنا اتسلل الى بيتي ..ناداني بصوته الجهْوَري كم تمنيت لو أني استطعت الهرب ..فالتعب قد بلغ مبلغه ..أجوب الشوارع من العاشرة صباحا ..وأقدامي قد صارت قطعة من نار ..لكن لامفر ..كعادته حلف بالطلاق امام تمنعي واعتراضي ..اضطررت للجلوس ..ونادى على الجرسون ...طلب لنا قهوة ..
وبدأ يدير الحديث كعادته وانا احرك راسي حركة خفيفة استجابة لثرثرته..احب من يتحدثون كثيرا ..لايجعلوك مضطرا لأن تتحدث.. فقط تستمع ..فأنا اعاني من مشكلة قديمة في الكلام ..
لم يجذب انتباهي في كل هذا الامر الا الحدث الذي قال ان الجميع يتناقلوه ..قتل في شارع قريب ..وعربات الشرطة تدور في الشوارع من الصباح ..لكن لا املك الطاقة للمضي اكثر في التفاصيل ..كان لي حق انهاء الحوار ..الورقة الرابحة الوحيدة التي امتلكها الآن ...ودعته وانصرفت مسرعا الى بيتي بعد ساعة تقريبا في المقهى

----
عشر دقائق هي المسافة الاخيرة بيني وبين الوطن ..الوطن الصغير ..بيتي ..

" هنا القاهرة " الساعة الآن الحادية عشرة والنصف ..
..هكذا صرخ الراديو فوق اريكة حارس العمارة... هذا الرجل الضعيف هو بحاجة لمن يحرسه ..لعن الله الفقر ..
اشرت اليه ..مسلما وابتسمت له ابتسامة خفيفة ..وبدات اقطع في الدرج المؤدي الى الشقة في الدور الثالث ..أمام الباب كالعادة وقفت أقلب في جيوبي باحثا عن المفتاح ..اخيرا وجدته ..
-------
نامت وهي جالسة على المقعد ..لم تشعر حتى بدخولي ..فهي لاتستطيع الذهاب الى فراشها ابدا الا اذا حضرت ..
" أمي ..أمي "
ايقظتها بقبلة خفيفة على رأسها ..وطلبت منها الذهاب الى فراشها ..

على حائط غرفتي " طفل جيوفاني براغولين " ..الطفل الباكي ..ضيف كل البيوت المصرية تقريبا ..لو تم تذييل اللوحة باسم صاحبها لصار من أشهر الرجال في مصر ..لم أعرف اسم صاحبها الا مؤخرا ..وانها قد احرقت بيوتا كثيرة في بريطانيا ..قصة غريبة صارت اللوحة العامل المشترك في كل صفحاتها.. ففي عام 1985 نشرت جريدة الصن البريطانية سلسلة من التحقيقات عن
حوادث اندلاع نار كثيرة وغامضة كان البطل فيها هذه اللوحة ! ..
لا أعرف لما يتهمونا بالرجعية وهم يحملون أفكارا غريبة ..ربما تزيد عن تخلفنا ..
..مهدت الفراش ..وألقيت جسدي فريسة للموت برغبتي ..

كل الاشياء تتداخل ..يصبح النهار صحيفة متشابكة الكلمات ..متداخلة الأحداث ..

هذا النقاش في احدى الصيدليات التي مررت بها اليوم لازال حاضرا في ذهني
.".أوباما ام جون ماكين" ..لهيب الانتخابات الامريكية قد وصل الى طرف السنتنا ..وكأننا نملك الحق في الاقتراع ..يقولون ان الفتى الاسمر أوباما بأصوله الاسلامية يحمل الخير لنا وانه سيكون افضل كثيرا من سابقه ..وددت ان اضرب هذا اللوح الزجاجي أمامي بيدي وأصرخ في وجوههم بأن " الكفر ملة واحدة يااغبياء"..حماقة لاتنتهي قلنا نفس الكلام عندما تولى بوش ..واذا به يعيث فسادا فينا
مزق العراق ..بعد ان حاصروها طويلا ..كنت أتمنى ان يصبح العراق بسبب الحصار مثل ايران ..يصبح أقوى ..لكنه للاسف انهار ..
وهم يقتلون أطفالنا في أفغانستان صباح مساء ..ونظن بهم خيرا ..ويل لنا ..

