محمد بن يوسف الزيادي كتب:بسم الله الرحمن الرحيم
{ومن لم يحكم بما أنزل الله فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ}
{وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ}
{وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ}

وصف الله تعالى من لم يحكم بما انزل بالظلم لان احكام البشر لن تنسجم لامع فطرت الناس ولا مع سنن الله ونواميسه في الخلق ولامع موازينه التي وضعها للحياة سبحانه فهو اعلم بمن خلق ويعلم ما يصلح لهم ويصلح حياتهم وهو اعلم بقدرات النفوس فكلفها بما في وسعها تحمله وهو اعلم بما بث لها في الارض من معايش وبالقدر اللازم لهم من ارزاق
فلذلك من شرع من دونه سبحانه اعتدى على صاحب الحق في التشريع وهو الله فظلم نفسه بخصومته معه وكذلك يظلم من شرع لهم لانه مهما اوتي من العلم القليل فهو لايدرك احوال النفس البشرية ولا يدرك علاقتها مع الوجود ولايدرك ما يجعلها منسجمة مع قوانين ونواميس هذا الوجود
فاذا اصر وشرع اضاف لنفسه صفة الكفر لانه رأى نفسه اما مساو للاله جل وعلا واما انه اعلم منه فيما يصلح حاله وهذا كله كفر فلذلك قال ومن لم يحكم بما انزل الله فاولئك هم الكافرون
ولان المشرع من البشر يستحيل عليه ان يكون محايدا فيما يشرع ولو حرص بل ستظهر عليه النزعة الذاتية الفردية وستؤثر حتما فيما يقرر وسيجعل من هوى نفسه معيارا يقيس به سلوك وتصرفات الاخرين وسيتخذ من مصلحته غاية سيحققها من التشريع وبالتالي يعكسها على الاخرين وكانه سخر الناس لخدمة هواه وتحقيق ما راه مصلحة ففسق بذلك عن امر ربه الذي يرفض سبحانه تسخير الانسان واستعباده لاحد سوا فقال سبحانه ومن لم يحكم بما انزل الله فاولئك هم الفاسقون
فظلم وكفر وفسق كلها تجتمع في من لم يحكم بما انزل الله لان الخلق لله وهو المالك والتصرف هو حق المالك فقط ولا يكون لاحد ان يتصرف في الملكيات الا باذن صاحبها والا كان العقاب والعذاب والردع والحساب
قال النسفي: {ومن لم يحكم بما أنزل الله } مستهيناً به {فأولئك هم الكافرون}. قال ابن عباس رضي الله عنهما: من لم يحكم جاحداً فهو كافر وإن لم يكن جاحداً، فهو فاسق. وقال ابن مسعود رضي الله عنه: هو عام في اليهود وغيرهم. {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون} بالامتناع عن ذلك. {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون} الخارجون عن الطاعة. قال الشيخ أبو منصور رحمه الله: يجوز أن يحمل على الجحود في الثلاث، فيكون كافراً ظالماً فاسقاً، لأن الفاسق المطلق والظالم المطلق هو الكافر.

وقال القرطبي: قوله تعالى: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون}، {الظالمون}، {الفاسقون}، نزلت كلها في الكفار،
نعوذ بالله من الكفر واهله