((....وَاذْكُر رَّبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ (41))ال عمران
الحمد لله كلما حمده الحامدون وكلما ذكره الذاكرون وكلما غفل عن ذكره الغافلون
والصلاة والسلام على حبيبه وخاتم انبياءه وخيرة خلقه محمد وعلى اله الاطهار وصحابته الاخيارودعاة الاسلام الابرار الى يوم الدين وبعد:-
ان النفس الانسانية كالجسد الذي يحملها..تمرض وتصح...تشقى وتسعد..ترتقي وتسفل..تسموا وتسقط..
وهي بحاجة الى الوقاية قبل الاصابة...لتقوية مناعتها ضد امراض النفوس، التي تُظلمها وتطفيء جذوة نورها..وتفقدها مناعتها، فتنهار قواها، وتنخر بنيانها الفطري السليم..
وهي ايضا بحاجة للمعالجة اذا ما انتابتها الاوبئة، واسقطتها فريسة تفتك بها امراض النفوس، فتشذ بها عن مسار الهدى والاستقامة...
والدارس لايات القران الكريم المتدبر لها يجد ان المنهج القراني الرباني قد عني بالنفس الانسانية وبنائها بناءا صحيحا مستقيما ايما عناية ورعاها ايما رعاية..فخط لها مسارا..ووضع لها منهاجا..يستجيب لنوازع الخير ويغرسها فيها وينميها ويزكيها.. ويحول بينها وبين نوازع الشر ودواعي الانحراف..بما قرر لها من اساليب التربية والترويض والتهذيب، الروحية والفكرية، والسلوكية والاخلاقية القيمية. لترتقي هذه النفس وتقف شامخة كالطود في وجه مناهج الباطجل وسبل الضلال والانحراف...
ومن ابرز تلك الوسائل ..ذكر الله..عز وجل..فنجد القران الكريم يستنفر الطاقات البناءة في الانسان والقوى الكامنة الخيرة في نفسه من اجل البناء المجتمعي، والاعمار الحضاري لما فيه صالح الانسانية وخير البشرية وسعادتها في الدارين ..الدنيا والاخرة.
والذكر ذكران، ذكر من نسيان اوغفلة، فيتذكر المسلم فيعود، ولا يتمادى في غفلته،
قال تعالى :-(ان الذين اتقوا اذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فاذا هم مبصرون))
الاعراف- 201
وذكر ادامة ومداومة، وهو ما اعتاده المؤمن من تعويد لسانه وقلبه على ان يلهج دوما بذكر الله، قال تعالى ذكره:-((الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والارض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار))191-ال عمران.. ولاحظ معي اخي الكريم: ان الذكر من اسباب انارة البصيرة، كما في اية الاعراف اعلاه...ودافع للتفكر والاعتبار والاخلاص بالتوجه لله، كما في اية ال عمران السابقة.
فبدوام الذكر تتقد جذوة الحب الالهي في النفس، وتستنير البصيرة، فلا يعتري الرؤية غروب..وتتجلى للمؤمن فيوضات الرحمة ..ويستشعر جمال اللطف الالهي..وسعة العطاء الرباني ..
ان الذكر لايعني مجرد لقلقة باللسان.. ولا حركات بالجثمان..بل هو تعبير اللسان عما استقر في الجنان واستيقنه القلب والوجدان، من توحيد خالص والتزام بانقياد تام، واستسلام تجسده الجوارح في السلوك.. فيحجزها عن مقارفة الذنوب والاثام، ويمنعها من ارتكاب الخطايا والاقتراب من الحرام...وهذه هي ثمرات الذكر ..وهذه هي حقيقته.. ان الذكر الحق انما هو الدافع لصالح العمل..الحاجز و المانع من باطله...
اما الذاكر ..فهو من ذكر الله عند المحارم فامتنع..والذاكر لامر الله فامتثل.. .والمستغفر من الذنب وهو مقيم عليه كالمستهزيء بالله.........
اللهم ارزقنا ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.... اللهم اجعلنا ممن يذكرك على الدوام حق ذكرك ولا تجعلنا من الغافلين.. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عدل سابقا من قبل محمد بن يوسف الزيادي في 2018-10-15, 1:59 am عدل 1 مرات