ما أسوأ النوم ..كل هذا التعب وأخاف أن أنام ..فهذا الحلم الذي يراودني من ثلاثة شهور تقريبا لايمل من مطاردتي..لاحل أمامي إلا المنوم ..
تحسست بيدي تحت الوسادة باحثا عنه ..
هاهو .. ..
ساعات قليلة فقط املكها وبعدها أسافر الى موطني الأصلي القرية التي ولدت وتربيت فيها لحضور زفاف احد الأصدقاء ..


تملك النوم مني ..ارتخى جسدي ..وحاصرني الموت من كل اتجاه ..
-----
"عينان تائهتان في الألوان خضراوان قبل العشب زرقاوان قبل الفجر تقتبسان......"
بصوت درويش نادى منبه التليفون ..ليعلن تمام الساعة الثامنة صباحا ..انتفضت من فراشي ..وبدات في الاستعداد للعرس ..
صلاة فافطار ..تبعه تغيير ملابسي ..ثم انطلقت ..


....4..

على الرصيف بائع الجرائد قد القى بضاعته لموج الريح والمارة ..
لما نشتري هذه الصحف!!.. قد صارت كل صفحاتها حوادث وكوارث ..من الأولى حتى الأخيرة ..سياسة من الرصاص ..واقتصاد قائم على الاستغلال والسرقة ..و اخبار عن مجاعة عند جيراننا..ومرض يفتك بدولة كذا ..واغتصاب و قتل و..و ... .
ربما يشتريها البعض تحت مظلة " لايضر الشاة سلخها بعد ذبحها "

الى جانب بائع الهموم ..يجلس صاحب هم ..قد أسلمته الحاجة للرصيف يمد يده للرائح والغادي فيمطرونه صمتا واعراضا ..او يسقطون في يده القليل ..
وحسناوات يمزقن وجه الملل في وجوه بعض الشباب الذين انتظروا الاتوبيس الذي لايأتي الا مزدحما ..لاشىء في بلادي غير مزدحم ..جيوب السلاطين يملؤها المال ..وصدور الملايين يملؤها الهم ..
و" الطابور " سيد الموقف ان حالفك الحظ ..

من بعيد تشق هذه الدابة الحديدية غبار انتظارنا وضجرنا من الزمن الممدد على ارصفة الملل ..وكأن حربا قد أعلنت ..وموتا قد دق طبوله ولا نجاة الا داخل الاتوبيس . فالكل يصارع للبقاء على قيد الحياة ..في هذا الزحام تصبح قاب قوسين أو ادنى من جريمة أو فضيحة ..بالطبع لن يصدقك أحد إن صرخت احداهن متهمة اياك بسوء الأدب ..
أو دون قصد مشيت على قدم هذا الشاب المعتد بنفسه ..لقد سمعته يسب شخصا لانه داس حذاءه اللامع..

عن يميني ..لوحةملت من الألوان لرسام أعمى ..فتاة وضعت وجهها داخل علبة المكياج ...
ووضعوها داخل ملابس اختها الصغرى..تشعر وانت جوارها بالغربة والقلق ..
كثيرة هي الأمنيات التي ننفقها على مواقف لا يفترض ان تكون في دفتر يومياتنا ..منها ان تخرج بسلام من هذه العلبة ..

