عملية الجربوع الأزرق الفرنسية وانعكاساتها على شعوب شمال افريقيا والساحل : هل مست الاشعاعات النووية المغرب سنة 1960؟ من المسؤول عن النتائج المدمرة للعملية العسكرية الجربوع الازرق (اليربوع)؟
رفعت وزارة الدفاع الفرنسية يدها عن وثائق عسكرية مهمة كانت مصنفة كوثائق سرية للغاية من طرف الجيش الفرنسي وذالك منذ عقود طويلة، وجاء تحرير هده الأسرار في اطار تحقيق قضائي يكمن فى شكاية مرفوعة من قبل بعض العسكريين والمدنيين الفرنسيين الذين شاركوا في التجارب النووية في منطقة ركان (الصحراء الجزائرية) سنة 1960 وكذالك في بولينيزيا سنة.1970
ففي سنة 1960 قامت فرنسا بتفجير اربعة قنابل نووية في الصحراء الكبرى، وسميت انذاك بعملية الجربوع الازرق (اليربوع)٬ هو نوع من الفئران التي تعيش في للصحراء والشرق الاوسط،، وكانت القنبلة النوويةالاولى تفوق قوتها القنبلة التي القى بها الامريكيون على مدينة هيروشيما اليابانية اثناء الحرب العالمية الثانية.
تبع هذا التفجير الاول في منطقة ركان الجزائرية ثلاثة عشرة تجربة اخرى دامت الى غاية 1967، سنتان بعد الانقلاب العسكري الذي قاده العقيد هواري بومدين ضد الرئيس احمد بن بلة وخمسة سنوات على استقلال الجزائر. انهت فرنسا تجاربها النووية سنة 1967 طبقا لاتفاقيات اڤيان وملحقاتها السرية التي تسمح بموجبها الجزائر المستقلة، وبلد المليون شهيد لفرنسا استمرار تجاربها لمدة خمسة سنوات تحت حراسة فيالق الجيش الوطني الشعبي٫ فرغم اخفاء النتائج المدمرة لهذه الغبار الذري في الصحراء الجزائرية، فان الكارثة البيئية لم تعرف الا في 2004 عندما فتح تحقيق جنائي ضد الدولة الفرنسية بتهمة القتل الغير العمد، والمساس بصحة الاشخاص، دعوى رفعها فرنسيون مدنيون وعسكريون، ولم تعترف فرنسا بجريمتها الا جزئيا الا في سنة 2010، حيث اصدرت فرنسا قانون موران تقر فيه لضحايا تجاربها النووية يجريمتها وقامت بتعويضهم. وكان التعويض هزيلا ومحل تنديد وانتقاد من طرف الراي العام الفرنسي والدولي، فعلى ثمانين ملفا مقدما امام القضاء الفرنسي لم يقبل منها الا اثنا عشر ملفا .
قانون تقوم السلطات التشريعية الفرنسية حاليا بمراجعته وتحيينه واصبح يهم كل سكان افريقيا الشمالية والساحل خاصة سكان الصحراء الكبرى من دكار الى القاهرة فالخريطة السرية التي نشرتها وزارة الدفاع الفرنسية للمرة الاولى تبين المساحة الحقيقية لانتشار الاشعة النووية.
فالتجارب الجوية التي قام بها الجيش الفرنسي في الصحراء الجزائرية تظهر ان الاشعة النووية وصلت الى عاصمة المغرب الرباط، بل انتشرت هذه الاشعة الخطيرة في كافة افريقيا الشمالية ودول الساحل٬ بل وصلت تداعيتها الى الشواطئ الاسبانية الجنوبية ونصف جزيرية صقيلية.
فوزارة الدفاع الفرنسية تأكد في هذه الوثائق السرية التي حررت مؤخرا. ان نتائج القنابل الذرية الاولى كانت غالبا ضعيفة وبدون نتائج سلبية على صحة المواطنين الامر الذي رفضه بعض المختصين والاطباء الفرنسيين معتبرين ان المعايير التي اعتمدتها وزارة الدفاع الفرنسية قديمة ولايمكن اخذها بعين الاعتبار. وقد اظهر الاطباء ان الاشعة النووية الضعيفة قد تكون لها آثارا كارثية على صحة الانسان. فبعد مرور عشرة سنوات ظهرت اعراض صحية غريبة على السكان وخاصة الانواع المختلفة للسرطان، حجج اخرى دفعت العسكريين الفرنسيين الى كرسي الاعتراف وجعلتهم يقرون بان بعض المناطق في الصحراء الكبرى التي مستها العملية العسكرية المسماة بالجربوع (اليربوع) الازرق كان حجم الأشعة فيها عاليا خاصة في ولايات الصحراء الشرقية التي لازالت مياهها الجوفية ملوثة بلاشعة الذرية كما هو الحال في العاصمة اتشادية ندجامينا، فالخريطة العسكرية السرية التي افرجت عنها الحكومة الاشتراكية الفرنسية تظهر مناطق التجارب و تؤكد العلاقة العضوية بين الاشعة النووية و مختلف الامراض المنتشرة في شمال افريقيا بعد السيتينيات كالسرطان والتيروييد وامراض القلب والسكري الخ.
ان جمعيات ضحايا التجارب النووية في الصحراء الكبرى تطالب الامم المتحدة ووكالتها المكلفة بمكافحة انتشار الاسلحة النووية تمدها بالمعلومات السرية الاخرى التي كانت تخفيها فرنسا والجزائر عن الراي العام رغم مطالبة القضاء بذلك، فالجيش الفرنسي لم يكشف الا عن ارشيف قديم تم انتقاؤه بعناية كبيرة والحقيقة لازالت مقبورة الى حد الان. فالملف شائك ومعقد وله تاثير سلبي على العلاقات الدبلوماسية الفرنسية مع شعوب شمال افريقيا والساحل.
ان هناك مخطط شيطاني لطمس حقيقة الملف خدمة لمصالح بعض الدول خاصة فرنسا والجزائر، فكلاهما مرتبط باتفاقيات ايڤيان وبنودها السرية ومسؤولان امام محكمة العدل الدولية للنظر في الموضوع. فجبهة التحرير الوطني قدمت تنازلات كبيرة لفرنسا و من بينها السماح باستمرار هذه الاخيرة تجاربها النووية مقابل عدم استفثاء السكان الطوارق في جنوب الصحراء الجزائرية وخوفهم من تكوين دولة في جنوب الجزائر سماها ديغول بترقستان وعاصمتها ورغلة.
الاثنين 3 مارس 2014
ذ عبد الرحمن مكاوي كاتب مغاربي