بَوحُ الأَوْرِدَة
يا والِدي
لَمَّا الْقَوَافِلُ أَنْبَأَتْنِي بِالأُفُولْ
وَالْبُعْدُ أَلْجَمَني وَعَضَّ فُؤَادِيَ الدَّرْبُ الطَّوِيلْ
وَتَسَاءَلَ الْوَلَدُ الْمُغَمَّرُ بِالذُّهُولْ
يا حَسْرَتا
كَيفَ الْوُصُولْ؟
جَمَدَتْ عَلى حَلْقِي الْحُرُوفُ وَمِلْحُها
وَتَعَجَّلُوا بِالدَّفْنِ إِذْناً بِالرَّحِيلْ
***
يا والِدي
لَكَأَنَّ لَيلَكَ لَمْ يَكُنْ في حَيِّزِي
لَيلٌ عَلى الأَبْوابِ يَخْطَفُ مَنْ أَرادْ
طَمَرَ التَّغَنّي في أَفانِينِ الرّجاءْ
وَتَراءَتِ الأَخْبارُ تَنْعَى في الْبِلادْ
نَادَى الْمُنادْ
حُطُّوا الْجَنازَةَ وَارْفَعُوا جَهْرَ الدُّعاءْ
***
يا والِدي
لَكَأَنَّ رِيحَ جَوادِكَ انْقادَتْ إلى حَيثُ الرّجُوعْ
وَالْمَوتُ جَاءَكَ قَبْلَ أَنْ أَلِجَ الْحُدودْ
وَرَجَوتُهُمْ تَبْقَى لِيَومٍ كَي أُصَلّيَ فَوقَ نَعْشِكَ قَبْلَ أنْ تَرِدَ اللّحُودْ
لَكِنَّهُمْ لَمْ يَرْقُبوا لَهَفَ الْغَريقِ إلى النّسيمْ
وَتَعَذَّرُوا
أُفُقُ التّمَنّي جَزّهُ أَمْرُ الْجُنُودْ
وَسَفينةُ الشّمْلِ اخْتَفَتْ بَينَ السّدُودْ
***
يا والِدي
أَبْكِيكَ يا جَمَلَ الْمَحامِلِ إِذْ رَأَيْتُكَ لَنْ تَعُودْ
هِيَ سُنَّةٌ، والْمَوتُ أَذْهَلَني وأَضْناني الصّدُودْ
أَبْكِيكَ يا أَبَتِي وَدَمْعِي بَينَ أَضْلاعِي..
وَأَضْلاعي تَجُودْ
أَبْكِي أَباً نَزَعَ الرّغيفَ مِنْ الْكُروبْ
وَتَفَطّرَتْ قَدَماهُ في حَلَكِ الدّرُوبْ
أَسَفاً عَلى بَلَدٍ تَقَطَّعَ لَحْمُها
بَينَ التّذَمّرِ وَالرّقُودْ
***
يا والِدي
كَيفَ الرّضا وَالْكَفُّ نَامَتْ في الثّرَى
مَنْ يَسْألُ الْباري لِمَنْ فَقَدَ النَّدَى
قَصُرَتْ حِبالُ جُسُورِنا
مِنْ بَعْدِكَ الدّنْيا تَفِرُّ إِلى النَّوَى
وَأَرَى بِها الأَهْوالَ تَرْفَعُ رَأْسَها
هَلْ مِنْ مَزيدْ
***
يا والِدي
شَغَفِى إِلَيكَ كَأَنَّهُ في دُنْيَتي قُطِعَ الْوَريدْ
كُلُّ الْحُروفِ تَفَلّتَتْ ، وَتَمَيّعَتْ عَينُ الْكلامْ
فَرَجَوتُها تَضَعُ الأُبُوّةَ فَوقَ أَسْنِمَةِ الأَنامْ
وَتُحَرّرُ الْكَلِماتِ مِنْ بَحْرِ الشّرُودْ
لَقَصِيدَةٌ أَرْجُو بِها حَبَّ الْغَمامْ
قدْ ِتَغْسِلُ الْقَلْبَ الّذي خَافَ الْوَعِيدْ
***
يا والِدي
أَوَكُلّمَا حَاوَلْتُ أَنْ أَصِفَ الْفِراقْ