" تذاكر ..تذاكر يابيه "
سمرة خفيفة, وجسد قد انبرى من كثرة الاحتكاك بالزحام,وعملة فضية في يده تصرخ على جسد الاتوبيس للتنبيه والتذكير بوجوده..
اظن ان العام الأول في هذه المهنة وداخل هذا التابوت يحتاج لمعجزة للصبر عليه ,

جاءت الساعة ..واسبحت ضد التيار الى باب الاتوبيس ...وأنت تركب ماعليك الا ان تصل للباب وتترك جسدك ..ستجد نفسك في الداخل ..أما في النزول فانك تصارع لتقذف جسدك في الخارج ..

أعدت ملابسي الى وضعها الطبيعي _من الرائع أن تخرج بها سليمة _

ووقفت أنتظر الوسيلة التالية ..

الى الريف ..ورائحة الخضرة ..الى الوجوه السمراء والسواعد الفتية ..ظهور محنية تصارع لتشبع شبق الأرض الثائرة..ومعاول لاتكل من أكل التراب ..
لاشىء يبدد هذا الفرح في هذا الوقت من العام الا سحائب الدخان تلتف حول المنازل والصدور .دخان تسمع صوته وتعانق رائحته وسط هذا الهدوء الممل أحيانا .
...السحابة السوداء كما يسميها الاعلام ..ومسئولون لطالما نددوا ووضعوا عقوبات لاتسمن ولا تغني من جوع ..


من اربع سنوات تقريبا_ قبل الرصف_ ..كان المطر يشكل كارثة على هذا الطريق ..
مطر متوسط وسقوط خفيف يعني ان تتحول ملابسك للوحة فنية معقدة بريشة الطين
.الظلام هو العملة الوحيدة المتداولة ليلا فيه ونباح بعض الكلاب ..وخوف أم لطالما قالت .." لا تتأخر " ..
الكشافات المزروعة على جانبي الطريق رآها الفلاحون نبتا " شيطانيا "_ كما يقولون احيانا عن النباتات الغريبة التي تظهر في حقولهم لتفسد عليهم مزروعاتهم_ فحصدوها ..سالت مرة عن سبب تكسيرهم لهذه المصابيح على الطرقات فاجابوني بان الضوء ليلا يتسبب في شيخوخة سريعة للنباتات ..

الى المهد وجهت وجهي ..الى بيتي القديم في بطن القرية ..في مدخل القرية نهايتنا ..المقابر هي أول ماتلقاه..لقد صارت القرية قبرا لكل الجمال في حياتي فيها يرقد أبي ..وفيها ترقد طفولتي وبعض شبابي ..
على باب البيت ..استحضرت الذاكرة بعبرة .
ليتهم ابتكروا لنا آله تعيد الماضي ولو لثوان ..رائحة المكان أعادتني الى طفولة عذراء ..

هنا مر الزمان قصيدة..
لم تنحنِ لعذابي
هنا مهد الزمان..
طفولتي .. ..
وبراءة الأحلام قبل شبابي
ابي مازال طيب حديثه
وفكاهة الاصحاب والأحباب
مازلت طفلا غير أن طفولتي
قد هدها قبل العذاب غيابي
أماه ردي للطفولة روحها
ورتلي أماه صعب كتابي
عطر الطفولة يفوح فوق
دفاتري
ونشيدها ذائب برضابي

قررت ان ارتاح قليلا من عناء السفر ولهيب الذاكرة على فراشي القديم ..

قبيل العصر ...صارعت الزغاريد نومي فذبحته ..في الريف كل الاصوات واضحة قريبة ..من الممكن ان تسمع بكاء طفل جارك ..صوت التلفاز في بيته
غضبه على اولاده ..لا صخب يبدد سكون الليل ..العالم هنا لم تصله بعد ثورة المدنية ..وانقلاب الليل على النهار ..

تهيأت للخروج ..
في شارع قريب هذا العرس المنتظر ..لمبات ملونة ..وكراسي على جانبي الشارع ..ومسرح خشبي صغير ..قريب من بيت العريس ..
وزغاريد هنا وهناك ..قدمتُ التهاني ..وعناق بارد للعريس "صديقي القديم "
.وسط ترحيب من الاصدقاء والجيران .....لكني رايت في عيونهم جميعا ...حيرة تكاد تقفز على السنتهم "مالذي أتي بي ..بعد الذي كان !!" ..

