{على لسان الآباء والأجداد}
بحث وجمع وكتابة : أ . تحسين يحيى أبو عاصي – غزة فلسطين –
(( هذه حكاية شعبية متوارثة بين الآباء والأجداد لها
أصل تاريخي أدبي ، وربما تم حذف أو زيادة البعض منها
بسبب التناقل عبر الأجيال ؛ لذلك أنقلها كما جاءت على
لسان الآباء والأجداد كما هي ، ملتمسا العذر من
القارئ الكريم )) .
= = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = =
كان فارس من فرسان العرب اسمه حردان ، وكان هذا
الفارس غازيا وبطلا شجاعاً لا يُهزم بمعركة ، وكان له بين
القبائل هيبة واحترام ، جمع من الغنائم ما لا تُحصى ولا
تُعد ، مات الفارس حردان وترك من بعده طفلا اسمه حجازي
، كبر حجازي ورافق مجموعة من رفقاء السوء والمفسدين
وأنفق عليهم أموال أبيه كلها ، وفي يوم من الأيام
قالت له أمه ناصحة : هل تعرف من أين لك كل هذا المال
الذي تبعثره هنا وهناك بغير حساب ؟ ، إنه من مال
أبيك الذي جمعه من بيع الخضار ...
أراد حجازي أن يمتهن مهنة أبيه الحردان ، فباع الخضار
كما كان يبيع أبوه من قبل ، بدأ رفاقه الذين كانوا
بالأمس يغدق عليهم من أموال أبيه ويلهو معهم في كل
مكان ، بدؤوا
يسخرون منه ويتغامزون عليه شامتين مستهزئين !! .
يقولون لبعضهم : انظروا إلى فلان ( حجازي ) كيف تحول
إلى بائع للخضار من بعد عزٍّ وثراءٍ ورخاء !! . فسمعهم
شيخ كبير كان يعرف حجازي وأبيه الحردان ، أقبل الشيخ
على حجازي وقال له :
يا خيِّي الأيام لما تنعدل وتميل
تفرغ بهدم القصور وافتراق المال
لكن انظر إلى الطير لولا ذكره لله
ما كان فرد جناحه وطار
حكا الشيخ هذه الكلمات أمام حجازي ثم انصرف مسرعا .
بعد أن سمع حجازي كلام الشيخ ترك بيع الخضار فجأة وذهب
لأمه ، وأشعل ناراً حامية ووضع عليها قدرا من
الماء .... وأشهر السيف في وجه أمه وقال لها : إما أن
أقتلك الآن ثم أضعك في هذا الماء المغلي ، وإما أن تحكي لي
قصة أبي .
حكت الأم حكاية زوجها حردان إلى ابنها حجازي ، فعلم
أن أباه كان غازياً وبطلاً وفارساً ، وأنها أخفت عليه
الأمر حماية له وخوفاً عليه من الثأر ....
كان حجازي يخرج للصيد ، وهناك وجد الفتيات يعبئن
الماء من النبع ورأى واحدة منهن اسمها غزالة وتشبه
الغزالة في قوامها ، وبدأ يفكر بها حتى أعياه التفكير ،
وكان له عم عندما سمع بمرضه زاره في بيته ، وطلب
حجازي من عمه الزواج من غزالة بالكيف أو بحد السيف .
ذهب عمه إلى أهل غزالة من أجل خطبتها لحجازي ، ووافق
أهلها على الزواج ، وفي اليوم التالي أراد أن يراها
عند نبع الماء لكنها لم تحضر ، وعندما سأل عمه عن عدم
حضورها ، قال له : إن الفتيات إذا خطبن امتنعن عن
الخروج من بيوتهن .
وفي يوم من أيام صيده ضرب حافر حصانه على صخرة وسط
الرمال ، نزل حجازي من فوق حصانه وأراد أن يعرف ما
سر هذه الصخرة وسط الرمال فرأى بلاطة مكتوب عليها (
أربعون فارس يرفعون هذه البلاطة وأربعون فارس
يعيدونها إلى مكانها ) فدفعه حب المعرفة والاستطلاع أن
يزيل هذه البلاطة بنفسه عن مكانها ، وعندما رفع
البلاطة وجد من تحتها سُلماً يطل على غرفة بداخلها
أربعين كأساً وعدد كبير من قدور الخمر، وبجوار قدور الخمر
رأى رجلا جالسا لا يتكلم كلمة واحدة ، ثم نظر إلى الجهة
الأخرى فرأى أربعين رجلا وبجانب كل رجل جارية من أجمل
جواري الزمان .