مَرّتْ عَلى وَرَقي تَباشِيرُ التّلاقْ
وَرَأَيتُ أَنْفَكَ شَامِخاً يَرْجُو الْعِناقْ
هِيَ سُنّةٌ وَعَسَى أَراكَ مُنَعّما
وَالْقَبْرَ مَفْتُوحاً عَلى فَيءِ الْوُعودْ
***
يا والِدي
أَوَكُلّما أَوْقَدْتُ شَمْعِيَ لِلْقَصيدْ
عَصَفَتْ بِيَ الأَحْزانُ وَانْطَفَأَ النّشيدْ
حَتّى إِذا شَرَعَ الْيَراعُ لِيَرْثِيَكْ
جَاءَتْنِيَ الْكَلِماتُ تَرْجُفُ مِنْ قُنُوطْ
فَعَصَرْتُ أَوْرِدَتي لأَرْسُمَ حُزْنَها
وَتَفَرّقَتْ سُبُلِي عَلى رَمْلِ الشّطُوطْ
***
يا والِدي
أَبْكيكَ أَمْ أَبْكي بِلاداً لا تَرى عَدَدَ الْفُتُوقْ
فيها التّراخِي وَالتّعَثُّرُ والخُفوقْ
أَبْكيكَ أم أَبْكي التَّمَلُّقَ وَالْعُقوقْ
أَبِكيكَ أم أَبْكي قَصائِدَ ضاعَ مِنْ كَلِماتِها ظِلُّ الصّديقْ
أَبْكي أَباً رَسَمَ النّهايَةَ باسِمَهْ
وَصَلاتُهُ في السّرِّ كانَتْ بَلْسَمَهْ
يارَبُّ مَقْعَدُهُ مَعَ الشّهَداءِ وَالنَّهْرِ الدّفوقْ
***
شعر/ صقر أبوعيدة
يا والِدي
لَمَّا الْقَوَافِلُ أَنْبَأَتْنِي بِالأُفُولْ
وَالْبُعْدُ أَلْجَمَني وَعَضَّ فُؤَادِيَ الدَّرْبُ الطَّوِيلْ
وَتَسَاءَلَ الْوَلَدُ الْمُغَمَّرُ بِالذُّهُولْ
يا حَسْرَتا
كَيفَ الْوُصُولْ؟
جَمَدَتْ عَلى حَلْقِي الْحُرُوفُ وَمِلْحُها
وَتَعَجَّلُوا بِالدَّفْنِ إِذْناً بِالرَّحِيلْ
***
يا والِدي
لَكَأَنَّ لَيلَكَ لَمْ يَكُنْ في حَيِّزِي
لَيلٌ عَلى الأَبْوابِ يَخْطَفُ مَنْ أَرادْ
طَمَرَ التَّغَنّي في أَفانِينِ الرّجاءْ
وَتَراءَتِ الأَخْبارُ تَنْعَى في الْبِلادْ
نَادَى الْمُنادْ
حُطُّوا الْجَنازَةَ وَارْفَعُوا جَهْرَ الدُّعاءْ
***
يا والِدي
لَكَأَنَّ رِيحَ جَوادِكَ انْقادَتْ إلى حَيثُ الرّجُوعْ
وَالْمَوتُ جَاءَكَ قَبْلَ أَنْ أَلِجَ الْحُدودْ
وَرَجَوتُهُمْ تَبْقَى لِيَومٍ كَي أُصَلّيَ فَوقَ نَعْشِكَ قَبْلَ أنْ تَرِدَ اللّحُودْ
لَكِنَّهُمْ لَمْ يَرْقُبوا لَهَفَ الْغَريقِ إلى النّسيمْ
وَتَعَذَّرُوا
أُفُقُ التّمَنّي جَزّهُ أَمْرُ الْجُنُودْ
وَسَفينةُ الشّمْلِ اخْتَفَتْ بَينَ السّدُودْ
***
يا والِدي
أَبْكِيكَ يا جَمَلَ الْمَحامِلِ إِذْ رَأَيْتُكَ لَنْ تَعُودْ
هِيَ سُنَّةٌ، والْمَوتُ أَذْهَلَني وأَضْناني الصّدُودْ
أَبْكِيكَ يا أَبَتِي وَدَمْعِي بَينَ أَضْلاعِي..
