جحا في جنيف
22.04.2014
سليمان البوطي
العرب اللندنية
الاثنين 21/4/2014
فلاسفة ثلاثة حلوا على بلدة جحا، وطلبوا مجادلة علمائها، فما كان من السلطان إلا أن أوعز لحاجبه أن يستدعي جحا ليقوم بمناظرتهم باعتباره حكيم حكماء البلدة.
يكثر الحديث اليوم عن مؤتمر جنيف 3…، وبما أنني لست من السياسيين المحنكين (وهذه الكلمة جذرها من الحنك وليس من الحنكة، لأنها تتصل وتتعالق بفن يجيده السياسيون، لاسيما السيئون منهم، وهو طق الحنك) ولأني كذلك أي لست محنكا، فلا أعرف- ومن أين لي أن أعرف، حتى إذا أردت أن أعرف، الخلاصة أني لا أعرف ما جرى بين وفدي سوريا، القادم أحدهما من الداخل مدججا بالبراميل كورقة أخيرة للضغط على خصمه، والقادم إلى جنيف من خارج أسوار سوريا مدججا ب”الدعوات”.. إلا أني ومنذ زمن بعيد أتوقع أو أتخيل ما يقال في قاعات أي مؤتمر عربي وأحاول أن أستبقها بوضع حوار مفترض لأي منها.. وإليكم ما سيجري في حوارات ج3.
ولكن دعوني أولا، أن أحكي لكم ما جرى يوما لجحا وحماره مع فلاسفة من فلاسفة الحوارات العامة. أقول وعمر القراء يطول: في يوم من الأيام وبعد تنقل في الآفاق والبلدان، حل فلاسفة ثلاثة على بلدة جحا، وطلبوا مجادلة علمائها، فما كان من السلطان -بعد أن استقبلهم وأكرم مثواهم- إلا أن أوعز لحاجبه أن يستدعي جحا ليقوم بمناظرتهم باعتباره حكيم حكماء البلدة. وهكذا كان إذ ذهب الحاجب ورجع مع جحا على جناح السرعة، رغم ما حصل من معوقات في طريق العودة، إذ أصر جحا على اصطحابه حماره إلى المناظرة، فرضخ الحاجب لطلبه بعد ممانعة. كان مكان المناظرة في ساحة عامة تجنف قليلا عن قصر السلطان بثلاثة فراسخ، ولذلك يقال لها جنيف3. وبعد انتهاء التشريفات والمراسم.. قال السلطان: هاتوا أسئلتكم.
سأل الفيلسوف الأول جحا: أين مركز الأرض؟ كان جواب جحا بأن أشار إلى موقع وقوف حماره. فتعجب الفيلسوف وقال: ما دليلك؟ فقال جحا: قم وقس.
إلا أن الفيلسوف الثاني باغت جحا بسؤال غريب قائلا: ماعدد النجوم؟ فرد جحا ببساطة مدهشة: عددها عدد الشعر الذي يكسو جلد حماري. فقال السائل: وكيف نعرف؟ قال جحا: قم وعدها وقارنها. أما ثالث الفلاسفة فكان جوابه أكثر غرابة، إذ قال: كم عدد شعر لحيتي؟ فقال جحا مشيرا بعصاه: بعدد شعر ذنب حماري.
سأله الفيلسوف وكيف نتأكد؟ قال جحا: نقتلع شعرة من شعرات ذقنك، ومقابلها شعرة من ذنب حماري ونحسب تي وتي. فإما أن أكون محقا أو لا أكون.. هذا ما كان من أمر جحا وحماره وفلسفة الساحات العامة. وأظن أن الأمر لن يكون في جنيف 3 أفضل مما كان من جح ج3.
22.04.2014
سليمان البوطي
العرب اللندنية
الاثنين 21/4/2014
فلاسفة ثلاثة حلوا على بلدة جحا، وطلبوا مجادلة علمائها، فما كان من السلطان إلا أن أوعز لحاجبه أن يستدعي جحا ليقوم بمناظرتهم باعتباره حكيم حكماء البلدة.
يكثر الحديث اليوم عن مؤتمر جنيف 3…، وبما أنني لست من السياسيين المحنكين (وهذه الكلمة جذرها من الحنك وليس من الحنكة، لأنها تتصل وتتعالق بفن يجيده السياسيون، لاسيما السيئون منهم، وهو طق الحنك) ولأني كذلك أي لست محنكا، فلا أعرف- ومن أين لي أن أعرف، حتى إذا أردت أن أعرف، الخلاصة أني لا أعرف ما جرى بين وفدي سوريا، القادم أحدهما من الداخل مدججا بالبراميل كورقة أخيرة للضغط على خصمه، والقادم إلى جنيف من خارج أسوار سوريا مدججا ب”الدعوات”.. إلا أني ومنذ زمن بعيد أتوقع أو أتخيل ما يقال في قاعات أي مؤتمر عربي وأحاول أن أستبقها بوضع حوار مفترض لأي منها.. وإليكم ما سيجري في حوارات ج3.
ولكن دعوني أولا، أن أحكي لكم ما جرى يوما لجحا وحماره مع فلاسفة من فلاسفة الحوارات العامة. أقول وعمر القراء يطول: في يوم من الأيام وبعد تنقل في الآفاق والبلدان، حل فلاسفة ثلاثة على بلدة جحا، وطلبوا مجادلة علمائها، فما كان من السلطان -بعد أن استقبلهم وأكرم مثواهم- إلا أن أوعز لحاجبه أن يستدعي جحا ليقوم بمناظرتهم باعتباره حكيم حكماء البلدة. وهكذا كان إذ ذهب الحاجب ورجع مع جحا على جناح السرعة، رغم ما حصل من معوقات في طريق العودة، إذ أصر جحا على اصطحابه حماره إلى المناظرة، فرضخ الحاجب لطلبه بعد ممانعة. كان مكان المناظرة في ساحة عامة تجنف قليلا عن قصر السلطان بثلاثة فراسخ، ولذلك يقال لها جنيف3. وبعد انتهاء التشريفات والمراسم.. قال السلطان: هاتوا أسئلتكم.
سأل الفيلسوف الأول جحا: أين مركز الأرض؟ كان جواب جحا بأن أشار إلى موقع وقوف حماره. فتعجب الفيلسوف وقال: ما دليلك؟ فقال جحا: قم وقس.
إلا أن الفيلسوف الثاني باغت جحا بسؤال غريب قائلا: ماعدد النجوم؟ فرد جحا ببساطة مدهشة: عددها عدد الشعر الذي يكسو جلد حماري. فقال السائل: وكيف نعرف؟ قال جحا: قم وعدها وقارنها. أما ثالث الفلاسفة فكان جوابه أكثر غرابة، إذ قال: كم عدد شعر لحيتي؟ فقال جحا مشيرا بعصاه: بعدد شعر ذنب حماري.
سأله الفيلسوف وكيف نتأكد؟ قال جحا: نقتلع شعرة من شعرات ذقنك، ومقابلها شعرة من ذنب حماري ونحسب تي وتي. فإما أن أكون محقا أو لا أكون.. هذا ما كان من أمر جحا وحماره وفلسفة الساحات العامة. وأظن أن الأمر لن يكون في جنيف 3 أفضل مما كان من جح ج3.