أحمد الحراسيس - تواصل دائرة ضريبة الدخل استقبال طلبات عشرات الآلاف من الأردنيين المعترضين على عدم شمولهم بدعم المحروقات، رغم حصولهم عليه في مرات سابقة اعتمادا على معايير الاستحقاق المتبعة حينها.
ستة موظفين فقط من كادر الدائرة الرئيسية، قرب الدوار الثالث، مخصصون لاستقبال طلبات عشرات آلاف المراجعين، وكان السبب الرئيس في بقاء الحاج حسين ينتظر دوره منذ الساعة التاسعة صباحا حتى الساعة الثانية والنصف مساء.. وهو بذلك يعتبر نفسه محظوظا؛ فقد حصل على بطاقة دور من احدى المراجعات اليائسات تسبق دوره الأصلي.
وخلال حديثه مع Jo24، أكد الحاج حسين انه لا يعرف سبب رفض طلبه الأول، بخاصة وانه حصل على الدعم في المرات السابقة، إلا ان الدائرة استثنته في هذه المرة، مؤكدا انه لا يملك أي سجل تجاري أو أي سيارة وبالمحصلة لا يملك أي عقارات.
لا يملك ربّ الأسرة محمد معلومات حول أسباب رفض طلبه، معبرا في ذات السياق عن سخطه على آلية تقديم الاعتراض على الدعم، مشيرا إلى ان الاجراءات لا يمكن ان تصنف بغير 'اجراءات اذلال'، وهو ما لُمس خلال الحديث مع المواطنين الذين أبدوا استعدادا للحديث لكن دون تصوير..
وفور انتهائه من مشادة كلامية سريعة مع أحد الموظفين المختصين بتنظيم الدور، بدأ الشاب الثلاثيني وائل بالتهجم اللفظي على الحكومة وآلية عملها، معتبرا ان نموذج صرف الدعم الذي عبأه بيده كان بمثابة الفخّ الذي نصبته الحكومة للمواطنين، فقد علِم ان الحكومة استثنت كل من تزيد مصروفاته على 'الماء، الكهرباء، الاتصالات' عن 100 دينار من دعمها.. مشيرا في ذات السياق إلى ان ارتفاع المصروفات جاء نتيجة الغلاء الذي تسببت به الحكومة نفسها.
وعند سؤال أحد المراجعين، سائق تكسي، عن سبب رفض طلبه وما يستند عليه من وثائق تثبت استحقاقه للدعم، أشار إلى حصوله على الدعم في المرات السابقة، إضافة إلى ان أحد أبنائه، حسام، أصبح عاطلا عن العمل منذ ثلاثة أشهر، وهو ما يعني ان الحال قد ساء أكثر من السابق ولا بدّ ان في الأمر لغطا..
والد حسام لا يخفي ان الحكومة تسعى باجراءاتها لاستثناء المواطنين من الدعم قدر الإمكان.. مؤكدا على انها تعلم يقينا أوضاع الشعب الأردني، فقد تم شطب اسم إحدى بناته من بيانات الدعم الخاصة به بعد أقل من أسبوع من زواجها، إلا انها لم تقم بشطب الدخل الذي كان يرفده ابنه حسام للأسرة حتى بعد جلوسه عن العمل ثلاثة أشهر.
ولا يختلف حال أي من المراجعين عن غيره كثيرا؛ فالمواطن جميل لم يكن يعلم ان ان الحكومة استثنت الأطباء والمهندسين والمحامين من دعمها للمحروقات، مؤكدا في ذات السياق على انه ليس طبيبا أو مهندسا أو محاميا، ولا يملك إلا 'باص بيستا' يعمل على نقل الركاب بواسطته لقاء أجر عادي..
المشهد كلّه اختصره أحد المراجعين المعترضين بالقول إن اختيار د. عبدالله النسور رئيسا للحكومة كان 'ضربة معلّم'؛ فقد استطاع الرئيس تمرير قرار رفع أسعار المحروقات وتخدير الشعب الأردني بدعم نقدي سرعان ما عاد لسحبه عن فئات واسعة من الشعب دون أي ضجة، مشيرا في ذات السياق إلا ان الحكومة مطالبة بالحذر من انفجار شعبي وشيك بعد ان ضاق الحال بالشعب الفقير.
وبقراءة سريعة لحالات استثناءات المواطنين من الدعم، نجد ان الحكومة قد ساوت بين ربّ الأسرة التي تملك ثلاث سيارات تقدر قيمتها الاجمالية 15 ألف دينار، مع ربّ الأسرة التي تملك عقارات تقدر بربع مليون دينار، كما استثنت كل من يملك سجلا تجاريا في وزارة الصناعة والتجارة من الدعم، بغض النظر عن الدخل الذي يوفره ذلك السجل التجاري.
ويعكس لجوء الحكومة إلى استثناء أصحاب السجلات التجارية من الدعم، بغض النظر عن دخلهم، شيئا من عدم ثقة الحكومة ببيانات دائرة ضريبة الدخل، وإلا لكانت استثنت أصحاب السجلات التجارية بحسب صافي دخل كل منهم.
وأما استثناء الأطباء والمحامين والمهندسين المسجلين في نقاباتهم، من الدعم فهو أيضا أمر غير مبرر ولا يعكس إلا صورة من صور عدم الثقة بسجلات ضريبة الدخل أيضا، فلا يشترط أن يكون دخل المهندس أو الطبيب أو المحامي مرتفعا، وهو ما أكده نقيب المهندسين الأردنيين، م. عبدالله عبيدات في بيان صحفي قبل نحو يومين.
البشرى الأسوء للأردنيين كانت على لسان وزير الصناعة والتجارة، حاتم الحلواني، حيث أعلن قبل أيام عن توجه حكومي لاعتماد آلية توزيع دعم المحروقات في تعويض المواطنين عن الرفع المرتقب لأسعار مادة الخبز..