وَأَضْلاعي تَجُودْ
أَبْكِي أَباً نَزَعَ الرّغيفَ مِنْ الْكُروبْ
وَتَفَطّرَتْ قَدَماهُ في حَلَكِ الدّرُوبْ
أَسَفاً عَلى بَلَدٍ تَقَطَّعَ لَحْمُها
بَينَ التّذَمّرِ وَالرّقُودْ
***
يا والِدي
كَيفَ الرّضا وَالْكَفُّ نَامَتْ في الثّرَى
مَنْ يَسْألُ الْباري لِمَنْ فَقَدَ النَّدَى
قَصُرَتْ حِبالُ جُسُورِنا
مِنْ بَعْدِكَ الدّنْيا تَفِرُّ إِلى النَّوَى
وَأَرَى بِها الأَهْوالَ تَرْفَعُ رَأْسَها
هَلْ مِنْ مَزيدْ
***
يا والِدي
شَغَفِى إِلَيكَ كَأَنَّهُ في دُنْيَتي قُطِعَ الْوَريدْ
كُلُّ الْحُروفِ تَفَلّتَتْ ، وَتَمَيّعَتْ عَينُ الْكلامْ
فَرَجَوتُها تَضَعُ الأُبُوّةَ فَوقَ أَسْنِمَةِ الأَنامْ
وَتُحَرّرُ الْكَلِماتِ مِنْ بَحْرِ الشّرُودْ
لَقَصِيدَةٌ أَرْجُو بِها حَبَّ الْغَمامْ
قدْ ِتَغْسِلُ الْقَلْبَ الّذي خَافَ الْوَعِيدْ
***
يا والِدي
أَوَكُلّمَا حَاوَلْتُ أَنْ أَصِفَ الْفِراقْ
مَرّتْ عَلى وَرَقي تَباشِيرُ التّلاقْ
وَرَأَيتُ أَنْفَكَ شَامِخاً يَرْجُو الْعِناقْ
هِيَ سُنّةٌ وَعَسَى أَراكَ مُنَعّما
وَالْقَبْرَ مَفْتُوحاً عَلى فَيءِ الْوُعودْ
***
يا والِدي
أَوَكُلّما أَوْقَدْتُ شَمْعِيَ لِلْقَصيدْ
عَصَفَتْ بِيَ الأَحْزانُ وَانْطَفَأَ النّشيدْ
حَتّى إِذا شَرَعَ الْيَراعُ لِيَرْثِيَكْ
جَاءَتْنِيَ الْكَلِماتُ تَرْجُفُ مِنْ قُنُوطْ
فَعَصَرْتُ أَوْرِدَتي لأَرْسُمَ حُزْنَها
وَتَفَرّقَتْ سُبُلِي عَلى رَمْلِ الشّطُوطْ
***
يا والِدي
أَبْكيكَ أَمْ أَبْكي بِلاداً لا تَرى عَدَدَ الْفُتُوقْ
فيها التّراخِي وَالتّعَثُّرُ والخُفوقْ
أَبْكيكَ أم أَبْكي التَّمَلُّقَ وَالْعُقوقْ
أَبِكيكَ أم أَبْكي قَصائِدَ ضاعَ مِنْ كَلِماتِها ظِلُّ الصّديقْ
أَبْكي أَباً رَسَمَ النّهايَةَ باسِمَهْ
وَصَلاتُهُ في السّرِّ كانَتْ بَلْسَمَهْ
يارَبُّ مَقْعَدُهُ مَعَ الشّهَداءِ وَالنَّهْرِ الدّفوقْ
***
شعر/ صقر أبوعيدة