سألتني الصحفية السويسرية: ماذا يعني أن تكون امرأة مسلمة؟
حلق صدري بالحمد قبل أن أجيب قائلة: أول شيء إحساسي أنني مؤمنة بعقيدة توحيد مطلبها الأول مني "الإسلام" وتعاملها الجذري معي أنني إنسان، أنني فرد بين جماعة ولست فردًا من فريق للنساء مضاد ومعاد لفريق من الرجال. كل ما هو واجب على المسلم وحق له هو واجب على وحق لي. فالأساس في الإسلام المساواة بين الرجل والمرأة رغم الاعتراف بالاختلاف بينهما. الاختلاف لا يعني عدم المساواة. هناك تفضيل للنشاء على الرجال بالأمومة والحمل وإعطاء الميلاد والإرضاع ومقابله تفضيل للرجال على النساء في القوامة التي تعني تحمل المسؤولية في الإنفاق بالدرجة الأولي.
ولا يجوز تمني ما فضل الله بعضنا على بعض.
سألتني: وشهادة رجل بامرأتين؟
قلت: الآية الكريمة تنص: {فإذن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى} (البقرة: 282).
أمامنا الآية صريحة ولم تقل إن الرجل أفضل من المرأة ولكنها ذكرت السبب بوضوح: {أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى} فالسبب هو ضعف الذاركة وهذا ليس بسبب نقص الإدراك أو القدرة ولكنه بسبب كثرة المسؤوليات الملحقة بالأمومة والحمل والإرضاع. وحين تقرر في الإسلام أن {للذكر مثل حظ الأنثيين} فالممفهوم أن من مسؤولية الرجل إعالة الأم والزوجة والابنة والأخت، أما المرأة فلها ذمتها المالية المنفصلة عن الرجل وليست مطالبة بالإنفاق حتى على نفسها غلا بما شاءت هي أن تجود به طواعية.
والمرأة في الإسلام ترث بينما كانت في شرائع أخرى محرومة كلية من الميراث وكانت في الممارسات الإقطاعية المحاكمية الجاهلية تحرم من حقها في الإرث.
المرأة في الإسلام لها حق العمل والتعلم والمبايعة السياسية والجهاد واختيار الزوج فلا يجوز زواج بدون موافقتها ولا يجوز الأحد أن يهدر إنسانيتها أو بتنقص من كرامتها {ولقد كرمنا بني آدم}.
الإسلام فاق كل الشرائع في تكريم المرأة ولا يجوز لأحد أن يغتصب منها حقوقها الشيعة التي كفلها له الإسلام، والذين يغتصبون هذه الحقوق إنما يرتكبون جريمة الظلم وعلى المجتمع المسلم أن يحاكمهم.
وعلى الرجال أن يفهموا أنه إذا كانت المرأة المسلمة متحمسة لقضاء الله ورسوله تنفيذًا للآية الكريمة {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرًا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم} فهذا لا يعني أن تتحمس بالضرورة لأهواء بعض الرجال وميلهم إلى سلبها حقوقها الشريعة التي منحها لها الإسلام نصًا وممارسة في الصدر الأول من الإسلام.
بعض الرجال يتصورون أنه من واجب المرأة الدفاع عن قوانين جائزة يمارسونها على المرأة منحدرة من التقاليد ولا أساس لها في الدين وهذا خلط على المرأة أن تتنبه إليه.
المرأة عليها أن تذكر ما في القرآن من آيات الله والحكمة، وواجبها أن تدرك وتتعلم وتستوعب وتتفقه وتتعرف على مكانتها الكريمة التي منحها لها الإسلام لتجابه الظلم وترفض الخضوع له عليها أن تضع نصب عينيها مدلولا الخطاب القرآني {يا أيها الإنسان} وتنظر نظرة ندية – وفقًا لهذا الخطاب – إلى الرجل، فحقوقها وحقوقه واحدة هي: حقوق الإنسان في الإسلام.
عادت الصحيفة السويسرية تسألني كأنها تنازلني: وما رأيك في تعدد الزوجات؟
قلت: لا يمكن أن نفصل هذا الحق للرجل عن حق المرأة في الطلاق، ومع ذلك فإن رخصة تعدد الزوجات للرجل ليست مطلقة ولا يتركها الإسلام لأهواء الرجال، إنها مقيدة بشروط، ومقيدة بالعدل الذي يقرر القرآن الكريم أنه "يكاد" يكون مستحيلًا.
رخصة تعدد الزوجات مثل باب الطوارئ في الطائرة، لا تكتمل مواصفات الطائرة إلا بوجود باب الطوارئ ومع ذلك هو هناك والجميع يتمنى ألا يفتح، لأنه لا يفتح إلا عندما تتهدد الطائرة بكارثة فيكون فتح باب الطوارئ للإنقاذ.
الذين يتعاملون مع رخصة تعدد الزوجات بلا اكتراث يضعون أنفسهم على شفا حفرة من النار، والمسلم العاقل يشقق عليهم كما يشفق على كل من هو مهدد بالوقوع في الظلم.
وإنني كمسلمة – إن كنت أحتج على إلغاء هذه الرخصة في بعض البلاد الإسلامية العربية التي غلبتها وقاحة العقلية العلمانية – فإنني أرى أنهي يجب أن تكون هناك هيئة إسلامية موثوق بحكمتها تتولى مسؤولية الإشراف على هؤلاء الذين يريدون الاستفادة منها، لكي لا يلعب بها الحمقى وأصحاب الأهواء ومن لا يملكون الشروط المطلوبة للتطبيق.
ويكون من واجبات هذه الهيئة الإسلامية الموقرة معاينة ودراسة كل حالة لترى أهليتها في الاستفادة من رخصة تعدد الزوجات، أي يكون من واجباتها تعرف الخطر – أن تفتح بسببه باب الطوارئ!