عدت الى البيت منتظرا الفرح ..

بعد العِشاء بدأت الليلة ..

لكن العيون الراقصة والزغاريد المدوية ..تحولت بعد عشر دقائق لصراخ ونحيب !!!



5......

" بعد مرورثلاثة أيام "

"..كان الضوء خفيفا يتسلل في خجل من النافذة المحاصرة بالستائر المفتوحة قليلا ..وهو يقف أمامها يقلب النظر في شارع حافل بالجنود ..
وعلى المنضدة ..مجلدات ..وأوراق كثيرة ..ولوحة صغيرة تحمل اسمه وصفته ..
على الطرف الايسر من المنضدة يتكىء كاتبه باحدى ذراعيه ...وبالاخر يسجل انفاسنا بقلمه ..
الساعةعلى الحائط وحدها تشعر بالزمن في هذا المكان ..
وصوت البندول يصيب المكان بالقلق
وانا تدور الدنيا باكملها في رأسي .."

"باغت المحقق السكوت "

: ماقولك فيما هو موجه اليك من تهمة التحريض على قتل السيدة اسماء محمد في ليلة زفافها ؟

, لايملك المرء في هذا الموضع فعل أو لم يفعل الا النفي.. تنهيدة طويلة تحمل حرارة صدري بكل مافيه من الألم .

" لاصلة لي بالأمر , قلت هذا مرارا " ..أجبته

وهو غير مكترث , خلع نظارته وأخرج منديلا من جيبه ,وقام بتنظيفها ..

" لكن المتهم زهران سالم قال انك من قمت بالدفع له وتحريضه لطعن المجني عليها " هكذا قال :

عيون شاردة وفم تعب من كثرة النفي وسؤال يتبعه سؤال والاجابات يغزوها الخوف من جدران السجن ..

" هذا الرجل ..لا صلة لي به ..هو قد وفد الى القرية قريبا ..
هذا ماسمعته من الناس ..فانا انقطعت عن القرية من فترة طويلة"

لم يقتنع باجابتي .لطم المكتب بيده لطمة أزعجني ..وقال بصوت مرتفع شيئا أذهلني .." هو يعرف عنك كل شىء ..أين تسكن ..متى تخرج في الصباح الى عملك ..اين تعمل ..متى تعود ..اين تتسامر مع اصحابك ..لقد اعترف بكل شىء "

كانت الأفكار في رأسي اشبه بلغز الكلمات المتقاطعة ..أقلب الوجوه ..والأقوال ..لكن الصراخ في الفرح عندما خضب الدم الفستان الابيض..يعاصر كل هذا لايختفي أبدا.كذلك خوف هذا الاربعيني الذي نجا بأعجوبة من سواعد الشباب الذين كانوا سيعدمونه على الفور ..ياليتهم فعلوا ..لم يكن هذا حالي الآن ..

.وجه هذا الاربعيني المجرم .يذكرني بشىء ما

" انه هو ..هو .ويلي.. كيف نسيت ..هو من كان يراقبني ليلا عندما خرجت من الصيدلية قبل اربعة أيام"

بصوت يحمل بعض الفرحة..قلت " لقد تذكرت "
جذبت ذاكرتي عيون المحقق ..وترك الأوراق التي في يده ..وضعها على المنضدة بهدوء ..ثم قال لي .." أي شىء تذكرت ..اعترف ..هل تعرف هذا الرجل ..هل حرضته..هل .."
قلت بسرعة ..قاطعا كلامه : " لا ..لا ..لقد كان يراقبني ..من اربعة ايام تقريبا لاحظت ذلك .."