أشهر حجازي السيف في وجه الرجل وقال له من أنت ؟
قال الرجل أنا خادم الرجال والإماء ، أصب لهم الخمر في
الكؤوس ، وهؤلاء الرجال هم عبيد ولصوص ، يخطفون أجمل
بنات المدينة .
طلب حجازي من الرجل أن يصب له الخمر قائلا له :
يا مالي الكاس مللي الكاس
إن عشنا إن شاء الله نجازيك بالأفراح إن عشنا
لكن أهون علينا كلاب البر تنهشنا
ولا أنت يا خَمّار تنهشنا
فشرب حجازي عنده أربعين كأساً ، ولكنه لم يكتف بذلك
فرفع قدرا من قدور الخمر ، وقرّبها من فمه وأخذ يشرب
منها مباشرة ، سحب الرجل القدر من فم حجازي وقال
له : إذا صحا الرجال اللصوص من نومهم ولم يجدوا قدر
الخمر فسيقتلونني .
طلب حجازي من الرجل أن يوقظ اللصوص من نومهم ،
وعندما أيقظهم بدأ بقتلهم واحداً تلو الآخر ، ثم فرغ
إلى الجواري وبدأ يسأل كل جارية عن حكايتها ، ثم
يأمرها بالانصراف إلى أهلها حتى بقيت آخر جارية ، وبعد
أن طلب منها بالانصراف إلى بيتها قالت له : أنا خادمة لك .
فقال لها : ماذا تريدين مني ؟ .
قالت : الزواج منك أو خدمتك .... ولكنه رفض وقال :
النهر إللي عليه كل الكلاب تورد
يحرم على السبع يشرب من قناة مائه
فردت عليه قائلة : سأدعو عليك دعوة لا تنجو منها
أبداً : ( الله يرميك بحب بدر الدجى بنت سلطان وادي مَعَن ) .
لم يأبه حجازي بكلامها في بداية الأمر، وعاد راجعا إلى
بيته ، ولكنه في الطريق بدأ يفكر فيما قالت له ،
وأخذ يحدث نفسه ويقول : لولا أن بدر الدجى بنت سلطان
وادي مَعَن لها شأن كبير لما ضُرب بها المثل ، وطلب من عمه
أن يخبره بحكاية بدر الدجى بنت سلطان وادي مَعَن لكن عمه
رفض حرصاً منه على حياة ابن أخيه .
أصرّ حجازي أن يعرف حكاية هذه البنت ، ودخل إلى بيت
عمه خلسة متنكرا بلبس النساء ، فوجد عمه نائماً ،
أيقظ حجازي عمه من نومه شاهرا سيفه بيده يريد أن
يقطع رأس عمه ، أو يخبره بحكاية بدر الدجى بنت سلطان وادي مَعَن .
قال عمه : كان لأبيها راعٍ للغنم والإبل ، وكانت بدر
الدجى تخدم الراعي وتقدم له كل ما يحتاج ، فأحب
الراعي بدر الدجى حباً شديداً ، وكان الراعي مُنجماً
يضرب بالرمل فيقرأ ما هو قادم في الغد ، وكان الملك
يطلب الراعي دائماً ليقرأ له من الرمل ما هو قادم في
الغد حرصاً على مملكته ، قال الراعي للملك :
سيأتي رجل من الشرق يأخذ ابنتك بدر الدجى ، وبكى
الراعي وحزن حزناً شديداً لأنه سيُحرم منها ....
وصل حجازي إلى بلاد الملك ، وقابل الراعي في الطريق
فعرفه الراعي أنه هو الفارس القادم من بلاد الشرق
ليأخذ بنت الملك بدر الدجى ....وقال له الراعي : إذا
حصلت على طلبك فلا تعد من هذه الطريق ثانية .
في اليوم الثاني نادى منادٍ قائلا : عشر سنين خراب يا وادي معن وأولها السنة .
سمع حجازي المنادي فطلب منه ألا ينادي بالخراب ، فقال
المنادي : لقد أعطاني الملك جنيهاً مقابل ندائي هذا .
