الخميس: 21 ربيع الأول 1435هجري، الموافق لـ 23 جانفي 2014
الفقيه والسياسة
معمر حبار
econo.pers@gmail.com
منذ يومين، كان اللقاء مع أحد علماء المنطقة وفقهاءها، حول كوب من الشاي. ومن بين المواضيع التي تطرق إليها صاحب الأسطر .. أن الفقيه وعالم الدين، إذا تحدث في الفقه وأمور الدين، أنصتَ إليه مثله ومن يفوقه ومن دونه، ويتّبعه المقلّد، ويناقشه من كان مثله، ويخالفه من يفوقه علما وفقها، ويبقى دائما ذلك العالم الفقيه.
لكن نفس هذا العالم الفقيه، إذا تدخل في السياسية برأي أو موقف، كان رأيه كغيره من الآراء، لاتستوجب التقليد ولاالاتّباع، وخضعت كغيرها من الأراء للأخذ والرد، ولَفَظَهَا إذا استلزم الأمر، وأمست عبئا على المجتمع. وكما قلت لمحدثي، في هذه الحالة لم تعد العالم الفقيه، إنما أصبحت كغيرك من الأشخاص، بعدما ذكرتُ إسمه مجردا من لقب العالم الفقيه.
إن التحليل السياسي الفاعل، تبع لمن كان رأيه أكثر فاعلية. والفاعلية ليست حكرا لأحد دون غيره. ومن جهة أخرى لاقداسة للشخص، خاصة في القضايا السياسية، وكذا رأيه في هذا المجال خاصة.
إن الفقيه، لايمكنه أن يلم بكافة جوانب القضية السياسية الظاهرة التي يتطرق إليها، فكيف به بالأمور الغامضة، والأسرار المدفونة، والمغالطات التي قد تصله سهوا أو عمدا من هذا أو ذاك. وهذه عوامل تجعل رأيه كغيره من الأراء، وقد تكون أسوأ الأراء أو أقلّها شأنا، إذا افتقد صاحبها الاطلاع الواسع، وفهم الواقع، وواقع غيره.
منذ ساعة من الزمن، وأنا أتابع محاضرة حول محنة سيّدنا الإمام أحمد بن حنبل، رضي الله عنه على يد 03 سلاطين، تعاقبوا على سجنه وإهانته وتعذيبه في قضية فقهية دقيقة، هي من إختصاص الفقهاء، ولادخل للسلاطين فيها. ونفس الكلام يقال للفقيه، إذا تدخل في أمور سياسية، لاتعنيه في شيء.
إن الآراء السياسية، لاتعترف بالعصمة ولابالقداسة، لقول عالم سياسة أو عالم دين، وكل واحد منهم سيّد ميدانه بما يملك، لايتقدم عليه الآخر ولاينافسه، لأنه لايملك أدواته، التي تميّزه وترفعه.
صباح هذا اليوم، وأنا أتابع أحد الفقهاء في شرحه للحكم العطائية، عبر قناة "المديح"، فكان الفرق واضحا بين تمكّنه في شرح الحكم، ومايدور حولها من عظات وعبر، وفي نفس الوقت ضعفه الفضيع، وأخطاءه البيّنة، حين مال ميلة واحدة بأراءه السياسية، وأمسى لعبة تتقاذفها الأرجل الخشنة.
تبقى حرمة الفقيه مصانة، مالم يلطخها برأي سياسي، يعلم مسبقا سوء عاقبته، حينها يعامل رأيه كغيره من الأراء، ويوضع في المقدمة رأي علماء السياسية، فهم أدرى بما يملكون من أدوات التحليل.
الفقيه والسياسة
معمر حبار
econo.pers@gmail.com
منذ يومين، كان اللقاء مع أحد علماء المنطقة وفقهاءها، حول كوب من الشاي. ومن بين المواضيع التي تطرق إليها صاحب الأسطر .. أن الفقيه وعالم الدين، إذا تحدث في الفقه وأمور الدين، أنصتَ إليه مثله ومن يفوقه ومن دونه، ويتّبعه المقلّد، ويناقشه من كان مثله، ويخالفه من يفوقه علما وفقها، ويبقى دائما ذلك العالم الفقيه.
لكن نفس هذا العالم الفقيه، إذا تدخل في السياسية برأي أو موقف، كان رأيه كغيره من الآراء، لاتستوجب التقليد ولاالاتّباع، وخضعت كغيرها من الأراء للأخذ والرد، ولَفَظَهَا إذا استلزم الأمر، وأمست عبئا على المجتمع. وكما قلت لمحدثي، في هذه الحالة لم تعد العالم الفقيه، إنما أصبحت كغيرك من الأشخاص، بعدما ذكرتُ إسمه مجردا من لقب العالم الفقيه.
إن التحليل السياسي الفاعل، تبع لمن كان رأيه أكثر فاعلية. والفاعلية ليست حكرا لأحد دون غيره. ومن جهة أخرى لاقداسة للشخص، خاصة في القضايا السياسية، وكذا رأيه في هذا المجال خاصة.
إن الفقيه، لايمكنه أن يلم بكافة جوانب القضية السياسية الظاهرة التي يتطرق إليها، فكيف به بالأمور الغامضة، والأسرار المدفونة، والمغالطات التي قد تصله سهوا أو عمدا من هذا أو ذاك. وهذه عوامل تجعل رأيه كغيره من الأراء، وقد تكون أسوأ الأراء أو أقلّها شأنا، إذا افتقد صاحبها الاطلاع الواسع، وفهم الواقع، وواقع غيره.
منذ ساعة من الزمن، وأنا أتابع محاضرة حول محنة سيّدنا الإمام أحمد بن حنبل، رضي الله عنه على يد 03 سلاطين، تعاقبوا على سجنه وإهانته وتعذيبه في قضية فقهية دقيقة، هي من إختصاص الفقهاء، ولادخل للسلاطين فيها. ونفس الكلام يقال للفقيه، إذا تدخل في أمور سياسية، لاتعنيه في شيء.
إن الآراء السياسية، لاتعترف بالعصمة ولابالقداسة، لقول عالم سياسة أو عالم دين، وكل واحد منهم سيّد ميدانه بما يملك، لايتقدم عليه الآخر ولاينافسه، لأنه لايملك أدواته، التي تميّزه وترفعه.
صباح هذا اليوم، وأنا أتابع أحد الفقهاء في شرحه للحكم العطائية، عبر قناة "المديح"، فكان الفرق واضحا بين تمكّنه في شرح الحكم، ومايدور حولها من عظات وعبر، وفي نفس الوقت ضعفه الفضيع، وأخطاءه البيّنة، حين مال ميلة واحدة بأراءه السياسية، وأمسى لعبة تتقاذفها الأرجل الخشنة.
تبقى حرمة الفقيه مصانة، مالم يلطخها برأي سياسي، يعلم مسبقا سوء عاقبته، حينها يعامل رأيه كغيره من الأراء، ويوضع في المقدمة رأي علماء السياسية، فهم أدرى بما يملكون من أدوات التحليل.