وكأن كلماتي سرابا لامعا اشعل عطشه ثم انطفأ على حرارة رمالي ..ارتد الى ظل هدوئه يقلب في اوراق القضية وكلام الشهود ..

تابعت الكلام دون اكتراث بما يفعله " وهذه المكالمة ..اتذكرها ..الآن فهمت ماذا قالت أسماء .."

قال دون ان ينظر الى وجهي " عن أي مكالمة تتحدث "

تابعت"
من سنة ونصف تقريبا انفصلتْ عن أسماء ..لقد خطبتها لمدة عام ..كانت حلم المراهقة الجميل وجارة الطفولة ..كانت رفيقتي في الدراسة ..كانت هي الحياة اذا الحياة تبسمت ..وهي الشفاء ان الحياة تقلبت وكشرت عن انياب اوجاعها والامها ..كانت كل شىء .."

بدى على وجهه الغضب من ثرثرتي عنها ..لكني تابعت "
ذات يوم وانا في زيارة للقرية راتني اسماء واقفا امام بيتي مع جارة لي ..تطلب مني بعض المستحضرات التجميلية ..كنت احضرها لهم بثمن أقل .. طالما تحدث الرجال في القرية عن جمال هذه المراة .لقد.كانت سببا في غضب الكثير منهم على نسائهم ..كنا نتبادل الضحكات بصوت واضح ..لايمكن للمرء ان يكون حجرا امام كل هذه الفتنة ..كذلك اسماء لم تكن حجرا امام غيرتها التي احرقت الاخضر واليابس في علاقتنا ..تحدثنا الى ان حدثنا الفراق ..انتهي الامر معها ..تركت القرية غاضبا عازما ان لااعود اليها حتى انسى اسماء ..

بعد خمسة أيام تقريبا ..اتصلت أسماء ..لم يكن بوسعي ان اتجاهلها ..لربما كان امرا خطيرا ..واذا بها تروي لي قصة غريبة ..ان جارا لها يكبرها في السن كثيرا ..
.قد تقدم لخطبتها..قالت لي انهم لايعرفون عنه اي شىء لقد جاء للقرية من فترة قريبة ..رفض اهلها طبعا ..
لا اعرف لما تحكي لي عن هذا ..لقد كتبت نهايتي معها وعزمت على عدم العودة ..لكنها قالت أيضا
انه اعترضها في الطريق ..مصرحا بحبه لها ..لكنها عنفته واخبرته انها مرتبطة بي ..فاقسم لها بان ينتقم مني ومنها ..

" اقول لك هذا خوفا عليك " هكذا ختمت حديثها ..شكرتها كما عابر سبيل يقول شكرا لأحد المارة في الطريق حين أرشده الى هواه ..لم آخذ كلماتها على محمل الجد ..شعرت انها زادت على الحدث لتعبد الطرقات بيننا مجددا "

يمسك المحقق طرفي قلمه بين يديه ...ويلفه باصابعه ..وينظر لي نظرة خرساء ..لا اعرف كنهها ..كم أنا أشعر بالخوف والقلق من المجهول

لقد قال لي صديقي حين رايته ينتظر في الطرقة ..أن أمي احضرت محامي لكنه لم يتمكن من فعل اي شىء ..ياليتني مت قبل هذا ..ما اتعسني ..كيف هي الآن ..اني في حاجة اليها .."

قطع صمتي وشرود ذهني بسؤاله ..

هل تظن ان هذه القصة تنجيك ..هي دافع من دوافع القتل ..قررت أن تقتلها لانها تركتك وتزوجت غيرك ..صديقك "

بهدوء ..اجبته: "
لو قتل كل رجل خطيبته السابقة لما تبقى على الأرض نساء ..هي امور تحدث يوميا ..لست أول من هجر حبيبته او انفصل عن خطيبته او طلق زوجته ..العالم تحت أمطار الفراق ..وعواصف الوداع "

" اذن لماذا ذهبت الي العرس !!! " سألني ..