قال حجازي : خذ مني عشر جنيهات ونادي في الناس وقل :
عشر سنين عمار يا وادي معن وأولها السنة .... فعل
المنادي ما أمر به حجازي ، وعلم الملك أن المنادي خالف
أمره ، فأمر بالحضور بين يديه ، وعندما سأل الملك
المنادي عن السبب في تغيير النداء بين الناس ، أخبر
الراعي الملك بما طلب منه الفارس حجازي وانه أعطاه
عشر جنيهات .
أمر الملك بمثول الفارس حجازي بين يديه ؛ فلبس حجازي
لباس الفارس المقاتل ووقف بين يديه ، وقال أمام الملك :
غدوة مشومة هاللي غدها لنا البان .
فعرف الملك أن الفارس رجلا شجاعا قادما من بلاد الشرق
، وسأله الملك : لماذا طلبت من المنادي أن ينادي بعكس ما أمرنا به ؟
فقال الفارس للملك : لماذا يا ملك الزمان تطلب من المنادي بأن ينادي بالخراب ؟
قال الملك : لأني أدفع الضرائب والإتاوة إلى ملك أقوى
مني ، فتتعرض المملكة إلى الفقر والخراب إن لم أستجب له
، وإن لم أدفعها يعلن الحرب على مملكتي ....
قال الفارس للملك : يا ملك الزمان لا تدفع الإتاوة من
الآن فصاعداً فأنا أملك من الشجاعة ما أصدهم عنك ،
وطلب منه أن يتفقد الجنود ، وأعدّ العدة وجهز جيشا من
أقوى الجيوش تحت قيادته .
بدأت المعركة وأبلى الفارس فرحان بلاءً حسنا حتى نال
تقدير المملكة والشعب كله، وفي أثناء المعركة وبينما
كان فرحان فوق جواده سقطت منه طاقية رأسه ، فأسرعت
بنت الملك بدر الدجى بالتقاطها ، وهي التي كانت ترقب
المعركة من مكان قريب منها ومعها الأميرات ، ولكن
الفارس فرحان كان أسرع منها فالتقط طاقيته برمحه
وقال لها ليشعرها أنه قادم من بلاد الشرق من أجلها :
ركبنا الخيل عالينا وواطينا وفي حبك يا بدر الدجى وقعت طواقينا .
حقق الفارس فرحان انتصاراً لا مثيل له ، وأنقذ الملك
من دفع الإتاوة لتعيش البلاد في أمان ورغد من العيش .
وطلب فرحان من الملك أن يزوجه ابنته وكان له ما أراد
، ووضع فرحان عروسته التي ظفر بها فوق جواده ، وغادر
المملكة ليعود إلى بلاده ، ولكنه نسي ما أوصاه به
الراعي المنجم الذي كان يضرب بالرمل حيث قال له : لا
تعد من هذه الطريق ..... وفي الطريق وأثناء عودة
فرحان إلى بلاده ، شاهد الراعي فرحان ومعه بدر الدجى
، وعرف أن الفارس فرحان حظي ببنت الملك التي كان
الراعي يحبها فقال الراعي :
رايحين فين يا عرب وادي معن
انتو البدور ولا البدور معن
لكن بدر الدجى لمّن وجهت تغرب
هادي قتلة الراعي وفاتو الضعن فاتو ....
ثم شهق الراعي شهقة ومات على الفور حزناً على بدر الدجى .
عندئذ تذكر الفارس فرحان نصيحة الراعي بألا يمر من هنا ....
استمر فرحان في طريقه ، ووجد في طريقه نهراً من حوله
زرع وثمار ونخيل ورمان ، فحطّ مع زوجته وجواده عند
النهر ليستريح من عناء السفر ، وفي أثناء ذلك وقف
طائر فوق رأس نخلة قريبة من فرحان وزوجته ، وأسقط
أمامهما بعض حبات التمر ، وعندما رأى فرحان التمر
قال لزوجته :
على حرف غدير يا بدر الدجى زفتنا جميع الأطيار
ورجعنا بلا طبلة ولا مزمار
حتى النخل يا بدر الدجى نقطنا بالأثمار
وصل فرحان إلى عمه سالماً ، وتزوج الزوجة الثانية وهي
غزالة التي خطبها في أول الأمر، وعاش الجميع في هناء
وسرور .... ويسلم لي القارئ يا رب .
------------------------------
للاتصال بالكاتب
جوال رقم : من داخل فلسطين 9421664
من خارج فلسطين 00970599421664
بحث وجمع وكتابة : أ . تحسين يحيى أبو عاصي – غزة فلسطين –
(( هذه حكاية شعبية متوارثة بين الآباء والأجداد لها
أصل تاريخي أدبي ، وربما تم حذف أو زيادة البعض منها
بسبب التناقل عبر الأجيال ؛ لذلك أنقلها كما جاءت على
لسان الآباء والأجداد كما هي ، ملتمسا العذر من
القارئ الكريم )) .
= = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = =
كان فارس من فرسان العرب اسمه حردان ، وكان هذا
الفارس غازيا وبطلا شجاعاً لا يُهزم بمعركة ، وكان له بين
القبائل هيبة واحترام ، جمع من الغنائم ما لا تُحصى ولا
تُعد ، مات الفارس حردان وترك من بعده طفلا اسمه حجازي
، كبر حجازي ورافق مجموعة من رفقاء السوء والمفسدين
وأنفق عليهم أموال أبيه كلها ، وفي يوم من الأيام
قالت له أمه ناصحة : هل تعرف من أين لك كل هذا المال
الذي تبعثره هنا وهناك بغير حساب ؟ ، إنه من مال
أبيك الذي جمعه من بيع الخضار ...
أراد حجازي أن يمتهن مهنة أبيه الحردان ، فباع الخضار
كما كان يبيع أبوه من قبل ، بدأ رفاقه الذين كانوا
بالأمس يغدق عليهم من أموال أبيه ويلهو معهم في كل
مكان ، بدؤوا
يسخرون منه ويتغامزون عليه شامتين مستهزئين !! .
يقولون لبعضهم : انظروا إلى فلان ( حجازي ) كيف تحول
إلى بائع للخضار من بعد عزٍّ وثراءٍ ورخاء !! . فسمعهم
شيخ كبير كان يعرف حجازي وأبيه الحردان ، أقبل الشيخ
على حجازي وقال له :
يا خيِّي الأيام لما تنعدل وتميل
تفرغ بهدم القصور وافتراق المال
لكن انظر إلى الطير لولا ذكره لله
ما كان فرد جناحه وطار
حكا الشيخ هذه الكلمات أمام حجازي ثم انصرف مسرعا .
بعد أن سمع حجازي كلام الشيخ ترك بيع الخضار فجأة وذهب
لأمه ، وأشعل ناراً حامية ووضع عليها قدرا من
الماء .... وأشهر السيف في وجه أمه وقال لها : إما أن
أقتلك الآن ثم أضعك في هذا الماء المغلي ، وإما أن تحكي لي
قصة أبي .
حكت الأم حكاية زوجها حردان إلى ابنها حجازي ، فعلم
أن أباه كان غازياً وبطلاً وفارساً ، وأنها أخفت عليه
الأمر حماية له وخوفاً عليه من الثأر ....
كان حجازي يخرج للصيد ، وهناك وجد الفتيات يعبئن
الماء من النبع ورأى واحدة منهن اسمها غزالة وتشبه
الغزالة في قوامها ، وبدأ يفكر بها حتى أعياه التفكير ،
وكان له عم عندما سمع بمرضه زاره في بيته ، وطلب
حجازي من عمه الزواج من غزالة بالكيف أو بحد السيف .
ذهب عمه إلى أهل غزالة من أجل خطبتها لحجازي ، ووافق
أهلها على الزواج ، وفي اليوم التالي أراد أن يراها
عند نبع الماء لكنها لم تحضر ، وعندما سأل عمه عن عدم
حضورها ، قال له : إن الفتيات إذا خطبن امتنعن عن
الخروج من بيوتهن .
وفي يوم من أيام صيده ضرب حافر حصانه على صخرة وسط
الرمال ، نزل حجازي من فوق حصانه وأراد أن يعرف ما
سر هذه الصخرة وسط الرمال فرأى بلاطة مكتوب عليها (
أربعون فارس يرفعون هذه البلاطة وأربعون فارس
يعيدونها إلى مكانها ) فدفعه حب المعرفة والاستطلاع أن
يزيل هذه البلاطة بنفسه عن مكانها ، وعندما رفع
البلاطة وجد من تحتها سُلماً يطل على غرفة بداخلها
أربعين كأساً وعدد كبير من قدور الخمر، وبجوار قدور الخمر
رأى رجلا جالسا لا يتكلم كلمة واحدة ، ثم نظر إلى الجهة
الأخرى فرأى أربعين رجلا وبجانب كل رجل جارية من أجمل
جواري الزمان .