قلت في ألم .."لكي أثبت للجميع اني نسيت او اتظاهر بالنسيان امامهم ..لكي اقول لصديقي القديم ..مبارك عرسك ..وامنيتي ان اقول له اعتني بها"

قال في رفق يخالف عادته " هي أملك الوحيد الآن .."



6....

هاتفه يهتز فوق المنضدة,يرفعه ليرى المتصل ثم يعيده لوحدته ..ودخان سجائره يتناثر في الهواء ..ليصيب كاتبه العجوز بالسعال..يرفع الكاتب منديله ويضعه أمام انفه في محاولة لتنقية بعض الهواء المحاصَر به.
لم يتوقف الهاتف عن الرنين ..واخيرا قرر ان يجيبه ..
خطى بضع خطوات نحو النافذة مبتعدا عن اسماعنا
.. الآن سمعته يضحك ..وكأن عبوس وجهه قد خلعه فوق هذا الكرسي الأحمق
كأي جلاد يقهقه فوق ظهر فريسته المعلقة على الصليب الخشبي تتنفس انينها ودماءها كان يضحك....
من أين للبشر هذا الانفصام !!
أقنعة خلف الأقنعة ..نرتدي قناع السعادة في حضرة حدث ..وقناع توجعنا للاخرين في حدث آخر ..ونغضب في حضرة بعض الظروف ..ونمارس سطوتنا حين نمتلك السبيل ..هكذا نمارس أدورانا فوق هذا المسرح المدجج بذكريات غاضبة تفوح رائحتها كلما مر وجه او ذكر اسم ..وحدها احزاننا خلف كل هذه الأقنعة ..

أسدل ستار الشرود حين سألني بعد ان غير نبرة صوته ليعيدها الى سيرته الأولى

" هل لديك أقوال أخرى ؟"

ماذا يمكن ان اقول ..لو كانت الكلمات تمطرني النجاة لجعلت من جسد الحروف سحابا ..
كيف يمكن ان احاكم مرتين!! ..اي عدل ان اموت مرتين!!
..هذا المساء ذبحني ثم دفع بي لأعدم هنا ..لماذا ذهبت !!
ماكان عليّ ابدا ان انحني امامها بابتسامة جريحة .لأرى في عينيها هذا الخوف الذي أعرفه ...يالغبائي.. كيف بعت الوطن !! كيف هجرتها ..كيف !!

لم ينتظر اجابتي ..اغلق المحضر وطلب مني التوقيع ..
ثم نادى على الحارس ..ليعيدني الى الكهف مرة اخرى ..هذه المرة الثانية التي يحققون معي فيها ويسألوني نفس الاسئلة ..ربما هم مصابون بالزهايمر ..يفقدون مااقول سريعا ..

في منتصف الدرج تعثر الحارس المكلف باعادتي الى الزنزانة فسقط حتى البداية ..تحركت بسرعة في اتجاهه لأرى مابه ..كان الأمر سيكون كارثيا لو فقد الوعي ربما اطلقوا عليّ الرصاص ظنا منهم اني اعتديت عليه لأتمكن من الفرار ..لولا تدخله في الوقت المناسب باشارة التوقف لثلاثة من زملائه كانوا في الممر لكنت طريح الفراش في احدى المستشفيات الحكومية وعلى باب الغرفة حارسان يثرثران مع الرائح والغادي عني ..وعن البطولة التي يقومان بها بحراسة مجرم خطير مثلي ..ولربما ادعيا قصة هربي واعتدياعليّ بالضرب ليخرجا غضبهما من الضابط الذي اتى لاستجوابي وتوعدهما بالعقاب لعدم انضباطهما.