أشهر حجازي السيف في وجه الرجل وقال له من أنت ؟
قال الرجل أنا خادم الرجال والإماء ، أصب لهم الخمر في
الكؤوس ، وهؤلاء الرجال هم عبيد ولصوص ، يخطفون أجمل
بنات المدينة .
طلب حجازي من الرجل أن يصب له الخمر قائلا له :
يا مالي الكاس مللي الكاس
إن عشنا إن شاء الله نجازيك بالأفراح إن عشنا
لكن أهون علينا كلاب البر تنهشنا
ولا أنت يا خَمّار تنهشنا
فشرب حجازي عنده أربعين كأساً ، ولكنه لم يكتف بذلك
فرفع قدرا من قدور الخمر ، وقرّبها من فمه وأخذ يشرب
منها مباشرة ، سحب الرجل القدر من فم حجازي وقال
له : إذا صحا الرجال اللصوص من نومهم ولم يجدوا قدر
الخمر فسيقتلونني .
طلب حجازي من الرجل أن يوقظ اللصوص من نومهم ،
وعندما أيقظهم بدأ بقتلهم واحداً تلو الآخر ، ثم فرغ
إلى الجواري وبدأ يسأل كل جارية عن حكايتها ، ثم
يأمرها بالانصراف إلى أهلها حتى بقيت آخر جارية ، وبعد
أن طلب منها بالانصراف إلى بيتها قالت له : أنا خادمة لك .
فقال لها : ماذا تريدين مني ؟ .
قالت : الزواج منك أو خدمتك .... ولكنه رفض وقال :
النهر إللي عليه كل الكلاب تورد
يحرم على السبع يشرب من قناة مائه
فردت عليه قائلة : سأدعو عليك دعوة لا تنجو منها
أبداً : ( الله يرميك بحب بدر الدجى بنت سلطان وادي مَعَن ) .
لم يأبه حجازي بكلامها في بداية الأمر، وعاد راجعا إلى
بيته ، ولكنه في الطريق بدأ يفكر فيما قالت له ،
وأخذ يحدث نفسه ويقول : لولا أن بدر الدجى بنت سلطان
وادي مَعَن لها شأن كبير لما ضُرب بها المثل ، وطلب من عمه
أن يخبره بحكاية بدر الدجى بنت سلطان وادي مَعَن لكن عمه
رفض حرصاً منه على حياة ابن أخيه .
أصرّ حجازي أن يعرف حكاية هذه البنت ، ودخل إلى بيت
عمه خلسة متنكرا بلبس النساء ، فوجد عمه نائماً ،
أيقظ حجازي عمه من نومه شاهرا سيفه بيده يريد أن
يقطع رأس عمه ، أو يخبره بحكاية بدر الدجى بنت سلطان وادي مَعَن .
قال عمه : كان لأبيها راعٍ للغنم والإبل ، وكانت بدر
الدجى تخدم الراعي وتقدم له كل ما يحتاج ، فأحب
الراعي بدر الدجى حباً شديداً ، وكان الراعي مُنجماً
يضرب بالرمل فيقرأ ما هو قادم في الغد ، وكان الملك
يطلب الراعي دائماً ليقرأ له من الرمل ما هو قادم في
الغد حرصاً على مملكته ، قال الراعي للملك :
سيأتي رجل من الشرق يأخذ ابنتك بدر الدجى ، وبكى
الراعي وحزن حزناً شديداً لأنه سيُحرم منها ....
وصل حجازي إلى بلاد الملك ، وقابل الراعي في الطريق
فعرفه الراعي أنه هو الفارس القادم من بلاد الشرق
ليأخذ بنت الملك بدر الدجى ....وقال له الراعي : إذا
حصلت على طلبك فلا تعد من هذه الطريق ثانية .
في اليوم الثاني نادى منادٍ قائلا : عشر سنين خراب يا وادي معن وأولها السنة .
سمع حجازي المنادي فطلب منه ألا ينادي بالخراب ، فقال
المنادي : لقد أعطاني الملك جنيهاً مقابل ندائي هذا .
قال حجازي : خذ مني عشر جنيهات ونادي في الناس وقل :
عشر سنين عمار يا وادي معن وأولها السنة .... فعل
المنادي ما أمر به حجازي ، وعلم الملك أن المنادي خالف
أمره ، فأمر بالحضور بين يديه ، وعندما سأل الملك
المنادي عن السبب في تغيير النداء بين الناس ، أخبر
الراعي الملك بما طلب منه الفارس حجازي وانه أعطاه
عشر جنيهات .
أمر الملك بمثول الفارس حجازي بين يديه ؛ فلبس حجازي
لباس الفارس المقاتل ووقف بين يديه ، وقال أمام الملك :
غدوة مشومة هاللي غدها لنا البان .
فعرف الملك أن الفارس رجلا شجاعا قادما من بلاد الشرق
، وسأله الملك : لماذا طلبت من المنادي أن ينادي بعكس ما أمرنا به ؟
فقال الفارس للملك : لماذا يا ملك الزمان تطلب من المنادي بأن ينادي بالخراب ؟
قال الملك : لأني أدفع الضرائب والإتاوة إلى ملك أقوى
مني ، فتتعرض المملكة إلى الفقر والخراب إن لم أستجب له
، وإن لم أدفعها يعلن الحرب على مملكتي ....
قال الفارس للملك : يا ملك الزمان لا تدفع الإتاوة من
الآن فصاعداً فأنا أملك من الشجاعة ما أصدهم عنك ،
وطلب منه أن يتفقد الجنود ، وأعدّ العدة وجهز جيشا من
أقوى الجيوش تحت قيادته .
بدأت المعركة وأبلى الفارس فرحان بلاءً حسنا حتى نال
تقدير المملكة والشعب كله، وفي أثناء المعركة وبينما
كان فرحان فوق جواده سقطت منه طاقية رأسه ، فأسرعت
بنت الملك بدر الدجى بالتقاطها ، وهي التي كانت ترقب
المعركة من مكان قريب منها ومعها الأميرات ، ولكن
الفارس فرحان كان أسرع منها فالتقط طاقيته برمحه
وقال لها ليشعرها أنه قادم من بلاد الشرق من أجلها :
ركبنا الخيل عالينا وواطينا وفي حبك يا بدر الدجى وقعت طواقينا .
حقق الفارس فرحان انتصاراً لا مثيل له ، وأنقذ الملك
من دفع الإتاوة لتعيش البلاد في أمان ورغد من العيش .
وطلب فرحان من الملك أن يزوجه ابنته وكان له ما أراد
، ووضع فرحان عروسته التي ظفر بها فوق جواده ، وغادر
المملكة ليعود إلى بلاده ، ولكنه نسي ما أوصاه به
الراعي المنجم الذي كان يضرب بالرمل حيث قال له : لا
تعد من هذه الطريق ..... وفي الطريق وأثناء عودة
فرحان إلى بلاده ، شاهد الراعي فرحان ومعه بدر الدجى
، وعرف أن الفارس فرحان حظي ببنت الملك التي كان
الراعي يحبها فقال الراعي :
رايحين فين يا عرب وادي معن
انتو البدور ولا البدور معن
لكن بدر الدجى لمّن وجهت تغرب
هادي قتلة الراعي وفاتو الضعن فاتو ....
ثم شهق الراعي شهقة ومات على الفور حزناً على بدر الدجى .
عندئذ تذكر الفارس فرحان نصيحة الراعي بألا يمر من هنا ....
استمر فرحان في طريقه ، ووجد في طريقه نهراً من حوله
زرع وثمار ونخيل ورمان ، فحطّ مع زوجته وجواده عند
النهر ليستريح من عناء السفر ، وفي أثناء ذلك وقف
طائر فوق رأس نخلة قريبة من فرحان وزوجته ، وأسقط
أمامهما بعض حبات التمر ، وعندما رأى فرحان التمر
قال لزوجته :
على حرف غدير يا بدر الدجى زفتنا جميع الأطيار
ورجعنا بلا طبلة ولا مزمار
حتى النخل يا بدر الدجى نقطنا بالأثمار
وصل فرحان إلى عمه سالماً ، وتزوج الزوجة الثانية وهي
غزالة التي خطبها في أول الأمر، وعاش الجميع في هناء
وسرور .... ويسلم لي القارئ يا رب .
------------------------------
للاتصال بالكاتب
جوال رقم : من داخل فلسطين 9421664
من خارج فلسطين 00970599421664