الحمد لله ..اعادني للكهف دون أي مشاكل أخرى ..لأقضي ليلتي الثانية بين هذه الجدران الموحشة ..
هنا حيث لايمر الليل.. تنام الامنيات على وسائد النهاية ..ويتوقف العمرليسكر من هذا الضجر الذي أصابه من السير فوق النهايات المرسومة بدقة لارتدي فيها عباءة القاتل ..لا أملك الا الجنون ..مددت يدي الى حديد النافذة الصغيرة التي تمنحنا الهواء ..بعض الهواء ..تعلقت فيه ..ثم صرخت للعالم الذي فقد الحواس كلها ..حاسة تلو الأخرى في حوادث مرت عليه .او ربما ولد هكذا
" أنا برىء..دعوني أذهب"
ضربات الحارس على بوابة الزنزانة وصراخ الزملاء الذين ايقظتهم بجنوني ..هما أمر بالتوقف.. ..
كيف ناموا هنا !! ..
لقد صار وجهي مرعبا من القلق وقلة النوم لو رآني الناس في الخارج لولوا مني فرارا وملأ الرعب عيونهم الآمنة..أدمنت الخوف حيث لا طريق امام عيني الا الخوف من المجهول ..لقد صرت رهن كلمة من انثى ربما يتصارع الموت والحياة في معالمهاالآن ..لربما دفعها حقدها عليّ وغضبها مني لاعطائي الدرس الأهم والأخير في حياتي .. ..

يوم جديد ..وانا في دوامة الانتظار ..

لماذا منعوني من رؤيتها!! ..
لحسن الحظ أخطأ النصل قلبها ..ثمانية واربعون ساعة تحدد مصير الحياة ..هكذا قال الطبيب امامنا بعد ان انتهت الجراحة ..
لم يعرف الطبيب حينها ان الثمانية والاربعين انما تحدد مصيري انا ..

....

جدران بيضاء ..وهواء نقي ..ورائحة الحياة تفوح من كل شىء ..وأمي تجلس بالقرب مني ..وجهها لايحمل الحزن ..هل انا في العالم الآخر؟؟ .. هل نفذوا حكم الاعدام بهذه السرعة !!
هل أدخلوا قاتلا الجنة !!

لا أتذكر الا صراخ الحارس باسمي وانتفاضتي من الداخل تلبية للنداء ..وجسد لايستجيب .. ..
وسيري سكرانا لا اعرف اين نتوقف ...وهذا الممر والاشباح التي تتحرك فيه..لا اشياء واضحة ..قد تاهت معالم الاشياء ..والحارس يدفعني لأستمر ..


" حمدا لله على سلامتك يابني .."
تمرر يدها على شعري ..وانا لازلت في حيرتي.افتش عني داخل الاحداث...تساءلت
" ماذا حدث ياأمي ..أين أنا؟؟ "

قالت لي :

" لقد سقطت مغشيا عليك ..كنت قريبة منك وتعجبت كيف لاتراني ..كنت احدثك لأبشرك بما عرفت لكنك لم تسمع اي شىء ..لقد حررتك أسماء ..شهدت بأنك برىء ..وان هذا الرجل هددها اكثر من مرة ..ودائما كان يقسم على قتلكما انت وهي "

أدرت وجهي ..جهة النور القادم من النافذة ..وعلى شفتي سؤال يموت ..
لم استطع ان احرر خوفي عليها ..لم استطع ان اسال عنها ..
مااقبح الحياة حين تسري اليك في وريد الوحدة ..وفراق الأحبة ..


انتهى ..
28/ أكتوبر /2012


على هذا الرابط
http://aliarafat.blogspot.com/p/blog-page_19.html

زهرة اللوتس المقدسية

زهرة اللوتس المقدسية
مشرفة
مشرفة



يا لهذا الازدحام الذي عانيته حتى ينتهي بماساة حقيقية
ماساة ان تتهم يقتل من تحب !!! ما اصعب هذا الموقف
انه اصعب من ان تكون متهما بالقتل

جعلتني اشاطرك هذا الازحام
كل التحية لك

aliarafat



اسعدني مرورك ..دمت بخير

الرجوع الى أعلى الصفحة  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى